مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2023-11-05

كوب 28: الإمارات تقود جهود العمل المناخي الدولي في ظل تغييرات بيئية متسارعة

جهد دولي كبير لدولة الإمارات توج باستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ “كوب 28”، والذي يأتي في ظل مسيرة طموحة للدولة نحو تحقيق أعلى المعايير في ملف جودة الحياة ومواجهة التغيرات المناخية، وفي هذا العدد تسلط “درع الوطن” الضوء على جهود دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر “كوب 28” وأهدافها الطموحة لإحداث نقلة نوعية كبرى على صعيد التعاون الدولي من أجل معالجة أحد أخطر التحديات التي تواجه البشرية.
 
 
اعداد: التحرير
 
يبدأ هذا الشهر العد التنازلي لانطلاق الحدث المناخي الأكبر لهذا العام في مدينة إكسبو دبي في الفترة الممتدة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023، لتوحيد الجهود العالمية في مجال العمل المناخي وتحديد فرص التعاون المتاحة لإيجاد الحلول للتحديات المناخية. وسيشهد مؤتمر «كوب 28» إجراء أول تقييم عالمي للجهود المستمرة على مدار عامين لتحديد مدى التقدم الذي أحرزته الحكومات المعنية في تنفيذ خطط العمل المناخي لمواجهة الاحتباس الحراري والقضايا البيئية الأخرى ذات الأولوية القصوى، كما يمثل المؤتمر فرصة لإعادة الاصطفاف الدولي وحشد جهود جميع الأطراف من أجل التعاون وتوحيد الأصوات وتعزيز العمل المناخي لضمان مستقبل مستدام، وسيكون هذا المؤتمر وسيلة لتعزيز مكانة الإمارات على خارطة الدول الرائدة عالميًا في قيادة جهود اقتراح الحلول المستدامة للتحديات المناخية.
 
 
الواقع، أن مؤتمر المناخ «كوب 28» لن يكون مؤتمراً عادياً، ليس فقط لكونه يأتي في ظل تحديات مناخية كبيرة باتت تتطلب حلولًا فاعلة وعاجلة، وإنما لأن الدولة المضيفة والمنظمة للمؤتمر، بلدًا عوَّد العالم على رفع سقف التوقعات وتحقيق النجاحات الكبرى، وله إنجازات طويلة وممتدة في دعم البيئة ومواجهة التغيرات المناخية بأحدث الوسائل والتقنيات، كان آخرها تدشين مشروعًا لطاقة الرياح بقدرة 104 ميجاوات، الذي دشنه نيابة عن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله، سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وهو مشروع من المقرر أن يزود أكثر من 23 ألف منزل بالكهرباء سنويًا، ويسهم في تفادي انبعاث 120 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون، أي ما يعادل إزاحة 26 ألف سيارة من الطرقات سنويًا، ما يؤكد التزام دولة الإمارات بالتعامل مع تداعيات تغير المناخ، وتطلُّعاتها لاستضافة مؤتمرٍ للأطراف يضمُّ الجميع ويرُكِّز على تحقيق نتائج ملموسة، ويعكس حرص القيادة الرشيدة للدولة وإيمانها الراسخ بأهمية الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة، وتعزيز جهود العمل المناخي من خلال إنشاء مشاريع طموحة لإنتاج الطاقة الصديقة للبيئة، تُضاف إلى قائمة مشاريع الطاقة المتجدِّدة في الدولة، ومن أهمها المحطة التجريبية التي أُقيمَت في جزيرة صير بني ياس لتوليد الطاقة بقوة الرياح عام 2004.
 
 
تكلفت شركة «مصدر» بتطوير برنامج الإمارات لطاقة الرياح في أربعة مواقع تشمل جزيرة صير بني ياس في إمارة أبوظبي، وفقًا لأحدث التقنيات المتطورة والمبتكَرة، ويسهم المشروع في إضافة إمدادات مشاريع طاقة الرياح بتكلفة مناسبة إلى شبكة الكهرباء المحلية، ما يُعزِّز مزيج الطاقة الوطني ويدعم جهود انتقال وتحوُّل الطاقة، ويمهِّد الطريق نحو المزيد من المشاريع الواعدة. 
 
 
أهمية مؤتمر «كوب 28»
مما سبق، يتبين حجم التهديد المناخي الذي يواجهه العالم وتتسارع وتيرته وتداعياته على الجميع بدرجات متفاوتة، ففي الوقت الذي يشهد فيه العالم ارتفاعًا غير مسبوق في نسبة الكربون بالأجواء، وارتفاعًا في درجة حرارة بصورة قياسية وغير مسبوقة تعد هي الأعلى منذ 125 عامًا، تستعد دولة الإمارات لقيادة الجهد العالمي لمواجهة التغير المناخي من خلال استضافة المؤتمر الثامن والعشرين للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ «كوب28»، حيث دعت الدولة، قادة العالم إلى أهم حدث مناخي لهذا العام للاستعداد لإحراز تقدم تحويلي وعملي نحو معالجة أزمة المناخ، وسيتخلل هذا المؤتمر محطات حاسمة للعمل المناخي، لكن كيف سيكون مؤتمر الأطراف هذا العام مختلفًا عمّا سبقه:
 
 
  • أطلقت الإمارات برنامج مندوبي الشباب المناخ الشبابي الإماراتي لتمكين الشباب ووضعهم في طليعة عملية صنع القرار الدولي بشأن المناخ، وهذه أول فاعلية من نوعها في تاريخ المؤتمر، وسيقوم البرنامج بتطوير مهارات وقدرات الشباب من خلال بناء القدرات والخبرة ودمجها في في مفاوضات مؤتمر «كوب 28» وغيرها من المنتديات المناخية الرئيسية.
  • سيكون لمؤتمر «كوب 28» يوم الشعوب الأصلية وجناح مخصص للاحتفال بمساهماتهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي، وأخذ المعرفة بعين الاعتبار لاقتراح الحلول المناخية.
  • سيتسقبل المؤتمر أكبر عدد من القادة لـ 198 دولة حول العالم،وبحضور أكثر من 70 ألف مشارك، لسلوصول إلى حلول على المستويات كافة وبمشاركة الجميع حتى تتزايد نسبة الإسهام في الوصول إلى الهدف الأكبر وهو صفر انبعاثات.
  • ستسمح الدولة خلال انعقاد المؤتمر بالنجمع السلمي لنشطاء المناخ وإيصال أصواتهم.
  • مؤتمر “كوب 28” هو أول مؤتمر للأطراف يخصص يومًا للصحة، وأول من يستضيف مؤتمرًا وزاريًا للصحة والمناخ.
  • سيركز المؤتمر على توفير حلول ملموسة لمساعدة المجتمعات على التكيف مع تداعيات تغير المناخ وإدارة الآثار المناخية المتزايدة، وتوفير فرصة لإيجاد حلول طبيعية مبتكرة.
  • سيشهد المؤتمر أول حصيلة عالمية لتقييم التقدم المحرز في تنفيذ أهداف اتفاق باريس، وهو الحد من زيادة درجات الحرارة عن 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050، بالإضافة إلى توفير التمويل المناخي، وتفعيل صندوق معالجة الخسائر والأضرار.
  • المؤتمر سيعمل على توفيق الآراء والسعي إلى تحقيق إجماع عالمي، يرفع سقف الطموح المناخي وينتقل به من مرحلة وضع الأهداف إلى تنفيذها.
  • بحسب دراسة صادرة عن الأمم المتحدة، فإن مؤتمر “كوب 28” سيوفر فرصًا لإحراز مزيد من التقدم في مجالات الغذاء والزراعة والمناخ في العام المقبل، بالإضافة إلى توجيه الاستثمارات لمشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة ودعم الاقتصاد الأخضر.
جهود الإمارات في مواجهة تغير المناخ
الحياد الكربوني والطاقة النظيفة: على الرغم من دورها في سوق الطاقة التقليدية، فإن دولة الإمارات كانت أول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعلن عن هدفها الخاص بتحقيق الحياد الكربوني 2050، والانتقال إلى اقتصاد أخضر وطاقة نظيفة. وتستهدف الإمارات ضمن استراتيجية الطاقة حتى عام 2050  المزج بين مصادر الطاقة المتجددة والنووية والنظيفة باستثمارات تبلغ 600 مليار درهم حتى 2050، لضمان تلبية الطلب على الطاقة، كما تهدف الاستراتيجية إلى رفع كفاءة الاستهلاك الفردي والمؤسسي بنسبة %40، ورفع مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة في الدولة إلى %50 منها %44 طاقة متجددة و%6 طاقة نووية، وتحقيق توفير يعادل 700 مليار درهم حتى عام 2050 ، بالإضافة إلى خفض الانبعاثات الكربونية من عملية إنتاج الكهرباء بنسبة %70 خلال العقود الثلاثة المقبلة.
 
 
 وتمتلك الإمارات حتى الآن 3 من أكبر مشروعات الطاقة الشمسية في العالم (شمس 1 التي تعتبر أكبر محطة طاقة شمسية مُركزة في العالم، ومحطة إنتاج الطاقة من النفايات في أبوظبي، والحديقة الشمسية في دبي)، ونفذت مشروعًا رائدًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر من الطاقة الشمسية في مجمع محمد بن راشد، بالتعاون مع شركة سيمنس للطاقة، كما تعتبر الإمارات أول محرك للطاقة النظيفة في المنطقة من خلال مبادرة «مصدر»، المدينة البيئية الأكثر استدامة في العالم، وهي أول دولة في المنطقة تستخدم الطاقة النووية لتوليد الكهرباء، عبر مشروع «براكة»، بالإضافة إلى أنها أول دول الخليج العربي التي اهتمت بتنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط، والتصدي لتغير المناخ، حيث اتخذت خطوات مهمة لدفع التحوّل نحو الطاقة المتجددة. وعالميًا، تستثمر الإمارات أكثر من 50 مليار دولار في مشروعات الطاقة المتجددة في أكثر من 70 دولة، وتستعد لمضاعفة هذا الرقم بحلول عام 2030.
 
 
الأجندة الوطنية الخضراء 2030
تُشكل الأجندة الوطنية الخضراء - 2030 خطة طويلة الأجل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في دولة الإمارات، وجعل اقتصادها أكثر صداقة للبيئة، حيث سيتم العمل من خلالها على تنفيذ ومتابعة المبادرات والمشاريع لتحقيق أبرز المنافع المتوقعة عند التحول إلى الاقتصاد الأخضر، كارتفاع الناتج الإجمالي المحلي بنسبة %4 إلى %5، وزيادة الصادرات من 24 إلى 25 مليار درهم، وخفض الانبعاثات من قطاع الطاقة إلى أقل من 100 كيلو واط/ساعة.
تضع الأجندة خمسة أهداف استراتيجية، هي: الاقتصاد المعرفي التنافسي، التطوير االجتماعي ونوعية الحياة، البيئة المستدامة وقيمة الموارد الطبيعية، الطاقة النظيفة والتكيف مع التغير المناخي، الحياة الخضراء والاستخدام المستدام للموارد.
 
 
التوسع في استخدام التكنولوجيا لمواجهة التغيرات المناخية
تعد دولة الإمارات نموذجًا عالمياً ورائداً في التوسع في استخدام التقنيات الحديثة لتحقيق التنمية المستدامة، وقيادة التوجه العالمي الرامي إلى مواجهة التغير المناخي من خلال التكنولوجيا، وقد نظمت الدولة ملتقى تكنولوجيا المناخ في مايو الماضي، لاستعراض الابتكارات الحديثة والفرص الاستثمارية الداعمة لجهود العالم لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، والحلول منخفضة الكربون لقطاع النفط والغاز والقطاعات التي يصعب فيها الحدّ من الانبعاثات وتقنيات التقاط الكربون والذكاء الاصطناعي والروبوتات والرقمنة والهيدروجين والطاقة المتجددة وذلك بالتزامن مع «عام الاستدامة» في الإمارات واستضافة مؤتمر «كوب 28». 
هذا، بخلاف توقيع دولة الإمارات لعدة اتفاقيات ومبادرات لتحقيق التنمية المستدامة وخفض الانبعاثات مع مجموعة العشرين ومجموعة السبع والسبعين والوكالة الدولية للطاقة المتجددة.
 
 
تقليل الانبعاثات
تسعى دولة الإمارات إلى خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 40 بالمئة بحلول عام 2030 وفق ما خارطة طريق شاملة أعلنتها وزارة التغير المناخي والبيئة الإماراتية في يوليو الماضي، كما تباشر الدولة في تنفيذ 14 مشروعًا بغرض الحد من انبعاثات غازات الدفيئة، ويقدر إجمالي الانخفاض السنوي المتوقع لهذه المشاريع بحوالي مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
وبفضل الاستثمار في الطاقة المتجددة، ودورها كبلد مضيف للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا)، تتبوأ دولة الإمارات مركزاً ريادياً في تفعيل مبادرات ومشاريع الطاقة النظيفة والطاقة النووية، وتلتزم بتوسيع دور التقنيات عديمة الانبعاثات الكربونية في الاقتصاد.
 
 
جهود الإمارات لاستضافة «كوب 28» ودعم الأجندة العالمية للمناخ
في يونيو 2022، شكّلت دولة الإمارات لجنة وطنية عليا للتحضير لمؤتمر «كوب 28» من خلال منهج متكامل يركز على التنمية المستدامة، والتعاون مع المجتمع الدولي، بهدف التوصل إلى حلول عملية تعود بمنافع اقتصادية على كل دول العالم دون أن يتخلف أحد عن الركب، وستسهم القمة المنتظرة في تسريع تحول دول الشرق الأوسط إلى الطاقة النظيفة، خاصة بعد ارتفاع أسعار النفط في 2022، إذ حقق قطاع النفط والغاز قرابة 4 تريليونات دولار خلال عام 2022، ومن ثم فإن صناعة النفط والغاز لديها فرصة فريدة لتوجيه حصة ضخمة من هذه الأموال للاستثمار في التحول إلى الطاقة النظيفة، لا سيما في الاقتصادات الناشئة، بحسب فاتح بيرول، مدير وكالة الطاقة الدولية. 
 
 
تمويل مشاريع الطاقة البديلة في أفريقيا بـ 4.5 مليار دولار 
أعلنت رئاسة مؤتمر «كوب 28» في سبتمبر الماضي، تعهد الإمارات بتقديم 4.5 مليار دولار لمساعدة الدول الأفريقية على تسريع مشاريع الطاقة النظيفة، في سياق جهود مكافحة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية، وذلك عبر شركة «مصدر» للطاقة النظيفة، وصندوق أبوظبي للتنمية والاتحاد لائتمان الصادرات، وشركة أيميا باور، للطاقة المتجددة ومقرها دبي.
 
 
عام الاستدامة
قبيل استضافة دولة الإمارات قمة المناخ «كوب 28»، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، حفظه الله، 2023 عامًا للاستدامة، وهو ما يعكس مدى إدراك رئيس الدولة لحجم التحديات التي تواجه العالم وتستدعي تحركات ومبادرات عاجلة كانت أبوظبي سباقة فيها على مدار العقود الماضية، كما يعد تتويجًا للجهود الواسعة التي تبذلها الدولة محليًا وإقليميًا وعالميًا لحماية المناخ وتنويع الاقتصاد بهدف مستقبل مستدام.
كما نجحت دولة الإمارات في تحقيق نتائج قياسية بمؤشرات الاستدامة والرقمنة، جعلتها على رأس قائمة الدول العربية والأفريقية وتنافس الدول الكبرى على المراكز الأولى في الاستدامة الرقمية بالممارسات التجارية والحكومية.
 
 
التنسيق مع المجتمع الدولي
تبنت دولة الإمارات إزاء أزمة تغير المناخ مقاربة شاملة، سعت من خلالها إلى تحقيق الاستدامة البيئية بسن أطر تشريعية وتنظيمية متكاملة، بالتنسيق والتعاون مع المجتمع الدولي والمحيط الإقليمي أيضًا، فكانت الإمارات أولى دول المنطقة تعلن رغبتها في الوصول إل صفر انبعاثات عبر إطلاق المبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، كما أنها عضو فاعل في جميع الاتفاقات الدولية المعنية بمواجهة التغيرات المناخية.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره