مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2013-07-01

عبدالله بن زايد: سيـاسة الاتحاد الخارجية تستهـدف حماية وتعزيز مصالح الإمارات

مع شخصيات لا تعرف الكلل أو الملل، ولا تبتغي شعاراً سوى النجاح في العمل، ومع قادة لم يرتضوا سوى بالتميز والتفرد عنواناً لمسيرتهم وسير عملهم، كان لمجلة درع الوطن صفحات مضاءة للقاء مع شخصية وطنية فذّة، ساهمت ولا تزال في دعم أمن وآمان وطنها، بما تراه وتضعه من خطط طموحة تتسق والنهج الذي تتولاه القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حفظه الله، إنه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية.
وتناول سموه مسألة التصعيد الإيراني وموقفها تجاه الجزر المحتلة وبرامجها النووي، وما يشكلان من تحد للدولة وللمجتمع الدولي ككل، وأشاد من ناحية أخرى بالتجربة الناجحة لدول مجلس التعاون الخليجي، وشمل الحديث التطرق لعدد كبير من القضايا المحلية والإقليمية والعالمية، كما أشاد بمساهمة قواتنا المسلحة ضمن الجهود الدولية وفق إرادة إماراتية حكومية وشعبية. وشملت المحاور الرئيسة في حديث سموه إضافة للسياسة الخارجية والقوات المسلحة الشأن العربي والسياسة الدولية والداخلية، وعبر عن تقديره للمواطن الإماراتي الذي يحب وطنه ويؤكد دوماً ولاءه لقيادته ووطنه.
 
حوار: المقدم الركن/ جمال محمد راشد الخاطري
وفيما يلي نص اللقاء:
 
مواقف الدولة السياسية تنبع من النهج القويم الذي أرساه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ويواصل السير عليه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة “حفظه الله” تجاه مجمل التطورات والأحداث الراهنة والمنطقة والعالم، كيف نفهم النهج السياسي لمواقف علاقات الدولة؟
 تستهدف سياسة الاتحاد الخارجية حماية وتعزيز مصالح دولة الإمارات وعلى رأسها أمنها واستقرارها، ونصرة القضايا العربية الإسلامية وتوثيق أواصر الصداقة والتعاون مع جميع الدول والشعوب على أساس من مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والأخلاق المثلى الدولية، ومن هذا المنطلق فإن دولة الإمارات تعمل تحت توجيهات سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، على المحافظة على روابط وثيقة مع جميع الدول، وتسعى بأن تحل القضايا بالطرق السلمية، وتعمل على المشاركة في ضمان بيئة إقليمية آمنة ومستقرة.
ومع كل التغييرات التي عصفت بالمنطقة والعالم خلال الــ41 عاماً الماضية، فلا تزال سياسة دولة الإمارات تسير على النهج نفسه والذي ساهم في خدمة مصالح الدولة وفي ضمان تأسيس بيئة سمحت بتحقيق تطور كبير على الصعيدين الإقتصادي والإجتماعي.
وما تغير في ممارسة السياسية الخارجية لدولة الإمارات هي القضايا واللاعبين الدوليين الذين نتعامل معهم بمثل المبادئ السامية والتي أثبتت فعاليتها وسريانها حتى في القرن الأكثر عولمة وهو القرن الحالي. كما توسعت شبكة علاقاتنا إقليمياً ودولياً كنتاج طبيعي لسياستنا الملتزمة والواقعية.
 
من جهة نظر سموكم، ما هي التوجهات الإستراتيجية الوطنية والسياسية الخارجية للدولة في مواجهة أعمال التصعيد والتأزيم الإيراني لمشكلة الجزر المحتلة بين التفاوض المباشر والتحكيم الدولي؟ وكيف تم استخدام الدبلوماسية أثناء زيارة الرئيس الإيراني لجزرنا المحتلة؟ هل تلمسون سموكم تغيراً في الموقف الإيراني في هذه القضية وفي غيرها من القضايا المتعلقة بالاستقرار الإقليمي؟
إن الإستراتيجية والسياسة الوطنية التي تتبعها دولة الإمارات في مواجهة الأعمال التصعيدية الإيرانية في ما يتعلق بمسألة الجزر المحتلة، هي دعوة إيران للحل السلمي عن طريق المفاوضات المباشرة أو التحكيم أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لمعالجة المسألة بما يتوافق مع القانون الدولي، إلا أن إيران رفضت كافة هذه المقترحات، وبما يتعلق بزيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الاستفزازية لجزيرة أبو موسى المحتلة والتي صادفت فترة كان يجري الترتيب فيها لحوار جدي بين الدولتين بشأن هذه القضية، قامت الدولة باستنكار وشجب الزيارة، وكما قامت باستدعاء سفير الدولة لدى طهران، وتقديم رسالة احتجاج إلى الأمم المتحدة، بالإضافة إلى إثارة المسألة لدى أصدقائنا لحشد دعمهم، ولقد أعرب بعض زعماء العالم عن دعمهم الإيجابي للدولة، ولقد توجهنا إلى إطارنا الإقليمي والعربي حول ذلك وتم تسليط الضوء على المسألة خلال الاجتماع الأخير لقمة الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية ASPA التي عقدت خلال الفترة من 1 إلى 2 أكتوبر في ليما بجمهورية بيرو. 
 
ما هو تقييم سموكم للبرنامج النووي الإيراني والتهديدات الممكنة من البرنامج النووي الإيراني على أمن الخليج العربي؟
 إن دولة الإمارات ترتبط مع إيران بعلاقات تاريخية وجغرافية واقتصادية قديمة، وتسعى الدولة إلى إدارة علاقتها مع الجارة بشكل متوازن، ولكن موقف إيران إزاء الجزر المحتلة بالإضافة إلى البرنامج النووي الإيراني يشكلان تحدياً كبيراً ليس فقط للدولة بل أيضاً للمجتمع الدولي ككل، وعليه فإن البرنامج النووي الإيراني يشكل خطراً على الأمن الإقليمي، علماً بأن إيران لا تزال تواصل تخصيب اليورانيوم ولا تتبع منهج الشفافية الكافية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومن جانب آخر فإن دولة الإمارات لديها رؤية واضحة تتمثل في ما ورد في معاهدة عدم الانتشار النووي وهي: “عالم خال من الأسلحة النووية”.
 
 ما هي رؤية وتقييم سموكم للتوجه الاستراتيجي لدول مجلس التعاون الخليجي للتحول من استراتيجية التعاون الى الاتحاد، وما الذي ينقص مسيرة التكامل بين دول مجلس التعاون وهل هناك إشكاليات تعوق هذا التكامل في تعاطي الدول الست مع بعضها البعض على المستوى الثنائي والجماعي؟
 ترى دولة الإمارات أن تجرية دول مجلس التعاون الخليجي تجربة ناجحة بوجه عام وقد شهدت هذه التجربة نقلات نوعية مهمة في العديد من المجالات وعلى رأسها الجوانب الاقتصادية والاستثمارية بالإضافة إلى الأمور التي تؤثر بشكل إيجابي على المواطن الخليجي، كما أن التعاون في الجوانب السياسية والعسكرية كان ويبقى مهماً خاصةً في مفاصل حرجة في تاريخ الخليج العربي والمنطقة العربية بشكل عام.
من هذا المنطلق ترى دولة الإمارات بأن تحديث وتعزيز عمل مجلس التعاون يمثل الخيار المناسب الذي يراعي التجربة الخليجية ويعزز مسارها ويضيف إلى رصيدها الإيجابي، ونسعى من خلال هذه القناعة إلى تطوير التكامل بين دول مجلس التعاون ضمن هذا الإطار ونحن على قناعة بأن ذلك هدف واقعي وممكن وقريب المنال.
 
 أين تقف السياسة الخارجية لدولة الإمارات في ضوء تصاعد التيار الإسلامي (الإخوان المسلمين) وانعكاسه على الأمن والاستقرار العربي بشكل عام/ الخليجي بشكل خاص؟
 تقوم السياسة الخارجية لدولة الإمارت على مبدأ أساسي يرفض التدخل في الشؤون الداخلية وتقوم قيم دولة الإمارات على أسس واضحة صلبة أسسها الوسطية والتنمية وأولوية المواطن في العملية التنموية، ومن هذا المنطلق نرفض التحزب الذي يسعى إلى تمييز مكونات المجتمع الواحد وتفتيته، كما نرفض محاولة استغلال ديننا الإسلامي السمح لأغراض سياسة حزبية ضيقة ويوماً بعد يوم يتضح لنا ولغيرنا أن مقاربة دولة الإمارات صحيحة وأن سير الأحداث في المنطقة يوضح بأن دولة الإمارات مدركة في سياستها لأهمية التوازن بين مختلف العوامل التي تنتج تجربة ناجحة.
ومن هذا المنطلق فنحن حريصون في دولة الإمارات على أن نحمي منجزاتنا وأن لا نتدخل في شؤون الغير ونميز جيداً بين الدول والأحزاب ونتعامل مع الدول من هذا المنطلق بكل إحترام ونتوقع من كافة الدول والتي تمر بمخاض صعب أن تحترم هذا المبدأ في العلاقات الدولية ألا وهو عدم التدخل في الشأن الداخلي.
حركة الإخوان المسلمين هي اليوم تمثل الحكومة في بعض الدول ويصعب عليها أحياناً التمييز بين دورها الحزبي والذي لا يراعي الحدود وبين دورها كحركة أخذت مواقع المسؤولية، وهذا الخلط هو الذي ينتج التوتر الذي نشهده في بعض العلاقات العربية-العربية ومن هذا المنطلق أكرر بأن موقف دولة الإمارات حول السيادة يمثل بوصلة عقلانية في العلاقات الإقليمية.
 
القوات المسلحة
من وجهة نظر سموكم ما هو الدور الذي يمكن أن يعول عليه فيما يتعلق بأعمال التنسيق والتعاون بين القوى السياسية والعسكرية في تأمين وحماية الأمن الوطني للدولة والمحافظة على استقلال وسيادة دولة الامارات في مواجهة التهديدات المتوقعة إقليمياً / دولياً؟
 من منظورنا الاستراتيجي والبعد السياسي الذي يتمثل في الحفاظ على الكيان السياسي الداخلي للدولة والبعد العسكري الذي يوفر تأمين المصالح والدفاع عنها فإننا نعول الكثير عليهما حيث أن السياسة الخارجية لدولة الإمارات مبنية على مبادئ وثوابت ومعطيات متعددة وضمن أطر رئيسية أهمها حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ويدافع عن قضاياها، وانتهاج سياسة عدم الانحياز وإقامة علاقات تعاون مع الدول الصديقة ولعب دور فاعل في إطار المنظمات الإقليمية والدولية، وتنشط هذه السياسة من خلال عدد من الدوائر الخليجية، العربية، الإسلامية، والدولية، وبهذا فإن السياسيين والعسكريين شركاء في الفكر والعمل تحت قيادة سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى القوات المسلحة، الذي يحرص على بناء مواطن مبتكر عامل طموح في المستقبل وللسياسة نصيب من هذا الجيل الذي يعمل في الخارجية كما القوات المسلحة. كما وأن الدولة  قد وفرت المعدات والأجهزة والتكنولوجيا التي باستخدامها الجيد نستطيع أن ندافع عن وطننا الغالي وكلنا في النهاية علينا حق الدفاع عن ترابه ومكتسباته الوطنية.
 
إن اهتمام سموكم واضح بقواتنا المسلحة متجلياً بزياراتكم المتكررة لها في جمهورية أفغانستان الإسلامية، ما هي نتائج مساهمة القوات المسلحة في تنفيذ السياسة الخارجية؟
قواتنا المسلحة مبنية على إستراتيجية عسكرية واضحة المعالم في دعم الجهد الدبلوماسي، وجهود الدولة ومسئولياتها الداخلية والإقليمية والدولية، وحجم قواتنا المسلحة وتجهيزها هو نتاج مشاركاتنا الإقليمية والدولية بجانب واجبنا الرئيسي في حماية مكتسبات البلد من رغبة وطنية صادقة في توفير الأمن والاستقرار، ونحن ولله الحمد تتوفر لدينا العزيمة والإرادة والتصميم المستمدة من أعلى الهرم في قيادتنا العسكرية، ونفخر بأبناء الوطن في تأيدهم للمهام التي يتم تكليفهم بها وبمهنيتهم وكفاءتهم العالية.
 
 مساهمة قواتنا المسلحة في تعزيز الأمن والاستقرار الدوليين كانت واضحة وجلية في الأونة الأخيرة كيف تقيمون سموكم مشاركة قواتنا المسلحة مع المجتمع الدولي في المساهمة في إعادة الاستقرار إلى الجماهيرية الليبية؟
 مشاركة القوات المسلحة ضمن الجهود الدولية وخاصة الجوية منها لم تأتي من فراغ فنحن نتحرك ضمن المجتمع الدولي ونشارك في إطار قدراتنا وبإرادة  إماراتية حكومية وشعبية، وتأتي ضمن الخطوط المعدة مسبقاُ لتطوير الجاهزية القتالية لقواتنا الجوية والتدريب في بيئة جوية مختلفة وما وصل إليه المشاركون من كفاءة في أساليب الجاهزية والإعداد والقتال في وقفتنا مع الدول المشاركة في العمليات سواء في ليبيا أو أفغانستان ونحن فخورون بنتائج الردود الدولية الإيجابية عن مشاركة قواتنا المسلحة. وفي أدائنا لهذه المهمة عززنا من المكون العربي في خروج الشعب الليبي من مأساة كبيرة وتم إتاحة الفرصة أمامه لبناء مجتمع عصري متفائل.
 
كيف ترون سموكم اتجاه العلاقات الإماراتية مع دول الربيع العربي خاصة جمهورية مصر العربية التي كانت تعتبر حليفاً مقرباً من الإمارات خلال السنوات السابقة؟ 
علاقتنا مع كافة الدول تربطها مبادئ من التواصل والتعاون وحسن الجوار وعدم التدخل، وهي العلاقات التي نسعى إلى تعزيزها مع دول ما يعرف بالربيع العربي ونريد لجمهورية مصر العربية النجاح لأن مصر قلب العروبة النابض، ونجاحها نجاح لكل عربي ولا يخفى عليكم بأننا وخلال العقود الأربع الماضية أسسنا علاقة رائدة مع مصر بكل مكوناتها من سياسي إلى اقتصادي إلى علاقات شعبية كبيرة، ونتعامل مع مصر الدولة من هذا المنطلق مدركين إننا أمام مشهد سياسي متنوع وشرطنا الأساسي للمحافظة على وتيرة العلاقات مع أي دولة كانت هو عدم التدخل في شؤوننا الداخلية مع الأخذ بعين الاعتبار المواقف الإقليمية وخاصةً تلك التي تمثل أولوية لنا وعلى رأسها مسائل أمن الخليج العربي.
 
ما هي في تصور سموكم إستراتيجية السياسة الخارجية للدولة تجاه القضية الفلسطينية في ظل سياسة الاستيطان الإسرائيلية والمماطلة في عملية السلام؟ وما هو موقف الدولة في دفع عجلة عملية السلام في الشرق الأوسط؟
إن دولة الإمارات راضية عن مستوى التقدم الذي وصلت إليه السلطة الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة وبشكل خاص في ما يتعلق بالحوكمة الرشيدة والمكتسبات الأمنية التي حققتها، ويسرنا بأنه قد تم الترحيب بهذا التقدم بشكل إيجابي من قبل أعضاء المجتمع الدولي، ومن جانب آخر فإن التصويت الأخير الذي جرى في نوفمبر الماضي في الأمم المتحدة بشأن منح فلسطين صفة دولة غير عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، تظهر بأن الإجماع الأخلاقي الدولي في طريقه نحو التقارب فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وبالرغم من هذا التطور الدولي إزاء القضية الفلسطينية، لا يخفى على أحد بأن الوضع الفلسطيني الإقليمي لا يزال معقداً، وأن حكومة نتنياهو تسيطر عليها العناصر الراديكالية المناهضة للسلام، بشكل واضح، وهذا يتمثل في السياسات الاستيطانية التعسفية التوسعية والعقوبات الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، ولا يخفى أن هذا التوجه الإسرائيلي يهدد حل الدولتين وبرغم أنه مصدر اجتماع دولي إلا أن التطورات على الأرض تهدد بتقويضه.
تؤمن دولة الإمارات بأن حل الدولتين هو الخيار الوحيد القابل للتطبيق للحصول على سلام دائم في فلسطين. وعليه فإن دولة الإمارات تمارس دبلوماسية فعالة في حث حلفائها الذين لديهم نفوذ على إسرائيل للتأكيد على إن مسألة بناء المستوطنات تعتبر العائق الأكبر للسلام بين الطرفين ويجب أن توقف إسرائيل هذا العمل الغير قانوني فوراَ.
وترى دولة الإمارات أهمية دعم وتمكين الوسطاء الذين يتحركون بصورة مسؤولة من السلطة الفلسطينية.
ويشكل الوضع المالي الفلسطيني أكبر تحدي يواجه السلطة الفلسطينية اليوم، وهذا الوضع ناتج بشكل كبير عن عدم رغبة إسرائيل عن الإفراج عن أموال الضرائب الفلسطينية تحت أحكام اتفاقية أوسلو.
وللتخفيف من هذه الأزمة، قامت دولة الإمارات بالتبرع للسلطة الفلسطينية في شهر نوفمبر من عام 2011 بمبلغ قيمته 42 مليون دولار أمريكي، وفي هذا الإطار نجدد حثنا للمانحيين الدوليين بأن يلتزموا بتعهداتهم المالية للسلطة الفلسطينية، ولا بد لي من أن أضيف بأن تفرقة الصف الفلسطيني لا يخدم القضية الفلسطينية ووحدة الصف ضرورية في هذه المرحلة.'
 
 ما هي رؤية وتقييم سموكم للأحداث الجارية في الدول العربية الشقيقة وانعكاساتها على الأمن العربي والخليجي في المدى القريب والبعيد وتوازنات القوى إقليمياً/دولياً؟
ستؤثر التحديات الكبيرة التي تواجهها المنطقة على طبيعة العلاقات والأمن، وستتحكم طريقة تعاطينا مع المسائل بتوجيه التغيرات نحو نتائج إيجابية أو سلبية، وعليه فلا توجد هناك نتائج حتمية.
وفي ضوء إعادة الهيكلة السياسية التي تخضع لها العديد من دول المنطقة، فإن هنالك قلق من إعادة ظهور السياسات الطائفية، والتي سيشكل ظهورها مشكلة خطيرة.
وتعمل دولة الإمارات مع شركائها على ضمان أن تبقى السياسات في المنطقة شاملة لكافة المجالات، والأخذ في الإعتبار كل من حقوق المرأة والأقليات الدينية، الأقل حظوة إقتصادياً، مع إحترام الحقوق السيادية للحكومات الجديدة في نفس الوقت.
إن تحقيق هذا التوازن يساهم في ضمان إستجابة الحكومات الجديدة في المنطقة لمصالح مواطنيها جميعاً، والحكومات المتجاوبة والمسوؤلة تساهم في تحقيق الاستقرار في المنطقة.
وعلى كل حال لابد من أن نحسن تدبير أمورنا من خلال التوازن الذي نسير عليه سواء من جهة اهتمامنا بأمننا واستقرارنا أو تعزيز وتطوير التنمية وتحديث مؤسساتنا السياسية أو حسن إدارة علاقاتنا الإقليمية والدولية ولا يخفى عليكم أن تكامل هذه الجوانب يحصن إتحادنا أمام التحديات الإقليمية المحيطة. 
 
السياسة الدولية
تحظى دولة الإمارات باحترام وتقدير العالم نظراً لرؤية قيادتها الحكيمة وسياساتها المتزنة إضافة الى الجهد الدبلوماسي الذي تضطلعون به مما عزز مكانة الدولة إقليمياً ودولياً، كيف يضيف العمل الدبلوماسي في تعزيز صورة الدولة وتوطيد علاقات التعاون مع مختلف بلاد العالم؟
 إن دولة الإمارات تتمركز في منطقة حساسة وعلى الرغم من ذلك فلقد تمكنا من التطور اقتصادياً، وإنشاء بيئة آمنة ومستقرة، كما وتوفر دولة الإمارات الفرص الإقتصادية لشعبها، ولقد ساهمت الدبلوماسية بشكل أساسي في إنجاح ذلك.
وتنتهج دولة الإمارات سياسة الحوار مع الآخر، ويشكل ذلك عنصر أساسي لإنجاح نهج دولة الإمارت الدبلوماسي.
ومن السهل التحدث مع الاصدقاء، كما أن التحدث مع أولئك الذين يخالفونك الرأي أصعب ولكن يعتبر أكثر فعالية، وساهمت الرغبة التي تبديها دولة الإمارات في الإستماع الى جميع الأطراف في تعزيز صورة دولة الإمارات في الخارج، فإننا نتوجه إلى شركائنا بالإحترام المتبادل ويقدر الشركاء الدوليين ذلك.
تشكل الدبلوماسية حجر الأساس في تعاملنا مع دول المنطقة وتقدر دولة الإمارات المنابر الحوارية التي توفرها منظمات مثل كل من منظمتي دول مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية.
وتشكل المنابر الحوارية التي توفرها هذه المنظمات جانب مهم من سياسة دولة الإمارات، ولقد كانت هذه المنابر فعالة على مر السنوات، حيث وفرت لدولة الإمارات مساحة للتداول بشأن آثار المتغييرات الإقليمية الراهنة مع الدول الأخرى المتأثرة بمثل هذه التغيرات.
إن العمل الدبلوماسي كذلك يلعب دوراً أساسياً في التعريف بقيم الدولة ومنجزاتها وخاصة على صعيد الدبلوماسية العامة والتي تقوم على التواصل بالمجتمعات التي توجد بها بعثات الدولة، ونسعى إلى تعزيز هذا الجانب من جهودنا.
 
تشهد الفترة الحالية توسعاً في العلاقات الخارجية لدولة الإمارات شملت دولاً في أمريكا اللاتينية وكذلك دولاً في إفريقيا ما هي الأهداف الإستراتيجية الخارجية التي يراها سموكم لهذا التوسع؟
لدى دولة الإمارات علاقات وطيدة مع دول أفريقيا وأمريكا الجنوبية لسنوات، لكن العلاقة لازالت في طور التطوير مع تلك المنطقتين، كما توجد هناك مجالات عديدة وواعدة للتطوير بين الجانبيين في المجالات كافة وخاصة السياسية والاقتصادية، وتسعى دولة الإمارات لتعزيز العلاقات الثنائية بين تلك المنطقتين بشكل أكبر لدفع القطاع الاستثماري الإماراتي لتلك المنطقتين، فمن الناحية السياسية، ركزت الدولة على دول المنطقتين على تعزيز العلاقات الثنائية وتعزيز الفهم المشترك للقضايا ذات الأولوية، وعلماً بأن هناك توجه ملحوظ من قبل المستثمرين الإماراتيين نحو تلك الأسواق، ولا يخفى عليكم أن دولة الإمارات وفي تعزيزها لموقعها الإقليمي أصبحت أكثر مركزية وأهمية للعديد من المناطق الجغرافية كأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
 
روسيا والصين كان لها مواقف منذ نشوب الأزمة في سوريا هل يرى سموكم أن علاقات دول مجلس التعاون وخصوصاً الإمارات قد تأثرت مع كل من روسيا والصين بسبب موقفهما الداعم لنظام بشار الأسد ماهي رؤية سموكم لدولة الإمارات في التحرك ودعم التعاون مع دول الشرق الأدنى وعلى رأسها (الصين) في إطار إعادة التوازنات الدولية؟
 لدى دولة الإمارات اختلافات في الرأي على قضايا مثل القضية السورية مع كل من روسيا والصين، ولكننا على إدراك تام بأهمية كلا الدولتين على الساحة الدولية وإن فتح قنوات الحوار معهما لحل هذه الإختلافات في الرأي هي منهج دولة الإمارات.
تلعب كل من روسيا والصين أدوار مهمة في الدبلوماسية الدولية في ما يتعلق بالشأن السوري ونحن نعمل على استقطاب جهودهما لكي تتوافق مع الإجماع الدولي والإقليمي في ما يتعلق بإنهاء المأساة والدمار التي تشهدها سوريا الشقيقة.
وإن أهم ما يجب أن يركز عليه المجتمع الدولي هو ضمان وصول المساعدات الأساسية إلى الشعب السوري. ويعد الجانب الإنساني من أهم أوليات دولة الإمارات تجاه سوريا، حيث قدمت دولة الإمارات منذ عام 2012 مساعدات تتجاوز قيمتها الــ 58 مليون دولار أمريكي للشعب السوري، كما تعهدت دولة الإمارات في نهاية يناير 2013 بتقديم 300 مليون دولار لمساعدة اللاجئين السوريين.
وتجدر الإشارة بأنه بالرغم من الأهمية التي يشكلها الوضع السوري لدولة الإمارات فإن هذا ليس هو الجانب الوحيد لعلاقتنا مع كل من روسيا والصين. 
فهناك مصالح أساسية وحيوية تجمعنا مع موسكو وبكين ونقدر بكل وعي حجمها السياسي في عالم اليوم وفي شبكة العلاقات الدولية، كما ندرك أن التواصل والتفاعل هو أساس العمل السياسي الخارجي وهو الذي يمثل توجه دولة الإمارات وسياستها الخارجية تاريخياً.
 
السياسة الداخلية
يرى البعض أن الاضطرابات العربية الأخيرة قد كشفت عن حجم الولاء والالتفاف الشعبي القوي الداعم للقيادة في الإمارات، فهل تعتقدون سموكم أن الدعم الشعبي كفيل ببعث الثقة للمضي في خطوات برنامج التمكين السياسي ومواصلة مسيرة التدرج في الإصلاح السياسي وما هي رؤية وتوجهات سموكم في تطوير السياسة الداخلية للدولة؟
 إن حجم الولاء والالتفاف الشعبي القوي الداعم للقيادة في دولة الإمارات لم يفاجئني كما أنها لم تفاجئ أي مواطن إماراتي، فالذي أسس لهذه التجربة الخيرة المرحوم له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الشخصية التاريخية الفذة أسس وطن وعزز في هذا الوطن القيم الإيجابية لبيئته ومجتمعه ومع هذه الشرعية التاريخية نرى قيادتنا برئاسة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان تسعى إلى تعزيز هذا النهج الخير من خلال برنامج تنموي يُبنى على التراكم الذي تحقق عبر السنوات، إن إنجازاتنا كبيرة ويدرك كل مواطن إماراتي قيمتها ويلمس معانيها وقد استطاعت هذه النجاحات أن تحقق نقلة نوعية في حياة المواطن لا يمكن أن تغيب عن أياً كان وإذا ما قارنا بين النجاح الذي تحقق في دولة الإمارات، في منطقة صعبة من مناطق العالم ندرك تمام الإدراك أن التأييد والإلتفاف الشعبي سيكون بهذا الزخم الكبير ولا شك أن وجود وسائل الإتصال الحديثة أعطت الفرصة للمواطن البسيط والمواطن غير العامل في المجال الإعلامي ليعبر عن مشاعره بكل أمانة وعفوية مكوناً صدى شعبي يعبر عن حبه لدولة الإمارات وولائه لقيادتها وارتباطه بأرضها.
 
تتعرض دولة الإمارات لهجمة إعلامية تحاول الإساءة إليها وتشويه سمعتها، من قبل أفراد وجهات ومنظمات حقوقية ومواقع إلكترونية، فما حقيقة هذه الهجمة في نظر سموكم وكيف ترون السبيل الأمثل لمواجهتها والتصدي لها وما هي رؤية وتوجهات سموكم لمنظومة الإعلام الوطني الذي يلعب دوراً حيوياً في مواجهة الحرب النفسية والإعلام المضاد وحملات الشائعات والتشويش. كيف تقيمون العمل الإعلامي الإماراتي في الوقت الراهن؟
بداية، هذا السؤال لا يُعبِّر عن الواقع، وطرحه بهذه الصورة بعيد عن الحقيقة، فالواقع على عكس من ذلك تماماً، ويؤكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة تتبوأ اليوم مكانة إقليمية ودولية مرموقة، ويحظى نهج سياساتها الوطنية والخارجية التي تتسم بالحكمة والاعتدال والشفافية بتقدير المجتمع الدولي واحترامه، بعد أن نجحت في بناء علاقات تعاون وشراكة متينة مع معظم دول العالم في قاراته الست، كما أن دولة الإمارات كرّست دبلوماسيتها لخدمة قضايا التنمية والأوضاع الإنسانية في العالم، بالتعاون والتنسيق مع منظمات وهيئات الأمم المتحدة الدولية المتخصصة، خاصة في مجال العمل الإنساني وصون الكرامة الإنسانية، وكذلك الإسهام الفاعل والحضور الإيجابي في القضايا الإقليمية والدولية، مما أكسبها المزيد من الإحترام والتقدير في العالم.
إننا نرى أن ردود فعل وممارسات بعض المنظمات الحقوقية والجهات، وهي كما تلاحظون محدودة جداً لا يصل عددها إلى نصف أصابع اليد الواحدة، مُجحفة ومُتحيزة ومُتحاملة وتُقوِّض من مصداقيتها واحترامها، خاصة وأن مثل تلك التقارير المُلَفَّقة والظالمة ضد حقنا الدستوري في ممارسة سيادتنا الوطنية، كانت تصدر عن عمْد دون تمحيص أو تحقيق، ودون الرجوع إلى السلطات المختصة في الدولة للتحقّق منها وتوثيقها.
وبالنتيجة، فإن هذه المحاولات المُغرضة للإساءة لدولة الإمارات سترتد، بمرور الوقت وتكرارها، على مُطلقيها وتُفقدهم الإحترام والمصداقية، وقد بدا ذلك يظهر جلياً في تجاهل وسائل الإعلام الإقليمية والدولية وعدم تعاملها أو تناولها لمثل هذه التقارير المُغرضة، ولعلّ أصدق دليل على هذا، فوز دولة الإمارات في الاجتماع الذي عقدته الجمعية العمومية للأمم المتحدة في شهر نوفمبر 2012 بعضوية مجلس حقوق الإنسان الدولي لمدة ثلاث سنوات بعد حصولها على 184 صوتاً تُمثل أعلى نسبة تصويت بين 21 دولة تنافست لشغل 18 مقعداً شاغراً في المجلس.
 
أن هذا الفوز، بموافقة هذه النسبة العالية من الدول، يعكس احترام وتقدير المجتمع الدولي لِما حقّقته دولة الإمارات، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” من إنجازات حضارية وتنموية عظيمة وتوفير الحياة الكريمة لمواطنيها والمقيمين على أرضها وصوْن حقوقهم الأساسية، وصيانة وتعزيز الحريات العامة، وحماية حقوق المرأة والطفل.
كما أن دولة الإمارات، التي تتميّز سياستها بالتسامح والاعتدال، تستضيف على أراضيها الملايين من العاملين من أكثر من 200 جنسية في مختلف قارات العالم، ينعمون مع عائلاتهم بمستوى جيد من الإقامة والتعليم والمعيشة والأمن والاستقرار، ويتمتعون بحقوقهم كاملة التي تُنظمها قوانين صارمة لعلاقات العمل تتفق والمعايير والمواثيق الدولية إضافة إلى حريتهم في ممارسة معتقداتهم وشعائرهم الدينية بحرية تامة وأمان، وحقوقهم في تحويل مدخراتهم بلا قيود إلى أُسرهم في بلدانهم، والتي بلغت نحو 43 مليار درهم في العام 2012، لذلك، فإن فوْزنا بعضوية مجلس حقوق الإنسان العالمي هو أيضاً تتويج لممارساتنا وإنجازاتنا في هذا المجال.
أما نحن، فنستمر في نهجنا الذي حدّدناه في التنمية، وتقديم أرقى الخدمات وتحقيق الرخاء والرفاه الاقتصادي والاجتماعي لمواطنينا، وفي الوقت نفسه نعمل على تعزيز علاقات التعاون والصداقة والشراكة مع دول العالم كافة، لما فيه مصلحة الإنسانية والبشرية جمعاء.
كما سنستمر على نهجنا في الالتزام بنصوص دستور البلاد وقوانينها، واتخاذ كل الإجراءات الضرورية لحماية سيادتنا الوطنية وأمننا واستقرارنا.
 
ما هي رؤية وتوجيهات سموكم إلى المجلس الوطني للإعلام لكي يلعب دوره المنوط في مواجهة الحرب النفسية والإعلام المضاد وحملات الشائعات والتشويش؟
مرة أخرى، أعود وأكرر إننا لا نواجه حرباً نفسية ولا إعلاماً مُضاداً بهذه الكيفية التي تتحدثون عنها وتتصورونها، وكما قُلت، فإن ما نتعرض له هو هجوم مُغرض من جهات محدودة جداً، لن تؤثر محاولاتها على مكانتنا المرموقة في المجتمع الدولي.
يقوم المجلس الوطني للإعلام  بدور حيوي في التجاوب ومواكبة الاهتمام العالمي المتزايد بدولة الإمارات العربية المتحدة، ويعمل بالتنسيق والتعاون مع مختلف الوسائل الإعلامية الوطنية لإبراز المنجزات الوطنية الشاملة للدولة، وتوفير كافة المعلومات اللازمة والتي تطلبها المؤسسات الإعلامية الإقليمية والعالمية وقد أسهم الاستخدام الواسع للتطورات التقنية المذهلة والمتسارعة في مجال تقنية المعلومات والاتصال في إيصال ما تنشره وتبثه وسائل إعلامنا المختلفة عبر مختلف النوافذ في أن تصل رسالتنا وإنجازاتنا ومواقف دولتنا إلى مختلف أصقاع الأرض وبشكل فوري ومستمر وبأكثر من لغة وكذلك من خلال شبكة واسعة من القنوات الفضائية والتلفزيونية والإذاعية التي تتخذ من المناطق الحرة في الدولة مقرات لها، إضافة إلى شبكة المراسلين المحليين من مختلف دول العالم، كما يسهم الإعلام الخارجي بدروه في تعريف العالم بالهوية الوطنية المتماسكة للمجتمع في دولة الإمارات وبيئته وقيمه الاجتماعية والثقافية وتاريخها وتراثها الحضاري، وجهودها في التواصل والانفتاح على ثقافات شعوب العالم.
ويذكر أن وكالة أنباء الإمارات ترتبط بمنظومة واسعة من اتفاقيات التعاون والتبادل الإخباري مع مثيلاتها من وكالات الأنباء الوطنية في أكثر من 40 دولة، مما أصبح يتيح للملايين من شعوبها الوقوف والإطلاع على الحقائق عبر الإعلام الإلكتروني وشبكة (الإنترنت) لمختلف الفعاليات والأنشطة والسياسية والاقتصادية والسياحية والثقافية والرياضية هذا بالإضافة إلى الموقع الالكتروني للمجلس الوطني للإعلام الذي يوفر خدمة يومية بخمس لغات أساسية مدعمة بالصور الفوتوغرافية والتلفزيونية.
أؤكد مرة أخرى إننا نعتبر أن مختلف وسائل الإعلام الخاص والإعلام الإلكتروني في دولتنا شريك أساسي ورئيسي في عملنا الاعلامي ونحن على ثقة في أنها تقوم بدورها المنوط بها في توضيح صورة دولة الإمارات وإنجازاتها كلاً بإمكانياته المتاحة وأسلوبه الخاص وخياراته التي يراها.
 
  كيف تُقيِّمون سموكم العمل الإعلامي الإماراتي في الوقت الراهن؟
لقد بيَّنْت، في أكثر من حديث، أن قطاع الإعلام، ومنذ قيام الاتحاد قبل 41 عاماً، كان ولا يزال أحد مقومات التنمية المستدامة في دولة الإمارات، وبشكل عام، تميزت التوجهات الحكومية الاتحادية والمحلية نحو الإعلام منذ أربعة عقود بنظرة إيجابية ومنفتحة، فعملت الدولة على تطوير هذا القطاع والنهوض به من خلال إنشاء بنية تحتية متكاملة للعمل الإعلامي مُستندة لآخر الاتجاهات العالمية المهنية والتقنية، تُعزز دور الإعلام في إيصال الإنجازات الحضارية للدولة للرأي العام على المستويين المحلي والعالمي. كما أننا نعمل على حفز ومساندة دمْج المواطنين في العمل الإعلامي، بحيث يكون هذا القطاع مصدر قوة لتعزيز الهوية الوطنية لمجتمع الإمارات، وإيجاد صناعة متكاملة تسهم في رفْد الاستراتيجيات الحكومية، فضلاً عن إنتاج فضاء مفتوح يمارس من خلاله الأفراد حريتهم في إطار من المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية التي تنبثق من روح الانتماء للوطن. وأكدنا، في أكثر من مناسبة، أن حرية التعبير مكفولة في دستور الدولة وفي قانون المطبوعات والنشر.. ويتجلى كل ذلك في عدم وجود رقابة مسبقة على نشر أو بث المحتوى الإعلامي، بحيث يكون القانون هو الحكم الفيصل في كل ما يتعلق بهذا الموضوع بعد النشر أو البث، ووجّهنا المجلس الوطني للإعلام  لكي، يُحقق الإعلام الوطني، دوره المنشود بالعمل على التنسيق مع المؤسسات الإعلامية والجهات ذات العلاقة على وضع الأطر التنظيمية التي يسير على هديها قطاع الإعلام، بما يضمن مصالح الأفراد والمجتمع ويحقق رسالة الإعلام في تعزيز التنمية المستدامة والنهوض بدولة الإمارات على المستويين المحلي والعالمي، وإننا في سعْينا لتطوير البنية التنظيمية لقطاع الإعلام، عملنا على توفير بيئة تنظيمية مناسبة ومُشجعة لقيام صناعة الإعلام من خلال القرارات التي أصدرها مجلس الوزراء في تنظيم خدمات البث الإذاعي والتلفزيوني وترخيص الصحافيين والمراسلين الأجانب وكذلك القرار الخاص بشأن معايير المحتوى الإعلامي، كما حرصنا في المجلس على قيام علاقات وثيقة مع المناطق الإعلامية الحرة في الدولة والتي تسهم في تعزيز مكانة الدولة كمركز إعلامي إقليمي بارز عبْر استقطاب المؤسسات الإعلامية العالمية التي تجد في دولة الإمارات منطلقاً لعملياتها الإعلامية على المستويين الإقليمي والدولي، كما وضعنا مواكبة مع التطورات الكبيرة في الإعلام الإلكتروني، رؤية واضحة ومناسبة حول طبيعة الفضاء الإعلامي الذي نريد بشكل يسهم في تعزيز فرص التعبير والتواصل البناء عبر توظيف القدرات الهائلة لأدوات الإعلام الجديد في تعزيز التفاعل بين الأفراد، فنحن ندرك أن التغيرات التكنولوجية والسياسية والاجتماعية من حولنا هي التي باتت تقود قاطرة وضع السياسات الإعلامية والاتصال في دول العالم، وهذا الأمر يلزمنا أن نستوعب تلك التحولات وأن نضع السياسات الإعلامية التي تراعي طبيعتها المتحولة، لتمكين الأفراد من التفاعل معها، مع الحفاظ على مصالح الدولة والمجتمع.
إننا نريد إعلاماً حضارياً يواكب المستجدات المهنية على المستوى العالمي وفي ذات الوقت يستجيب لتطلعات الأفراد في التعبير، ويحرص على حفظ مصالح الدولة والمجتمع، وبما يضمن استدامة مسيرة التطور وازدهارها، إعلاماً يتمتع بحرية التعبير المبنية على الاحترام، بحيث لا تتعدى هذه الحريات حدود الآخرين أو العادات أو أن تسهم في تفكيك الترابط المجتمعي.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره