2023-05-01
القوات المسلحة الإماراتية ... مدرسة الوطنية ومصنع الرجال
تقدم صورة ناصعة البياض للعسكرية الإماراتية عير تضحيات أبنائها وفي مختلف مشاركاتها وأدوارها
تحظى القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة بمكانة رفيعة المستوى ضمن مؤسسات الدولة، باعتبارها ركيزة من أهم الركائز الاستراتيجية التي استندت إليها مسيرة دولة الاتحاد، ورمزاً من رموزه السيادية، وحصناً منيعاً يحمي مكتسبات الإمارات ومقدرات شعبها منذ تأسيسها، وكما تعد رافداً رئيسياً من روافد إمداد مؤسسات الدولة بالقادة والخبرات الوطنية الكفؤة، والكوادر المؤهلة تأهيلاً علمياً حديثاً، كما تحظى أيضاً برعاية شديدة من القيادة الرشيدة، حيث يولي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ القوات المسلحة اهتماماً كبيراً يتجلى في كثير من المناسبات والمواقف. وفي هذا العدد تسلط «درع الوطن» الضوء على بعض نجاحات وإنجازات والمحطات المهمة في مسيرة قواتنا المسلحة، وذلك بمناسبة ذكرى توحيدها السابعة والأربعين.
في السادس من مايو عام 1976، بدأ التاريخ المؤسسي للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، بصدور القرار التاريخي للمغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بتوحيد القوات المسلحة تحت قيادة مركزية واحدة وشعار واحد وعلم واحد، واستهدف القائد المؤسس من قراره كان «بناء قوات مسلحة قوية في منطقة تشهد تقلبات وتحديات عديدة، ووضع استراتيجية شاملة لبناء جيـش قـادر عـلـى حماية الدولة الوليدة، وتجسيد معاني الانتماء الوطني والتضحية والفداء». وتتمثل رسالة قواتنا المسلحة في ضمان الدفاع عن دولة الإمارات العربية المتحدة وحماية مصالحها من خلال فهم البيئة الاستراتيجية، وتصميم سياسات واستراتيجيات دفاع موجهة نحو المستقبل، إضافة إلى تحديد الأولويات الاستراتيجية لتطوير واستخدام القدرات الوطنية بالتعاون مع الجهات الوطنية الأخرى والحلفاء الدوليين، برؤية نحو قوات مسلحة رائدة، وحامية للاتحاد ومكتسباته.
وبالفعل أصبحت قواتنا المسلحة أهم ركائز دولة الاتحاد والحصن المنيع في مواجهة التحديات الاستراتيجية كافة، وحظيت في جميع مراحل تطورها بدعم واهتمام قيادتنا الرشيدة، التي حرصت على أن توفر لها الامكانيات كافة، وفي صدارة ذلك يأتي تزويدها بأحدث الأسلحة والعتاد ما وصلت إليه التكنولوجيا العسكرية المتقدمة، وذلك دعماً لكفاءتها القتالية لتصبح في طليعة الجيوش الحديثة بما حققته من نقلات نوعية متلاحقة. وقد استندت خطط تطوير قواتنا المسلحة إلى العديد من المرتكزات الاحترافية والمهنية والقيمية، التي يمكن الإشارة إليها فيما يلي:
الاستثمار في العنصر البشري:
يمثل العنصر البشري محور عملية التحديث والتطوير في القوات المسلحة سواء على مستوى التأهيل العلمي أو التدريبي، حيث اتجهت الدولة منذ تأسيسها إلى إنشاء المعاهد والمدارس والكليات والأكاديميات العسكرية المتقدمة، التي تضطلع بتدريب وتأهيل الشباب تأهيلاً عسكرياً يلائم متطلبات العصر ويتماهى مع مسيرة التطور في بقية قطاعات التنمية بالدولة. وتعد المعاهد والمدارس العسكرية والكليات بأنواعها المختلفة الرافد الأساسي الذي تستمد منه القوات المسلحة كوادرها العسكرية فعن طريقها يكون التأهيل والتدريب، ومن خلالها تتبلور عملية التنشئة العسكرية بصورتها الصحيحة، وينشأ العسكري بعد انضمامه بهذه المعاهد، النشأة القوية التي تؤهله تأهيلاً تاماً للقيام بدوره في تحمل المسؤوليات، التي تلقى على عاتقه فيما بعد من حماية للوطن وحفظ لأمنه واستقراره.
وتعد “جامعة زايد العسكرية”، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ في الأول من نوفمبر عام 2021، أحدث أجيال التعليم الأكاديمي العسكري، وتهدف إلى إعداد وتدريب الجيل المقبل من ضباط السلك العسكري والأمني بالدولة، وتأكيداً على التزام الإمارات بالاستثمار في الكوادر الوطنية ورفع مستوى التعليم العسكري، لبلوغ أرقى معايير التدريب العسكري في مختلف التخصصات. وتسعى لأن تكون جامعة رائدة عالمياً في مجال التأهيل العسكري، وأن تستقطب أفضل الكفاءات المتميزة في سبيل خدمة الوطن، وأن تطبق أعلى معايير التعليم والتدريب لإعداد المرشحين وحصولهم على أفضل مستويات التعليم الأكاديمي والعسكري.
وتمثل خطوة جديدة ونقلة نوعية في مسار التعليم العسكري، ضمن مساعي دولة الإمارات لتوفير مستوى تدريب عسكري فائق وإعداد وتجهيز قادة المستقبل، وتعزيز مستوى عالٍ من الانسجام بين ضباط السلك العسكري والأمني من منتسبي وزارتي الدفاع والداخلية، وترسيخ العمل التكاملي في مؤسسات الدولة ذات العلاقة بتبني رؤية واحدة شاملة في سبيل خدمة الوط، وتمثل جامعة زايد العسكرية إضافة نوعية كبرى لمنظومة المدارس والمعاهد والكليات والأكاديميات العسكرية التي تمثل في مجملها الذراع المعرفي والعلمي للقوات المسلحة بدولة الإمارات، ومنها كلية القيادة والأركان المشتركة، وكلية زايد الثاني العسكرية، والكلية البحرية، وكلية خليفة بن زايد الجوية، ومدرسة التمريض، وكلية الدفاع الوطني، ومدرسة خولة بنت الأزور العسكرية. هناك أيضاً خطوات اخرى مهمة على درب الاستثمار في المورد البشري وتطويره، حيث شهدت القوات المسلحة تدشين مرحلة نوعية جديدة في تاريخها بالتحاق أول دفعة من المواطنين والمواطنات بالخدمة الوطنية والاحتياطية في الثلاثين من أغسطس 2014، إذ تمثل هذه الخطوة النوعية إنجازاً مهماً في تاريخ قواتنا المسلحة، بما عكست من تجذر الولاء والانتماء لدى شباب المواطنين والمواطنات، الذين سارعوا للالتحاق بها ضاربين أروع الأمثلة التي تجسد القيم والمبادىء التي غرسها القائد المؤسس وقام عليها البناء الاتحادي منذ التأسيس. وقد نجح برنامج الخدمة الوطنية، الذي يشهد تطورات مستمرة، في تنمية الروح الوطنية لدى منتسبيه، وإعادة بناء وتطوير شخصية الشباب المواطنين، وتعزيز الوعي الجمعي لهؤلاء الشباب، وبناء جيل جديد يمتلك مقومات القيادة والقدرة على تحمل المسؤولية ويمتلك الثقة بالنفس والإدراك المعرفي الكافي لما يحيط بالدولة من مستجدات وتطورات استراتيجية إقليمياً ودولياً.
دور محوري للمرأة الإماراتية في القوات المسلحة:
بدعم متواصل من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية ، اهتمت القوات المسلحة بدور المرأة في خدمة الوطن التي أثبتت جدارتها بالانتماء إلى هذه القوات وأنها على مستوى المسؤولية عملا وإنجازاً وتفانياً في أداء الواجب وتحملاً للمسؤولية والاستعداد والتضحية دفاعا عن تراب الوطن وإنجــــازاته ومكتســـــباته. وفي هذا الإطار جاء إنشاء مدرسة خولة بنت الأزور العسكرية بهدف إعداد كادر وطني نسائي ذي كفاءة وخبرة للانضمام إلى القوات المسلحة، وقد أصبحت المدرسة رافداً من روافد القوات المسلحة تزودها كل عام بالمجندات المواطنات المؤهلات للعمل في العديد من التخصصات كأعمال السكرتارية والشؤون الإدارية والكمبيوتر والإعلام العسكري، مما يساهم في النهاية في دعم حقوق المرأة في المجتمع ومساواتها بالرجل.
ترسيخ القيم والمبادىء:
تمثل القيم والمبادىء الانسانية ركيزة أساسية ضمن ركائز عمل قواتنا المسلحة، التي قدمت أروع الأمثلة، خلال مشاركاتها الانسانية والاغاثية العديدة، على التضحية والعطاء وتقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين وإيواء اللاجئين من الصراعات ومعالجة المصابين وإعادة بناء وإعمار ما خلفته آلة الحروب وجعلها أرضية صالحة وبث الحياة فيها من جديد. وتتضمن منظومة القيم والمبادىء التي تؤمن بها قواتنا المسلحة قيماً ومبادىء انسانية عديدة بعضها تتجسد في سلوكها تجاه الآخرين خلال مشاركاتها الخارجية في عمليات انسانية واغاثية ودعماً للمظلومين، ويتجسد بعضها الآخر تجاه أفرادها وما يسود بين المؤسسة والمنتسبين لها من قيم ومبادىء، أهمها الوفاء الذي غرسته قيادتنا الرشيدة وتتمسك به بشكل قوي، ويمثل “يوم الشهيد” الذي تحتفل به دولتنا وشعبنا في الثلاثين من نوفمبر سنوياً مناسبة وطنية مهمة تخليداً ووفاءً وعرفاناً بتضحيات وعطاء وبذل شهداء الوطن وأبنائه البررة، الذين وهبوا أرواحهم لتظل راية الإمارات خفاقة عالية، وتقام في هذا اليوم مراسم وفعاليات وطنية خاصة، تشترك فيها مؤسسات الدولة كافة، وكل أبناء شعب الإمارات والمقيمين فيها، استذكاراً وافتخاراً بقيم التفاني والإخلاص والولاء والانتماء المتجذّرة في نفوس أبناء الإمارات، التي تحلّوا بها وهم يجودون بأرواحهم في ساحات البطولة والعطاء وميادين الواجب. ومن أبرز المشاركات الخارجية التي اضطلعت بها قواتنا المسلحة وضربت فيها أروع الأمثلة الانسانية المشاركة ضمن قوات التحالف العربي للدفاع عن الشرعية في اليمن، والمشاركة ضمن قوات الردع العربية في لبنان، والمشاركة في قوات درع الجزيرة لتحرير الكويت، والانضمام لقوات الأمم المتحدة في عملية إعادة الأمل للصومال، إضافة إلى تقديم المساعدات للمشردين والمحتاجين في إقليم كوسوفا، وتنفيذ مشروع إزالة الألغام والقنابل العنقودية من جنوب لبنان، والمشاركة في جهود إعادة إعمار العراق، والمشاركة في عمليات الإغاثة الكبرى للشعب الباكستاني خلال زلزال باكستان عام 2005.
الاعتماد على الذات:
يمثل التصنيع العسكري أحد قصص النجاح في التجربة التنموية الرائدة لدولة الإمارات، حيث قطعت دولة الإمارات مراحل متقدمة في تطوير صناعة دفاعية محلية قوية تساهم في تلبية احتياجات قواتها المسلحة وبناء استقلاليتها الاستراتيجية، مع خفض اعتمادها على موردي السلاح من الدول الأجنبية، فضلاً عن التحوّل إلى مورِّد عالمي للأسلحة للأسواق الدولية. وأصبحت الإمارات اليوم لاعباً مهماً على صعيد توريد الأنظمة العسكرية على مستوى منطقة الشرق الأوسط بفضل جودة منتجها وتنافسية أسعارها وما تقدمه الشركات الوطنية من خدمات ما بعد البيع، وهو ما يؤكد امتلاك دولة الإمارات لرؤية واضحة لتطوير صناعاتها العسكرية.
التدريب والتأهيل المستمر:
تأتي التمارين العسكرية المشتركة المتعددة الأطراف التي تجريها قواتنا المسلحة على مدار العام مع قوات الدول الشقيقة والصديقة، على أرض الدولة وخارجها، إلى تعزيز أواصر التعاون والعمل المشترك، وتبادل الخبرات في المجالات العسكرية ما يسهم في رفع الكفاءة العملياتية والقتالية، وزيادة التنسيق بين القوات المسلحة الإماراتية والقوات المسلحة الصديقة.
دور القوات المسلحة في اليمن نموذجاً للفخر والأداء العسكري
جاءت مهمة القوات المسلحة لدولة الإمارات في اليمن ضمن قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية دفاعاً عن الشرعية في هذا البلد العربي الشقيق، حيث ستبقى بطولات وتضحيات أبناء القوات المسلحة خالدة في ذاكرة الوطن، فقد خاضت قواتنا المعارك والمواجهات على الأرض، وقدمت أغلى ما تمتلك من دماء أبنائها، كما تصدت بكل قوة للتنظيمات المتطرفة والإرهابية، وأسهمت بدور رئيسي في إعادة الحياة إلى المناطق المحررة. ويمثل الأداء البطولي التي قدمته قواتنا المسلحة في اليمن الشقيق منذ انطلاق عاصفة الحزم يمثل مبعث فخر واعتزاز ليس فقط لشعب الإمارات، وإنما للشعوب العربية والإسلامية قاطبة، حيث أثبتت قواتنا المسلحة أنها قوة احترافية تجمع بين الأداء العسكري الاحترافي والقيم والمبادىء التي أهلتها للعب دور بارز على المستوى الانساني والاغاثي.
القوات المسلحة وعملية التنمية: رؤية القيادة الرشيدة وتطور الدور
بات الدور التنموي للمؤسسات العسكرية في الاقتصادات الوطنية محور اهتمام وتفكير في العالم أجمع لما تمتلكه هذه المؤسسات من احترافية وكفاءة وانضباط وقدرة على التنظيم والتحرك الفعال خلال أوقات الأزمات، وقد برز هذا الدور بفاعلية كبيرة في العديد من دول العالم خلال أزمة تفشي وباء «كورونا»، فلم تعد مهمة القوات المسلحة في مختلف دول العالم، تقتصر على الدفاع عن السيادة والمكتسبات وحماية الأمن الوطني فقط، بل باتت تلعب أدوار في غاية الأهمية في تعزيز السيادة الوطنية الاقتصادية ورفد الاقتصاد الوطني بعوامل القوة والجاذبية للاستثمار، وبناء الكفاءات والقدرات المواطنة، وتعزيز تنافسية الدولة عالمياً في مجالات التنمية المختلفة، بما يؤكد مشاركة كافة مؤسسات الوطن في عملية التنمية الشاملة.
وتلعب القوات المسلحة الإماراتية دوراً رئيسياً في عملية التنمية الشاملة، ليس فقط لأنها تسهم في توفير البيئة الآمنة التي تشجع النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات الخارجية إلى الدولة، وإنما أيضاً لأنها تسهم في تكوين العنصر البشري وإكسابه المهارات المتطورة، التي تساعده على المشاركة بفاعلية في مختلف مجالات العمل الوطني، لا سيما بعد أن دخل قانون الخدمة الوطنية والاحتياطية حيز التنفيذ، والذي أتاح للمؤسسة العسكرية أن تسهم في إعداد وتأهيل قاعدة عريضة من أبناء الوطن وتعزيز مساهمتهم في خطط التنمية الشاملة.
ولأن القوات المسلحة تعتبر أحد أهم مرتكزات عملية التنمية الشاملة باعتبارها حامي هذه التنمية من ناحية، وأحد أهم روافدها المهمة والأساسية من ناحية أخرى، فقد شكّل بناء قوات مسلحة قوية عصرية أولوية رئيسية في فكر المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي كان ينظر إلى القوات المسلحة باعتبارها القلب الصلب لأي دولة تسعى إلى التنمية والتقدم والسيادة على مواردها، وانعكس ذلك في مقولته «إن الحق والقوة هما جناحا طائر واحد، فلا القوة وحدها يكتب لها الحياة، ولا الحق وحده دون القوة يكتب له البقاء، إننا دولة تسعى إلى السلام، وتحترم حق الجوار، وترعى الصديق، لكن حاجتنا إلى الجيش القوي القادر الذي يحمي البلاد تبقى قائمة ومستقرة، ونحن نبني الجيش لا عن رغبة في غزو أو قتال دولة أخرى، وليس استعداداً للتحرك في الوقت المناسب بهدف التوسع وإنما نهدف إلى الدفاع عن أنفسنا، فلم يكن العدوان يوماً من طبيعة الإنسان على أرض الإمارات، خاصةً وأننا محاطون بأشقاء تجري في عروقهم نفس الدماء، ويحملون نفس الآمال، ويواجهون نفس التحديات».
وتتبنى القيادة الرشيدة في دولة الإمارات رؤية عميقة لدور القوات المسلحة في عملية التنمبة الشاملة، ولهذا تولي اهتماماً كبيراً بتحديثها وتطويرها ومنحها ما تستحقه من تقدير واحترام كما يحدث في كل الدول المتقدمة في العالم، وقد عبر عن ذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ في إحدى مقولاته التي أشار فيها إلى أن «قواتنا المسلحة هي العمود الفقري لصون منجزات دولة الإمارات العربية المتحدة، وحماية أمنها واستقرارها، وأن التجارب والأحداث التي شهدتها المنطقة، في فترات زمنية ليست بعيدة، علمتنا أخذ الحيطة والحذر والاستعداد لكل الاحتمالات، والمرحلة المقبلة تتطلب منا أن نواصل العمل، لتحقيق أعلى مستويات التفوق في الكفاءة والأداء وسرعة الاستجابة للتعامل مع مختلف المستجدات والتطورات» .
وقد أثبتت القوات المسلحة أنها بالفعل ركيزة التنمية الشاملة والمستدامة والضامن للمكتسبات الاقتصادية التي حققتها دولة الإمارات في المجالات كافة، وجعلت منها تجربة تنموية ناجحة على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث تعتبر القوات المسلحة رافد رئيسي لعملية التنمية، وخاصة في ظل انخراطها الناجح في الصناعات الدفاعية، وهذا ما أشار إليه بوضوح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في كلمته بمناسبة الذكرى التاسعة والثلاثين لتوحيد القوات المسلحة، حينما قال سموه:»إنكم من خلال دوركم في حماية الوطن والدفاع عن ترابه ووحدة أراضيه تسهمون في مسيرة دولة الإمارات العربية المتحدة نحو تحقيق التنمية المستدامة..فأنتم الدرع التي تحمي هذه المسيرة وتدافع عن مكتسباتها ومنجزاتها وتتصدى لكل من يفكر في النيل منها..كما أن خطط التحديث المستمرة التي تنفذها قواتنا المسلحة تسهم في دفع هذه المسيرة أيضا إذ تساعد هذه الخطط على تشجيع الصناعات الدفاعية الوطنية من أجل تصنيع أحدث المنظومات التسليحية وأفضل المعدات القتالية التي تواكب آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا في العالم». وكان لافتاً تأكيد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في هذا السياق على «أن دولة الإمارات العربية المتحدة تمضي بخطى واثقة في مجال الصناعات الدفاعية، فقد نجحت في تثبيت دعائم صناعتها الوطنية المتطورة في هذا المجال على الخريطة العالمية وفي إكسابها قدرات تنافسية متنامية مع كبرى شركات التصنيع الدفاعي في العالم.
وقد شهدت المنتجات الصناعية الوطنية تطورا مشهودا أثار اهتمام العالم وإعجابه خاصة في ظل ما حققته من تقدم كبير؛ أهلها لأن تضاهي مثيلاتها في كثير من الدول العريقة المصنعة للسلاح، وأن تكتسب شهرة دولية، وثقة عالمية متنامية وقدرة تنافسية عالية.. استطاعت من خلالها اقتحام الأسواق العالمية إضافة إلى فتح العديد من الأسواق الجديدة في مختلف دول العالم أيضا». والواقع أن الصناعات العسكرية باتت إحدى محركات النمو الاقتصادي، من خلال ما تقوم به من دور مهم في فتح أسواق جديدة للمنتجات الوطنية، وتوسيع الأنشطة الاقتصادية غير النفطية، وفتح أبواب جديدة للصناعات اللوجستية المساندة للصناعات العسكرية، والمساهمة في تطوير مشروعات صغيرة ومتوسطة يمكن أن تتكامل رأسياً مع هذه الصناعات؛ حيث تعمل الكثير من المؤسسات الصناعية الصغيرة والمتوسطة في تزويد الشركات الصناعية العسكرية الكبيرة بأنشطة مكملة في مجال قطع الغيار، والمواد المعدنية، والكيميائية.
ويجمع الخبراء على أن أهمية الصناعات العسكرية لم تعد تقتصر على كونها أحد مظاهر التقدم الصناعي والتقني فقط، بل تعد أيضاً ركيزة حيوية للسيادة الوطنية من خلال توفير الاحتياجات المطلوبة للقوات المسلحة، مع توفير هامش مناورة مناسب لاستقلالية القرار السياسي والتخطيط الإستراتيجي للدول، فضلاً عن مايمكن أن تمثله من إضافة نوعية لاقتصادات الدول من خلال توسيع قاعدة التصدير وبناء شبكات التعاون مع الدول.
تتمتع الصناعات الدفاعية والعسكرية الإماراتية بالكفاءة العالية، وباتت تنافس بقوة في الأسواق العالمية، وتضع صوب أعينها أسواق أوروبا وآسيا وشمال أفريقيا لتصدير منتجاتها إليها، ونجحت في إبرام صفقات عديدة تدر عوائد مجزية. ولعل ما يمنح الصناعات الدفاعية قيمة مضافة، أن هذه الصناعات الاستراتيجية المهمة، تقوم عليها كوادر وطنية، تتمتع بالكفاءة العالية والقدرة على التطوير والابتكار، فضلاً عن ذلك، فإن قطاع الصناعات الدفاعية، بات من القواعد الأساسية لصناعاتنا الوطنية عموماً، ومن الروافد المهمة لاقتصادنا الوطني، وأحد الأدوات الحيوية لسياسة التنويع الاقتصادي.
وتنتج الشركات الدفاعية الإماراتية اليوم منتجات متنوعة، تشمل طائرات بدون طيار وسفناً بحرية حربية وتجارية، وبنادق ومسدسات ورشاشات وصواريخ وآليات متعددة المهام، وآليات مشاة قتالية برمائية وذخائر، ووسائل تدريع وسترات واقية ومعدات وتجهيزات وملابس، وغالبية هذه المنتجات إماراتية 100% وبعضها صناعات يتم إنتاجها في الإمارات عبر شراكات قوية مع كبريات الشركات الدفاعية العالمية. كما حققت الصناعات الدفاعية البحرية الإماراتية إنجازات غير مسبوقة في منطقة الشرق الأوسط عبر شركات وطنية عملاقة سدت جزءاً كبيراً من احتياجات الدولة من السفن الحربية والتجارية، كما نجحت في بناء عشرات السفن والزوارق لدول مجلس التعاون الخليجي وشبه القارة الهندية وافريقيا الشمالية، وصيانة وتأهيل عديد من الأساطيل العسكرية لعدد من الدول.
وتستقطب الصناعات الدفاعية الإماراتية اليوم رؤوس أموال ضخمة سواء من الحكومة أو القطاع الخاص، كما يجري حالياً التوسع في إقامة المدن الصناعية الدفاعية وتوفير البنية التحتية المتميزة فيها وتدريب الكوادر المواطنة القادرة على دفع هذه الصناعات إلى الأمام، لتشكل هذه الصناعات صمام أمن للإمارات، كما تسد جانباً كبيراً من احتياجات القوات المسلحة ووزارة الداخلية.
وقد أصبحت الصناعات الدفاعية دعامة متينة لقاعدة اقتصادنا الوطني، ولخطط تنويع مصادر الدخل، وأحد الأدوات المهمة في اقتصاد ما بعد النفط، من خلال ما تقوم به من دور مهم في فتح أسواق جديدة للمنتجات الوطنية، وتوسيع الأنشطة الاقتصادية غير النفطية، وفتح أبواب جديدة للصناعات اللوجستية المساندة للصناعات العسكرية، والمساهمة في تطوير مشروعات صغيرة ومتوسطة يمكن أن تتكامل رأسياً مع هذه الصناعات؛ حيث تعمل الكثير من المؤسسات الصناعية الصغيرة والمتوسطة في تزويد الشركات الصناعية العسكرية الكبيرة بأنشطة مكملة في مجال قطع الغيار، والمواد المعدنية، والكيميائية.
كما تسهم الصناعات الدفاعية في جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث نجحت الشركات الدفاعية الوطنية خلال السنوات الماضية في إبرام اتفاقيات شراكة مع شركات عالمية شهيرة تتمكن من خلالها من جذب رؤوس أموال جديدة، إضافة إلى نقل أحدث التكنولوجيا وتوطينها في قطاع الصناعات الدفاعية للإمارات. وهذا كله يسهم في دعم قطاع الصناعة (التكامل بين الصناعات الدفاعية والمدنية)، حيث لا ينفصل التطور الذي تشهده الصناعات الدفاعية في الدولة عن قطاع الصناعة الوطني بوجه عام، بل يمثل إصافة نوعية لهذا القطاع الحيوي، خاصة أن الصناعات الدفاعية تعتمد في جانب كبير منها على الصناعات المدنية مثل صناعات صهر الحديد والألومنيوم والإلكترونيات والكابلات وتصنيع الرادات. وليس من قبيل المبالغة في هذا السياق أن الصناعات الدفاعية باتت أحد مظاهر التقدم الصناعي والتقني الذي تشهده الدولة.
كما أصبحت الصناعات الدفاعية مدخلاً لتعزيز شراكات الإمارات الاقتصادية والاستراتيجية مع العديد من دول العالم المتقدم، حيث أتاحت هذه الصناعات فرصة للدولة كي تقيم شبكة علاقات تعاونية متميزة مع الدول الرائدة في مجال التصنيع العسكري، فضلاً عن علاقات التعاون القوية التي تربطها بدول أخرى متفوقة تكنولوجياً، وتمتلك أيضاً رصيداً جيداً في مجال التصنيع العسكري، مثل كوريا الجنوبية والهند وإسرائيل وغيرها، وبالتالي فإن فرص بناء شراكات قوية مع هذه الدول قائمة، ما يعزز فرص نجاح هذا القطاع الوليد في دولة الإمارات العربية المتحدة ويوفر له آفاق وفرص النجاح، لاسيما أن الدولة تتبنى سياسات قائمة على تشجيع الاستثمارات في هذا المجال الحيوي، كما توفر أيضاً غطاء دعم قوي للصناعات العسكرية الناشئة بالدولة من خلال منحها أولوية تزويد القوات المسلحة الإماراتية باحتياجاتها من المعدات العسكرية التي يتم تصنيعها في مشروعات داخل دولة الإمارات العربية المتحدة.
لا يوجد تعليقات