2022-08-01
تفعيل الإطار العربي الجامع .. ضرورة ملحة
العلاقات العربية السورية .. المتغيرات والأبعاد
العالم يتغير ... وعلى العرب أن يبحثوا عن مصالحهم كدول ذات سيادة وتملك من المصادر مايمكنها من تقديمه كأوراق رابحة في هذه المعادلة الدولية ، وإعادة صياغة جديدة تنطلق من ضرورة تطوير العمل العربي المشترك ، والارتقاء به إلى مستويات التحديات الراهنة التي باتت تفرضها الظروف الإقليمية والدولية المتقلبة ، ويستوجب التكاتف من أجل مجابهتها ، ولاسبيل إلى ذلك إلا بالاعتماد على توحيد الجهود الفاعلة وحشد القدرات المؤثرة .. ولاسيما في مرحلة تشهد انفتاحًا عربيًا كبيرًا تجاه سوريا ، بعد أحد عشر عامًا من الأزمة السورية ...
بقلم: سفانة سعدو الديب
تتحـدث العديد من الدول العربيــة عن الحاجـة إلى لمّ الشمل العـربي وعن ضرورة اســتعادة التضامن بين الأشـقاء، وأهميــة حل الخلافـات العربيــة واحترام كل الجهود المبذولة في هذا المجال المعلن عنها وغير المعلن.
يدرك الجميـع أن هناك الكثير من التحديات التي تحيط بالواقع العربي الراهن والتي تؤثر بالضرورة على نتائج مختلف التحركات، وتجعل من تعاون الدول العربية أمراً ضرورياً وبالغ الأهمية للوصول إلى نتائج مثمرة ، وذلك من منطلق محدد يتمثل في استعادة التضامن والتقارب والتماسك في ظل مرحلة صعبة ومعقدة، ولطالما كانت أبواب دمشق مفتوحة للجميع فكيف للأخوة والأشقاء ! ولايخفى على أحد أهمية الجهود الحثيثة الصادقة والإيجابية والحريصة لعدة دول عربية في إطار الدفع والسعي الدائم للم الشمل العربي دون دعاية أو رعاية، الإمارات عُمان الجزائر في مقدمة الدول التي سعت وتسعى اليوم لوحدة الصف العربي وتفعيل دور الجامعة العربية، تضامن إنساني يسمو فوق كل اعتبار.
عودة العلاقات
ومع إدراك معظم الدول العربية لأهمية وضرورة تحقيق ذلك والعمل من أجل التمهيد له وتحقيقه ، فإن مايتعلق بعودة سوريا إلى الجامعة العربية بات يفرض نفسه وهو واقع مقبل بسرعة، ويتّكئ على حاجة عربيّة ملحّة، حيث أنّ في استطاعة دمشق أنْ تؤدّي دوراً أساسيّاً مهمّاً في عدد من الملفات المفيدة لهم، والمتعلقة بالأمن القوميّ العربيّ وهذا كلّه سيقود إلى مشهد جديد في الفترة القريبة المقبلة ، ولاسيما أن هناك دولاً أعادت فتح سفاراتها في دمشق حيث تشهد العلاقات العربية السوريا عموماً، والسوريا الخليجية خصوصاً مزيداً من التواصل وإعادة التمثيل الدبلوماسي بين دمشق والخليج، آخرها كان قبول الرئيس السوري بشار الأسد أوراق اعتماد وحيد مبارك سيار سفيرًا مفوضًا فوق العادة لمملكة البحرين لدى سوريا .. مايعد خطوةً مهمة تعكس مناخاً إقليمياً نحو عودة العلاقات مع سوريا .. كما يندرج ضمن مسارات مرحلية سلكتها البحرين، عبر انتهاج سياسة النفس الطويل مع إبقاء قنوات التواصل والحوار قائمة، والعودة بقوة في إطار دعم سياسي واقتصادي يشمل جميع المناحي الاقتصادية والتعليمية والثقافية، في حراك متقدم يجعلنا نتجاوز الماضي بمستقبل واعد وبالتفاؤل.
وإذا ألقينا نظرة على محطات مهمة لعملية الإعداد والتحضير، نجد أن مواقف البحرين والإمارات تقاربت حول الملف السوري، حيث افتتحت الإمارات سفارتها في دمشق في ديسمبر عام 2018، بينما أكدت البحرين حينها استمرار العمل في بعثتها في دمشق ، وكذلك استمرار عمل السفارة السوريا في البحرين في خطوات دبلوماسية هادئة، المراد منها إبقاء قنوات التواصل فاعلة ومستمرة ، لتتطور الأحداث مع زيارة وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إلى دمشق ولقائه الرئيس الأسد في التاسع من نوفمبر الماضي على رأس وفد رفيع المستوى تبادل فيه الجانبان أهم الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك ..
ليتجلى تطور الأحداث في الثامن عشر من شهر مارس الماضي، في زيارة تاريخية للرئيس السوري بشار الأسد إلى الإمارات العربية المتحدة، وبتوقيت بالغ الدلالة دوليا، وسياق إقليمي حساس وخاص جداً، حيث كان الاستقبال للرئيس الأسد بحفاوة شديدة من قبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم إمارة دبي.
التواصل العربي السوري
ولدى الحديث عن تاريخ ومحطات الوضع الذي أوصلَ إلى هذا اللقاء السوريّ ـ الإماراتيّ ، يجب أنْ نذكر أنّ التواصل العربي مع سوريا لم يبدأ البارحة، بل إنّ ما حدث في الإمارات هو نتيجة حراك حثيث استمر أكثر من عامين، لكنْ الجديد في هذه الزيارة وما بعدها ؟ أنها جرت ضمن حركة سياسية تشمل عموم المنطقة تقريباً، وتهدف إلى خلق واقع جديد، يستطيع فيه جميع الأفرقاء، العمل على تصفية بعض الأزمات الخطيرة العالقة، أو حلحلتها، ومنها الوضع في سوريا والعراق ولبنان، والعلاقات العربيّة ـ الإيرانيّة، وذلك استغلالاً لتطورات المشهد الدولي، ولاسيما الحرب في أوكرانيا والعلاقات الروسية الأمريكية التي وصلت إلى حافة الهاوية، ويعكس في السياق ذاته حرص الدول العربية على التجاوب مع تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية الخطيرة والكبيرة، ومحاولة هيكلة السياسات العربية بما يتناسب مع هذه التغيرات، وبما يصب في مصلحة الدول العربية، رغم ردود الأفعال السلبية لبعض من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ، التي انزعجت وعبرت عن خيبة أملها من هذه الزيارة ... ولكن إذا نظرنا بعين الواقع ، فقد أثبتت الأيام والتجارب أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يتحرك بناء على مصلحة إماراتية وخليجية وعربية وحرص سوريا على علاقات إيجابية وعميقة وبناءة مع الدول العربية، وجاءت زيارة الرئيس الأسد إلى الإمارات بمثابة كسر للفيتو الغربي ، وتحد لكل المحرمات الدولية، لنحدد نحن اتجاه الريح ونرسم معالم التحالفات المرحلة المقبلة .
وتحت هذا العنوان وهذا الإيمان وهذه القناعة، كان العمل والجهد الحثيث بين دمشق وكثير من الدول العربية، بدأت من مسقط إلى الجزائر إلى أبوظبي، ولن ينتهي في المنامة، فمسار العلاقات السوريا العربية مسار شديد الأهمية في إطار الحاجة المتبادلة والمصالح المشتركة والروابط التاريخية والعمق الأخوي ، وانطلاقا من أن سوريا تعد ركيزة أساسية من ركائز الأمن العربي، الأمر الذي يستلزم رفع الحصار على الشعب السوري، وإنهاء كل أشكال الاحتلالات الأجنبية لأجزاء من الأراضي السورية في احترام لسيادة ووحدة وسلامة سوريا والأمن القومي العربي
لا يوجد تعليقات