مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2023-04-02

الأبعــاد الاسـتراتيجـيـة الإماراتية في مجال استكشاف الفضاء

علوم الفضاء في حسابات الأمن الوطني
 
تشير الكثير من التقارير إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة بذلت جهوداً مالية كبيرة لتحقيق طموحاتها، حيث استثمرت نحو 6 مليارات دولار في مجال استكشاف الفضاء، وأنشئت منظومة كاملة مخصصة لأبحاث صناعة الفضاء، وتمتلك الإمارات 5 مراكز بحثية بما في ذلك مركز محمد بن راشد للفضاء، ويعمل نحو 1500 شخص في 50 شركة بقطاع صناعة الفضاء. فمنذ عام 2000، أطلقت دولة الإمارات عدداً من الأقمار الصناعية للاتصالات والأبحاث، ما يجعلها اللاعب الرئيسي بمنطقة الخليج والوطن العربي في سوق الاتصالات.
 
 بقلم العقيد الركن/ يوسف جمعه الحداد
 
وقد أُطلقت الإمارات عدد من المبادرات التجارية الأخرى، إذ وقعّت وكالة الفضاء الإماراتية مؤخراً اتفاقية مع شركة “بيانات”، وهي شركة رائدة في مجال الحلول الجيومكانية القائمة على الذكاء الاصطناعي، وتتولى مهمة إنشاء منصة التحليل الجغرافي المكاني لمركز بيانات الفضاء في الدولة، إذ ستوفر هذه المنصة المستقبلية نظاماً بيئياً لتطبيقات مراقبة الأرض، وهذه البيانات ستُستخدم في قطاعات مختلفة، مثل الصناعة والزراعة والأمن، وهو سوق يسيطر عليه عالمياً شركات غربية، وترغب الإمارات الآن في وضع نفسها منافساً قوياً لها في هذا القطاع. 
 
المجموعة العربية للتعاون الفضائي
من أجل تحقيق طموحها في أن تصبح رائدة، دفعت الإمارات نحو إنشاء المجموعة العربية للتعاون الفضائي، وهي منظمة تعاون إقليمية تخطط لإنشاء قمر صناعي مشترك للاستطلاع. كما نظمت الإمارات حوار أبوظبي للفضاء، وهو ملتقى استراتيجي مهم للغاية حول سياسات الفضاء شاركت فيه دول عدة منها الهند وإسرائيل والفلبين، حيث تم إعلان شراكة مع هذه الدول، وتم الاعلان عن التخطيط للتعاون بين الإمارات وإسرائيل في مهمة إطلاق مسبار “بيريشيت 2” عام 2024. كما تعزز الإمارات شراكتها الفضائية مع الهند لاستخدام مواقع الإطلاق، بالإضافة إلى التعاون في مجال الملاحة عبر الأقمار الصناعية لتحسين جودة إشارات الـ”جي بي إس”. وتخطط للتعاون مع الفلبين في مجال تدريس علوم الفضاء.
 
التنوع والتعددية
تعكس الشراكات الفضائية الإماراتية التنوع والتعددية التي تتسم بها السياسة الخارجية الإماراتية وشبكة علاقات الدول بشكل عام، فقط انطلق رائد الفضاء الإماراتي الأول هزاع المنصوري عبر منصة إطلاق روسية في كازاخستان، وانطلق رائد الفضاء الثاني سلطان النيادي بالتعاون مع وكالة «ناسا» الأمريكية، وهناك اتفاقية تعاون مبرمة بين وكالة الإمارات للفضاء ووكالة الفضاء الروسية «روسكوسموس»، والأمر كذلك مع الولايات المتحدة الأمريكية.
 
استدامة الفضاء
تسعى الإمارات من خلال خططها في مجال الفضاء إلى أمرين أساسيين أولهما تحقيق التكامل والتعاون الدولي، وهو ماتعكسه انشطة الإمارات التعاونية مع مختلف دول العالم المتقدمة في هذا المجال، ومن ثم البحث في تعزيز سبل التعاون الدولي ومعالجة التهديدات المترتبة على التنافس وما يعرف بعسكرة الفضاء وتحويله إلى مجال للصراع والهيمنة بدلاً من استغلاله في أنشطة معرفية وبحثية وعلمية مفيدة للبشرية جمعاء. وثانيهما استدامة الفضاء، بمعنى دعم جهود الدول الساعية إلى الاستفادة هذا المجال وذلك من خلال تعزيز البنية التشريعية والقانونية الدولية الناظمة لهذا المجال، وتحديث القوانين الدولية ذات الصلة.
 
دبلوماسية الفضاء
تنتهج الإمارات مايعرف بدبلوماسية الفضاء، حيث تشير الاحصاءات إلى أن وكالة الإمارات للفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء، قد وقعا خلال السنوات القليلة الماضية، مئات الاتفاقات والشراكات ومذكرات تفاهم، حيث عقدت الوكالة أكثر من 50 شراكة مع وكالات فضاء إقليمية ودولية، وأكثر من 30 مذكرة تفاهم واتفاقيات مع جهات خارجية ومحلية، خلال 6 سنوات، بعد إنشائها في 2104، وفي مقدمها لك تأتي وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا»، وكالة استكشاف الفضاء اليابانية «جاكسا»، والوكالة الروسية «روسكوسموس»، وصولاً إلى الهندية والأوروبية، وغيرها، وذلك دعماً للمشروعات التي تعمل عليها الدولة، فضلاً عن تعزيز التعاون الدولي، بهدف وضع منهجية واستراتيجية مستقبلية لبناء قطاع فضائي وطني واعد وطموح. وتسهم هذه الاتفاقات جميعها في دعم علاقات الدولة وشراكاتها المتنوعة مع مختلف دول العالم، وتعزز تنافسية الاقتصاد الوطني. ومن المعروف أن نهج الإمارات التعاوني لا التنافسي هو الأكثر فائدة للبشرية، فمشروعات استكشاف الفضاء تعتمد بشكل كبير على التعاون الدولي بين الوكالات والمؤسسات البحثية العالمية، والذي يذلل كثيراً من التحديات الواقعة على هذا القطاع النوعي، وفي مقدمها تخفيض التكاليف الباهظة التي تتطلبها تنفيذ هذه المشروعات، لاسيما في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، التي تعانيها معظم اقتصادات العالم، فضلاً عن الأهمية القصوى لتعظيم التبادل العلمي والخبرات بين العاملين في هذا القطاع، حيث إنه تتكامل فوائد اكتشاف الفضاء، وتحقق نتائج إيجابية بفضل ذلك، كونه لا يمكن لدولة أن تقوم بذلك بمفردها، وانطلاقاً من ذلك، يأتي اصطلاح “دبلوماسية الفضاء”، الذي يعزز التعاون بين دول نادي الفضاء العالمي، التي يبلغ عددها 105 دول، تتبادل شراكاتها وخبراتها وإنجازاتها لخدمة البشرية.
 
الصورة الذهنية العالمية
دعم وتحسين صورة الإمارات الذهنية عالمياً، حيث يقول سالم المري، مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء، إن الإمارات تحظى حالياً، وبعد نجاحاتها اللافتة في قطاع الفضاء خلال السنوات الماضية، بثقة العالم والدول المتقدمة في مجال الفضاء، حيث يدرك الجميع الآن، أن قطاع الفضاء الإماراتي، ورغم حداثة تكوينه، إلا أنه يسير بخطوات متسارعة وممنهجة ومبرمجة بشكل مدروس وخطط دقيقة، لإنجاز مشروعات فارقة، يفتخر بها كل من يعمل في قطاع الفضاء، وتعد مشروعات الفضاء الإماراتية، وما أضافته للمعرفة العلمية العالمية، وبما قدمته من نجاحات ملموسة.
 
تشجيع الطاقات والجهود
دعم وتحفيز وتشجيع الطاقات والجهود العربية والخليجية في المجال البحثي والمعرفي بشكل عام وفي مجال الفضاء بشكل خاص، وفي ذلك وجّه الدكتور فاروق الباز، عالم الفضاء المصري الكبير، رسالة إلى رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي، الموجود حالياً على متن محطة الفضاء الدولية، في مهمة تستغرق ٦ أشهر، حيث دعا الباز، النيادي، لجمع أكبر قدر ممكن من العلم والمعرفة في أثناء الرحلة، لنقل خبراته إلى العرب جميعاً، قائلاً: «اجمع قدر المستطاع من العلم والمعرفة أثناء الرحلة لكي تعلِّم العرب عن ما تعلمته». وأوضح رائد الدراسة الجيولوجية لسطح القم أن رحلات البشر الطويلة في الفضاء في الوقت الراهن، ما هي إلا تمهيد للطريق لرحلة البشر إلى كوكب المريخ خلال المستقبل القريب، وقياس قدرتهم على الصمود في الفضاء. وأشار إلى أن رحلة المريخ ستكون مليئة بالمخاطر والتحديات كذلك، حيث يمكن أن تتجاوز الرحلة ذهاباً وإياباً سنتين، وهو تحد لوجيستي ومعرفي كبير، مرجحاً أن يتغلب البشر على مثل هذه التحديات بالصبر والعلم والخطوات المتدرجة، قائلاً: “هنا تأتي أهمية رحلة رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي”. ولفت إلى أن النجاح الكبير التي حققته دولة الإمارات في مجال استكشاف الفضاء، راجع إلى رؤية القيادة الحكيمة للإمارات، مؤكداً أن وضوح الرؤية بضرورة اللحاق بركب استكشاف الفضاء لعب دوراً حاسماً في سياسات الإمارات الفضائية بعد ذلك. وكشف الباز عن مشروع طموح بقيادة إماراتية لتأسيس وكالة فضاء عربية لتبادل الخبرات والمعلومات حول برامج استكشاف الفضاء، تعود بالنفع على كل الدول العربية.
 
التنمية والبناء والتنافسية العالمية
قاطرة للتنمية والطموح الوطني: لاشك أن الإنجازات والنجاحات التي تحققها الإمارات في مجال الفضاء تمثل إحدى قاطرات التنمية والبناء والتنافسية العالمية الطموحة في دولة الإمارات، وهنا نشير إلى مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ بمناسبة وصول «مسبار الأمل» إلى مداره حول المريخ، حيث قال سموه «هذه أجمل انطلاقة للاستعداد للخمسين سنة المقبلة»، واصفاً هذا الانجاز التاريخي بأنه «يوم وطني ثانٍ في الإمارات..ولحظة تحول كبرى في تاريخنا ومسيرتنا التنموية»، وقال سموه فخوراً بإنجاز أبناء الإمارات «فخور بكم ياعيالي»، التي تعبر بعمق عن مستوى فخر القيادة وسعادتها بما يحققه أبناء الوطن، ، حيث أشار سموه إلى أن وصول «مسبار الأمل» إلى المريخ هو «موعد مع التاريخ، الذي سيكتب أن إرادة التقدم الإماراتية انتصرت على كل التحديات، وأن الرهان على شبابنا المسلح بالمعرفة حقق أهم إنجاز علمي عربي في العصر الحديث، وإننا نستطيع تحقيق كل طموحاتنا، مهما بدت صعبة أو حتى مستحيلة». 
 
بناء المعرفة العلمية
ريادة عربية على الصعيد العلمي والمعرفي والبحثي: حيث تمثل رحلتي رائدي الفضاء المنصوري والنيادي، وكذلك إرسال «مسبار الأمل» إلى مداره على كوكب المريخ في يوليو عام 2020 إنجازاً علمياً تاريخياً بكل المقاييس، حيث سجل التاريخ أن الامارات باتت أول دولة عربية وخامس دولة في العالم تصل إلى مدار الكوكب الأحمر، وثالث دولة في العالم تصل إلى المدار من المحاولة الأولى. وما يضاعف من قيمة هذه الانجازات على المستوى الوطني أنها تتواكب مع بدايات الخمسينية الثانية من تأسيس دولة الاتحاد، حيث تبدأ الامارات تأسيسها الثاني بانجازات علمية نوعية رائدة، إلى جانب ماسبق هناك أهداف إماراتية أخرى مثل رفع مستوى الكفاءات والخبرات البحثية الإماراتية في مجال استكشاف الكواكب الأخرى، إضافة إلى ترسيخ مكانة الإمارات كمنارة للتقدم في المنطقة فضلا عن إلهام الأجيال العربية الناشئة وتشجيعها على دراسة علوم الفضاء، إضافة إلى بناء المعرفة العلمية كون الاقتصاد المستدام في المستقبل سيكون اقتصاداً قائماً على المعرفة، حيث يمثل استكشاف الفضاء أحد مقومات اقتصاد المستقبل، وفي هذا الإطار يؤكد الخبراء أن الهدف من البعثات الاستكشافية المتزايدة، التثبت من المعلومات التي تشير إلى أن 10% من 1500 نيزك رصدتها وكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، تحتوي على موارد معدنية، ما يشجع على التخطيط لرحلات من أجل التنقيب في الفضاء، ومن المشاريع المرتقبة، تركيب محطات شمسية في الفضاء لتزويد الأرض بالطاقة الكهربائية؛ لذا فإن استكشاف الفرص في المجال الفضائي يمثل أحد جبهات الاستعداد للمستقبل ولاسيما في مجال التنقيب عن المعادن، مثل الفضة والذهب واستكشاف الموارد في الفضاء، وغيرها من المجالات المستقبلية المرتبطة بهذا القطاع الحيوي.
 
تحول عالمي فارق
كان دخول الامارات بهذه القوة والكفاءة العلمية والتخطيطية إلى سباق استشكاف الفضاء بمنزلة تحول عالمي فارق في هذه المسيرة التي ظلت حصراً على نخبة من الدول والتكتلات الكبرى والمتقدمة في مجال علوم الفضاء، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والصين واليابان والهند واسرائيل. كما تعني هذه الرسالة أن دولة الامارات لم تعد سوقاً استهلاكية لهذه التكنولوجيا المتقدمة، بل باتت تشارك في صناعتها وتتشاركها مع دول أخرى متقدمة في هذا المجال، ومايعزز هذه الأهمية أن التقنيات والأدوات باتت تقوم على صناعة إماراتية مثل «مسبار الأمل» الذي يعد حلم تحقق اعتماداً على كفاءات إماراتية، سواءً من حيث الفكرة أو التصميم، أو حتى الإدارة وبناء الأجزاء الرئيسية في المشروع، وسيتيح معلومات جديدة حول الكوكب الأحمر تفيد أكثر من مائتي مركز بحثي حول العالم، وتفيد آلاف المتخصصين في علوم الفضاء. 
 
القوة الناعمة
يمكن القطع بأن هذه الانجازات العلمية غير المسبوق عربياً تمثل إضافة نوعية هائلة للقوة الناعمة التي تمتلكها دولة الامارات على الصعيد الاستراتيجي، حيث باتت المعرفة والمعلوماتية أحد أبرز موارد القوة الشاملة التي تمتلكها الدول وتعمل على مراكمتها في القرن الحادي والعشرين؛ فعلوم الفضاء تمثل إضافة نوعية هائلة لقدرات الامارات في مجال الخدمات والصناعات المتقدمة، بما حققت من نجاحات وانجازات في مجالات الطاقة الشمسية والطاقة النووية السلمية، ومراكمة الخبرات من خلال شبكات تعاون كفؤة مع الدول كافة، كما تدعم هذه الخطوة جهود دولة الامارات في الانتقال إلى اقتصاد المعرفة، ولذا فإن تزامن هذه الانجازات النوعية مع بدايات الخمسينية التأسيسية الثانية لدولة الامارات، ليس مصادفة، بل نتاج تخطيط علمي سليم، وقد تجلى هذا التخطيط في حديث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ أمام القمة الحكومية التي عقدت في دبي عام 2015، حيث قال سموه وقتذاك «إننا سنحتفل عند تصدير آخر برميل للنفط بعد 50 عاماً، وإن رهاننا الحقيقي في هذه الفترة، وعندنا خير، أن نستثمر كل إمكانياتنا في التعليم «. وفي محاضرة سموه في ختام فعاليات  «مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل» في مارس 2017، حيث دعا سموه أبناء الوطن إلى التسلح بالعلم والمعرفة، قائلاً: «إننا نريد من أبنائنا وطلابنا أن يتعلموا أفضل التقنيات في العالم؛ ليس أمامنا خيار إلا الاعتماد على النوعية؛ وسلاحنا الحقيقي هو العلم، ونريد أن ننافس بكم دول العالم، فطموحنا أن ننافس دول العالم المتقدمة». وهذا كله يؤكد أن التخطيط التنموي في دولة الامارات يمضي في أطر متوازية ومتكاملة تصب جميعها في سلة تعزيز القوة الناعمة للدولة، ودعم تنافسيتها عالمياً، حيث تؤمن قيادتنا الرشيدة بأن عملية التنمية عملية متواصلة لا تتوقف، وأنه مهما حققت الدولة من إنجازات ونجاحات تنموية، فإنها تتطلع إلى إضافة لبنات جديدة تعزز البناء الوطني الشامخ في كل المجالات، وتدعم طموح الإمارات إلى المركز الأول في المجالات كافة، من أجل ديمومة النمو وتأمين مستقبل الأجيال القادمة وضمان حقها في الرفاه والازدهار، وذلك كله من خلال الاستثمار الجيد في الموارد البشرية، باعتبارها الثروة الحقيقة للوطن، وأن هذا الاستثمار هو الطريق الأمثل للاستعداد لمرحلة ما بعد النفط، وتحويل هذه اللحظة إلى «لحظة للاحتفال وليس للحزن» كما تؤكد القيادة الرشيدة.
 
قوة إرادة القيادة
تجسد الانجازات الإماراتية المتوالية في مجال الفضاء قوة إرادة القيادة الرشيدة التي تمضي بإصرار وراء تحقيق أحلام القائد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حيث يذكر التاريخ لقائه ـ طيب الله ثراه ـ مع بعثة أبولو 17، التي جاءت تحمل هدية قدمها الرئيس الأمريكي إلى الشيخ زايد بواسطة وفد من وكالة» ناسا» في عام 1974، كرمز للصداقة بين الشعبين الإماراتي والأمريكي، وقد خلّد التاريخ كلمات المغفور له بإذن الله تعالي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بهذه المناسبة،  والتي قال فيها: «إنّ رحلات الفضاء يفخر بها كل إنسان على وجه الأرض لأنها تُجسد الإيمان بالله وقدرته.. ونحن نشعر كعربٍ بأن لنا دوراً عظيماً في هذا المشروع وفي هذه الأبحاث، ونحن فخورون بالتقدم الهائل في علوم الفضاء بفضل القواعد التي أرساها العلماء العرب منذ مئات السنين، ونأمل أن يعم السلام ويدرك البشر الأخطار التي تُهددهم بسبب التأخر»، وهي كلمات تستند إلى قراءة واعية للتاريخ ورؤية استشرافية خبيرة للمستقبل، ولذا فقط ظلت هذه الرؤية الاستراتيجية راسخة في فكر القيادة الرشيدة حتى شقت الأحلام طريقها إلى النور من خلال تخطيط علمي مدروس طيلة سنوات وعقود مضت، وتحولت الآمال إلى واقع أصبحت فيه  «وكالة الإمارات للفضاء» أول وكالة فضاء عربية، وصاحبة أول مشروع عربي وإسلامي لاستكشاف كوكب المريخ، وشهد العالم وصول رائدي فضاء إماراتين إلى المحطة الدولية.
 
وقد كان القائد المؤسس صاحب رؤية واضحة وترجمت بالفعل إلى خطط تنفيذية بدأت بتأسيس “الثريا للاتصالات” في عام 1997، لتتوالى بعدها الأبحاث والمراكز في هذا المجال ويصل في عام 2009 القمر الصناعي الإماراتي “دبي سات 1”، وبعدها بسنوات تحقق إنجاز آخر وهو وصول أول رائد فضاء إماراتي هزاع المنصوري إلى الفضاء مسطّراً إنجازا جديدًا للدولة، ثم جاء وصول “مسبار الأمل” إلى مداره حول كوكب المريخ بعد رحلة شاقة استغرقت ستة أشهر، ليعزز طموحات الامارات ويضعها في مضمار سباق التنافس العالمي لاستشكاف الكوكب الأحمر، ومؤخراً جاء وصول رائد الفضاء الثاني سلطان النيادي إلى محطة الفضاء الدولية في رحلة علمية غير مسبوقة عربياً تستغرق 6 أشهر ليؤكد إصرار أبناء الإمارات على كتابة التاريخ في هذا المجال الحيوي.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره