2023-05-01
آيدكس 2023 .. ومستقبل الصناعات الدفاعية بالشرق الأوسط
تحظى النسخة «2023» من معرض آيدكس بميزة إستثنائية فى تاريخ ذلك الحدث العالمى، وذلك بالنظر إلى عدد من المحددات، أبرزها، أولا: تزامن الدورة السادسة عشرة من المعرض مع الإحتفاء بمرور “30” عاماً على انطلاق أحد أهم المعارض الدفاعية على مستوى العالم وأكبرها على مستوى المنطقة، وثانيا: إن الصناعات العسكرية الوطنية المشاركة في معرض آيدكس تشكل علامة فارقة في قطاع الصناعات الدفاعية والأمنية بمعايير عالمية تعزز قدرتها على منافسة مثيلتها من كبري الشركات الإقليمية والعالمية وتعكس ريادة الصناعات الدفاعية الإماراتية، وثالثا: يتشارك مع معرض “آيدكس” إنطلاق الدورة السابعة من معرض الدفاع البحري “نافدكس 2023” والذى يتميز بأحدث تقنيات ومعدات وخدمات الأمن البحري والساحلي، بالإضافة إلى مؤتمر الدفاع الدولي المصاحب لهما، حيث تجسد تلك الترتيبات رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة في توطئة السلم والأمن الدوليين والاقليمين. وذلك بالنظر إلى عدد من الرسائل الأمنية والجيوسياسية والفنية على عدد من المستويات المتباينة وذلك على النحو التالى:
بقلم: د. إيمان زهران
سياقات آيدكس2023:
تحمل النسخة السادسة عشرة من معرض «آيدكس»، والنسخة السابعة من «نافدكس» أبوظبى، عدد من السياقات الرمزية التى تؤسس لحجم الثقل الإستراتيجي لما يُعرف بـ «الدبلوماسية الدفاعية»، وذلك من خلال:
تفعيل «المنصات الحوارية»: شُكلت آلية “الجلسات الحوارية” والتي تم إدراجها لأول مرة فى إطار معرضي “آيدكس ونافدكس” تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد - رئيس الدولة، حفظه الله، إضافة نوعية لهذا الحدث العالمي مثل إطلاق مبادرة آيدكس THINK-TANK، لا سيما وأنها ساهمت - إلى جانب مؤتمر الدفاع الدولي - في ترسيخ المكانة العالمية الرائدة للمعرضين والمؤتمر المصاحب لهما كمنصة عالمية لتبادل الخبرات، والتجارب مع نخبة من قادة الصناعات الدفاعية على مستوى العالم، وتوفر فرصة حقيقية لمناقشة مجموعة من القضايا الحيوية ذات الصلة بالصناعات الدفاعية والتكنولوجيا المتقدمة كالذكاء الاصطناعي والأنظمة الذاتية، التنوع والشمولية، والتقنيات الناشئة، والتي باتت تلعب دوراً رئيسياً في الكفاءة، ودعم صنع القرار، والقدرة على التنبؤ بالاحتياجات المستقبلية. بالإضافة إلى تسليط الضوء على قدرات دولة الإمارات المتميزة في ذلك المجال، وجهودها في المشاركة بتحديد مستقبل أكثر تطوراً لقطاع الصناعات الدفاعية وتكنولوجيا الدفاع. فضلا عن طرح الحلول بشأن أفضل السبل لمواجهة التحديات المشتركة - إقليميا وعالميا - التي يشهدها النظام الدولى على خلفية التطورات المتلاحقة للحرب الروسية الأوكرانية وغيرها من التوترات المتباينة بمختلف الأقاليم الفرعية مثل أزمة تايوان وكذلك أوضاع الدول المأزومة بالشرق الأوسط ، وبحث سُبل إحلال الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي.
دعم «الشركات الناشئة»: بالتزامن مع “شهر الإمارات للإبتكار”، شهدت النسخة السادسة عشرة إطلاق منصة “IDEX NEXT-GEN” لدعم الجيل القادم من الحلول الأمنية والدفاعية وللشركات الناشئة لتكون جزءا محوريا من هوية آيدكس 2023 عبر توفير فرصا عديدة للاجتماع مع المستثمرين وبناء الشراكات والتواصل مع كبار الشخصيات في قطاع الدفاع العالمي. خاصة وأن دولة الإمارات تُعد إحدى أهم الوجهات الرئيسية على الخريطة العالمية بمجال النهوض بواقع الصناعات الدفاعية المتقدمة والتكنولوجيا العسكرية الحديثة.
تعزيز «الدبلوماسية العسكرية»: يلعب معرضى “آيدكس” و “نافدكس” دوراً هاما فى تعزيز آلية “الدبلوماسية العسكرية/ الدفاعية” بين الدول المشاركة بمختلف توجهاتهم السياسية وأنساقهم الفكرية، وبناء جسور الثقة إقليميا وعالميا. حيث يُعد مجالاً حيويا للقاء المسؤولين الحكوميين والقادة العسكريين في مكان واحد، على نحو يوفر مناخًا ملائمًا لخلق مساحات مشتركة وتفاهمات محددة حول العديد من القضايا الأمنية والعسكرية العالقة بين الدول، فضلا عن التباحث حول القضايا الثنائية أو الإقليمية أو الدولية ذات الأبعاد العسكرية / الدفاعية.
رسائل متباينة:
ثمة عدد من الرسائل الاستراتيجية المختلفة لتنظيم وإطلاق دولة الإمارات لمعرض «آيدكس 2023» و «نافدكس2023»، بعضها يتعلق بالتوطئة الداخلية، وآخرى يتعلق بالترتيبات السياسية والاقتصادية والاستثمارية النوعية بما يخدم مستقبل الصناعات الدفاعية بالشرق الأوسط والتشبيك مع كافة الفواعل - ذات الثقل - بخريطة الصناعات الدفاعية دوليا، وذلك من خلال:
تسويق آليات “القوة الذكية” الإماراتية: حيث تُعرف القوة الذكية بكونها إمتزاج مُقدرات الدولة الوطنية ما بين القوة الصلبة والقوة الناعمة. وهو ما برعت به دولة الإمارات العربية المتحدة إذ باتت صناعة المعارض فى أبو ظبى – كأحد آليات القوة الناعمة - عنصرا بارزا في سياستها وتأكيد على مكانتها كمركز إقليمي لاستضافة المحافل والأحداث العالمية، ومنها معرضا آيدكس ونافدكس ومؤتمر الدفاع الدولي. مقابل الترويج للصناعات الدفاعية الوطنية – كأحد أدوات القوة الصلبة - التي أثبتت جدارتها وجاذبيتها خلال السنوات الماضية، وتركت بصمة مميزة في مجال الصناعات الدفاعية.
دعم علاقات الدولة «الدفاعية»: وذلك عبر الالتزام بالاستراتيجية الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة نحو»الإنفتاح على تنويع مصادر التسليح»، وذلك بالتزامن مع تنامى حجم التهديدات بالنظام الدولى على أثر الإرتدادات المتباينة للحرب الروسية – الأوكرانية، وكذلك تمدد حالة التوترات الأمنية خارج الإطار الجيوسياسي للدول المأزومة أمنيا وسياسا مثل حالة الدولة اليمنية.
تعزيز قيم «الدور والمكانة»: ساهمت السياقات العامة لإطلاق وإدارة دولة الإمارات لمعرضى «آيدكس» و»نافدكس» و»مؤتمر الدفاع الدولي» ، وغيرها من الفعاليات ذات الصبغة الدولية، فى إحكام ثقل مكانة أبوظبى كقوة فاعلة بالمنطقة، ودورها الريادى فى ترسيخ الخطوط الفنية لإعتبارات الأمن والاستقرار في عالم يزداد اضطرابًا إقليميا ودوليا.
مشاركة «المعرفة التقنية»: دَعم معرضي «آيدكس» و «نافدكس» الآلية التشاركية للـ»المعرفة التقنية»، وذلك عبر تعريف الوفود المشاركة على أبرز التكنولوجيات الحديثة في مجال الأمن والدفاع، والتفاعل المباشر مع ممثلي الشركات المشاركين في تقديم المنتج التقني دون الإكتفاء بالكتيبات النظرية، فضلا عن تعزيز «الفرص التعاقدية» على أفضل الأسلحة المتقدمة، وذلك فى ظل حرص شركات الأسلحة على عرض أحدث منتجاتها الدفاعية وإبراز تفوقها على نظيرتها في السوق، وذلك من أجل الفوز بعقود في مواجهة الشركات المنافسة.
تنويع «المجالات الحيوية» الوطنية: إذ يخدم مجال الصناعات الدافعية أربعة ركائز رئيسة للدولة الوطنية، حيث، من الناحية الأمنية: تُمثل ركيزة حيوية للسيادة الوطنية من خلال توفير الاحتياجات المطلوبة للقوات المسلحة وخفض الإنفاق على صفقات التسلح، ومن الناحية السياسية: تتمثل فى تعزيز القدرة الوطنية على توفير هامش مناورة مناسب لاستقلالية القرار السياسي والتخطيط الإستراتيجي، ومن الناحية الفنية: تُعد أحد أهم مظاهر التقدم الصناعي والتقني وإنجاز متطلبات «الاكتفاء الذاتي» فى مجالات الدفاع والتسلح. بينما من الناحية الاقتصادية: فتُمثل إضافة نوعية لاقتصادات الدولة الوطنية عبر توسيع قاعدة صادراتها للخارج وبناء شبكات تعاونية مع الدول الأخرى فى مجال الصناعات الثقيلة والدقيقة، مثل: الصناعات العسكرية في مجال الطائرات المسيَرة.
تعظيم فرص «الاستثمار بالقطاع العسكرى» : ساهمت الدورة السادسة عشرة من «آيدكس»، والدورة السابعة من «نافدكس» فى تعزيز السياسات الإقتصادية والاستثمارية الإماراتية فى مجالات التسلح العسكرى والصناعات الدفاعية استنادا للتحولات الإقليمية والتفاعلات الدولية. فعلى سبيل المثال: يتزايد حجم الإنفاق العسكري فى الشرق الأوسط مع تزايد الاضطرابات الأمنية بالدول المأزومة سياسيا مثل اليمن والعراق وليبيا ولبنان. ومن ثم، فقد شكلت إدارة أبوظبى للمعرض حدثاً استراتيجيا لاستقطاب الاقتصادات العسكرية، وهو ما منح دولة الإمارات العربية المتحدة فرصة ناجعة لتموضعها بقوائم الدول المُصدرة عالميا في مجالات التسلح وأنظمة الدفاع المتطورة، فى ظل اتجاه مؤشرات التسلح الدولي لتنويع مصادر السلاح ونبذ فرضية «الإحتكار الآحادى».
تأسيسا على ما سبق .. فقد عكست النسخة السادسة عشرة من معرض الدفاع الدولي «آيدكس 2023» والنسخة السابعة من معرض الدفاع البحري «نافدكس 2023» ومؤتمر الدفاع الدولي المصاحب لهما الرؤية الرشيدة والإدارة الناجعة لسمو الشيخ محمد بن زايد - رئيس الدولة ، حفظة الله، والتى تجاوز من خلالها التوطئة المحلية/ والوطنية إلى التشبيكات النوعية الإقليمية والعالمية. فاستضافة أبوظبى لمعرض«آيدكس»، وغيره من المعارض والفاعليات الكبرى، إنما يجسد حالة التفوق الإماراتى عبر تدشين ما يُعرف بـ «دبلوماسية المعارض الدفاعية»، فضلا عن سعيها الدؤوب فى تطويع كافة عناصر «القوة الناعمة» لإنجاز كافة متطلبات الريادة على كافة التوجهات السياسية والاقتصادية والامنية الدفاعية، لكي تصبح مركزاً إقليمياً ودولياً متميزاً تتطلع إليه الأنظار في مختلف المجالات، ترجمةً للرؤية الإستراتيجية الإماراتية لسمو الشيخ محمد بن زايد، حفظة الله.
لا يوجد تعليقات