مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2024-01-05

إستثنائية إيديكس 2023 وتعزيز أطررالدبلوماسية الدفاعية

أضفت النسخة الثالثة من المعرض الدولى للصناعات الدفاعية والعسكرية “إيديكس 2023” حالة استثنائية بالنظر لتشابكات التوقيت، والمحتوى، والرسائل المباشرة وغير المباشر إتساقا مع عدد من المُحددات على المستويين الوطنى والاقليمي عسكت الأهمية النوعية لتلك النسخة كونها تُمثل إحدى أدوات “الدبلوماسية الدفاعية” للدولة المصرية، فضلًا عن كونها حدث هام لعرض التطورات التي يشهدها قطاع الصناعات الدفاعية والتسويق لها على مستوى عالمي فى ظل مثل تلك الظروف الأمنية الاستئنائية بمنطقة الشرق الأوسط، وهو ما يتضح بالنظر إلى النقاط التالية:
 
بقلم: د. إيمان زهران 
متخصصة في العلاقات الدولية والأمن الإقليمي -  القاهرة
 
 رسائل متباينة:
عدد من الرسائل المباشرة وغير المباشرة على نحو ما يدفع بإعادة التعريف بالتطورات النوعية بمختلف مجالات الصناعات الدفاعية المصرية وذلك بالنظر إلى عدد من المحددات و حجم التحديات سواء على مستوى الداخل الوطنى، أو على المستوى الاقليمي، حيث: 
 
-   على المستوى الوطنى: ينطلق من عدد من المحددات بناءًا على التحركات المصرية فى تطوير صناعاتها الدفاعية لتلبية احتياجات القوات المسلحة من المعدات اللازمة للحفاظ على أمن واستقرار الدولة، وإستكمالا لجهود الجهورية الجديدة فى عدد من المسارات، أبرزها: 
 
1.  تأمين الحدود الوطنية: وذلك بالنظر إلى تنامى حدة الإضطرابات الأمنية والسياسية بدول الجوار دون التوصل لأى صياغات سياسية لإختراق وحلحلة عملية التسوية السلمية خاصة فى ليبيا واليمن والاراضى الفلسطينية المُحلتة وسوريا والعراق والسودان، وإنعكاسها المباشر على الداخل الوطنى سواء بالنظر إلى إحتمالات إعادة إنتاج الإضطرابات الأمنية بالداخل، فعلى سبيل المثال: ثمة تخوف من إحتمالية إعادة إنتاج العمليات الإرهابية والتكفيرية فى شمال شرق سيناء ورفح والشيخ زويد، كذلك ما يتعلق بإشكالية نفاذ العناصر الإرهابية والسلاح ونشاط عمليات التهريب على  الحدود الغربية. 
 
2.  الإستجابة للمتغيرات الحيوية: تتعلق تلك النقطة بالإنتقال الحيوى بمستجدات الصناعات الدفاعية بما يتناسب مع إحتياجات الأجهزة الأمنية فى عملياتهم ومهامهم القتالية، فضلا عن ما عكسة “إيديكس” من تحركات مكثفة تستهدف تحديث منظومة البنية التحتية الدفاعية وهياكل القواعد العسكرية عبر إبرام صفقات تسلح نوعية في جميع المجالات العسكرية البرية، والجوية، والبحرية، وذلك لمواكبة التطورات النوعية بأجيال الحروب الحديثة.
 
3.  صياغات “الدور والمكانة”: وذلك عبر إبراز التموضع المصرى –إقليميا ودوليا– عبر ترسيم مفاهيم “الدور والمكانة” على المستويين السياسي والأمنى، عبر إبراز كفاءة الجيش المصرى وقدرته على صيانة وحفظ توازنات الأمن والاستقرار فى المنطقة بما يمتلكه من قوة عسكرية هائلة ومتقدمة فى مختلف أنواع الأسلحة، جعلته ضمن الجيوش العشرة الأولى فى العالم، فضلا عن سعية لامتلاك كل ما هو حديث فى مجال الصناعات العسكرية عالميا ليدعم جاهزية وكفاءة القوات المسلحة المصرية لصد أى تهديد، وردع أى توجهات عدائية ضد مصر، أو الإقليم ككل.
 
4.  التعريف بـ”الاقتصادات العسكرية”: وذلك عبر السياسات الإقتصادية والاستثمارية المصرية فى مجالات التسلح العسكرى استناداً للتحولات الإقليمية والدولية. فحجم الإنفاق العسكري يتزايد في المنطقة، مما يُمثل فرصة للإدراج في هذا المجال، وبالتالي شكل المعرض حدثاً استراتيجيا لاستقطاب الاقتصادات العسكرية، وهو ما يمنح مصر الفرصة لإعادة الترتيب بالمراكز الدولية في هذا المجال الأمنى والدفاعى الذي أصبحت معظم الدول تعتمد عليه، فى ظل اتجاه مؤشرات التسلح الدولي لتنويع مصادر السلاح، خاصة أن هذه الأسواق/ والمعارض أصبحت منبراً للتعرف على مسارات التسلح في العالم وطبيعته، فضلًا عن أن “الصناعات الدفاعية” تمثل قوة محركة لتطوير الابتكارات التي تخدم القطاعين المدني والعسكري في كافة أفرع الاقتصاد والتكنولوجيا. فعلى سبيل المثال: شهدت “النسخة إيديكس 2023” الإعلان عن العديد من المنتجات الجديدة الخاصة بالهيئة العربية للتصنيع ووزارة الإنتاج الحربي، ومنها راجمة الصواريخ المصرية رعد 200، والذخائر الجوية التي حملت اسم “حافظ” بأربعة مستويات، فضلًا عن الإعلان عن مركز قيادة وسيطرة متعدد المهام ويعمل حتى المستوى التعبوى، وهو تصميم وتصنيع مصرى 100%، والإعلان عن خمس منظومات لمجابهة الطائرات المسيرة، وعرض جهاز الكشف والقياس الإشعاعى، حيث تم تصميمه وإنتاجه فى مصر، وتم تصنيعه في نسختين أحدهما للاستخدام المدني وآخر للعسكري.
 
5.  تعزيز العلاقات الدفاعية: وذلك بالنظر إلى ما رسخته “فلسفة إيديكس” فى تعميق العلاقات الدفاعية لكافة الدول مع العالم الخارجي، فضلا عن التحرك وفقا للاستراتيجية المصرية نحو”تنويع مصادر التسليح” و “توسيع قاعدة التصنيع العسكرى المشترك”، وذلك بالتزامن مع التدريبات المستمرة عبر المناورات العسكرية المختلفة لكل أفرع القوات المسلحة والمناورات المشتركة مع الدول الحليفة، وآخرها مناورة “النجم الساطع 2023” في قاعدة محمد نجيب العسكرية، والتى تُعد واحدة من أضخم فعاليات التدريب الدفاعي والقتالي في العالم.
 
6.  ثقل “الدبلوماسية الدفاعية المصرية”: وهو ما عكسه مستوى الحضور والمشاركة من جانب الشركات العارضة والوفود العسكرية بالنظر إلى استثنائية التوقيت وحجم الملفات المضطربة أمنيا بالإقليم، بما يؤكد على تعزيز أطر “الدبلوماسية الدفاعية” لدى المؤسسة العسكرية المصرية، كإحدى أنماط السياسة الخارجية، وتعكس –إستناداً لحجم التفاعلات الأمنية بالوقت الراهن– مدى قدرة الدول على إقامة علاقات متميزة ومتوازنة مع دول العالم المختلفة، وهو ما يبدو من حجم الأنشطة والفعاليات العسكرية الدورية التي تقيمها مصر مع حلفائها وشركائها في الخارج، مثل: التدريبات عسكرية مشتركة، ومؤتمرات ومنتديات. ومن ثم فيُعد “آيديكس” بمثابة تتويج لهذه الفعاليات والأنشطة، وانعكاس لنجاحها.
 
-   على المستوى الاقليمي: وذلك بالنظر إلى أن منطقة الشرق الأوسط واحدة من أكثر بؤر التوتر فى العالم، ومصر تحرص دائما على خلق مسارات أمنة يُبنى عليها تسويات مشتركة لصراعات وأزمات المنطقة بهدف تعزيز الأمن والاستقرار فيها، وذلك بالنظر إلى الإضطرابات والتحديات التالية:
 
1.  هشاشة دول الاقليم: إذ تنعكس “هشاشة الدولة الوطنية” على تفاقم معدلات الإضطراب الأمنى بالإقليم، فعلى سبيل المثال: ساهمت الدول ذات الهشاشة الداخلية – مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا - فى تصدير العديد من الأزمات الإنسانية كأزمة اللاجئين والمهاجرين غير الشرعين، وكذلك الأزمات الأمنية والمرتبطة بتنامى حدة التطرف والتنظيمات الإرهابية كتنظيم القاعدة وداعش. وبرغم جمود حالة الصراعات القائمة بـ”دول الهشاشة” مع وجود تحركات إقليمية ودولية لبحث مسارات التسوية السلمية، إلا أن حالة عدم الاستقرار التى تشهدها تلك الدول لازالت تمثل تحديا هاما لأمن الإقليم. 
 
2.  تنامى حجم التهديدات الأمنية “اللا متماثلة”: ثمة عدد من التهديدات الأمنية غير التقليدية وغير المتكافئة والتى تنعكس بشكل مباشر على تهديد إستقرار الإقليم. وهو ما يتمثل فى: “إعادة إنتاج خرائط إنتشار التنظيمات الإرهابية والحركات المتطرفة بالإقليم عقب إنحسارها فى سوريا والعراق وإنتشار ما يسمى بـ “ظاهرة الذئاب المنفردة”، أعمال القرصنة وتهديد السفن التجارية فى الخليج العربى والبحر الأحمر، تنامى أعمال الجريمة المنظمة وذلك عبر إستهداف أنظمة سياسية (مخططات إفشال الدول)، أو إستهداف المصالح العربية فى دول أجنبية، بالإضافة إلى تهديد الأمن السيبرانى والذى أصبح يمثل تهديداً متصاعداً وله تداعيات متنوعة على مختلف القطاعات الحيوية بما فيها الأمن القومي، خاصة مع تزايد الهجمات والجرائم الإلكترونية وتنوعها، وصعوبة التصدي لها في ظل التطور المستمر في تقنيات المعلومات بما فيها الاختراق والفيروسات..إلخ. فالتطور السريع في التكنولوجيا يشكل أرضية خصبة للجرائم الإلكترونية فى ظل تطور نمط الثورة الرقمية فى العديد من دول الإقليم العربى، وفى مقدمتهم دول الإمارات العربية المتحدة والتي اتخذت خطوات متقدمة في رقمنة الخدمات الحكومية وتوجيه اقتصاداتها المدنية والدفاعية نحو التكنولوجيا والابتكار.
 
تعزيز أطر “الدبلوماسية الدفاعية”: 
تعني “الدبلوماسية الدفاعية” التطبيق السلمي للموارد والإمكانات التقنية من مختلف أفرع الدفاع لتحقيق نتائج إيجابية تثمر في تطوير العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف لبلد ما. والسعي لتحقيق أهداف السياسة الخارجية المرتبطة بالاستراتيجية العظمي (Grand Strategy) على المستويين الوطنى والإقليمي، وهو ما عكسته استثنائية “إيديكس 2023” وفقا للأطر التالية: 
 
1.  توظيف “آيدكس2023” للـ”الدبلوماسية الدفاعية” فى ربط القضية الإقليمية والمتمثلة بـ”القضية الفلسطينية وتطورات الأوضاع الميدانية فى قطاع غزة” بالأمن والسلم الدوليين، والبناء المشترك إقليما ودوليا على محاصرة الإرتدادات الأمنية المتباينة لمثل تلك القضايا على حالة الأمن. 
 
2.  عززت أنشطة “الدبلوماسية الدفاعية المصرية” فى التأثير المباشر وغير المباشر على إعادة توجية الرأى العام العالمى والإقليمي، وكسب التأييد فى المنابر الدولية إزاء قضايا المنطقة، وتحقيق الردع بالشراكة مع الدول ذات النفوذ، وتقوية نقاط الضعف الناتجة عن الرهانات الجيوسياسية للدول، وضمان الحفاظ على سيادتها. 
 
3.  توظيف الدبلوماسية الدفاعية فى إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية/ وفوق الإقليمية وفقا لحجم التهديدات التقليدية وغير التقليدية المتنامية بكافة الأقاليم الفرعية بالنظام الدولى، وفى مقدمتهم إقليم الشرق الأوسط. بالإضافة إلى تعزيز أوجة الإدارة المشتركة للأنشطة الدفاعية، مثل: قوات التدخل السريع المشتركة، تبادل الخبرات العسكرية، وبناء شراكات ثنائية ومتعددة فى مجالات تكنولوجيا التصنيع الحربى. 
 
تأسيسا على ما سبق..تأتى استثنائية معرض مصر الدولى للصناعات الدفاعية والعسكرية “إيديكس 2023” إنطلاقا من عدد من المحددات، أولا: التعريف بمدى تقدم القاهرة ونجاحاتها النوعية في مجال الصناعات الدفاعية، وثانيا: قيمة إستراتيجية مضافة لمُجمل التحركات المصرية على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والدفاعية ونقل رسائلها المباشرة للرأى العام العالمى إزاء إستشراف مستقبل الملفات الصراعية، خاصة ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وثالثا: إستثمار أطر الدبلوماسية الدفاعية المصرية عبر تكثيف المباحثات مع كافة الوفود المشاركة وتسويق الرؤى والأفكار، وخلق مساحات يُبنى عليها شراكات ثنائية ومتعددة تُعيد ترسيم خريطة التحالفات الدفاعية/ والعسكرية على المستويين الإقليمي والدولى.


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره