مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2021-07-06

الإمارات مؤهلــة لتصدير دبلوماســيـة القــوى الناعمة إلى العالم أجمع

بلوماسية الإنجاز
 
دبلوماسية الإمارات العربية المتحدة، وإنجازاتها العالمية باستخدام الدبلوماسية الناعمة، هو تلك الأمور الكثيرة التي عملت عليها الإمارات، ويرفع لها القبعة العالم، وليس آخرها بكل تأكيد هو انتخابها عضواً غير دائم في مجلس الأمن، فهذا الإنجاز هو حلقة في سلسلة مستمرة منذ عهد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
 
بقلم: عهدية أحمد السيد 
رئيسة جمعية الصحفيين البحرينية
 
رسخت الإمارات في أجنداتها دبلوماسية القوة الناعمة، ونقلها ذلك إلى مستويات الدول الفاعلة بنشر السلام والمحبة بين جميع الشعوب في العالم، وأصبح لها دور كبير ومؤثر في حلحلة الأزمات التي تواجه الدول، فضلاً عن مساعدتها لكافة الأشقاء والأصدقاء والمجتمع الدولي بدون تمييز، وليس هناك دافع سوى «الإنسانية».
 
وفي دولة «اللامستحيل»، نرى أن الإمارات قامت بأفضل شكل في موازنة دبلوماسيتها بين عدة أمور، من أهمها مراعاة المصالح المتبادلة، مع قيم نشر السلام والمحبة، وعدم التعرض للدول الأخرى أو التدخل في شؤونهم، في حين عملت على أن تعتلي سلم الريادة وهي تساعد البقية من أجل تحقيق الامن والاستقرار والسلم الدولي. هذه الدبلوماسية الرائعة، انتهجتها الإمارات بكل ثبات ومصداقية أمام العالم، وهي نابعة من القيم العربية والإسلامية الأصيلة، التي تتمسك بها منذ الأزل، وتسير عليها بخطى واثقة، وأصبحت مثالاً يحتذى به بين الدول.
رجاحة الأسس التي قامت عليها الدبلوماسية الإماراتية الناعمة، والثوابت التي تحدثنا عنها، زادت من واقعية هذه الدبلوماسية وتأثيرها عالمياً، خاصة وأنها قائمة على التسامح بين الشعوب والأديان والمذاهب والملل، واتخاذ الحوار الجاد والحقيقي وسيلة لحل كل النزاعات والخلافات التي تحدث في العالم.
 
ويضاف إلى ما سبق، فإن  التركيز على التنمية من قبل القيادة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وصاحب سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، هو النهج الذى أدى إلى المكتسبات والنجاحات المتميزة في عدة مجالات حتى وصلت بالإمارات إلى مصاف دول العالم على جميع الأصعدة دون أي استثناء، نجاح تلو الآخر أصبح مصدر فخر للأمة العربية عامة والخليجية خاصة.
 
الإتزان والواقعية
كما اتسمت السياسة الإماراتية بالاتزان والواقعية في التعامل مع كافة الدول والمذاهب والملل والشعوب، بالإضافة إلى الصراعات والخلافات، وكانت الإمارات هي رمانة الميزان في كل أطروحاتها لحل أي خلاف أو صراع سياسي كان إيديولوجي أم غيرها من الصراعات الموجودة على الساحة الإقليمية والدولية.
وليس ما شاهدناه مؤخراً من تقدم الإمارات لتحل في المركز الـ17 عالمياً في مجال القوة الناعمة، بحسب المؤشر العالمي للقوة الناعمة، إلا دليل على أن هذا الفكر الدبلوماسي النير، الذي اتسمت به السياسة الإماراتية.
 
ولكي تتمكن الإمارات من الوصول إلى مراكز متقدمة، ثبتت خطواتها ودعمتها وعززتها بخطوات أخرى في مجالات كبيرة تساعد في الحفاظ على قوة النشاط الدبلوماسي الناعم الإماراتي، وسخرت الدولة العظيمة مواردها كافة لامتلاك قوة المعرفة، والعلوم والتقنيات، والقوة الاقتصادية، وحتى التأثير الإنساني الكبير، لتحقيق أهدافها السامية النبيلة.
وفي خضم صراع عالمي بسبب جائحة كورونا، وجدنا أن الإمارات ومن خلال شركات طيرانها الوطنية، تتصدر مهمة نقل كافة اللقاحات والمساعدات الإنسانية للدول الموبوءة والفقيرة، أو تلك التي احتاجت إلى مساعدات عاجلة وطارئة، وأثبتت أن «الفزعة» العربية الأصيلة متجذرة في الإمارات.
 
وعلى جانب آخر، فإن إطلاقها لمسبار الأمل، كأول مسبار عربي والخامس عالمياً لاكتشاف كوكب المريخ، وما سيفتحه من آفاق عظيمة لكافة شعوب المنطقة والعالم، هو أحد أهم مصادر قوة التأثير الناعمة نحو الأفضل، وتسخير الموارد للعلم والمعرفة، والبحث العلمي، وجاء إعلانها بأن مخرجات هذه الرحلة الاستكشافية ستتاح للعالم للبحث العلمي، يوجه الطاقات نحو الإبداع والتميز. 
 
ثقافة التكريم
وليس ببعيد عن هذه المجالات، فإننا نرى كيف أن الإمارات أصبحت مركزاً هاماً لإبداع وتكريم المتميزين واستقطابهم، ورفع مستوى الفكر والارتقاء به، من خلال طرح نماذج عملية وواقعية لأشخاص مبدعين في كافة المجالات، وتسخير الموارد لدعمهم وتكريمهم، وجعلهم أيقونة لشعوب الأرض، وهو ما يخلق قوة تغيير ناعمة نحو الأفضل، والمجال لا يتسع هنا بكل تأكيد لذكر كافة المؤتمرات والمبادرات والجوائز الإماراتية العالمية، والتي كانت ذات تأثير كبير وقوي على شعوب الأرض.
 
ولا يمكن أن ترى دولة تعرضت لنكبة أو كارثة أو احتاجت إلى مساعدة، إلا وتجد أبناء الإمارات في أول المبادرين للمساعدة، وأعلام الهلال الأحمر الإماراتي، وغيرها من المؤسسات الإنسانية في الدولة هم أول الحضور، وآخر من يغادر بعد التأكد من عودة الحياة إلى طبيعتها في تلك الدولة، واستيفاء تقديم كل ما يلزم لها، والشواهد على ذلك كثيرة.
أما على الصعيد السياسي المباشر، فإن الإمارات استطاعت تحقيق تحرك كبير في تجاه الصراعات في الشرق الأوسط، من أهمها ما جاء خلال العام 2020 من توقيع اتفاقيات السلام مع إسرائيل، والتي تبعتها دول عديدة في منطقة الشرق الأوسط، لحل هذا الصراع القائم منذ عقود طويلة، دون أن يجد مخرجاً للحل.
 
الاتفاقيات الإبراهيمية
ودعوني أتوقف هنا عند هذه النقطة قليلاً، لأتحدث عن الاتفاقيات الإبراهيمية، والخطوة الكبيرة التي قامت بها الإمارات، فهي ساهمت بهذه الاتفاقية بتقدم نحو السلام في الشرق الأوسط، وفتحت آفاقاً أوسع، ومهدت الأرضية للبحث عن حلول أخرى جديدة للسلام في هذه المنطقة، بدلاً من الحلول السابقة والقديمة، والتي لم تجد نفعاً طوال العقود الماضية.
وشاهدنا كيف أن الإمارات وبخطوتها الجريئة وغير المسبوقة منذ مدة طويلة، كسرت حاجز الجليد الموجود في هذا الملف، وتبعتها دول أخرى على ذات الطريق، ليتأكد مجدداً العالم أجمع، أن مسار الإمارات كان صحيحاً، وأن الشرق الأوسط متجه بفضل هذا التفكير السليم على طريق السلام والازدهار والرخاء والأمان، وإنهاء حقبة طويلة من الصراع غير المجدي.
وفي ذات السياق، نجد أن الإمارات قد سخرت أيضاً مواردها لمحاربة الإرهاب والتطرف، فإلى جانب مساهماتها الإنسانية والعلمية والثقافية والتقنية والحضارية، حيث شاركت بفعالية كبيرة في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، وكبح جماح وإرهاب داعش، كما ساهمت بفعالية في عاصفة الحزم وعملية إعادة الأمل، وقوات حفظ السلام الدولية في مختلف المناطق والدول التي احتاجت إلى هذه المهمة.
وبالأرقام والإحصائيات التي تشهد بها الدول والمنظمات العالمية، فإن الإمارات كانت من أكثر المساهمين وعلى رأس قائمة الداعمين، والمتبرعين، والدول ذات اليد البيضاء في العالم.
 
الدبلوماسية الناعمة
ما هو مهم أيضاً بعد كل ما تقدم، هو أن هذه الدبلوماسية الناعمة، واضحة وصريحة وشفافة، ليس لها أجندة خفية أو تظهر عكس ما تبطن، فالكلمة واحدة مهما اختلفت الظروف، والمنهج والهدف واحد سواء داخلياً أو خارجياً، وما تصرح به الإمارات وتبادر به، هو حقيقة ما تهدف إليه.
ويمكن قولها دون أي تردد، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة، أصبح لها الثقل الكبير في العالم، وأبناءها يحظون باحترام وحب وسلام لدى كافة شعوب الأرض دونما استثناء، وكلمة الإمارات لها ثقل سياسي واجتماعي واقتصادي وأمني في المنطقة والعالم.
 
كما أن العديد من دول العالم عموماً، والمنطقة خصوصاً، تنتظر رؤية الإمارات في الأزمات والمحن التي تمر بها، فهم واثقون كل الثقة بأن كلمتها ورؤيتها ستكون الأفضل، وأن مبادراتها ستعم الخير والرخاء على الجميع، وتنهي الصراع وتحقق التقدم.
كل ما سبق، وأكثر، يجعل الإمارات دولة مؤهلة بكافة المستويات لتصدير دبلوماسية القوى الناعمة التي تسعى للخير إلى العالم أجمع، وأن تكون محطة هامة لكافة الدول في المنطقة والعالم للتعلم من مسارها وطريقتها وأجنداتها الواضحة المعالم.
 
كل ما نحتاجه الآن، هو أن يتبع الحكماء والعلماء والسياسيين مسار الإمارات، وأن يتفرغ الباحثون لتوثيق خطواتها في كتب وأبحاث تدرس في المناهج الأكاديمية، كما أدعو كافة المؤرخين إلى تسطير إنجازات الإمارات بأحرف من ذهب في صفحات كتب التاريخ، لتكون عبرة للأجيال القادمة.
الإنجاز له صوت وصدى كبير في كل مكان، وكل أمر جيد أو مميز، لابد وأن يلاحظه الجميع، القاصي والداني منهم، ولا يستطيع أحد أن ينكره مهما حاول، فالشمس لا يمكن تغطيتها بـ«غربال» كما يقول المثل الشهير.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره