مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2023-01-01

المؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬

خطوط‭ ‬الصدع‭ ‬والتماس‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭ ‬المدنية‭  ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬؟على‭ ‬عتبات‭ ‬عام‭ ‬جديد،‭ ‬وقبل‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬عامين‭ ‬من‭ ‬إنتخابات‭ ‬رئاسية‭ ‬يخشى‭ ‬الكثيرون‭ ‬من‭ ‬تبعاتها،‭ ‬2024،‭ ‬تبدو‭ ‬هناك‭ ‬علامات‭ ‬حائرة‭  ‬في‭ ‬سماوات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وفي‭ ‬المقدمة‭ ‬منها‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬المكونين‭ ‬المدني‭ ‬والعسكري‭. ‬
 
 
والمعروف‭ ‬أن‭ ‬الآباء‭ ‬الأمريكيين‭ ‬المؤسسين،‭ ‬قد‭ ‬أرسوا‭ ‬قواعد‭ ‬ثابتة،‭ ‬تمنع‭ ‬تضارب‭ ‬الإختصاصات،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬عينه،‭ ‬تجعل‭ ‬هناك‭ ‬رقابة‭  ‬متبادلة‭ ‬بين‭ ‬السلطات،‭ ‬وبحيث‭ ‬لا‭ ‬يجور‭ ‬أحدها‭ ‬على‭ ‬الأخر،‭ ‬ويما‭  ‬يسمح‭ ‬بإستمرار‭ ‬المسيرة‭  ‬الديمقراطية،‭ ‬التي‭ ‬وسمت‭  ‬الجمهورية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬منذ‭ ‬بداياتها‭ ‬وحتى‭ ‬الساعة‭.‬
 
 
بقلم‭: ‬إميل‭ ‬أمين‭ ‬
 
 
‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬تغير‭ ‬في‭ ‬العقدين‭ ‬الأخيرين،‭ ‬وبات‭ ‬هناك‭ ‬إلتباس‭ ‬واضح،‭ ‬بين‭ ‬المدنيين‭ ‬والعسكريين،‭  ‬وقد‭ ‬تداخلت‭ ‬الخطوط‭ ‬وتشابكت‭  ‬الخيوط،‭  ‬سيما‭ ‬بعد‭ ‬الحروب‭ ‬الأمريكية‭ ‬المعاصرة‭  ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬أفغانستان،‭  ‬ثم‭ ‬العراق،‭ ‬وصولا‭  ‬بمعارك‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الإرهاب،‭  ‬مبهمة‭ ‬المعنى‭ ‬والمبنى‭ .‬
 
 
‭ ‬هل‭ ‬تغيرت‭ ‬رؤية‭ ‬الأمريكيين‭ ‬لقواتهم‭ ‬المسلحة،‭ ‬بادئ‭ ‬ذي‭ ‬بدء؟
‭ ‬الشاهد‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬كذلك،‭  ‬والدليل‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭  ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭  ‬كان‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬‭ ‬من‭ ‬مجمل‭ ‬سكان‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭  ‬يرتدون‭ ‬الزي‭ ‬العسكري‭  ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬القتال،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬دخول‭ ‬واشنطن‭ ‬حروباً‭  ‬متواصلة‭ ‬خلال‭ ‬العقدين‭ ‬الأخيرين،‭ ‬شارك‭ %‬1‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحروب،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أزمة‭ ‬مجتمع‭ ‬مستعد‭ ‬لفعل‭ ‬أي‭ ‬شئ‭ ‬لجيشه،‭ ‬بإستثناء‭ ‬أن‭ ‬يشارك‭ ‬في‭ ‬الخدمة‭ ‬العسكرية‭.‬
 
 
تبدو‭ ‬أزمات‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬متصاعدة‭ ‬في‭ ‬الأفق،‭ ‬وهذا‭  ‬ما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬بعض‭ ‬الكتاب‭ ‬الأمريكيين‭ ‬من‭ ‬أمثال،‭ ‬جيمس‭ ‬فالوز،‭  ‬والذي‭ ‬أعتبر‭ ‬أن‭ ‬جنود‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬المنفلتة‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬يخسرون،‭ ‬سيما‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬زادت‭  ‬نسبة‭  ‬الإنعزالية‭  ‬الخاصة‭ ‬بعسكر‭ ‬أمريكا،‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬الأمريكي،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭  ‬إلى‭ ‬إتساع‭ ‬الفجوة‭  ‬مع‭ ‬المدنيين،‭ ‬ثم‭ ‬أضحت‭  ‬النفقات‭ ‬العسكرية‭  ‬الجنونية‭  ‬وبدون‭ ‬رقابة‭ ‬شعبية‭  ‬أو‭ ‬سياسية،‭ ‬تطرح‭ ‬علامات‭ ‬إستفهام‭ ‬لجهة‭  ‬القوة‭ ‬الطاغية‭ ‬لجنرالات‭ ‬أمريكا،‭ ‬وهل‭ ‬يمكن‭ ‬لهذه‭ ‬القوة‭ ‬أن‭ ‬تدفعهم‭ ‬عند‭ ‬نقطة‭ ‬زمنية‭ ‬بعينها،‭ ‬إلى‭ ‬السقوط‭ ‬في‭ ‬فخ‭ ‬الغرور‭ ‬والإنقلاب‭ ‬على‭ ‬السلطة‭  ‬المدنية،‭ ‬لتدخل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬دوامة‭  ‬التفكك‭ ‬والتفسخ،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬تنبأ‭ ‬به‭ ‬عالم‭ ‬السياسة‭  ‬والإجتماع‭ ‬النرويجي‭ ‬الشهير،‭ ‬يوهان‭ ‬غالتونغ‭ .‬
 
 
جاء‭ ‬الإنسحاب‭ ‬الأمريكي‭ ‬الفوضوي‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬من‭ ‬أفغانستان،‭ ‬والذي‭ ‬ألقى‭ ‬فيه‭ ‬كبار‭ ‬قادة‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جوزيف‭ ‬بايدن،‭ ‬ليطرح‭ ‬تساؤلا‭ ‬كبيراً‭ ‬ومثيراً‭ ‬عن‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي،‭ ‬والذي‭ ‬يعد‭ ‬نظرياً‭  ‬أفضل‭ ‬الجيوش‭ ‬تجهيزاً‭ ‬وتدريباً‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬إذ‭ ‬كيف‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يتلقى‭ ‬خسائر‭ ‬من‭ ‬خصوم‭ ‬أقل‭ ‬منه‭ ‬جهوزية‭ ‬وقدرة‭  ‬قتالية؟
يذهب‭ ‬“جيم‭ ‬جورلي”،‭  ‬الضابط‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬المخابرات‭ ‬العسكرية‭  ‬الأمريكية،‭  ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬“الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬قد‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬أهداف‭ ‬إستراتيجية‭  ‬في‭ ‬العراق‭ ‬على‭  ‬سبيل‭ ‬المثال”‭.‬
‭ ‬أما‭ ‬المؤرخ‭ ‬العسكري،‭ ‬“وليام‭ ‬ليند”،‭ ‬والذي‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬مفهوم‭ ‬“حروب‭ ‬الجيل‭ ‬الرابع”،‭ ‬خلال‭ ‬تسعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬فيحاجج‭ ‬بأنه‭ : ‬“في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬الشيئ‭ ‬الأكثر‭ ‬غرابة‭ ‬عن‭ ‬هزائم‭ ‬أمريكا‭  ‬في‭ ‬الصومال‭ ‬والعراق‭ ‬وافغانستان،‭ ‬هو‭ ‬الصمت‭ ‬التام‭ ‬بين‭ ‬ضباط‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يسمع‭ ‬صوت‭ ‬عسكري‭  ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬جوهري‭ ‬مدروس،‭ ‬ولكن‭ ‬يطلب‭ ‬فحسب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المال”‭.‬
ولعله‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬تياراً‭ ‬بعينه‭ ‬أصبح‭ ‬يخيم‭ ‬فوق‭ ‬سماوات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية،‭  ‬شبهه‭ ‬البعض‭ ‬بأنه‭ ‬بمثابة،“قبيلة‭ ‬عسكرية”،‭ ‬والتعبير‭ ‬هنا‭  ‬للجنرال‭ ‬المتقاعد‭ ‬“تشارلز‭ ‬دونلاب”،‭ ‬ويشير‭ ‬معناه‭ ‬ومبناه،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬الجنود‭ ‬المنضمين‭ ‬إلى‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬يأتون‭ ‬من‭ ‬عائلات‭ ‬معروفة،‭ ‬وهذا‭  ‬الأمر‭ ‬صار‭ ‬تقليداً‭  ‬عائلياً‭  ‬يخالف‭ ‬المبادئ‭ ‬الديمقراطية‭ .‬
 
 
لماذا‭ ‬يبدو‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المدنيين‭ ‬والعسكريين‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬الأمريكي‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬مثار‭ ‬جدل،‭ ‬ويمثل‭ ‬قلق‭ ‬في‭ ‬النهار‭ ‬وأرق‭ ‬في‭ ‬الليل‭ ‬؟
‭ ‬قطعا‭ ‬تبدو‭ ‬الحالة‭ ‬الذهنية‭  ‬للرئيس‭ ‬بايدن،‭ ‬والمتراجعة‭  ‬يوما‭ ‬تلو‭ ‬الأخر،‭ ‬وراء‭ ‬موجة‭  ‬تعاظم‭ ‬التساؤلات،‭ ‬وخشية‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬أوسع‭ ‬للقيادات‭ ‬العسكرية‭  ‬في‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬السياسي‭ ‬الأمريكي‭ .‬
يبدو‭ ‬عسكر‭ ‬أمريكا‭ ‬اليوم‭ ‬قريبون‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬التحكم‭ ‬بطبيعة‭  ‬المعلومات‭ ‬المراد‭ ‬تعميمها،‭ ‬وممارسة‭  ‬سيطرة‭  ‬غير‭ ‬مرئية‭  ‬أحيانا‭ ‬على‭ ‬آليات‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬السياسي،‭ ‬في‭ ‬السلطتين‭  ‬التنفيذية‭ ‬والتشريعية‭ ‬على‭  ‬السواء‭ .‬
هنا‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬“تآكلا‭ ‬تجري‭ ‬به‭ ‬المقادير”،‭ ‬للسيطرة‭ ‬المدنية،‭ ‬على‭ ‬مقدرات‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬الأمريكية‭  ‬المنفلتة،‭ ‬والتعبير‭ ‬للمؤرخ‭ ‬الأمريكي‭ ‬الشهير،‭ ‬بول‭ ‬كيندي‭ .‬
 
 
‭ ‬وبالرجوع‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭ ‬للخلف،‭ ‬نجد‭ ‬تعاظم‭ ‬دور‭ ‬القادة‭ ‬العسكريين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للبلاد،‭ ‬واضحا‭ ‬وضوح‭ ‬الشمس،‭  ‬وحتى‭ ‬قبل‭ ‬وصول‭ ‬ترامب‭ ‬وبايدن‭  ‬إلى‭ ‬البيت‭  ‬الأبيض،ففي‭ ‬ولايته‭ ‬الثانية،‭  ‬بدا‭  ‬باراك‭ ‬أوباما،‭ ‬وكأنه‭ ‬محاصر‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬رتب‭ ‬البنتاغون،‭  ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬ما‭ ‬عرف‭ ‬بـ‭ ‬“‭ ‬تقليص‭ ‬الخيارات‭ ‬المتاحة‭ ‬له،‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬إضطراره‭ ‬إلى‭ ‬قبول‭ ‬زيادة‭  ‬عديد‭ ‬القوات‭ ‬العسكرية‭  ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬موحياً‭ ‬بأنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يشاطر‭ ‬قادته‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الرؤية‭ .‬
 
 
‭ ‬لأحقا،‭ ‬ثأر‭ ‬أوباما‭ ‬من‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية،‭ ‬بإقالته‭  ‬قائد‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭  ‬في‭ ‬أفغانستان،‭ ‬الجنرال‭ ‬ستانلي‭ ‬ماكريستال،‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬تصريحات‭ ‬مناوئة‭  ‬للبيت‭ ‬الأبيض‭ ‬أدلى‭ ‬بها‭  ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬الصحافيين‭ .‬
‭ ‬ومع‭  ‬نهايات‭ ‬الفترة‭ ‬الرئاسية‭  ‬اليتيمة‭  ‬للرئيس‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬أظهر‭ ‬جنرالات‭ ‬وزارة‭  ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬توجهات‭ ‬منبتة‭ ‬الصلة‭ ‬بالنظام‭ ‬الدستوري،‭  ‬والذي‭ ‬فيه‭ ‬يعد‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬هو‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬لكل‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬والتي‭ ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬أفرادها‭ ‬2‭.‬2‭ ‬مليون‭ ‬فرد،‭ ‬ويبلغ‭ ‬عدد‭ ‬أفراد‭ ‬الإحتياط‭ ‬منهم‭ ‬850‭ ‬ألف‭ ‬فرد‭ .‬
 
 
لقد‭ ‬سجل‭ ‬البنتاغون‭ ‬قلقاً‭  ‬حقيقياً‭  ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬ديسمبر‭ ‬كانون‭ ‬أول‭ ‬2020،‭ ‬سيما‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أظهر‭ ‬ترامب‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬نتيجة‭ ‬الإنتخابات‭ ‬الرئاسية،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬ينفك‭ ‬يقطع‭ ‬بأنه‭ ‬تم‭ ‬تزويرها،‭ ‬وهناك‭ ‬نحو‭ ‬75‭ ‬مليون‭ ‬أمريكي‭ ‬يؤيدونه‭ ‬في‭ ‬مزاعمه‭ .‬
‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭  ‬وجه‭ ‬أثنان‭ ‬من‭ ‬القادة‭  ‬العسكريين‭ ‬الكبار‭ ‬خطاباً‭ ‬مفتوحاً‭  ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬الأركان‭ ‬المشتركة،‭ ‬الجنرال‭ ‬مارك‭ ‬ميلي،‭ ‬طالبا‭  ‬فيها‭  ‬بـ“خلع”‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب،‭ ‬وبخاصة‭ ‬إذا‭ ‬رفض‭ ‬مغادرة‭ ‬منصبه‭ ‬بعد‭ ‬خسارته‭ ‬الجولة‭ ‬الإنتخابية‭.‬
 
 
قبل‭ ‬ذلك‭ ‬وفي‭ ‬صيف‭ ‬الغضب‭ ‬الذي‭ ‬أحتدمت‭ ‬فيه‭ ‬المناوشات‭ ‬بين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬وبعضهم‭ ‬البعض،‭  ‬جرت‭  ‬مشاورات‭ ‬داخل‭ ‬البنتاغون،‭ ‬كان‭ ‬هدفها‭ ‬التمرد‭ ‬على‭  ‬“‭ ‬قانون‭ ‬التمرد‭ ‬”‭ ‬حال‭ ‬طلب‭ ‬ترامب‭ ‬إستخدامه،‭ ‬لقمع‭ ‬الإحتجاجات‭ ‬الشعبية‭  ‬التي‭ ‬وصفها‭ ‬بأنها‭ ‬مدعومة‭ ‬من‭ ‬الجناح‭ ‬الراديكالي‭ ‬اليساري‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭  ‬شاركه‭ ‬فيه‭ ‬مناصروه‭ .‬
‭ ‬والثابت‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬التمرد‭ ‬العسكري‭ ‬الأمريكي،‭ ‬بل‭ ‬والخيانة‭ ‬العظمى،‭  ‬قد‭ ‬جرت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬الأركان‭ ‬المشتركة،‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬أيام‭ ‬ترامب،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭  ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬يناير،‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬الحزين‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأمريكية‭.‬
 
 
‭  ‬كانت‭ ‬مخاوف‭ ‬الجنرال‭ ‬ميلي‭ ‬أن‭ ‬يعمد‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬إصدار‭ ‬قرارات‭ ‬رئاسية‭  ‬بإستخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬ولهذا‭ ‬دعا‭ ‬إلى‭  ‬إجتماع‭ ‬سري‭ ‬في‭ ‬مكتبه‭ ‬لمراجعة‭  ‬سير‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية،‭ ‬وفي‭ ‬حديثه‭ ‬إلى‭  ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬العسكريين‭ ‬عن‭ ‬مركز‭ ‬القيادة‭  ‬العسكرية‭ ‬الوطنية،‭ ‬غرفة‭  ‬الحرب‭ ‬التابعة‭ ‬للبنتاغون،‭ ‬أمر‭ ‬ميلي‭ ‬بعدم‭ ‬تلقي‭ ‬أوامر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ميلي‭ ‬نفسه‭ ‬مرتبطا‭ ‬بالأمر‭ .‬
‭ ‬عزز‭ ‬من‭ ‬مخاوف‭ ‬ميلي،‭ ‬وتمرده‭ ‬الخفي‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬المدنية‭ ‬التنفيذية‭ ‬متمثلة‭ ‬في‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب،‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬الإستخبارات‭ ‬العسكرية،‭ ‬وفيها‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬تتهيأ‭ ‬لضربة‭ ‬نووية‭ ‬مضادة‭ ‬لخطة‭  ‬أمريكية‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬الهجوم‭  ‬عليها‭ ‬واستخدام‭ ‬ما‭ ‬يتوافر‭ ‬من‭ ‬أسلحة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ .‬
 
 
‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأجواء،‭ ‬وبحسب‭ ‬كتاب‭ ‬“‭ ‬الخطر‭ ‬”،‭ ‬لمؤلفه‭ ‬الكاتب‭ ‬والصحافي‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأشهر،‭ ‬بوب‭ ‬وودوورد،‭ ‬أجرى‭ ‬الجنرال‭ ‬مايك‭ ‬ميلي‭ ‬مكالمتين‭ ‬هاتفيتين‭ ‬سريتين‭  ‬مع‭ ‬نظيره‭ ‬الصيني‭ ‬الجنرال‭ ‬“‭ ‬لي‭ ‬زو‭ ‬تشنج‭ ‬”‭ ‬الأولى‭  ‬كانت‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬أكتوبر،‭ ‬قبيل‭ ‬الإنتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬،‭ ‬أما‭  ‬الثانية‭ ‬فكانت‭ ‬نهار‭ ‬8‭ ‬يناير،‭ ‬بهدف‭ ‬طمأنة‭ ‬الصينيين،‭ ‬وقد‭ ‬جرتا‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬ظهر‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أعتبره‭  ‬ترامب‭ ‬خيانة‭ ‬علنية‭ ‬وتمرداً‭ ‬واضحاً‭ ‬على‭ ‬ظهر‭ ‬السفينة‭ ‬الأمريكية‭ .‬
 
 
يرى‭  ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التصرف‭ ‬أظهر‭ ‬ضعفا‭  ‬واضحا‭  ‬في‭ ‬كيان‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الأمريكية‭  ‬تجاه‭ ‬الصين،‭ ‬وتغولا‭ ‬مؤكدا‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬السلطات‭ ‬المدنية‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬الأمريكي‭ .‬
في‭ ‬مايو‭ ‬آيار‭ ‬الماضي،‭ ‬صرح‭ ‬السيناتور‭ ‬الجمهوري‭ ‬البارز،‭ ‬تيد‭ ‬كروز،‭ ‬ممثل‭ ‬ولاية‭ ‬تكساس‭ ‬بأنه‭ ‬“‭  ‬تتمثل‭ ‬الفكرة‭ ‬الفضلى‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭  ‬جيش‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬جماعة‭ ‬اليقظين،‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬يدعون‭ ‬إلى‭ ‬التنبه‭ ‬للتمييز‭ ‬الإجتماعي‭ ‬والعرقي‭ ‬والجندري،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المجردين‭ ‬من‭ ‬رجولتهم‭ ‬”‭.‬
 
 
‭ ‬فيما‭ ‬تاكر‭ ‬كارلسون،‭ ‬الشخصية‭ ‬الإعلامية‭ ‬التلفزيونية‭ ‬الشهيرة‭ ‬من‭ ‬قناة‭ ‬فوكس،‭ ‬فقد‭ ‬قال‭ ‬مؤخرا‭ ‬أن‭:‬“‭ ‬الجيش‭ ‬الصيني‭ ‬أصبح‭ ‬أكثر‭ ‬رجولة‭ ‬،‭ ‬بينما‭ ‬جيش‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭  ‬صار‭ ‬أكثر‭ ‬أنوثة‭ ‬”‭.‬
‭ ‬ووصل‭ ‬الأمر‭ ‬ب‭ ‬“‭ ‬بليك‭ ‬ماسترز‭ ‬”،‭ ‬السياسي‭ ‬الجمهوري،‭ ‬الذي‭ ‬أخفق‭ ‬في‭ ‬الفوز‭ ‬بمقعده‭ ‬القديم‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشيوخ‭ ‬عن‭ ‬ولاية‭ ‬أريزونا،‭ ‬للتصريح‭ ‬بالقول‭: ‬“‭ ‬إن‭ ‬كبار‭ ‬جنرالاتنا‭ ‬قد‭ ‬أصبحوا‭ ‬من‭ ‬اليقظين،‭ ‬وقادتنا‭  ‬تستحق‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬ذلك”‭.‬
 
 
تبدو‭ ‬اليوم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عند‭ ‬نقطة‭ ‬غليان‭ ‬تاريخية،‭ ‬لجهة‭ ‬دور‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬المدنية،وهو‭ ‬ما‭ ‬ألمح‭ ‬إليه‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسبق،‭ ‬مارك‭ ‬أسبر،‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬حزيران‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬إلى‭ ‬الجهود‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬بذلت‭  ‬لمنع‭ ‬البنتاغون‭ ‬من‭ ‬التدخل‭  ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬السياسي،‭ ‬أي‭ ‬الإنتخابات‭ ‬الرئاسية‭  ‬الأمريكية‭ ‬،‭ ‬وإبقاءها‭ ‬بعيدة‭  ‬عن‭ ‬التوجهات‭ ‬والتجاذبات‭ .‬
 
 
هل‭ ‬دور‭ ‬البنتاغون‭ ‬مرشح‭ ‬للتفاعل‭ ‬أكثر‭ ‬خلال‭ ‬العامين‭ ‬القادمين؟
‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬آيار‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬2021‭ ‬وجه‭ ‬124‭ ‬ضابط‭ ‬متقاعد‭ ‬وأدميرال‭ ‬بحر،‭ ‬رسالة‭ ‬مفتوحة‭  ‬للرئيس‭ ‬بايدن،‭ ‬وقد‭ ‬أطلقت‭  ‬المجموعة‭ ‬على‭ ‬نفسها‭  ‬إسم‭ ‬“‭ ‬ضباط‭ ‬لخدمة‭  ‬أمريكا‭ ‬“،‭ ‬حذرت‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬عودة‭ ‬اليسار‭ ‬المتشدد‭ ‬إلى‭ ‬واجهة‭ ‬السياسة‭ ‬الداخلية،‭ ‬ما‭ ‬سيفرض‭ ‬تسييس‭ ‬القوات‭ ‬العسكرية،‭ ‬وفرض‭ ‬سياسات‭ ‬محرجة‭  ‬على‭ ‬بنية‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭  ‬حول‭ ‬العنصرية‭ .‬
 
 
‭ ‬هل‭ ‬من‭ ‬خلاصة‭ ‬؟
أمريكا‭  ‬اليوم‭ ‬منقسمة‭  ‬بين‭ ‬تيارين‭ :‬
‬الأول‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬الإدعاء‭ ‬بأن‭ ‬القوات‭ ‬العسكرية‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬غير‭ ‬مسيسة‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬مضلل‭ ‬وغير‭ ‬ومجد‭ .‬
‭ ‬الثاني‭ ‬يحمل‭ ‬تحذيرا‭ ‬قاسيا،مفاده‭ ‬أن‭ ‬“‭ ‬تسييس‭ ‬القوات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬يشكل‭ ‬وصفة‭ ‬كارثية‭ .‬
 
 
هل‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬خطر‭ ‬؟‭ ‬الجواب‭ ‬عند‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الراحل‭  ‬إيزنهاور،‭ ‬فإل‭ ‬قراءة‭ ‬مكملة‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ .‬
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2025-05-30 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره