مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2024-05-03

الغليان‭ ‬الحراري‭ ‬يهدد‭ ‬قطاعاتنا‭ ‬الحيوية‭ ‬في‭ ‬الأعوام‭ ‬القادمة،،،‭ ‬وهذه‭ ‬الحلول

سخر‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬الأرض‭ ‬للحياة‭ ‬البشرية،‭ ‬وجعل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬صفات‭ ‬فيزيائية‭ ‬داعمة‭ ‬للحياة؛‭ ‬من‭ ‬رطوبة‭ ‬ودرجات‭ ‬حرارة‭ ‬وقيم‭ ‬ضغط‭ ‬مناسبة،‭ ‬وحقول‭ ‬جاذبية‭ ‬تناسب‭ ‬ميكانيكية‭ ‬الحركة‭ ‬والتنقل‭ ‬والثبات‭ ‬وحقول‭ ‬مغناطيسية‭ ‬وأغلفة‭ ‬جوية‭ ‬تحمي‭ ‬أشكال‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬الأشعة‭ ‬الضارة،‭ ‬ووفرة‭ ‬مائية‭ ‬وغذائية‭ ‬ودورات‭ ‬طبيعية‭ ‬وموسمية‭ ‬متزنة‭ ‬ومتناسقة‭... ‬إلخ‭. ‬
 
بقلم‭: ‬‮ ‬أ‭.‬د‭. ‬محمد‭ ‬الفرجات
 
ونعرض‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬طبيعة‭ ‬كوكب‭ ‬الأرض‭ (‬موئل‭ ‬البشرية‭) ‬الداعم‭ ‬للحياة،‭ ‬ثم‭ ‬نتعرض‭ ‬لأسباب‭ ‬وأعراض‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬وآثاره‭ ‬وسبل‭ ‬الحد‭ ‬منها‭ ‬لحماية‭ ‬الكوكب‭ ‬وسكانه،‭ ‬فيما‭ ‬نتعرض‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬لعمليات‭ ‬وسبل‭ ‬التكيف‭ ‬والتعايش‭ ‬والتأقلم‭ ‬مع‭ ‬آثار‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضمان‭ ‬الاستدامة‭ ‬واستمرار‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬نعرض‭ ‬الخلاصة‭ ‬والتوصيات‭.‬
 
كوكب‭ ‬الأرض‭ ‬الداعم‭ ‬للحياة
يدور‭ ‬كوكبنا‭ ‬المبارك‭ ‬بمحور‭ ‬ثابت‭ ‬حول‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تقلب‭ ‬الليل‭ ‬والنهار،‭ ‬ويدور‭ ‬حول‭ ‬الشمس‭ ‬في‭ ‬مدار‭ ‬ثابت‭ ‬لتقلب‭ ‬الفصول‭ ‬الأربعة،‭ ‬وتعد‭ ‬الدورات‭ ‬الطبيعية‭ ‬على‭ ‬الكوكب‭ ‬متناسقة‭ ‬بالمكان‭ ‬والزمان‭ ‬ومتزنة‭ ‬تماما،‭ ‬وينتج‭ ‬عنها‭ ‬تقلبات‭ ‬وحالة‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي،‭ ‬ودورة‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬الطبيعة،‭ ‬وكل‭ ‬عوامل‭ ‬الطقس،‭ ‬وحالة‭ ‬ونمو‭ ‬وتكاثر‭ ‬وتوزيع‭ ‬الأحياء‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬بيئاتها‭ ‬وموائلها،‭ ‬بينما‭ ‬يحافظ‭ ‬الكوكب‭ ‬الأرضي‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬من‭ ‬الشمس‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬تتبخر‭ ‬مياهه‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬ولا‭ ‬تتجمد‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬أيضا،‭ ‬لتتوفر‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬السيولة‭ ‬في‭ ‬البحار‭ ‬والمحيطات‭ ‬والبحيرات‭ ‬والأنهار‭ ‬وداخل‭ ‬الخزانات‭ ‬الجوفية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يميز‭ ‬كوكبنا‭ ‬عن‭ ‬باقي‭ ‬كواكب‭ ‬المجموعة‭ ‬الشمسية.
يحمي‭ ‬كوكبنا‭ ‬سكانه‭ ‬بشرا‭ ‬وتنوعا‭ ‬حيويا‭ ‬من‭ ‬الأشعة‭ ‬فوق‭ ‬البنفسجية‭ ‬عبر‭ ‬طبقة‭ ‬الأوزون،‭ ‬ويحافظ‭ ‬الكوكب‭ ‬على‭ ‬ارتفاع‭ ‬وسماكة‭ ‬وتركيب‭ ‬هذه‭ ‬الطبقة‭ ‬الكيميائي‭ ‬بعمليات‭ ‬طبيعية‭ ‬مستمرة‭ ‬وبشكل‭ ‬متزن،
الكوكب‭ -‬المغناطيس‭ ‬الكبير‭- ‬يحمي‭ ‬سكانه‭ ‬وكائناته‭ ‬الحية‭ ‬الحيوانية‭ ‬والنباتية‭ ‬من‭ ‬الأشعة‭ ‬الكونية‭ ‬بنفرها،‭ ‬ونجد‭ ‬بأن‭ ‬قيمة‭ ‬واتجاه‭ ‬وقوة‭ ‬حقله‭ ‬المغناطيسي‭ ‬ذات‭ ‬علاقة‭ ‬بدورات‭ ‬الكوكب‭ ‬وتنوعه‭ ‬الحيوي،‭ ‬ويحافظ‭ ‬الكوكب‭ ‬على‭ ‬قيمة‭ ‬واتجاه‭ ‬حقله‭ ‬الجاذبي‭ ‬بفضل‭ ‬مكوناته‭ ‬في‭ ‬الأعماق‭ ‬وبعملياته‭ ‬الداخلية،‭ ‬فلا‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬مقدار‭ ‬الجاذبية‭ ‬فيمنعنا‭ ‬من‭ ‬الحركة،‭ ‬ولا‭ ‬يقل‭ ‬فنتطاير‭ ‬للأعلى،‭ ‬
تتم‭ ‬على‭ ‬الكوكب‭ ‬دورات‭ ‬طبيعية‭ ‬للصخور‭ ‬وللمياه‭ ‬والأكسجين‭ ‬وثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬والنيتروجين،‭ ‬فلا‭ ‬تنقص‭ ‬ولا‭ ‬تزيد‭ ‬وتبقى‭ ‬في‭ ‬مقادير‭ ‬لتدعم‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬وبقية‭ ‬أشكال‭ ‬التنوع‭ ‬الحيوي،‭ ‬ويسود‭ ‬اتزان‭ ‬بيئي‭ ‬في‭ ‬الغابات‭ ‬والبحار‭ ‬والبراري‭ ‬والجبال‭ ‬بين‭ ‬الكائنات‭ ‬الحية‭ ‬بسلاسلها‭ ‬وشبكاتها‭ ‬الغذائية،‭ ‬فينقص‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المكون‭ ‬ويزيد‭ ‬ذلك‭ ‬الجزء‭ ‬ليستمر‭ ‬هذا‭ ‬النظام.
 
التغير‭ ‬المناخي‭ ‬الطبيعي‭ ‬وتبعاته
لا‭ ‬شك‭ ‬بأن‭ ‬كوكب‭ ‬الأرض‭ ‬قد‭ ‬تطور‭ ‬خلال‭ ‬العصور‭ ‬الجيولوجية‭ ‬عبر‭ ‬عمر‭ ‬الكوكب‭ ‬والذي‭ ‬يصل‭ ‬نحو‭ ‬4‭ ‬مليار‭ ‬عام،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب‭ ‬قد‭ ‬مر‭ ‬بإرهاصات‭ ‬وحركات‭ ‬عنيفة‭ ‬من‭ ‬زلازل‭ ‬وبراكين‭ ‬وزحزحة‭ ‬صفائح‭ ‬وقارات‭ ‬وعمليات‭ ‬بانية‭ ‬للجبال‭ ‬وأخرى‭ ‬تسوي‭ ‬سطح‭ ‬الأرض‭ ‬بالحت‭ ‬والتعرية،‭ ‬وأن‭ ‬هنالك‭ ‬تفاعلات‭ ‬مستمرة‭ ‬بين‭ ‬أغلفة‭ ‬الأرض‭ ‬الصخرية‭ ‬والمائية‭ ‬والغازية‭ ‬والحيوية،‭ ‬وفي‭ ‬دراسات‭ ‬البيئات‭ ‬الرسوبية‭ ‬القديمة‭ ‬في‭ ‬تربة‭ ‬وصخور‭ ‬وطبقات‭ ‬مواقع‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬فقد‭ ‬تبين‭ ‬بأن‭ ‬هنالك‭ ‬تغير‭ ‬مناخي‭ ‬طبيعي‭ ‬متذبذب‭ ‬كان‭ ‬يسود‭ ‬الكوكب،‭ ‬فقد‭ ‬مرت‭ ‬على‭ ‬كوكبنا‭ ‬فترات‭ ‬العصور‭ ‬الجليدية،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬هنالك‭ ‬فترات‭ ‬اتصفت‭ ‬بالثورات‭ ‬البركانية‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬تبعاتها‭ ‬حصول‭ ‬المجاعات‭ ‬كما‭ ‬حصل‭ ‬عام‭ ‬536‭ ‬ميلادي‭: ‬
فقد‭ ‬أعلن‭ ‬باحثون‭ ‬أنهم‭ ‬حددوا‭ ‬أسوأ‭ ‬سنة‭ ‬مرت‭ ‬على‭ ‬الإنسانية‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬تاريخها‭ ‬المعلوم،‭ ‬جعلت‭ ‬البشر‭ ‬لا‭ ‬يخلدون‭ ‬للنوم‭ ‬طوال‭ ‬الليالي.
ويدعي‭ ‬المؤرخ‭ ‬المختص‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬العصور‭ ‬الوسطى،‭ ‬مايكل‭ ‬ماكورميك،‭ ‬رئيس‭ ‬مبادرة‭ ‬جامعة‭ ‬هارفارد‭ ‬لعلوم‭ ‬الماضي‭ ‬البشري،‭ ‬أن‭ ‬عام‭ ‬536‭ ‬ميلادية،‭ ‬كان‭ ‬أكثر‭ ‬السنوات‭ ‬فظاعة‭ ‬وعناءا‭ ‬ليبقى‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة
 
وذكر‭ ‬أنه‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬“المشؤومة”‭ ‬غطى‭ ‬ضباب‭ ‬غامض‭ ‬وكثيف‭ ‬دام‭ ‬لمدة‭ ‬12‭ ‬شهراً‭ ‬مناطق‭ ‬أوروبا‭ ‬والصين‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وجعلها‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬ظلام‭ ‬دامس
فيما‭ ‬انخفضت‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬بمقدار‭ ‬3‭ ‬درجات‭ ‬مئوية‭ ‬تقريباً،‭ ‬ليبدأ‭ ‬أبرد‭ ‬عقد‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬2000‭ ‬عام،‭ ‬أدى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬التسبب‭ ‬في‭ ‬حدوث‭ ‬المجاعة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتعرض‭ ‬المجموعات‭ ‬السكانية‭ ‬الضعيفة‭ ‬لتفشي‭ ‬مرض‭ ‬الطاعون‭ ‬الدبلي،‭ ‬الذي‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬قضى‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬ثلث‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬نصف‭ ‬سكان‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬الرومانية‭ ‬الشرقي،‭ ‬واكتشف‭ ‬العلماء‭ ‬أن‭ ‬بركاناً‭ ‬هائلاً‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬أيسلندا‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬عام‭ ‬536،‭ ‬تلاه‭ ‬اثنان‭ ‬آخران‭ ‬عامي‭ ‬540‭ ‬و547‭ ‬هما‭ ‬السبب‭ ‬وراء‭ ‬ما‭ ‬حدث.
 
حيث‭ ‬ألقى‭ ‬البركان‭ ‬كماً‭ ‬هائلاً‭ ‬من‭ ‬الرماد‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬وأطلق‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬أغرقت‭ ‬أوروبا‭ ‬في‭ ‬ركود‭ ‬اقتصادي‭ ‬استمر‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬640،‭ ‬ويرتبط‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬الطبيعي‭ ‬بموقع‭ ‬الكوكب‭ ‬الفلكي‭ ‬وبعده‭ ‬عن‭ ‬الشمس،‭ ‬وكذلك‭ ‬بالنشاط‭ ‬الشمسي‭ ‬ودوراته،‭ ‬وبزاوية‭ ‬محور‭ ‬دوران‭ ‬الأرض‭ ‬حول‭ ‬نفسها،‭ ‬كما‭ ‬ويرتبط‭ ‬بالحقل‭ ‬المغناطيسي‭ ‬الأرضي‭ ‬وإنقلاباته،‭ ‬ويرتبط‭ ‬أيضا‭ ‬بتكتونية‭ ‬الصفائح‭ ‬وزحزحة‭ ‬القارات‭ ‬واختلاف‭ ‬مواقعها‭ ‬الجغرافية،‭ ‬وعمليات‭ ‬الكوكب‭ ‬الطبيعية‭ ‬كدورة‭ ‬الصخور‭ ‬في‭ ‬الطبيعة‭ ‬وأثرها‭ ‬في‭ ‬جغرافية‭ ‬الأرض،‭ ‬ويرتبط‭ ‬كثيرا‭ ‬بالبراكين‭ ‬والزلازل‭ ‬وتبعاتها‭. ‬
لقد‭ ‬ثبت‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬آثار‭ ‬الحضارة‭ ‬النبطية‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬البترا‭ ‬عاصمة‭ ‬مملكة‭ ‬الأنباط‭ ‬التاريخية‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬وادي‭ ‬موسى‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬الأردن،‭ ‬بأن‭ ‬سكانها‭ ‬قد‭ ‬تعايشوا‭ ‬مع‭ ‬الشح‭ ‬المائي‭ ‬والجفاف،‭ ‬فشيدوا‭ ‬السدود‭ ‬والقنوات‭ ‬والآبار‭ ‬السطحية‭ ‬لغايات‭ ‬الحصاد‭ ‬المائي،‭ ‬كما‭ ‬وقد‭ ‬تحصنوا‭ ‬ضد‭ ‬خطر‭ ‬الفيضان‭ ‬لوقوع‭ ‬عاصمتهم‭ ‬في‭ ‬مجرى‭ ‬حوض‭ ‬تصريف‭ ‬مائي‭ ‬كبير.
‭     ‬
القنبلة‭ ‬السكانية‭ ‬وعصر‭ ‬الأنشطة‭ ‬البشرية‭ ‬المتفاقمة
لم‭ ‬يكن‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬ما‭ ‬وعبر‭ ‬التاريخ‭ ‬البشري‭ ‬بالمليارات‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬اليوم،‭ ‬ويعزى‭ ‬ذلك‭ ‬للثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬عشر،‭ ‬ليرافقها‭ ‬كذلك‭ ‬تطور‭ ‬اللقاحات‭ ‬ضد‭ ‬مختلف‭ ‬الأمراض‭ ‬المعدية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تفتك‭ ‬بمدن‭ ‬وقرى‭ ‬كاملة‭ ‬عبر‭ ‬العصور؛‭ ‬لتتحسن‭ ‬الإنتاجية‭ ‬الغذائية‭ ‬وتقل‭ ‬الوفيات‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬تحسن‭ ‬العناية‭ ‬الصحية،‭ ‬وتزداد‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬ويزداد‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬والمصادر‭ ‬الطبيعية‭ ‬والتوسع،‭ ‬وفيما‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬عشر‭ ‬نحو‭ ‬200‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬فقد‭ ‬تزايد‭ ‬البشر‭ ‬خلال‭ ‬القرنين‭ ‬الأخيرين‭ ‬إلى‭ ‬8‭ ‬مليار‭ ‬نسمة،‭ ‬وهذا‭ ‬يعد‭ ‬نمو‭ ‬سكاني‭ ‬سريع‭ ‬وضخم‭ ‬ولم‭ ‬يشهده‭ ‬التاريخ‭ ‬من‭ ‬قبل‭. ‬
 
وبينما‭ ‬حل‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬والتوافق‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬بشكل‭ ‬أو‭ ‬بآخر،‭ ‬ونشأت‭ ‬مجالس‭ ‬دولية‭ ‬لفك‭ ‬النشب‭ ‬وحل‭ ‬النزاعات‭ ‬كمجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والمنظمات‭ ‬الإنسانية‭ ‬ومنظمات‭ ‬الإغاثة‭ ‬وقوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬الدولية‭ ‬ومنظمات‭ ‬صحية‭ ‬وبيئية‭ ‬وغذائية‭ ‬إلخ،‭ ‬لتحمي‭ ‬وتسند‭ ‬سكان‭ ‬العالم‭ ‬وترفع‭ ‬الجاهزية‭ ‬ضد‭ ‬الكوارث،‭ ‬فقد‭ ‬سادت‭ ‬الحروب‭ ‬الطاحنة‭ ‬والأوبئة‭ ‬الشرسة‭ ‬عبر‭ ‬العصور‭ ‬الماضية‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬القريب‭ ‬كالحربين‭ ‬العالميتين‭ ‬الأولى‭ ‬والثانية،‭ ‬وحدثت‭ ‬كوارث‭ ‬طبيعية‭ ‬كثيرة،‭ ‬وقد‭ ‬هلك‭ ‬بسبب‭ ‬هذه‭ ‬الحروب‭ ‬والأوبئة‭ ‬والكوارث‭ ‬والمجاعات‭ ‬والتشرد‭ ‬مئات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬البشر،‭ ‬وتؤكد‭ ‬ذلك‭ ‬المصادر‭ ‬التاريخية‭ ‬ودراسات‭ ‬علم‭ ‬الآثار‭ ‬البيئي‭ ‬والجيولوجيا‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬العالم‭. ‬
 
أنشطة‭ ‬السكان‭ ‬اليومية‭ ‬تهدد‭ ‬الكوكب
اليوم‭ ‬ومع‭ ‬الزيادة‭ ‬السكانية‭ ‬الهائلة‭ ‬ومع‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬الذي‭ ‬ندفعه‭ ‬كثمن‭ ‬للثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬بمراحلها‭ ‬المختلفة‭ ‬وتقدم‭ ‬أدواتها‭ ‬ومنتجاتها‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬الصناعة‭ ‬والزراعة‭ ‬والنقل‭ ‬والخدمات‭ ‬المختلفة‭ ‬وتوليد‭ ‬الكهرباء‭... ‬إلخ،‭ ‬وما‭ ‬تتطلبه‭ ‬من‭ ‬طاقة‭ ‬تنتج‭ ‬عن‭ ‬حرق‭ ‬الوقود‭ ‬والفحم،‭ ‬ولإطعام‭ ‬وتنقل‭ ‬ورفاه‭ ‬البشر‭ ‬الذين‭ ‬أصبح‭ ‬عددهم‭ ‬بالمليارات،‭ ‬فيبدو‭ ‬بأن‭ ‬الأنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬العالمية‭ ‬بشكلها‭ ‬الحالي‭ ‬باتت‭ ‬مرهقة،‭ ‬وأصبح‭ ‬الخلل‭ ‬يظهر‭ ‬بشكل‭ ‬متسارع‭ ‬وبمظاهر‭ ‬وأعراض‭ ‬كثيرة،‭ ‬بينما‭ ‬تفاقمت‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالتغير‭ ‬المناخي،‭ ‬وأصبحت‭ ‬هي‭ ‬بحد‭ ‬ذاتها‭ ‬تفاقم‭ ‬ظاهرة‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬وتؤدي‭ ‬لتسارعه‭ ‬على‭ ‬الكوكب‭.  ‬
مع‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬ومع‭ ‬القنبلة‭ ‬السكانية‭ ‬العالمية‭ ‬فأزمة‭ ‬المياه‭ ‬والغذاء‭ ‬والطاقة‭ ‬تفاقمت‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وباتت‭ ‬بوادر‭ ‬حروب‭ ‬المياه‭ ‬والتعطيش‭ ‬تظهر،‭ ‬وأصبح‭ ‬المد‭ ‬السكاني‭ ‬يستهلك‭ ‬الأراضي‭ ‬الصالحة‭ ‬للزراعة‭. ‬
 
الأسباب‭ ‬المباشرة‭ ‬للتغير‭ ‬المناخي
البشرية‭ ‬اليوم‭ ‬التي‭ ‬تشارف‭ ‬على‭ ‬الثمانية‭ ‬مليار‭ ‬نسمة‭ ‬تدفع‭ ‬ثمن‭ ‬معيشتها‭ ‬ورفاهها‭ ‬معا‭ ‬لغياب‭ ‬الحكمة‭ ‬والراشدية‭ ‬في‭ ‬استهلاك‭ ‬الموارد‭ ‬وزيادة‭ ‬الطلب‭ ‬عليها،‭ ‬مقابل‭ ‬الإسراف‭ ‬باستعمال‭ ‬النفط‭ ‬والفحم‭ ‬وحرقها‭ ‬لغايات‭ ‬الإنتاج‭ ‬والنقل‭ ‬وتوليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬والتدفئة‭ ‬وغيرها،‭ ‬فالسفر‭ ‬للاستجمام‭ ‬والسياحة‭ ‬له‭ ‬ثمنه،‭ ‬والمنتجات‭ ‬الصناعية‭ ‬والزراعية‭ ‬وعمليات‭ ‬النقل‭ ‬والتنقل‭ ‬اليومية‭ ‬وعلى‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭ ‬لها‭ ‬ثمنها،‭ ‬ومخلفات‭ ‬الأنشطة‭ ‬اليومية‭ ‬المختلفة‭ ‬بأشكالها‭ ‬الصلبة‭ ‬والسائلة‭ ‬والغازية‭ ‬باتت‭ ‬تفاقم‭ ‬الأمور‭ ‬وتهدد‭ ‬بيئة‭ ‬الكوكب‭ ‬وأغلفته‭ ‬الصخرية‭ ‬والمائية‭ ‬والغازية‭ ‬والحيوية،‭ ‬ولنأخذ‭ ‬مثالا‭ ‬عن‭ ‬ضريبة‭ ‬السفر‭ ‬بالطائرات‭:‬
  • عروض‭ ‬خيالية‭ ‬للسفر‭ ‬بالطائرات‭ ‬تلوث‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي‭ ‬بمخرجاتها‭ ‬الغازية
  • تذاكر‭ ‬طيران‭ ‬بأسعار‭ ‬زهيدة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬10‭ ‬يورو‭ ‬للسفر‭ ‬بين‭ ‬العواصم‭ ‬الأوروبية
  • رحلات‭ ‬جوية‭ ‬تنفث‭ ‬مليارات‭ ‬الأطنان‭ ‬سنويا‭ ‬من‭ ‬الغازات‭ ‬وخصوصا‭ ‬ثاني‭ ‬وأول‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬وأكاسيد‭ ‬النيتروجين‭ ‬والكبريت‭ ‬والرصاص‭ ‬وبخار‭ ‬الماء
 
الحسابات‭ ‬المناخية‭  ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬مسافر‭ ‬يسبب‭ ‬انبعاث‭ ‬كيلوغرام‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬إذا‭ ‬سافر‭ ‬10‭ ‬كيلومترات‭ ‬بالطائرة‭ ‬بالرحلات‭ ‬الجماعية‭ ‬منذ‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬الأولى‭ ‬واختراع‭ ‬الآلة‭ ‬البخارية‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬قرنين،‭ ‬والاستمرار‭ ‬بالابتكارات‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬الآلة‭ ‬الغازية‭ ‬وتطور‭ ‬وسائل‭ ‬النقل‭ ‬البري‭ ‬والبحري‭ ‬والجوي‭ ‬وتطور‭ ‬عمليات‭ ‬الإنتاج‭ ‬الصناعية،‭ ‬وزيادة‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الكهرباء‭ ‬وزيادة‭ ‬الاستهلاك‭ ‬وما‭ ‬يرافق‭ ‬هذه‭ ‬كلها‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬حرق‭ ‬تقليدية،‭ ‬فلقد‭ ‬أشبع‭ ‬غلافنا‭ ‬الجوي‭ ‬الغازي‭ ‬بالغازات‭ ‬الدخيلة‭ ‬بمليارات‭ ‬الأطنان،‭ ‬ليصل‭ ‬حد‭ ‬عدم‭ ‬المقدرة‭ ‬على‭ ‬التنقية‭ ‬الذاتية‭ ‬ويصبح‭ ‬مثقلا‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بعملياته‭ ‬الطبيعية‭ ‬بالشكل‭ ‬الصحيح،‭ ‬فيشهد‭ ‬الكوكب‭ ‬ظاهرة‭ ‬البيت‭ ‬الزجاجي‭ ‬والتي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬ظاهرة‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬فالإحترار‭ ‬العالمي‭ ‬وذوبان‭ ‬الأقطاب‭ ‬وارتفاع‭ ‬منسوب‭ ‬مياه‭ ‬البحار‭ ‬والمحيطات‭ ‬وتهديد‭ ‬مدن‭ ‬ساحلية،‭ ‬لتبدأ‭ ‬منذ‭ ‬نحو‭ ‬عقدين‭ ‬أعراضا‭ ‬أكثر‭ ‬قسوة‭ ‬وعنفا‭ ‬تشمل‭ ‬تطور‭ ‬العواصف‭ ‬والأعاصير‭ ‬وموجات‭ ‬الحر‭ ‬والجفاف‭ ‬والصقيع‭ ‬والفيضانات،‭ ‬لنتنبه‭ ‬ومع‭ ‬دخول‭ ‬وباء‭ ‬كورونا‭ ‬إلى‭ ‬كارثة‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والمجاعات‭ ‬القادمة‭ ‬على‭ ‬الكوكب‭.‬
 
أعراض‭ ‬التغير‭ ‬المناخي
شح‭ ‬المياه‭ ‬والأبعاد‭ ‬التنموية
الزيادة‭ ‬السكانية‭ ‬والتغير‭ ‬المناخي‭ ‬معا‭ ‬وبجانب‭ ‬الأنشطة‭ ‬البشرية‭ ‬التي‭ ‬فاقمت‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬المياه‭ ‬ولوثت‭ ‬مصادره‭ ‬أيضا،‭ ‬كلها‭ ‬قد‭ ‬جعلت‭ ‬هذا‭ ‬العنصر‭ -‬والذي‭ ‬يشكل‭ ‬قاعدة‭ ‬التنمية‭ ‬التي‭ ‬يعتمد‭ ‬عليها‭ ‬مزارعو‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬ويشكل‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬عصب‭ ‬الزراعة‭ ‬والأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والصناعة‭ ‬والسياحة‭- ‬مهددا‭ ‬كمصدر،‭ ‬وأصبح‭ ‬عنصرا‭ ‬نادرا‭ ‬وثمينا‭ ‬ومصيريا‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ومن‭ ‬دواعي‭ ‬الصراع‭ ‬والأزمات‭ ‬إقليميا‭ (‬أزمة‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭ ‬وأثره‭ ‬على‭ ‬مصر‭ ‬مثال‭)‬،‭ ‬وأن‭ ‬نقص‭ ‬هذا‭ ‬العنصر‭ ‬الذي‭ ‬يدعم‭ ‬الحياة‭ ‬يهدد‭ ‬أيضا‭ ‬مصادر‭ ‬دخل‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬كالفلاحين‭ ‬والمزارعين‭ ‬والصناعيين‭ ... ‬الخ،‭ ‬بينما‭ ‬ترتبط‭ ‬وفرته‭ ‬بالناتج‭ ‬القومي‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والتنمية‭ ‬والرفاه‭ ‬وقوة‭ ‬العملة‭ ‬الشرائية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دولة‭.‬
 
ولا‭ ‬شك‭ ‬بأن‭ ‬العالم‭ ‬والمنطقة‭ ‬العربية‭ ‬خاصة‭ ‬تمر‭ ‬بفترة‭ ‬بدأت‭ ‬فيها‭ ‬علامات‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬تظهر‭ ‬جلية‭ ‬وواضحة،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬التساقط‭ ‬المطري‭ ‬أخذ‭ ‬أشكال‭ ‬توزيع‭ ‬مكاني‭ ‬وزمني‭ ‬مختلفة‭ ‬تماما‭ ‬عن‭ ‬المعدلات‭ ‬السنوية‭ ‬للعقود‭ ‬الماضية،‭ ‬كما‭ ‬وأصبح‭ ‬يتركز‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬دون‭ ‬الأخرى،‭ ‬بينما‭ ‬الفجائية‭ ‬وارتفاع‭ ‬كميات‭ ‬المطر‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬قصيرة‭ ‬أصبحت‭ ‬السمة‭ ‬الغالبة،‭ ‬والتي‭ ‬تشكل‭ ‬الفيضانات‭ ‬الومضية‭.‬
فمثلا‭ ‬وفي‭ ‬الأردن‭ ‬فإحدى‭ ‬دراساتي‭ ‬العلمية‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬الزملاء‭ ‬والمنشورة‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬علمية‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬في‭ ‬كميات‭ ‬الأمطار‭ ‬وتغير‭ ‬في‭ ‬خارطة‭ ‬التوزيع‭ ‬المطري‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬حيث‭ ‬تزداد‭ ‬المناطق‭ ‬الجافة‭ ‬جفافا‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬والشرق،‭ ‬بينما‭ ‬تتحول‭ ‬المناطق‭ ‬ذات‭ ‬كميات‭ ‬التساقط‭ ‬المطري‭ ‬الجيد‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬والشمال‭ ‬الغربي‭ ‬إلى‭ ‬شبه‭ ‬جافة‭.‬
 
ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬وعن‭ ‬ذات‭ ‬الدراسة‭ ‬أعلاه،‭ ‬فطبيعة‭ ‬التساقط‭ ‬المطري‭ ‬زمنيا‭ ‬أصبحت‭ ‬تتجه‭ ‬نحو‭ ‬التأخر‭ ‬عن‭ ‬شهر‭ ‬أيلول‭ ‬وتشرين‭ ‬أول،‭ ‬حيث‭ ‬تحدث‭ ‬إزاحة‭ ‬للتساقط‭ ‬باتجاه‭ ‬الفترة‭ ‬الأكثر‭ ‬دفئا،‭ ‬مما‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬النمو‭ ‬الخضري‭ ‬والشحن‭ ‬الجوفي‭ ‬وإغناء‭ ‬التربة‭ ‬بالماء،‭ ‬حيث‭ ‬يستهلك‭ ‬التبخر‭ ‬جزء‭ ‬جيد‭ ‬من‭ ‬الماء،‭ ‬ويعد‭ ‬هذا‭ ‬تحدي‭ ‬واضح‭ ‬يواجه‭ ‬الزراعة‭ ‬والإنتاج‭ ‬الزراعي‭ ‬والغطاء‭ ‬الأخضر‭ ‬والصحة‭ ‬العامة‭ ‬وسلامة‭ ‬المحيط‭ ‬البيئي‭ ‬والتنوع‭ ‬الحيوي،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬قلة‭ ‬تجدد‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬وتحسن‭ ‬نوعيتها‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬مصدر‭ ‬الشرب‭ ‬الرئيسي‭ ‬وشبه‭ ‬الوحيد‭ ‬في‭ ‬المملكة‭. ‬
أما‭ ‬التوسع‭ ‬باستعمالات‭ ‬الأراضي‭ ‬فقد‭ ‬بات‭ ‬يستهلك‭ ‬المساحات‭ ‬الزراعية‭ ‬الخصبة،‭ ‬كما‭ ‬وأصبح‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬الفيضان‭ ‬المفاجئ‭ ‬عند‭ ‬زيادة‭ ‬الجريان‭ ‬السطحي‭ ‬وانخفاض‭ ‬كميات‭ ‬الرشح‭ ‬للتربة،‭ ‬كما‭ ‬وأنه‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬التغذية‭ ‬الجوفية‭ ‬وتدني‭ ‬نوعية‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭.‬
 
 
الموائل‭ ‬الجغرافية‭ ‬والسكان‭ ‬والتنوع‭ ‬الحيوي‭ ‬بخطر
أصبح‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬يهدد‭ ‬الموائل‭ ‬الجغرافية‭ ‬للكائنات‭ ‬الحية‭ ‬وحتى‭ ‬سكان‭ ‬الكوكب،‭ ‬فالمناطق‭ ‬الجافة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬مثلا‭ ‬أصبحت‭ ‬تزداد‭ ‬جفافا،‭ ‬والمناطق‭ ‬الرطبة‭ (‬نسبة‭ ‬لكميات‭ ‬الأمطار‭) ‬أصبحت‭ ‬جافة،‭ ‬والتصحر‭ ‬أصبح‭ ‬يهدد‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬وأجزاء‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬مثل‭ ‬أقصى‭ ‬جنوب‭ ‬أوروبا،‭ ‬والكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالتغير‭ ‬المناخي‭ ‬تزداد،‭ ‬مما‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬الوفرة‭ ‬المائية‭ ‬والوفرة‭ ‬الغذائية،‭ ‬ويضطر‭ ‬سكان‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحلية‭ ‬المنتجين‭ ‬للهجرة،‭ ‬ويزداد‭ ‬الأمر‭ ‬سوءا‭ ‬بالضغط‭ ‬على‭ ‬أشكال‭ ‬التنوع‭ ‬الحيوي‭ ‬الطبيعي‭ ‬عند‭ ‬فقدان‭ ‬ميزات‭ ‬موائلها‭ ‬الطبيعية‭ ‬من‭ ‬غابات‭ ‬ومناطق‭ ‬جبلية‭ ‬وسهلية‭ ‬مهددة‭ ‬بالحرائق‭ ‬والجفاف،‭ ‬وبيئات‭ ‬مائية‭ ‬تعاني‭ ‬تغير‭ ‬صفاتها‭ ‬الفيزيائية‭ ‬والكيميائية‭ ‬تبعا‭ ‬للتغير‭ ‬المناخي‭.    ‬
 
الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬المقلق‭ ‬والمجاعات‭ ‬القادمة
الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬العالمي‭ ‬والمحلي‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬أصبح‭ ‬مسألة‭ ‬مقلقة‭ ‬كثيرا‭ ‬وترتبط‭ ‬بالتغير‭ ‬المناخي،‭ ‬فداخل‭ ‬الدول‭ ‬تجد‭ ‬الفلاحين‭ ‬والمزارعين‭ ‬ومربي‭ ‬الثروة‭ ‬الحيوانية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬خاصة‭ ‬وفي‭ ‬العالم‭ (‬أو‭ ‬أبناؤهم‭ ‬على‭ ‬الأقل‭) ‬يهجرون‭ ‬الأرياف‭ ‬والقرى‭ ‬والبوادي‭ ‬للمدن،‭ ‬ويتركون‭ ‬مهنتهم‭ ‬طلبا‭ ‬للكسب‭ ‬السريع‭ ‬وطلبا‭ ‬للراحة‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬المرهق،‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬تدني‭ ‬إنتاجية‭ ‬المحاصيل‭ ‬والشح‭ ‬المائي‭ ‬والكوارث‭ ‬الطبيعية‭ (‬كموجات‭ ‬الحر‭ ‬والصقيع‭ ‬والفيضانات‭ ‬مثلا‭ ‬والتي‭ ‬تهدد‭ ‬المحاصيل‭)‬،‭ ‬بجانب‭ ‬غلاء‭ ‬الأعلاف‭ ‬وكلف‭ ‬تربية‭ ‬المواشي‭... ‬إلخ،‭ ‬مما‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬الغذائي‭ ‬العالمي‭ ‬السنوي‭ ‬مقابل‭ ‬زيادة‭ ‬النمو‭ ‬السكاني‭ ‬والطلب‭ ‬والاستهلاك‭ ‬الحاصل‭ ‬بالأصل،‭ ‬لنتحدث‭ ‬عن‭ ‬نقص‭ ‬الغذاء‭ ‬وارتفاع‭ ‬أسعاره‭ ‬ومجاعات‭ ‬تهدد‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬الكوكب‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المستهلكة‭.  ‬
 
الفقر‭ ‬والتنمية‭ ‬والحروب‭ ‬والصراعات
يؤثر‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬الأموال‭ ‬الكافية‭ ‬لرفع‭ ‬الجاهزية‭ ‬وتحسين‭ ‬الخدمات‭ ‬والبنى‭ ‬التحتية‭ ‬والفوقية‭ ‬والشبكات‭ ‬وتحصين‭ ‬كودات‭ ‬بناء‭ ‬المساكن‭ ‬لرفع‭ ‬المنعة‭ ‬ضد‭ ‬المخاطر‭ ‬الطبيعية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالتغير‭ ‬المناخي،‭ ‬فتدفع‭ ‬بذلك‭ ‬الثمن‭ ‬لأمر‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬سببا‭ ‬له،‭ ‬حيث‭ ‬تعد‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬الغنية‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬إنتاجا‭ ‬لثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭. ‬
ومع‭ ‬الفقر‭ ‬ولبطالة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة‭ ‬تجد‭ ‬مخالفات‭ ‬قطع‭ ‬الغابات‭ ‬لغايات‭ ‬التدفئة‭ ‬وبيع‭ ‬الحطب،‭ ‬وتجد‭ ‬الرعي‭ ‬الجائر‭ ‬وتجد‭ ‬الصيد‭ ‬الجائر،‭ ‬ومع‭ ‬غياب‭ ‬الرقابة‭ ‬تتفاقم‭ ‬الظاهرة‭ ‬لتسارع‭ ‬عمليات‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭.‬
بالمقابل‭ ‬ففرص‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬السكان‭ ‬شحت‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬فتجد‭ ‬الشباب‭ ‬الأفارقة‭ ‬مثلا‭ ‬يهاجرون‭ ‬بالقوارب‭ ‬وبشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا،‭ ‬وسكان‭ ‬أمريكا‭ ‬الجنوبية‭ ‬يتسللون‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا،‭ ‬وأصبح‭ ‬اللاجئون‭ ‬بسبب‭ ‬الحروب‭ ‬والنزاعات‭ ‬بعشرات‭ ‬الملايين،‭ ‬وعمت‭ ‬النزاعات‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الخصبة‭ ‬المنتجة‭ ‬وعلى‭ ‬العناصر‭ ‬النادرة‭ ‬والثروات‭ ‬الطبيعية‭ ‬والغاز‭ ‬والمعادن؛‭ ‬حرب‭ ‬روسيا‭ ‬أوكرانيا‭ ‬مثال‭.‬
وتعد‭ ‬الجاهزية‭ ‬والمنعة‭ ‬ضد‭ ‬المخاطر‭ ‬الطبيعية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالتغير‭ ‬المناخي‭ ‬مهمة‭ ‬لدفع‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاستثمار‭ ‬وديمومة‭ ‬القطاعات‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬دولة‭. ‬
ولطالما‭ ‬كانت‭ ‬الحروب‭ ‬والنزاعات‭ ‬والصراعات‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬والعراقيل‭ ‬التي‭ ‬تباطيء‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تمنع‭ ‬جهود‭ ‬الحلول‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الكوكب،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬لتصبح‭ ‬قضايا‭ ‬البيئة‭ ‬من‭ ‬الكماليات‭ ‬أمام‭ ‬شبح‭ ‬الموت‭ ‬والمجاعات‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬الحروب‭.‬
 
جهود‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬أسباب‭ ‬التغير‭ ‬المناخي
تقييم‭ ‬الاثر‭ ‬البيئي
منذ‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬تقريبا‭ ‬والدول‭ ‬تنهج‭ ‬دراسة‭ ‬وتقييم‭ ‬آثار‭ ‬المشاريع‭ ‬المختلفة‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬الفيزيائية‭ ‬والحيوية‭ ‬والسكان،‭ ‬وتهدف‭ ‬هذه‭ ‬الدراسات‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬والتخفيف‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬أسباب‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬أية‭ ‬ضغوطات‭ ‬على‭ ‬الأنظمة‭ ‬البيئية،‭ ‬وبهدف‭ ‬الاستدامة‭ ‬ودفع‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية‭ ‬وبما‭ ‬يضمن‭ ‬سلامة‭ ‬مكونات‭ ‬وعناصر‭ ‬البيئة،‭ ‬وتساهم‭ ‬هذه‭ ‬الدراسات‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬أسباب‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬وانبعاثات‭ ‬الغازات‭ ‬والمخلفات‭ ‬التي‭ ‬تفاقم‭ ‬هذا‭ ‬التحدي‭ ‬العالمي‭ ‬الخطير‭. ‬
‭ ‬
البصمة‭ ‬الكربونية
نجحت‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬إدخال‭ ‬مصطلح‭ ‬البصمة‭ ‬الكربونية‭ ‬حيز‭ ‬الوجود،‭ ‬ليقيس‭ ‬مدى‭ ‬مساهمة‭ ‬الأفراد‭ ‬والمؤسسات‭ ‬والدول‭ ‬في‭ ‬إنبعاثات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حرق‭ ‬الوقود،‭ ‬وبهدف‭ ‬رفع‭ ‬معايير‭ ‬التوعية،‭ ‬لتنخفض‭ ‬مثلا‭ ‬مقاييس‭ ‬البصمة‭ ‬لدى‭ ‬من‭ ‬يتنقل‭ ‬بالدراجة‭ ‬الهوائية‭ ‬بينما‭ ‬تزداد‭ ‬لدى‭ ‬من‭ ‬يتنقل‭ ‬بالسيارة،‭ ‬وتنخفض‭ ‬لدى‭ ‬من‭ ‬يسافر‭ ‬داخل‭ ‬دولته‭ ‬للسياحة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬المسافات‭ ‬الطويلة،‭ ‬وتنخفض‭ ‬لدى‭ ‬المصنع‭ ‬الذي‭ ‬يستعمل‭ ‬وسائل‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الحرق‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬الإنتاج،‭ ‬لنتمكن‭ ‬بالنهاية‭ ‬من‭ ‬تصنيف‭ ‬الدول‭ ‬ذاتها‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬ذات‭ ‬بصمة‭ ‬كربونية‭ ‬عالية‭ ‬ومتوسطة‭ ‬ومنخفضة،‭ ‬وينطبق‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬القطاعات‭ ‬كذلك‭ ‬من‭ ‬سياحة‭ ‬ونقل‭ ‬وزراعة‭ ‬وخدمات‭ ... ‬الخ‭.‬
 
الاقتصاد‭ ‬الأخضر
أصبحت‭ ‬الدول‭ ‬تتجه‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الأخضر‭ ‬وتشجع‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬قطاعاتها‭ ‬من‭ ‬سياحة‭ ‬وصناعة‭ ‬وزراعة‭ ‬ونقل‭ ‬وخدمات‭ ‬وغيرها،‭ ‬ويهدف‭ ‬ذلك‭ ‬لتوجيه‭ ‬عمليات‭ ‬الإنتاج‭ ‬وكافة‭ ‬الأنشطة‭ ‬للاعتماد‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة،‭ ‬كالطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬وطاقة‭ ‬الرياح،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬فرز‭ ‬وتدوير‭ ‬المخلفات‭ ‬الصلبة‭ ‬والسائلة‭ ‬وإعادة‭ ‬استخدامها،‭ ‬مما‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬إنبعاثات‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون،‭ ‬ويحافظ‭ ‬على‭ ‬المصادر‭ ‬الطبيعية‭ ‬من‭ ‬الاستنزاف،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬تعافي‭ ‬الكوكب‭ ‬وغلافه‭ ‬الغازي‭, ‬وبالتالي‭ ‬تراجع‭ ‬ظاهرة‭ ‬الاحترار‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬مؤمل‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬القادمة‭.‬
‭ ‬
تحويل‭ ‬ديون‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬إلى‭ ‬مشاريع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأخضر
من‭ ‬الجيد‭ ‬التفكير‭ ‬بتحويل‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬مديونية‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة‭ ‬والنامية‭ ‬إلى‭ ‬مشاريع‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬وصناعات‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأخضر‭ ‬على‭ ‬أراضيها‭ ‬للدول‭ ‬الدائنة،‭ ‬مما‭ ‬يساهم‭ ‬بدمج‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬ضمن‭ ‬جهود‭ ‬تعافي‭ ‬الكوكب‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وكذلك‭ ‬حفاظها‭ ‬على‭ ‬مواردها‭ ‬الطبيعية‭ ‬من‭ ‬الاستنزاف‭ ‬وتبني‭ ‬حلول‭ ‬زيادة‭ ‬منعتها‭ ‬ضد‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭.‬
 
حلول‭ ‬التعايش‭ ‬والتكيف‭ ‬والتأقلم
لقد‭ ‬أصبح‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬حقيقة‭ ‬واقعية‭ ‬تهدد‭ ‬البشر‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب،‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬كوارث‭ ‬طبيعية‭ ‬مختلفة‭ ‬وشح‭ ‬مائي‭ ‬وجفاف‭ ‬وتقلص‭ ‬إنتاج‭ ‬غذائي‭ ‬وأوبئة‭ ‬وأمراض‭ ‬تظهر‭ ‬حديثا‭ ‬وسريعة‭ ‬الانتشار،‭ ‬
مراكز‭ ‬عالمية‭ ‬للتكيف‭ ‬مع‭ ‬آثار‭ ‬التغير‭ ‬المناخي
يعد‭ ‬إيجاد‭ ‬مركز‭ ‬عالمي‭ ‬ذات‭ ‬فروع‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬لدراسات‭ ‬وحلول‭ ‬التعايش‭ ‬والتكيف‭ ‬مع‭ ‬آثار‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬أمرا‭ ‬هاما‭ ‬وملحا،‭ ‬لجمع‭ ‬المحاور‭ ‬أعلاه‭ ‬والتعامل‭ ‬معها‭ ‬بمنهجية‭ ‬وإستراتيجيات‭ ‬وخطط‭ ‬واضحة‭ ‬وإسناد‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬القادم،‭ ‬كما‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬المركز‭ ‬على‭ ‬علاقات‭ ‬رسمية‭ ‬مع‭ ‬الوزارات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬داخل‭ ‬الدولة‭ ‬ومع‭ ‬باقي‭ ‬المراكز‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬لتبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬والحلول،‭ ‬فالتغير‭ ‬المناخي‭ ‬بات‭ ‬يهدد‭ ‬الكوكب،‭ ‬والجميع‭ ‬معرضون‭ ‬للمخاطر‭ ‬والآثار،‭ ‬والجميع‭ ‬مدعوون‭ ‬لإنجاح‭ ‬هكذا‭ ‬مركز‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬دولة،‭ ‬
 
الإنذار‭ ‬المبكر‭ ‬لخطر‭ ‬الفيضان
كنا‭ ‬في‭ ‬مفوضية‭ ‬البترا‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬تنبه‭ ‬لتفاقم‭ ‬سلوك‭ ‬خطر‭ ‬الفيضان‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬البترا‭ ‬ووادي‭ ‬موسى‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬الأردنية‭ ‬الهاشمية‭ ‬لطبيعتها‭ ‬الجغرافية‭ ‬وتصاعد‭ ‬مظاهر‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬وقد‭ ‬قمنا‭ ‬وبالتعاون‭ ‬مع‭ ‬برنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بدراسة‭ ‬جدوى‭ ‬تركيب‭ ‬وتشغيل‭ ‬نظام‭ ‬إنذار‭ ‬مبكر‭ ‬للفيضان،‭ ‬ليعمل‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬تنبيه‭ ‬للمواطنين‭ ‬والسياح‭ ‬وغرفة‭ ‬العمليات‭ ‬قبل‭ ‬حدوث‭ ‬الفيضان‭ ‬في‭ ‬المدينة،‭ ‬لتمكين‭ ‬الجاهزية‭ ‬وجهود‭ ‬الإخلاء،‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬الأرواح‭ ‬والممتلكات،‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬تركيب‭ ‬نظام‭ ‬الإنذار‭ ‬المبكر‭ ‬لخطر‭ ‬الفيضان‭ ‬في‭ ‬البترا‭ ‬عام‭ ‬2012‭ ‬مما‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬منعة‭ ‬المدينة‭.‬
 
التحلية‭ ‬كخيار‭ ‬استراتيجي‭ ‬للبقاء
أصبحت‭ ‬قضية‭ ‬تحلية‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭ ‬لسد‭ ‬العجز‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬الشرب‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬حل‭ ‬إستراتيجي‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنه،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬أنه‭ ‬أصبحت‭ ‬التحلية‭ ‬مصدر‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬ويقابله‭ ‬جهود‭ ‬بالتحول‭ ‬للطاقة‭ ‬النظيفة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬انبعاثات‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭  ‬الكربون،‭ ‬وتتجه‭ ‬دول‭ ‬مثل‭ ‬الأردن‭ ‬لهذا‭ ‬الحل‭ ‬حيث‭ ‬تعاني‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬حاد‭ ‬بمصادر‭ ‬المياه‭.‬
 
ناقل‭ ‬البحرين‭ )‬حالة‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬الأردن)
يعاني‭ ‬البحر‭ ‬الميت‭ ‬في‭ ‬الأردن‭ ‬من‭ ‬الجفاف‭ ‬وهبوط‭ ‬متسارع‭ ‬بسطح‭ ‬المياه،‭ ‬وقد‭ ‬يفقد‭ ‬تماما‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2050،‭ ‬مما‭ ‬يدعو‭ ‬للحلول‭ ‬العاجلة‭ ‬لإنقاذ‭ ‬هذا‭ ‬الإرث‭ ‬العالمي‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬البيئية‭ ‬والدينية‭ ‬والسياحية‭ ‬والتراثية،‭ ‬ومنعا‭ ‬لزيادة‭ ‬النشاط‭ ‬الزلزالي‭ ‬الانزلاقي‭ ‬التوسعي‭ ‬على‭ ‬صدع‭ ‬حفرة‭ ‬الانهدام‭ ‬والمرتبط‭ ‬بالصفيحة‭ ‬العربية‭ ‬تكتونيا،‭ ‬وذلك‭ ‬عند‭ ‬تحرر‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تشكلها‭ ‬كتلة‭ ‬المياه‭ ‬على‭ ‬جسد‭ ‬الصدع‭.‬
‭ ‬ويدرس‭ ‬الأردن‭ ‬إمكانية‭ ‬مد‭ ‬أنبوب‭ ‬من‭ ‬خليج‭ ‬العقبة‭ ‬إلى‭ ‬البحر‭ ‬الميت‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لنقل‭ ‬كميات‭ ‬من‭ ‬مياه‭ ‬الخليج‭ ‬لتعويض‭ ‬الفاقد‭ ‬منه‭ (‬بفعل‭ ‬التبخر‭ ‬وتحويل‭ ‬مجاري‭ ‬المياه‭ ‬السطحية‭ ‬وبناء‭ ‬السدود‭ ‬عليها‭)‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬لاستغلال‭ ‬طاقة‭ ‬المياه‭ ‬المندفعة‭ ‬مع‭ ‬الجاذبية‭ ‬بسبب‭ ‬فرق‭ ‬الارتفاعات‭ ‬بين‭ ‬العقبة‭ ‬والبحر‭ ‬الميت‭ ‬لتحلية‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬بالتناضح‭ ‬العكسي،‭ ‬وتوليد‭ ‬التيار‭ ‬الكهربائي‭ ‬بالمياه‭ ‬المندفعة‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تمريرها‭ ‬بتوربينات‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مراحل‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬الأنبوب،‭ ‬وبهدف‭ ‬تنمية‭ ‬قرى‭ ‬منطقة‭ ‬وادي‭ ‬عربة‭ ‬والواقعة‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬مسار‭ ‬الأنبوب‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬البحر‭ ‬الميت‭.  ‬
 
تخطيط‭ ‬استعمالات‭ ‬الأراضي‭ ‬الذكي
عندما‭ ‬أشرفت‭ ‬على‭ ‬إعداد‭ ‬المخطط‭ ‬الشمولي‭ ‬الإستراتيجي‭ ‬لإقليم‭ ‬البترا‭ ‬للعشرين‭ ‬عاما‭ ‬القادمة‭ ‬والذي‭ ‬أطلق‭ ‬في‭ ‬2013،‭ ‬وضعت‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الاهتمامات‭ ‬وبالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الشركات‭ ‬العالمية‭ ‬والتي‭ ‬فازت‭ ‬بالعطاء‭ ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بحيثية‭ ‬مخطط‭ ‬إستعمالات‭ ‬الأراضي،‭ ‬أهمية‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬المناطق‭ ‬الصالحة‭ ‬للزراعة‭ ‬ومجاري‭ ‬الأودية‭ ‬والتربة‭ ‬الخصبة‭ ‬والموائل‭ ‬الجغرافية‭ ‬المتنوعة‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬وتعزيزا‭ ‬لأمننا‭ ‬الغذائي‭ ‬المحلي‭ ‬ومصادر‭ ‬دخل‭ ‬الفلاح‭ ‬والمزارع،‭ ‬وذلك‭ ‬بنمذجتها‭ ‬بدلالة‭ ‬خرائط‭ ‬مكانية‭ ‬لخصوبة‭ ‬التربة‭ ‬وطبوغرافية‭ ‬الأراضي‭ ‬وثباتيتها‭ ‬الجيوهندسية‭ ‬ووفرة‭ ‬مصادر‭ ‬المياه‭ ‬وحساسية‭ ‬الخزانات‭ ‬الجوفية‭ ‬للتلوث،‭ ‬وخصصنا‭ ‬نطاق‭ ‬عازل‭ ‬حول‭ ‬حرم‭ ‬الأودية‭ ‬الرئيسية‭ ‬بمسافة‭ ‬50‭ ‬متر‭ ‬عن‭ ‬كلا‭ ‬جانبي‭ ‬المجرى،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬مستقبل‭ ‬المواطن‭ ‬وأمنه‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬الأولويات‭.‬
 
مشاريع‭ ‬الصحراء‭ ‬الذكية‭ ‬والزراعة‭ ‬الذكية‭ ‬مناخيا
في‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬التصحر‭ ‬وفقدان‭ ‬المساحات‭ ‬الصالحة‭ ‬للزراعة‭ ‬وسعيا‭ ‬لتعزيز‭ ‬أمنها‭ ‬الغذائي‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬دخل‭ ‬المزارعين‭ ‬والفلاحين،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تبني‭ ‬مشاريع‭ ‬الزراعة‭ ‬الذكية‭ ‬مناخيا،‭ ‬وذلك‭ ‬بدراسات‭ ‬البذور‭ ‬المقاومة‭ ‬للظروف‭ ‬المناخية‭ ‬الصعبة‭ ‬وذات‭ ‬الإنتاجية‭ ‬العالية‭ ‬والتي‭ ‬تتحمل‭ ‬الجفاف،‭ ‬وتطوير‭ ‬وسائل‭ ‬الري‭ ‬العصرية‭ ‬الأكثر‭ ‬كفاءة،‭ ‬واستصلاح‭ ‬التربة‭ ‬ورفع‭ ‬إنتاجيتها‭ ‬وحمايتها‭ ‬من‭ ‬الانجراف‭ ‬ووقف‭ ‬التصحر،‭ ‬وبالمقابل‭ ‬تمكين‭ ‬مربي‭ ‬المواشي‭ ‬والثروة‭ ‬الحيوانية‭ ‬بتقنيات‭ ‬زراعة‭ ‬وإنتاج‭ ‬الأعلاف،‭ ‬واستدامة‭ ‬الثروة‭ ‬الحيوانية‭ ‬خاصة‭ ‬لدى‭ ‬سكان‭ ‬البوادي‭ ‬وتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬لهم‭. ‬
 
المجتمعات‭ ‬المحلية‭ ‬والتغير‭ ‬المناخي‭ ‬واستقرارها
يؤثر‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأرض‭ ‬ويحتاج‭ ‬الماء‭ ‬لغايات‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وتعتبر‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬القرى‭ ‬والبوادي‭ ‬والأرياف‭ ‬والمخيمات‭ ‬بأمس‭ ‬الحاجة‭ ‬لتوفير‭ ‬الدعم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬المناسبة‭ ‬لاستدامة‭ ‬أنشطتهم‭ ‬ومنتجاتهم‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬مصادر‭ ‬دخلهم،‭ ‬مما‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬الهجرة‭ ‬للمدينة‭ ‬ويعزز‭ ‬جهود‭ ‬تسكين‭ ‬واستقرار‭ ‬وتوطين‭ ‬سكان‭ ‬البوادي‭ ‬خاصة‭ ‬والشباب‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬ويحد‭ ‬من‭ ‬تحول‭ ‬السكان‭ ‬من‭ ‬نمط‭ ‬الإنتاج‭ ‬إلى‭ ‬نمط‭ ‬الاستهلاك،‭ ‬ويقلل‭ ‬من‭ ‬التزاحم‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬التلوث‭ ‬بالضجيج‭ ‬والغازات‭ ‬وزيادة‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬المياه‭ ‬والطاقة‭ ‬والخدمات‭.   ‬
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره