استطلاع الرأى
مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟
- ممتاز
- جيد جداً
- جيد

في الخامس من نوفمبر عام 2023، أشرقت من أرض الإمارات بارقة أمل جديدة حين وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” بإطلاق عملية الفارس الشهم 3، نصرة للأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة للتخفيف من معاناتهم جراء الحرب.
وتعد العملية الإنسانية، الأكبر حجماً ضمن سلسلة العمليات التي نفذتها الدولة، عنوانًا للعطاء وامتدادًا لمسيرة إنسانية رسّخت فيها الإمارات مكانتها كمنارة للخير ومظلة للرحمة، أينما وُجد الإنسان المحتاج، وأيًا كانت التحديات.
واليوم، ونحن نحتفي بمرور عامين على انطلاق هذه المبادرة الكريمة، نستحضر قصة عزّ وفخر، تُروى بحروفٍ من إنسانية، وتُكتب بسواعدٍ نذرت نفسها لخدمة الوطن والإنسان في أصعب الظروف.
جاءت هذه العملية الإنسانية كاستجابة سريعة من دولة الإمارات في لحظات عصيبة على الشعب الفلسطيني مملوءة بالتحديات، حين تزايدت المعاناة الإنسانية واشتدّت الحاجة إلى الدعم والمساندة.
وفي الوقت الذي تعطلت فيه المسارات السياسية وتعثرت الاستجابات الدولية، كانت الإمارات كما عهدها العالم أول الواصلين إلى مكان الحدث، تنطلق بخطى واثقة، مستندة إلى نهجٍ إنساني أصيل رسّخه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.
قامت دولة الإمارات من خلال هذه العملية وبتضافر جهود مختلف المؤسسات الحكومية وغير الحكومية بمد جسور الخير الإماراتية في كل اتجاه، لتصل المساعدات إلى غزة برّا وبحرًا وجوًّا.
مئات الطائرات، وعشرات سفن الشحن الضخمة المحملة بآلاف الأطنان، وقوافل لا تنقطع من الشاحنات، حملت الغذاء والدواء والماء، وكل ما يُعين الأشقاء على مواجهة الظروف القاسية.
لم يكن الأمر مجرّد عملية إنسانية، بل منظومة متكاملة للعمل الإنساني الراقي، قوامها التنظيم، والتعاون، والالتزام.
ضمن هذه العملية، أقامت الإمارات ست محطات لتحلية المياه بقدرة انتاجية تقدر بملوني جالون يومياً تزوّد ما يقارب المليون نسمة من السكان بالماء الصالح للشرب، وشغّلت مخابز أوتوماتيكية تنتج مئات آلاف الأرغفة يوميًا، وأقامت مستشفيين ميدانيين الأول داخل قطاع غزة لتقديم الرعاية الطبية للمصابين، والثاني مستشفى عائم قبالة ساحل مدينة العريش في جمهورية مصر العربية، إضافة إلى مبادرة الأطراف الصناعية، كما تكفّلت بعلاج العديد من الحالات الحرجة من الأطفال ومرضى السرطان في مستشفيات الدولة بعد إجلائهم مع مرافقيهم. وتوالت قوافل العطاء تباعًا حتى تجاوزت المساعدات الإماراتية 100 ألف طن من المساعدات الإنسانية، بقيمة تقدر بـ 3.5 مليار دولار، شكّلت شريان حياة لآلاف الأسر في قطاع غزة.
ولم يكن هذا العطاء مجرّد أرقامٍ تُسجّل في التقارير وتنشر في وسائل الإعلام، بل كان رسالةً صادقة للعالم مفادها أن العمل الإنساني في الإمارات ليس وليد اللحظة، بل فعل نابع من الإيمان العميق بأن الإنسان وكرامته أولاً في جميع الظروف والأحوال.
لقد جسّدت عملية الفارس الشهم 3 أسمى معاني المسؤولية الأخلاقية، حيث رصدت أعداداً كبيرة من المتطوعين من مختلف الجنسيات، فيما تضافرت جهود أكثر من 18 هيئة ومؤسسة وجمعية خيرية لتقدّم نموذجًا فريدًا في التنسيق والتكامل وتوحيد الجهود تحت راية الوطن.
ولأن الإمارات لا تكتفي بالعطاء الآني، بل تنظر إلى المستقبل بعينٍ من بصيرة، فإن “عملية الفارس الشهم 3” شكّلت أيضًا أرضية للانتقال من الإغاثة إلى التنمية، ومن المساعدة إلى التمكين.
فالدولة تؤمن بأن الدعم الحقيقي لا يُقاس بما يُرسل من مواد، بل بما يُزرع من أملٍ، وما يُبنى من قدرةٍ على الصمود. ولهذا، فقد كان التركيز على المشاريع المستدامة التي تضمن استمرارية الحياة الكريمة لأبناء غزة، وتعيد لهم الثقة بغدٍ أفضل.
أمضت الإمارات عامين وهي تواصل تطبيق نهجها الإنساني في أبهى صوره، لا تنتظر شكرًا ولا تسعى إلى مردود، بل تؤدي واجبها تجاه أشقائها، إيمانًا بأن العطاء مسؤولية، وأن المروءة موقف.
وقد أثبتت عملية الفارس الشهم 3 أن الإمارات حين تبادر، فإنها لا تفعل ذلك بوسائلها فقط، بل بروحها وقيمها ورؤيتها التي ترى في الإنسان أعظم استثمار.
إن احتفاءنا اليوم بهذه الذكرى ليس مجرد احتفالٍ بإنجاز، بل هو تجديد للعهد بأن تظل الإمارات على العهد الذي قطعته على نفسها، أن تكون في مقدمة من يمدّ يده للآخرين، دون ارتباط ما تقدمه بدين أو عرق أو لون أو ثقافة، وأن تبقى رمزًا للخير والتسامح والإنسانية. ففي كل شاحنة مساعدات، وفي كل قطرة مياه، وفي كل سرير مستشفى أوصلته الإمارات لقطاع غزة، حكاية إماراتية تُروى للعالم عن معنى الإنسانية في أنقى صورها.
ستبقى عملية الفارس الشهم 3 علامة مضيئة في مسيرة العمل الإنساني الإماراتي، ونقطة فخر في ذاكرة الوطن.. وستظل الإمارات، بقيادتها وشعبها، وفيةً لرسالتها، ماضية في درب العطاء بلا حدود، ناشرةً النور في كل مكانٍ يهدده الظلام، ومؤكدةً أن القوة الحقيقية ليست في السلاح ولا في المال، بل في القدرة على أن تكون إنسانًا قبل كل شيء.
مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟
لا يوجد تعليقات