مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2021-07-05

اغتنام الفرص للمنفعة المشتركة

دولة الإمارات العربية المتحدة ومراكز التميز التابعة لحلف الناتو:
 
في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر على الولايات المتحدة الأمريكية، عقدت الدول الأعضاء في منظمة حلف شمال الأطلسي اجتماعاً في براغ عام 2002 للتخطيط للقيام باستجابة تحويلية في مواجهة بيئة التهديدات الجديدة. ويعتبر إنشاء «تحويل قيادة الحلفاء (ACT) - ومقره مدينة نورفولك بالولايات المتحدة الأمريكية - حجر الزاوية في هذه الخطة. وتتولى هذه القيادة الاستراتيجية قيادة العمليات المشتركة للقوات والتدريب والتعليم، وتطوير مفاهيم جديدة وتجربتها، وتعلم الدروس المستفادة.
 
إعداد: سميث - ويندسور
عضو هيئة التدريس بكلية الدفاع الوطني – الإمارات العربية المتحدة
 
وثمّةَ ثمرة بارزة أخرى تمثلت في إنشاء 26 مركزاً من مراكز التميز (COE) المعتمدة من قِبل “تحويل قيادة الحلفاء” (ACT)، وكل منها متخصص في مجال محدد من مجالات الحرب أو الأمن؛ بحيث يتراوح ذلك من القيادة والسيطرة والعمليات المشتركة الموحدة من البحر، مروراً بأمن الطاقة، والحماية من الإرهاب، وانتهاءً بالطب العسكري، والدفاع الكيميائي والبيولوجي والإشعاعي والنووي المشترك. ويقع كل مركز من مراكز التميز خارج هيكل قيادة حلف الناتو الرسمي؛ حيث ترعاه دولة عضو مضيفة ومجموعة من الدول الداعمة، ليكون نوعاً من أنواع مراكز التحول الطوعي، أو مجتمعاً لأفضل الممارسات في مجال تخصصه. وقد مثّل الانفتاح نحو شركاء حلف الناتو أحد مبادئ إدارة تحويل قيادة الحلفاء منذ البداية. وقد نوّه القائد الفرنسي الحالي لتحويل قيادة الحلفاء، الجنرال أندريه لاناتا، في تعليق له على مراكز التميز في عام 2020، بقوله: “بالنظر إلى وضعها المميز، فإنها تمثل أيضاً جسراً مع المنظمات والكيانات غير التابعة للناتو، وبالتالي تسهم في توسيع فهم التحالف للبيئات الطبية والتكنولوجية الدولية. وتعتبر مراكز التميز التابعة لحلف الناتو بمثابة ركائز لشبكة خبراتنا، وقد أثبتت أنها نموذج ناجح للحلول متعددة الجنسيات الفعالة”. ودولة الإمارات العربية المتحدة مشمولة في عملية بناء الجسور هذه.
 
التبادل المشترك في مراكز التميز بين دولة الإمارات وحلف الناتو
تتمتع دولة الإمارات العربية المتحدة - بوصفها شريكاً مهماً في حلف الناتو منذ عام 2004 في سياق إطار مبادرة اسطنبول للتعاون (ICI) (والتي تضمّ كذلك البحرين وقطر والكويت كدول مشاركة نشطة) - بإمكانية الدخول إلى شبكة مراكز التميز (COE) الواسعة للتبادل المشترك. ومن خلال البناء على علاقات التبادل المشترك السابقة، وقعت دولة الإمارات العربية المتحدة وحلف شمال الأطلسي اتفاقية برنامج شراكة وتعاون فردي (IPCP) في عام 2016. وقد أيدت الاتفاقية - التي وقعها معالي الدكتور أنور محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة، وجنس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف الناتو - بصورة خاصة توثيقَ التعاون الثنائي في مجالات مثل التعليم والتدريب وتنسيق العمليات المشتركة بين القوات.
 
لذلك لا ينبغي الاستغراب، إذن، من أن مراكز التميز قد لعبت دورها في إقامة علاقات أوثق بين دولة الإمارات وحلف شمال الأطلسي. والأمثلة الثلاثة التالية توضح ذلك:
1) مساهمة الخبراء الإماراتيين في تقديم دورة تدريبية متقدمة للمستجيبين الأوائل لحوادث الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية في مركز التميز الدفاعي المشترك ضد أسلحة الدمار الشامل التابع لحلف شمال الأطلسي في يونيو 2013، والعمل مع شركاء حلف الناتو المصريين والأردنيين.
 
2) مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة مع خبراء أمن الطاقة في مراكز التميز في دورة حماية البنية التحتية للطاقة في المركز الإقليمي لمبادرة اسطنبول للتعاون (ICI)  التابع لحلف الناتو في الكويت في فبراير 2018.
 
3) زيارة رسمية إلى مركز التميز للاتصالات الاستراتيجية، ومقره في ريغا، قامت بها سعادة السيدة حنان العليلي، سفيرة دولة الإمارات العربية المتحدة في لاتفيا، الدولة العضو في الناتو، في يونيو 2018.
 
آفاق مستقبلية
استشرافاً للمستقبل، يمكن تحديد طريقتين لتعزيز مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة في مراكز التميز.
 
الشريك المساهم
أولاً ، تجاوزت بعض الدول الشريكة لمنظمة حلف شمال الأطلسي المشاركات الدورية في مراكز التميز إلى مساهمات رسمية ومستدامة في الموارد البشرية والمالية في مناطق الحروب ذات الأهمية الخاصة لدولها. ومن الأمثلة على ذلك: مركز التميز للدفاع السيبراني التعاوني (النمسا، وفنلندا، وسويسرا، والسويد)، ومركز التميز لمكافحة العبوات الناسفة (السويد)، ومركز التميز لأمن الطاقة (جورجيا، وفنلندا)، ومركز التميز للاتصالات الاستراتيجية (فنلندا، والسويد)، ومراكز التميز للحروب في المناطق الجبلية والأسلحة الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية المشتركة (النمسا). وإذا ما حددت دولة الإمارات العربية المتحدة بالمثل وحدة تميز تتوافق بشكل خاص مع الأولويات الوطنية وتضمن مشاركة أوثق، فسيتم التفاوض على ترتيب تقني كتابي مع فرع شبكة التحول في «تحويل قيادة الحلفاء».
 
مراكز تميز في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية
ثانيًا ، اقترح بعض المحللين أن نموذج مراكز التميز التابعة لحلف الناتو الذي أثبت كفاءته يمكن أن يكون بمثابة نموذج قياسي يمكن للمنظمات الدولية الأخرى محاكاته. يؤكد هذا المنظور على عملية دورة الحياة لحلف الناتو المتمثلة في إنشاء واعتماد وتقييم مراكز التميز التي طورها الحلف على مدى عقدين من الزمن. وبالنظر إلى تجدد التركيز في قمة مجلس التعاون الخليجي لعام 2021 على التكامل العسكري بين الدول الأعضاء للتصدي للتحديات الناشئة، فإن مفهوم مراكز التميز يبدو ملائماً ومنسجماً مع مضمون المادة (5) من اتفاقية الدفاع المشترك. ولعل المشاركة المرنة والطوعية في مركز تميز، والمقرونة بالفرص التي توفرها للتخصص المصمم بما يلبي الحاجة، تعتبر وسيلة جذابة للمضي قدماً نحو المستقبل. وبالنظر إلى المخاوف المرتبطة بالجغرافيا الإقليمية وعصر المعلومات، فليس من الصعب تصور كيف يمكن أن تشمل هذه الأخيرة، على سبيل المثال، حرب الصحراء أو انعكاسات الذكاء الاصطناعي على القتال في الحروب. وتماماً كما لعبت فنلندا الشريكة في الناتو دوراً رئيسياً في تزعّم إنشاء مركز التميز الأوروبي لمواجهة التهديدات الهجينة، يمكن لشركاء حلف الناتو في مبادرة إسطنبول للتعاون اعتماد مقاربة مماثلة ضمن سياق دول مجلس التعاون الخليجي عندما يحين الوقت المناسب.
 
خاتمـــة
على مدار ما يقرب من عقدين من الزمن، استفاد حلف الناتو وشركاؤه من شبكة دائمة الاتساع والتعمق من مراكز التميز لمواجهة تحديات البيئة الأمنية الدولية المتطورة؛ فهي رمز لشعار القوات المسلحة الذي يُسمع في كثير من الأحيان بأن «التحول هو بمثابة رحلة، وليس غاية». لقد كانت الإمارات العربية المتحدة، شريك الناتو منذ أمد طويل، وكانت مشاركاً نشطاً، وسيوفر المستقبل فرصاً لاستمرار المشاركة المفيدة جنباً إلى جنب مع الحلفاء الخليجيين الآخرين.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره