مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2024-03-03

المفاوضات المناخية العالمية.. منظور الدول العربية

يعيش العالم بأسره حالة من الاستنفار نتيجة التغيرات المناخية التي أصبحت واضحة للعيان، ويكاد يحصل الإجماع  بشأن النشاط البشري (منذ الثورة الصناعية الأولى في القرن 18) المُسبب للتغيرات المناخية. ومما لاشك فيه أن الدول العربية تعرف مُستوىات مرتفعة من الهشاشة المناخية، بدءً من الجفاف والتّصحر ونُدرة المياه و«انتهاءً» بتداعيات الأزمات على المستوى العالمي وتحديداً الحرب الروسية- الأوكرانية على الأمن الغذائي والطاقي. 
 
مؤتمر الأطراف (COP) في نسخته 28 (الإمارات العربية المتحدة، 2023) سيكون حاسما للدول العربية، وعلى المُفاوض في هذه الدول أن يستعدّ للمبادرة من أجل إنجاح مسلسل الانتقال الايكولوجي وتعزيز الاستدامة في البرامج والمخططات الحكومية العربية. وقد تكون مضامين الرّؤى (رؤية عمان 2040، رؤية السعودية 2030، رؤية مائوية الامارات 2071، المغرب في أفق 2040 ...إلخ) التي طرحتها الدول العربية مُفيدة في التّعامل مع التحديات التي تفرضها المفاوضات المناخية العالمية. من هذا المنطلق سنحاول البحث في الإشكالية التالية: مدى مُساهمة المفاوض المناخي في الدول العربية في تحقيق المصالح الاقتصادية والسياسية (النظرية الواقعية) ومن ثمّ محاولة بناء تصوّرات أولية عن المُعضلة البيئية/المناخية من أجل الدفاع عن المصالح العربية مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات العربية في المفاوضات المناخية العالمية. 
 
يوجد صراع مُستدام لتنافر المصالح بين المتفاوضين على المستوى الدولي؛ فمنذ أن تبوأت قضايا التّغيرات المناخية على السّاحة الدولية مكانة أساسية برز تناقض فـــي الأطروحات المُؤطّرة للتغيرات المناخية، ومن ثمّ التفكير في الحلول بشأن الحدّ منها، وظهر الخلاف بين الأطراف «المُتصارعة» بشأن توزيع التّكاليف والمنافع المناخية بينها ومن ثم صنع السياسات المناخية.
فـي مجال المفاوضات المناخية الكونية، يمكن القول بوجود محاور أو تكتلات أو اندماجات أو ائتلافات أو تحالفات مصلحية مؤقتة فـي مُقابل تحالفات منتظمة نسبياً كمجموعة 77+ الصين. وسيتم التركيز، في هذا البحث، على المنظور العربي في المفاوضات المناخية لاسيما المبادئ التي يرتكز عليها من أجل ربح رهان المفاوضات المناخية العالمية.
 
في نظرنا، أفرزت توازنات القوى في المُفاوضات المُناخية العالمية، ثلاث مقاربات أساسية تسمح لكل محور (تكتّل) بالتّناور وربح هامشية التّفاوض المناخي، وهي المقاربة التاريخية التي تتمسك بها الدول النامية+ الصين؛ ومقاربة المسؤولية المشتركة بين جميع الفاعلين التي تتمسك بها الدول الصناعية؛ ومقاربة المسؤولية المشتركة لكن المتباينة [كما أطّرتها اتفاقية الأمم المتحدة الإطار للتغيرات المناخية UNFCCC,1992]، التي تحاول أن «تفرضها» منظمة الأمم المتحدة على جميع الفاعلين. 
 
علاوة على الاعتماد على مضمون التّنظير في العلاقات الدولية من أجل تفسير تعدّد مواقف ورُؤى الدول العربية من قضايا التّغيرات المناخية وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة، سنعمل على إبراز المقاربة الجيلية في منظور هذه الدول، بمعنى ما هي الاستراتيجيات والخُطط التي تضعها الدول العربية لضمان الاستدامة فـــي جميع المجالات استناداً على منظور التّواصل الجيلي، أي الاهتمام بمصالح وحقوق الأجيال العربية المقبلة كجزء أساسي من منظورات تحقيق مصالح الأجيال الحالية. لذا على المفاوض في الدول العربية أن يقوم بترسيخ هذه المقاربة. 
 
مشروع عربي موحّد
يمكن للدول العربية أن تكون قادرة بفضل كفاءاتها االبشرية والمادية، على تقديم مُقاربة  للتّغيرات المناخية في صيغة مشروع عربي موحّد، فالفضاء العربي قد يكون مُفيداً من أجل تبادل الخبرات والتّجارب والمعارف فـــي مجال مجابهة التّغيرات المناخية أو الصّمود (Resilience) في وجهها بدءً من رصدِ المُنجزات التي تحقّقت على المستوى التّشريعي والتّنظيمي والمجتمعي، وتقييم المُنجزات العملية للخُطَط والبرامج الخضراء، ثُمّ المقارنة بين جهود الدول العربية للتّوصل إلى مقاربات واستراتيجيات شُمُولية مشتركة تسمح بالانتقال السّلس نحو الاقتصاد الأخضر(Green Economy).
حيث تُوجد نقاط القُوة والضّعف في هذه المقاربة، لكن هناك فرصاً مُتاحة وتوجد أيضاً تهديدات وتحديات ومخاطر تقف حجر عثرة فـــي بناء تلك المقاربة في الدول العربية (مصفوفة سووتSWOT). فمن نقط القوّة نجد مثلاً: التاريخ المُشترك ومكافحة الاستعمار؛ وغِنَى الدول العربية بمختلف الموارد المادية والبشرية. أمّا نقاط الضّعف فهي مُتعددة منها الاعتماد على الآخر (التّبعية الاقتصادية والسياسية)؛ وضُعف العمل الجماعــي (التّجارة البينية ضعيفة)؛ وتدنّي مستويات التّعليم والدّخل. فعلى المفاوض العربي، إذن، العمل على استغلال نقط القوة والفرص المُتاحة. 
 
وتشمل الفرص المُتاحة للدول العربية، الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، وقيام شراكات استراتيجية جديدة بينها، وتعزيز الحوكمة (Governance) ونشر الديمقراطية الحقّة، والحدّ من التّدخل الخارجي. وفـي إطار النّظام العالمي (Global System) تُواجه الدول العربية جُملة من التّهديدات أو التحديات منها، التحدّيات البيئية (تغيّر المناخ والتصحر)، والتحدّيات الأمنية (الطّاقة، والغذاء والإرهاب)، والتحدّيات المالية (الإقصاء من النظام المالـي العالمي).
 
إن دينامية العمل الجماعـي والبنّاء في ظلّ الجامعة العربية، ومنظمة التّعاون الإسلامي، تُحتّم علينا طرح المبادرات على مستوى العالم العربي-الإسلامي ما دام أن قضايا التّغيرات المناخية قضايا عابرة للحدود بطبيعتها، وستؤثر حتماً على الأمن المائي والغذائي العربي بشكل لافت (Report Stern, 2006). كما أن الانفتاح على المنظمات الخضراء الحكومية وغير الحكومية في العالم العربي-الإسلامي عمل يحتاج إلى تطوير مُستدام للقُدرات  البشرية بالنّظر إلى التّحولات العميقة والجذرية التي تعرفها المجتمعات العربية-الإسلامية. وبتحليل الإشكاليات المتعلقة بالتّغيرات المناخية (بشأن الفلاحة، والتّنوع البيولوجي، والموارد الطبيعية الخ) نستطيع أن نؤدّي مهامنا الأساسية كدبلوماسيين في مجال التّغيرات المناخية من منظور عربي-إسلامي.
 
البيئية الاستراتيجية
إن هذا المدخل سيسمح لنا بالعمل على تعزيز اليقظة البيئية الاستراتيجية في الدول العربية، وستكون المقاربة التي يتبناها الدبلوماسي العربي (وهي أساساً ذات أبعاد قانونية وسياسية واقتصادية) ناجحة لأنها تهدفُ إلـــى رصد ما تمّ انجازه كأساس لبناء مقاربة إستشرافية بشأن تأثير التّغيرات المناخية على الدول العربية وسُبُل إنقاص تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة.
 
هذا المشروع الضخم يتطلب الصّبر، والتأمل، والتّفاعل الايجابي مع تداعيات المُحيطين الإقليمي والدولي في ظلّ تناقض مقاربات الدبلوماسية المناخية لا سيما بين المنظورين الليبرالي [المسؤولية المشتركة؛ الاعتماد البيئي المتبادل؛ مبادلة الديون بالاستثمار فـي الطبيعة]، والمنظور التّنموي [المسؤولية المشتركة لكن المتباينة؛ المسؤولية التاريخية للغرب؛ الاستفادة من التكنولوجية النظيفة؛ الحق في التنمية المستدامة]. لكن إيجاد الصّيغ التّوافقية هو السّبيل الأمثل لتفادي الصّدام المناخي بين دول الشّمال المصنّع والجنوب النّامي.
 
يمكن للدبلوماسي العربي الانطلاق من التّقارير والدّراسات الدولية حول المناخ، خاصة ما تصدره أجهزة منظمة الأمم المتحدة كتقارير برنامج الأمم المتحدة للتنمية (UNDP)، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، والمنظمة مابين الحكومية المعنية بالتّغيرات المناخية (IPCC)*، فهذه التّقارير تُورد معطيات وجداول ومؤشّرات في غاية الأهمية، إلاّ أنها قد تكون أحياناً غير دقيقة في الدول العربية، لذلك من الواجب أن نُدقّق المعطيات من أجل ربح رهانات المفاوضات المناخية العالمية. وعلى الدول العربية العربية أن تتموقع مناخياً لتعزيز التّعاون المناخي جنوب–جنوب بُغية الاستفادة من فرص الدبلوماسية المناخية، فمؤتمر ريو +20 (2012) أفرز اختلافاً في الرّؤى بين الدول العربية فهل نستطيع أن نردم الهُوة للحفاظ على الميراث المشترك بيننا؟ وقد يكون عمل الدبلوماسي (كفريق عمل) أساساً في هذا الصّدد.
 
إن العمل الجاد والمسؤول هُما الكفيلان بتعزيز المقاربة العربية المشتركة والموحدة، كما أن التّحضير المشترك والجيّد للجولات المناخية (لاسيما بعد تحقيق نجاح نسبي في مؤتمر باريس للعام 2015) من المفاوضات هُما أساس بناء هذه المقاربة. ومن المُفيد أن يُساهم الدبلوماسي إيجاباً في المنظور الاستشرافي العربي. وسيكون ذلك عاملاً محدّداً للتّفاعل الايجابي فـي الدول العربية مع المبادرات المناخية المطروحة اقليمياً ودولياً.
ترى دول الجنوب (لاسيما محور 77+ الصين) أن تراكم غازات الدفيئة مصدرها أنماط التنمية الموجودة فـــي الدول الصناعية (أنتجت الدول الصناعية 840 مليار طن من ثاني أوكسيد الكربون(CO2) بين 1850 و2005 من أصل 1100 مليار طن).
 
لاشك أن الغرب أسهم منذ الثّورة الصناعية الأولى (القرن 18) فـي الإضرار الجسيم بطبقة الأوزون، وقد أدّى التّصنيع إلى فرض أنماط استهلاكية أضرّت بالبيئة والإنسان وصحته. ورغم نفي الغرب للمسؤولية التاريخية بشأن المعضلة البيئية، إلاّ أن النّظر في الفوارق التّصنيعية بين الدول يدلّ بوضوح على أن الغرب رَاكَمَ تطوراته الاقتصادية نتيجة الاستغلال المُفرط للموارد الطبيعية، وعدم اهتمامه بقضايا الاستدامة (استدامة الانسان والطّبيعة على حدّ سواء).
 
تبعا لذلك برز مفهوم الدّين الايكولوجي(The Ecological Debt) بقوة، وهو يعني «الدّين المُتراكم من قبل الدول الصناعية في مُقابل الدول الأخرى عندما يتم حساب استغلال الموارد الطبيعية منذ الاستعمار، وتصدير النّفايات بكل أنواعها لدول الجنوب منذ الفترة الاستعمارية». ولاشك أن البُحوث فـــي مجال الديون الايكولوجية بدأت منذ السّبعينيات من القرن العشرين لاسيما في أمريكا اللاتينية، كما ساهمت المنظمات غير الحكومية فـــي تطوير هذا المفهوم وغيره كالامبريالية الايكولوجية. ومن أهم المفاهيم التي ارتبطت بالديون الايكولوجية يمكن أن نذكر العدالة البيئية/الايكولوجية. وقد تبين بالملموس أن إصلاح الضّرر البيئي الايكولوجي لا يبدأ من سنة 1990 كسنة مرجعية كما هو محدّد في بروتوكول كيوتو (1997). فــ«في سنة 1990 مثلاً تم استهلاك رُبع المواد الأولية و 60 في المائة من الطّاقات الأحفورية في دول الشّمال، لكن هذه المواد تمّ استنزافها فـي دول الجنوب». ولاشك أن هذه النّسب المائوية تُبين الفجوات الموجودة بين الدول الصناعية والدول النامية. 
 
بروتوكول كيوتو
جاء بروتوكول كيوتو للتغيرات المناخية (1997) بثلاث آليات تمويلية للمناخ وهي: آلية التنمية النظيفة، وآلية التنفيذ المشترك؛ وآلية  الاتجار في الانبعاثات (سُوق الكربون). إضافة إلى مبادرة الأمم المتحدة للتّخفيف من إزالة واندثار الغابات (UN-REDD) وهي مبادرة دولية وعابرة للحدود الوطنية، تم الاعلان عنها في العام 2008. وتهدف إلى مجابهة الانحباس الحراري الذي تحدثه الغازات الدّفيئة  الناتجة عن تدهور واندثار الغابات في الدول النامية. إلاّ أن تطبيق هذه الآليات بينت بوضوح مدى استفادة القوى الكبرى والشركات المتعددة الجنسيات بحجة الاعتماد المتبادل بين الاقتصاديات. لذا على المفاوض المناخي في الدول العربية أن يتفطن إلى هذه المعطيات. 
 
إن المال هو عصب الحياة الاقتصادية، فدول الجنوب تشكو قلّة وشُحّ المال في مقابل ارتفاع فاتورة المتطلبات الاجتماعية (الأمن الغذائي والأمن الاقتصادي والأمن البيئي الخ). وقد التزمت»الدول الأكثر فقراً بالحفاظ على البيئة لكن شريطة تقديم الدّعم المالي من قبل الدول المتقدمة» والدول العربية لا تَحِيدُ عن هذه المعادلة، لاسيما الدول غير البترولية.  
ومن منظور الاتفاقيات الدولية تُشير اتفاقية التّنوع البيولوجي(1992) وتحديداً فـي المادة 20 أن الدول المتقدمة تمنح الموارد المالية للدول النامية. ومن جهته أحدث برتوكول كيوتو للتغيرات المناخية (1997) آلية التّنمية النّظيفة «من أجل» تنظيم التمويلات البيئية من قبل الدول المتقدمة فـــي الدول النّامية.
 
وتبيّن بالملموس حاجة الدول النامية إلى التنمية الاقتصادية، لذلك يبدو أساسياَ الاهتمام بالمقاربة الاقتصادية في تحديد تنمية هذه الدول. وترى الدول النامية أنها في حاجة ماسة إلـــى التّطور الاقتصادي. ولكن هذا لا يعني أن الدول النامية تَغُضّ النظر عن أبعاد التنمية المستدامة، فهي تُحاول باستمرار أن تُوفق بين أبعاد التنمية المستدامة وهي: التطور الاقتصادي من جهة أولى والإنصاف من جهة ثانية وحماية البيئة من جهة ثالثة. وقد قامت الدول النامية بجهود حثيثة من أجل التوفيق بين هذه الأبعاد إلاّ أن مستويات جهودها تختلف من دولة إلى أخرى. 
 
وترى الدول النامية أن الدول الصناعية تمكنت من تطوير اقتصادياتها على حساب تدهور البيئة، فقد حقّقت الدول الصناعية تراكماً صناعياً بفعل السّبق التاريخي الصناعي. ولذلك يرى البعض أن من حقّ الدول النامية أن تسير في نفس الاتجاه إلى أن تبلغ مستويات نمو مرتفعة وبعد ذلك تبدأ بالاهتمام بصيانة وحماية البيئة. لكن البعض الآخر يرى أنه يستحيل تطبيق نفس المسار التاريخي على الدول النامية. فهذه الدول مُطالبة -كنظيراتها في الغرب المصنّع- من تطوير قُدرات التّكيف والتّخفيف من التغيرات المناخية. ويستند هذا الرأي الأخير إلى مجموعة من الحجج منها:
-التغيرات المناخية قضية عالمية بامتياز، فهي تهم كل الدول والأمم والشّعوب والمجتمعات والأفراد؛
- يمكن للتّعاون الدولي أن يسهم فـي التّكيف مع التغيرات المناخية؛
-إن تحويل التكنولوجيا من شأنه أن يُحَسّن من وضعية الدول النامية لاسيما الدول الهشة إيكولوجياً؛
-إن تمويل التّكيف والتّخفيف-بشأن التغيرات المناخية- من شأنه أن يعزّز التّضامن الدولي بشان التغيرات المناخية. 
 
من المعلوم أن كُلفة التغيرات المناخية مُكلفة لكل الدول، والمطلوب هو تنويع مصادر الانتقال الطاقي لاسيما في الدول العربية. وطبعاً فاتورة التغيرات المناخية في دول الجنوب ستكون أكثر فهذه الدول لا تتوفّر على البنيات التحتية اللازمة من أجل التصدي للتغيرات المناخية كما أن التعاطي مع التغيرات المناخية لايتم بسرعة لأن الأولوية تعطى للأبعاد الاجتماعية (الفقر، الهشاشة، الجهل، أجور متدنية الخ). كما أن دول الجنوب لاتتوفّر على أنظمة مجابهة (Resilience system) التغيرات المناخية، بل تتحرك هذه الدول وفق منظور ظرفي لايعكس سبل الوقاية من الأزمات البيئية وتدبيرها بفعالية.  
وبما أن التّغيرات المناخية قضية كونية، فهي تستلزم مجابهتها والتّصدي لها حسب مقاربتي التّخفيف من التغيرات المناخية أو التّكيف معها، إضافة إلى سبل تمويل البرامج والمشاريع البيئية شمال –جنوب، وجنوب -جنوب. 
 
مما لاشك فيه توجد تفاوتات جغرافية (أو مجالية) وتفاوتات اجتماعية، وتفاوتات على مستوى الهشاشة المناخية بين الدول والمجتمعات والأمم؛ مما يؤكد فرضية أن طُرق المواجهة وجهود إنقاذ البشرية من ويلات التغيرات المناخية يختلف من مكان إلـى آخر.  فــ»المواطن في دولة مالي مثلاً ينفث أقلّ من المواطن الفرنسي 100 مرة» وأن «10 في المائة من الأفراد الأكثر الملوثين مسؤولين عن 45 فــــي المائة من الانبعاثات العالمية وينتمون إلـى الدول المتقدمة والضّعيفة على حدّ سواء»، مع العلم أن القارة الافريقية مثلاً تُعاني من أزمات بنيوية فـي مجابهة التغير المناخي وهي أكثر المناطق تعرضاً للهشاشة المناخية على المستوى العالمي. 
 
 نتائج الدّراسة
أهمية الانتقال من منظور تحليل التّكاليف-المنافع (Analyse coût bénéfice) ومنظور التكاليف–الامتيازات (Coût- Avantage) وتعزيز مقاربة بروتوكول كيوتو في إدماجه منهجية التّكاليف- الفعالية (Coût- efficacité) على الصعيد العالمي؛ إلى مقاربة الإنصاف مابين الأجيال. لذا لابد من تحديد الكُلْفة البيئية في المنطقة العربية والعمل على إدماج التغير البيئي في الميزانيات العامة للدول العربية مع أهمية تشكيل تكتّل عربي لربح رهانات التغيرات المناخية في سياق الاستدامة المجتمعية. 
 
ويجب السّعي لقلب موازين القوى التي تتحكّم فيها الدول الصناعية الكبرى، والصّين معاً؛ فأثناء المفاوضات المناخية يبدو الموقف العربي ضعيفاً وغير قادر على طرح المُبادرات التي تدفع إلى تمويل المناخ وبرامج التنمية المستدامة، وعلى الدول العربية أن تُدافع عن مقاربة الإنصاف ما بين الأجيال بهدف الإسهام في إنقاذ الكوكب من الخراب والدّمار.
أخيراً، يجب تقديم مقاربة عربية موحدة استشرافية من أجل لعب دور أساسي في تطبيق مخرجات اتفاق باريس للتغيرات المناخية (2015) والدّفع نحو اتفاقية دولية شاملة وملزمة، لأن المتضرر الأول هو الدول العربية، لذا فمن مصلحتها أن تحدّد أولويات الدّفاع عن المشترك الانساني البيئي. 
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره