مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2013-12-01

تحديث القاذفات الصاروخية متعددة الفوهات...بين زيادة المدى والتأثير التدميري

تستخدم معظم جيوش العالم، بالإضافة إلى المدافع التقليدية والهاوتزرات والهاونات، أنظمة القاذفات الصاروخية متعددة الفوهات (Multiple Launch Rocket Systems (MLRS)، التي تعتمد على إطلاق العديد من الصواريخ غير الموجهة، والطويلة المدى نسبياً، كأسلحة للرمي المساحي، بهدف تدمير عناصر المشاة والمركبات المدرعة، داخل منطقة نيران محددة.
 
إعداد:د. شريف علي محمد
 
وقد تركزت الجهود في السنوات الأخيرة نحو تطوير أنظمة من هذه القاذفات تجمع بين الكفاءة العالية، وسهولة التشغيل، والتكامل مع المدفعيات المتواجدة في مجالات التنظيم، والاتصالات، وإدارة النيران، والقيادة والسيطرة، وستتمتع الراجمات الحديثة باستقلالية كبيرة، مع التأقلم مع طبيعة الأرض، تحت مختلف الظروف، وسيفتح ذلك الطريق أمام ظهور أنظمة ذات خصائص مميزة، وتستخدم عددا أقل من الذخائر لتدمير أهدافها. 
 
مكونات نظام القاذفات الصاروخية
يعتبر نظام قاذفة الصواريخ متعددة الفوهات الحديث نظاما معقدا، عالي التقنية، يتضمن توازنا ما بين مكوناته الرئيسية، ليصبح فعالا في المعارك. وهذه المكونات الأربعة هي: نظام القيادة والسيطرة والاتصالات، ونظام التقاط الأهداف، ونظام الذخائر، ونظام الإسناد الفني والصيانة. وتعمل في مساندة نظام القيادة والسيطرة والاتصالات بنية تحتية فعالة للمعلومات الاستخبارية، عبر علاقة غير مباشرة، مما يضيف لآلية هذا النظام العنصر الاستخباري. ويمكن أن ترد المعلومات الاستخبارية من مستشعرات محمولة جوا، أو متمركزة على الأرض، ويمكن تعزيز ودعم مثل هذه المهام، الى درجة كبيرة، بواسطة نظم الاستشعار المحمولة جوا، على الطائرات المأهولة وغير المأهولة.
 
الأنظمة الأمريكية
طورت شركة Lockheed- Martin الأمريكية أول نظام راجمات MLRS لإطلاق الصواريخ المتعددة بدقة، وإلى مسافة بعيدة، ويستعمله الجيش الأمريكي وجيوش برية عديدة، من بينها جيوش دول حلف NATO، وهنالك عدة تحسينات يجري العمل في إدخالها على النظام، وتتضمن الرؤوس المدمرة المضادة للدروع، التي توجه في المرحلة النهائية، مثل استخدام ذخائر  (Brilliant Anti-Tank BAT)، حيث سيتم حمل العديد من هذه الذخائر داخل كل مقذوف للنظام المتعدد الفوهات التكتيكي للجيش Army Tactical Missile System ATACMS المصمم لضرب القوات المعادية في العمق، وللتغلب على تفوق العدو في القوات البرية، ولمهاجمة المواقع والمطارات والحشود المعادية، والذى يعتبر تطويراً لنظام MLRS، ونظراً لسرعة تشغيل النظام ودقة تصويبه، فهو يعتبر من أفضل الأسلحة التي تستعمل ضد الأهداف المتحركة، ويصعب تحديد موقعه بواسطة رادارات المدفعية المعادية، التي تقوم بتحديد مصادر نيران المدفعية والهاونات، وتحمل رأس المقذوف قنابل مزدوجة التأثير (مضادة للأفراد والدبابات)، وتشتمل الرأس الواحدة على 1990 قنبلة.
 
وقد تم تطوير نظام القاذفة الصاروخية ATACMS إلى الطراز  ATACMS Block 1A، حيث تطلق القذيفة فتصل بواسطة صاروخ الدفع إلى ارتفاعات عالية، وتكون سرعتها كبيرة عند الاصطدام بالهدف، لتخترق عمقاً في الأرض قبل الانفجار، وعمليات تطوير أنظمة القاذفات الصاروخية لا تتم جميعها في الولايات المتحدة، وكثير من التحسينات التي أدخلت على نظام ATACMS تم توجيهها إلى أنظمة MLRS، وتشمل هذه التحسينات تغيير الرؤوس الحربية، وتعزيز المدى، وتصحيح المسار أثناء الطيران، وتطور شركات أوروبية الذخيرة CORECT التي تستعمل إشارات نظام تحديد الموقع عالمياً GPS للتوجيه لتصحيح مسار الطيران، وقد أثبتت التجارب أنه يمكن إجراء تصحيح المسار على بعد 20 كم من مركز الاطلاق لإتاحة إصابة دقيقة ضمن نطاق مساحة لا تتعدى 30 متر× 30 متر. 
 
وأحدث عضو في طائفة نظم القاذفات الصاروخية متعددة الفوهات الأمريكية هو النظام High Mobility Artillery Rocket System HIMARS الذى يمكن تحميله فى طائرة نقل طراز C-130، ويستطيع اطلاق نيرانه والخروج من المنطقة بسرعة عالية قبل أن تتمكن قوات العدو من اكتشاف موقعه، وجاء تطوير هذا النظام كخطوة نحو تحويل الجيش الأمريكى إلى قوة خفيفة الحركة. 
 
وتم تطوير نوع جديد من القذائف الصاروخية الموجهة، يصل مداها إلى 70 كلم، وأضيفت كلمة «موجهة» Guided إلى تسمية الراجمات لتصبح GMLRS، ويحمل المقذوف نظام تحديد الموقع GPS في مقدمته، الأمر الذي يزيد من دقة الإصابة، والأمر اللافت في هذا النظام يكمن في أجهزة إدارة النيران، التي تختصر في كمبيوتر، يسمح للطاقم، أو حتى لعنصر واحد فقط، بالقيام بعملية تلقيم الراجمة واطلاق المقذوفات، حيث يرسل معلومات دقيقة عن الهدف المحدد إلى جهاز الكمبيوتر التابع للراجمة الصاروخية، وهذا بدوره يعمل على اتمام عملية التسديد واطلاق القذائف، وفقاً لبرنامج محدد سلفاً، ومخزن داخل الكمبيوتر، ويحقق النظام درجة عالية من الدقة على المسافات البعيدة، مما يوفر قدرة ضرب دقيق لمدى أبعد من 60 كلم، ويعزز فعالية نيران المدفعية في دعم العمليات القتالية. 
 
ولقد اجتاز مقذوف الصاروخGuided Multiple )Launch Rocket System-Plus (GMLRS+) الموجه، المعزز المدى، تجربة الاطلاق بنجاح حتى مدى 120 كم، محققاً تحسناً في المدى بفارق 50 كم عن مدى الصاروخ الموجه الحالي لقاذفة GMLRS، مع منحه قدرة جديدة لرأس حربية تتمتع بمؤثرات قابلة للتحديث، تتيح لها خيارات متباينة ومتعددة، يمكن اعتماد أي منها قبيل عملية الإطلاق، وفي التجارب، تم إطلاق الصاروخ وهو مجهز بباحث يعمل بأشعة الليزر شبه النشطة Semiactive، فحلق مسافة 40 كم، ثم اكتشف الهدف المحدد له بواسطة الليزر. 
 
الأنظمة الروسية
كان الاتحاد السوفيتي السابق أول من أدخل القاذفات الصاروخية متعددة الفوهات على نطاق واسع في ترسانته الحربية، وأظهرت راجمات أطلق عليها اسم « Uragan « فعالية كبيرة خلال الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1963، أدخل الاتحاد السوفيتي راجمة الصواريخ طراز «جراد» إلى قواته المسلحة، وتعددت القذائف لتنويع طرق وظروف استخدامها خلال العمليات القتالية، فكان أن أنتجت قذائف تستعمل لزرع الألغام المضادة للأشخاص وللأفراد، وقذائف دخان، وأخرى قادرة على عمل التداخل الراديوي، بالإضافة إلى ابتكار الحشوات الدافعة، التي تضاعف مدى القصف، ليصل إلى حدود 35 كلم. 
 
أما نظام Smerch عيار 300 مم، فيمكنه حمل ما يصل إلى 12 أنبوب إطلاق على مركبة ذات قدرة عالية على الحركة، ويبلغ المدى الأقصى للنظام 70 كلم أو 90 كلم، وفقاً لنوع المقذوف أو الرأس الحربي المستخدم، وهناك العديد من الحمولات للنظام، كثير منها يتضمن شكلاً ما من أشكال القذائف الصغيرة، ومنها رأس حربي حارق/ شديد التفجير، ويتم تجهيز هذه المقذوفات لحمل رؤوس ثانوية «ذكية»، مضادة للدبابات من طراز Bazalt، ويحمل كل مقذوف خمسة رؤوس حربية من هذا الطراز، وتنطلق هذه الرؤوس فوق منطقة الأهداف، لتفتح مظلة صغيرة لتخفيض سرعة هبوطها، ثم ينشط باحثها الثانوى لتحديد أماكن الأهداف، وبعد ذلك تطلق رأساً حربياً مخترقاً يزن 1 كجم، بسرعة 2000 متر/ الثانية نحو الهدف. 
 
والنظام BM-21D يطلق 40 قذيفة من القذائف الصاروخية عيار 122 ملم، لمسافة تصل من 25-20 كلم، ويستخدم مع جهاز رادار للمسح والمراقبة، طراز «زوبارك- 1»   IL 219 Zoopark، ويصل مدى النموذج BM952 عيار 300 ملم الى 80-70 كلم، ويعتمد ذلك على الرأس المدمر.
 
الأنظمة الصينية
للصين نشاط واسع في تصميم وإنتاج القاذفات الصاروخية متعددة الفوهات، حيث قامت بانتاج القاذفات  Type-74 عيار 284 مم، والتي تستخدم في رص حقول الألغام بمساحة 400 مترا مربعا، والنظامين Type-70 و Type-63 عيار 130 مم، والنظام Type-81 عيار 157 مم المجرور، هذا فضلاً عن إنتاج النظام عيار 122 مم، المماثل للنظام الروسي BM 21.
 
والقاذف الرباعي للمقذوف عيار  273 مم، Type-83، يعتبر أول إنتاج صيني للمدفعية الصاروخية الثقيلة، رغم أنها أنتجت من قبل نظام Type-74عيار 284 مم، ومن المرجح أن نجاح هذا النظام سيشجع الصين على تطوير مقذوفات ذات رؤوس حاملة، خاصة وأن لها خبرة سابقة في هذا المجال، وبالتالي، سيمكن للمقذوف حمل أعداد كبيرة من الذخائر المصغرة، ولكن مثل هذا النظام يحتاج إلى تطوير أنظمة الكمبيوتر لاستخراج بيانات الاطلاق بسرعة وبدقة، مع ربطها بأنظمة إدارة نيران متطورة.
 
والنظام الصيني M-1B عيار 350 ملم، يحقق مدى يصل إلى 80 كلم، ويوفر إسناداً نيرانياً على المسافات الطويلة، ويمتلك جيش التحرير الشعبي الصيني النظام WM-80 ، عيار 273 ملم، المحمول على قاعدة مجهزة بعجل، وتقدم الصين نظام CPMIEC-WS-1B، باستخدام هيكل غير مدرع لعربة 6X6 كمركبة إطلاق تحوي مجموعة قواذف لإطلاق 4 قذائف عيار 320 ملم، يصل مداها إلى 80 كلم، ويبلغ وزن الرأس المدمر 150 كجم، ويحمل مواداً شديدة التفجير.
 
وعرضت الصين مؤخراً النظام الموجه SY-400، الذي يبلغ مداه الأقصى 200 كلم، ويستخدم مقذوفات تعمل بالوقود الصاروخي الصلب، وتطلق عمودياً، وتطير في منحنى انسيابي، ومدة نشر هذا النظام وانسحابه قصيرة، وسرعة الاطلاق خاطفة، والنظام SY-400  يمكنه تحقيق الهجوم على أهداف متعددة في اتجاهات مختلفة من مركبة اطلاق واحدة. 
 
أنظمة أخرى
قامت يوغوسلافيا السابقة ببناء نظام قواذف الصواريخ متعددة الفوهات، عيار 128 ملم، بمدى يبلغ 20 كلم، والنظام ORKAN، عيار 262 ملم، والذي يبلغ مداه 50 كلم، والقاذفات الصاروخية الإسرائيلية طراز IMI 160mm تستخدم إمكانيات تصحيحات المسار باستخدام أنظمة GPS لتحقيق مدى حتى 45 كم، ويتوفر العديد من أنظمة القاذفات الصاروخية الثقيلة، مثل نظام ASTROS البرازيلي، الذي يضم أربعة أعيرة تتراوح من 127 مم الى 300 مم، أما أكبرها فهو النظام SS-80 عيار 300 مم، الذي يبلغ وزن إطلاقه  595 كجم، ومداه 90 كم، وهنا أيضاً يمكن استخدام مختلف أشكال الحمولات القاتلة، ويمكن اطلاق هذه الأعيرة جميعاً من نفس القاذف المجهز على هيكل 6X6، مع تولي نظام إدارة النيران Fieldguard معالجة الفروقات البالستية والتوجيهية الضرورية.
 
وتنتج الهند النظام الصاروخي متعدد الفوهات طراز SS-45، عيار 225 ملم، الذي يحقق مدى يصل إلى من 45-40 كلم، ويستخدم في الجيش الهندي، وهو بديل لنظام FROG الروسى، وتمتلك كوريا الجنوبية طرازاً مطوراً من الصاروخ الأمريكي التصميم  Honest John 40 كلم، مع احتمال قيامها بالبحث والتطوير لطراز أطول مدى لمواجهة المدفعيات، والمدفعيات الصاروخية بعيدة المدى المستخدمة في كوريا الشمالية. 
 
أما كوريا الشمالية، فبالإضافة إلى قيامها بتصنيع الآلاف من الطراز BM-21، الذي يصل مداه إلى 40 كلم، فإنها تصنع القواذف الصاروخية متعددة الفوهات عيار 240 ملم، والتي غالباً ما تصدر إلى بعض الأسواق الخارجية، وتستخدم اليابان صواريخ مصنعة محلياً طراز 68 من العيار 337 ملم، تطلق من قضيبي إطلاق، وتزن 573 كجم. 
 
اتجاهات التطوير والتحديث
تتركز اتجاهات تطوير وتحديث قاذفات الصواريخ متعددة الفوهات في زيادة المدى والتأثير التدميري، ومن المعروف أن زيادة المدى تكون على حساب الدقة، نتيجة انحراف المقذوف عند المديات الطويلة، ولهذا، تجرى الأبحاث فى مجالات الديناميكا الهوائية وتقنيات الاطلاق لتصحيح مسار المقذوف، وكذلك، تجرى الأبحاث نحو زيادة القوة الدافعة للمحرك، باستخدام نوعيات حديثة ومطورة من الوقود الصاروخي، تؤدي الى إنتاج قوة دافعة تصل بالمقذوف إلى مدى أبعد، كما أن التطوير في المواد والخامات لمكونات المقذوف يؤدى إلى تخفيف وزنه، دون المساس بالمواصفات الفنية الأساسية من ناحية الصلابة وتحمل الحرارة.
 
ويعتمد التحديث في مجال زيادة التأثير المدمر على تعدد أنواع الرؤوس الحربية، المستخدمة فى المقذوف، من رؤوس مدمرة مضادة للأفراد، أو للمنشآت والمعدات، أو للدروع، أو للطائرات، ويجري تطوير رأس مدمرة لحمل الألغام، حيث يمكن الاستفادة بالمقذوفات الكبيرة نسبياً لحمل العديد من الألغام المضادة للأفراد والمدرعات، التي يمكن بعثرتها على مساحة واسعة في خطوط اقتراب العدو المنتظرة، مما يؤدي إلى تقليل إمكانيات المناورة، وتأخير تقدم القوات المعادية. 
 
ويجري العمل على استحداث القذيفة الصاروخية ذاتية الدفع والتوجيه، المخصصة للتأثير على الدروع حتى مسافة 33 كلم، والتطوير البارز لهذه القذيفة يتم بالتعاون بين الصناعات الدفاعية الروسية والشركات الفرنسية، ويكمن في احتواء الرأس المتفجر المنفصل خلال طيران القذيفة على حشوتين دافعتين إضافيتين، وجهاز توقيت إلكتروني ومحرك لزيادة دفع القذيفة ويجري تطوير رؤوس متشظية، تحمل ذخائر ثانوية، ومتفجرات عالية الطاقة، وذلك للتعامل مع الأفراد والأهداف غير المدرعة، خارج المخابىء والتحصينات.
 
وتتجه الدول المنتجة لأنظمة قاذفات الصواريخ متعددة الفوهات إلى تطوير الأعيرة الكبيرة لما تحققه من تأثير فعال، وبالتالي، ترجيح مواقعها في سوق السلاح العالمي، ولكن، مع زيادة العيار، هناك الموازنة بين وزن الصاروخ وعدد القواذف التي يمكن للمركبة حملها، وستكون مركبات الاطلاق الحديثة مجهزة بأنظمة ملاحة متطورة، تستخدم المعطيات المستحدثة عن الهدف باستمرار، بواسطة أجهزة كمبيوتر خاصة، لمراقبة دقة اطلاق النيران، وكانت نتيجة الانتشار الواسع لنظام الملاحة بواسطة الأقمار الصناعية GPS أن أصبح في الإمكان حساب تغييرات المسار أثناء الطيران أوتوماتيكيا، واستخدامها للتغلب على التأثيرات التي تحدث أثناء طيران القذيفة الصاروخية. 
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره