استطلاع الرأى
مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟
- ممتاز
- جيد جداً
- جيد
تتسابق المؤسسات العامة والخاصة في وقتنا في الاعلان عن استراتيجياتها للارتقاء بمستوى خدماتها ومنتجاتها في بيئة دولية وإقليمية ومحلية تتصف بالتنافسية الشديدة. كان للمؤسسات العسكرية –كعادتها- فضل الريادة في بدايات التفكير الاستراتيجي، وبحكم التطور الفكًري البشري استشرف المنظرون والمختصون بعلم الادارة أهمية تبني منهجيات التخطيط الاستراتيجي في المؤسسات المدنية.
اللواء الركن متقاعد/ خالد علي محمد السميطي
بدأ التوجه نحو التخطيط الاستراتيجي في المؤسسات الحكومية في النصف الثاني من القرن العشرين، خصوصًا في السبعينيات والثمانينيات، وكان ذلك استجابة للضغوط المتزايدة لتحسين الكفاءة والفعالية في استخدام الموارد العامة، ونتيجة للفكر البراغماتي الذي بدأ يسود العالم – تبعا للولايات المتحدة - بفلسفة مفادها: النجاح في العمل (أو الفوائد من التجربة الإنسانية) هو المعيار الوحيد للحقيقة، وتفطن القطاع الخاص للفوائد المرجوة من التخطيط الاستراتيجي ومنهجيات بناء الاستراتيجيات. ثم ركب القطاع الحكومي هذا القطار وكانت احدى المحطات المهمة في هذا السياق كان تطبيق مفاهيم الإدارة الاستراتيجية في القطاع الحكومي واستقاء العديد من الأساليب من القطاع الخاص، وأدى صدور قانونGovernment Performance and Results Act (GPRA) في عام 1993 - على سبيل المثال - إلى تعزيز مفهوم التخطيط الاستراتيجي في الوكالات الحكومية التي أصبحت ملزمة بوضع خطط استراتيجية تشمل الأهداف الرئيسية وآليات تحقيقها. وانتشر التخطيط الاستراتيجي بعد ذلك في الحكومات المختلفة كوسيلة للتعامل مع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، خاصة في الدول التي تبنت سياسات إصلاحية وخصخصة.
أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فيعتبر التخطيط الاستراتيجي جزءًا أساسيًا من مسار التنمية الوطنية، وقد تبنت الحكومة منهجيات متقدمة في هذا المجال لتحقيق رؤية مستقبلية طموحة، حيث انطلق هذا التوجه الاستراتيجي بشكل واضح منذ أواخر التسعينيات وبداية الألفية الجديدة، وتم إطلاق مبادرات رئيسة مثل رؤية الإمارات 2021 التي حددت أهدافًا شاملة لتحقيق التنمية المستدامة والتميز في كافة القطاعات. تقدم الدولة نموذجًا عالميًا في تطبيق التخطيط الاستراتيجي في المؤسسات الحكومية، حيث يتم التركيز على الابتكار، الاستدامة، والمرونة لمواجهة التحديات وتحقيق الأهداف الطموحة.
إن التخطيط الاستراتيجي هو عملية مضنية ويستغرق تحقيق الأهداف المرجوة منه وقتا طويلا لذلك ينبغي عدم استعجال تحقيق النتائج المرجوة. لعملية التخطيط الاستراتيجي وتنفيذ الخطط عدة متطلبات منها توفير الموارد والقدرات المُمَكِّنة للتنفيذ، ويأتي تحديد مطالب التأهيل والتدريب في مقدمة تلك المطالب، الأمر الذي يستوجب التخطيط للاستثمار في الكادر البشري.
الهدف من هذا المقال هو استعراض أبرز الأسباب التي تؤدي إلى فشل الاستراتيجيات مع تقديم بعض الارشادات للمخطط الاستراتيجي كي يضعها نصب عينيه ويعمل على تفادي الوقوع في أخطاء الآخرين.
أسباب فشل الاستراتيجيات
الاستراتيجية هي رؤية أو توجه عام نحو تحقيق الأهداف الكبرى والسبل الرئيسة لتحقيقها، فهي بمثابة الوجهة أو الخريطة العامة. ويمكن تعريفها بأنها «الخطة العامة التي توجّه الموارد لتحقيق أهداف محددة طويلة الأمد».3 تركز الاستراتيجية على ما الذي نريد تحقيقه؟ وكيف نصل إلى هناك؟ أما الخطة الاستراتيجية فهي الوثيقة العملية أو التنفيذية التي تفصل القرارات والإجراءات اللازمة لتحقيق الاستراتيجية، أي هي الطرق أو الخطوات الملموسة للوصول إلى الوجهة. تركز الخطة الاستراتيجية على ما هو المطلوب تنفيذه تحديدا، وما الموارد المطلوبة والجداول الزمنية للتنفيذ؟ ولكن هل تنجح جميع الاستراتيجيات؟ الجواب بالطبع سيكون بالنفي. تشير الدراسات إلى أن نسبة كبيرة من الاستراتيجيات تفشل في تحقيق أهدافها المرجوة. على سبيل المثال، في عام 2016، قُدّر أن 67% من الاستراتيجيات الجيدة الإعداد فشلت، وكان لذلك الفشل عدة أسباب.
شهد معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الأخيرة إطلاق كتاب بعنوان (لماذا تفشل الاستراتيجيات) لمؤلفه الأستاذ عبدالله محمد صالح ذي الخبرة الواسعة في المجال الإداري والتي اكتسبها من خلال العمل في عدة جهات حكومية - منها وزارة الدفاع - وخاصة داخل الدولة وخارجها. كان الكتاب من الكتب الأكثر مبيعا في المعرض حيث بيعت كافة النسخ المعروضة ما يدل على تعطش لدى فئة كبيرة من القراء العاملين في مجال التخطيط أو من غيرهم ممن يبحثون عن التطوير. كان هدف المؤلف – سيتم استخدام مفردة «المؤلف» في المقال للإشارة إليه - كتابه هو «مساعدة المقبلين على صنع قرارات استراتيجية وإلقاء الضوء على عملية صنع القرار ووضع الاستراتيجيات وأدواتها وما قد يؤثر عليها». الكتاب غني بالمعلومات المفيدة حيث أحسن المؤلف بالإسهاب غير المفرط في شرح كافة المصطلحات ذات الصلة بعملية التخطيط والتنفيذ الاستراتيجي وأورد العديد من الأمثلة للاستشهاد والتوضيح. لخص المؤلف أسباب فشل الاستراتيجيات فيما يلي (منقولة بتصرف كبير):
التفريط في القيم المؤسسية: القيم المؤسسية هي المبادئ الأساسية والمعتقدات الجوهرية التي تشكل هوية المؤسسة، والتي توجه سلوك الأفراد وتشكّل الأساس الثقافي الذي تعتمد عليه المؤسسة في اتخاذ قراراتها وتحقيق أهدافها. وعندما تُهمل تلك القيم، يتسبب ذلك في تآكل الثقة، وغياب الالتزام، وضعف الانسجام بين الأفراد والإدارة وتحول المؤسسة لبيئة طاردة للكفاءات، وتكون النتيجة الحتمية هي فشل الاستراتيجية وعدم تحقيق الأهداف المرجوة منها للارتقاء بجودة العمل في المؤسسة.
الفجوة بين أهداف المؤسسة وطموح الرئيس التنفيذي: تنشأ هذه الفجوة عندما تكون رؤية الرئيس التنفيذي وأهدافه الشخصية غير متوافقة -أو ربما متعارضة- مع الأهداف المؤسسية المعلنة، مما يؤدي إلى تضارب في الأولويات وضعف في التنفيذ. ويلفت المؤلف النظر إلى أهمية هذه النقطة حيث أن الشعور بالتفوق والنصر والنجاح هي أمور فطرية في النفس البشرية، لذلك، ولغاية ضمان عدم التعارض في الأهداف، ينصح بالجلوس مع الرئيس التنفيذي لفهم طموحه ودوافعه الشخصية بطريقة مستترة تجنبا لتحويله إلى شخص صعب المراس.
عدم الإيمان بقدرة المؤسسة على التغيير: يُعد ذلك من أبرز أسباب فشل الاستراتيجيات، لأنه يخلق حاجزاً نفسياً وسلوكياً يمنع تبني وتنفيذ الخطط الجديدة بفعالية. ويكون ذلك عند افتقار القادة أو المرؤوسين إلى الثقة في قدرة المؤسسة على تحقيق التحول، سيؤدي ذلك بلا شك إلى حدوث ما يعرف بمقاومة التغيير، لإضافة إلى ضعف الالتزام، ومن ثم، سيؤدي إلى تراجع الجهود المبذولة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية. لعدم الإيمان بالقدرة على التغيير مسببات ينبغي التفطن لها، يأتي وجود ثقافة سلبية ناجمة عن وجود بعض الموظفين في الوظيفة غير المناسبة داخل المؤسسة في مقدمة تلك الأسباب. ثم تأتي –علاوة على عوامل أخرى- الشكوك والمشككين في جدوى التغيير، إما بسبب تجارب سابقة فاشلة أو من ثقافة رفض المخاطرة والتجديد. يأتي تطوير الكفاءات والموارد والقيادة الملهمة المؤمنة بضرورة التغيير والتي تملك مهارة الاتصال الفاعلة في مقدمة الحلول الممكنة للتغلب على هذا التحدي.
التقصير في إيصال الرؤية: التقصير يُعد ذلك أسباب الفشل لأنه يؤدي إلى عدم وضوح الرؤية والأهداف والنتائج المرغوبة لدى الموظفين وأصحاب الصلة. وبالتالي سيقود ذلك إلى عرقلة الجهود المشتركة لتحقيق تطلعات المؤسسة. تعتبر الرؤية البوصلة والخريطة التي توجه المؤسسة نحو المستقبل، وإذا لم يتم إيصالها لكافة الأطراف المعنية بفعالية، ستتسع الفجوة بين المخططين والتخطيط من جهة، وبين واقع التنفيذ من الجهة الأخرى. ينبغي ضمان تفهم الموظفين لرؤية المؤسسة لضمان الفهم المشترك ومواءمة جهودهم مع أهداف المؤسسة. وتعزيز دورهم في تنفيذ الاستراتيجية وإذكاء روح المشاركة الفاعلة لديهم.
عدم التوافق بين عناصر المؤسسة الأساسية: تعمل العناصر الأساسية للمؤسسة، مثل التوجه الاستراتيجي، الهيكل التنظيمي، العمليات، والقدرات، كوحدة متكاملة تدعم تنفيذ الاستراتيجية. سيؤدي أي خلل أو عدم انسجام بينها إلى تعطيل تحقيق الأهداف المرجوة. ينبغي التنبه إلى خطورة عدم أو ضعف التنسيق بين كافة الأقسام، فذلك من أبرز معوقات التنفيذ. وعندما لا تكون العمليات التشغيلية مصممة لدعم الأهداف الاستراتيجية أو عدم ربطها بالقدرات، تزداد الفجوات بين التخطيط والتنفيذ وتزداد نسبة ضمان بعثرة الجهود. ويعتبر توفر المهارات والموارد اللزمة لتحقيق الاستراتيجية من الأمور المهمة جدا، فلابد من التخطيط والاستثمار في تدريب الموظفين وتوفير الموارد المطلوبة.
عدم التواصل الفعال وعدم الخبرة الكافية: يؤدي عدم التواصل الفعال وعدم الخبرة الكافية إلى غياب التنسيق والفهم الموحد بين أفراد المؤسسة، وبالتالي عرقلة تنفيذ الأهداف الاستراتيجية بفعالية. كما تقدم آنفا، سينجم عن عدم فاعلية التواصل غيابُ الوضوح. ففي حالة عدم نقل الرؤية والأهداف الاستراتيجية إلى المرؤوسين بوضوح، فحتماً سيواجهون صعوبة في فهم دورهم في تحقيقها وستكون النتيجة الحتمية انخفاض مستوى المشاركة وشعور المرؤوسين بالتهميش. وسيتسبب نقص الخبرة لدى كافة أعضاء الفرق المسؤولة عن التخطيط، بوضع استراتيجيات غير واقعية أو غير قابلة للتنفيذ وإهدار الموارد. من النقاط المهمة التي تطرق لها المؤلف في معرض مناقشته لهذه النقطة، هي ما يتعلق بالخلط بين المصطلحات. فبعض المديرين يركزون على الأرقام المالية بسبب عدم التفريق بين ما هو استراتيجي وما هو تشغيلي، وتكون النتيجة هي جعل التخطيط مجرد مسألة تحديد أهداف وميزانيات مالية في المستقبل، على حساب إجراء مناقشة ديناميكية حول القضايا الاستراتيجية الأكبر!
عدم وجود استراتيجية حقيقية: من الأسباب الجوهرية التي ذكرها المؤلف المؤدية لفشل الاستراتيجيات، عدم وجود استراتيجية حقيقية في المؤسسة، حيث تتم صياغة الخطط على أنها مجرد وثائق شكلية بدلاً من كونها إطاراً يتصف بالواقعية وقابلية التنفيذ وموجهاً لتحقيق أهداف ملموسة. بهذه الصورة، قد تبدو الاستراتيجية جيدة على الورق، لكنها تفتقر إلى التفاصيل الضرورية، مثل أهداف واضحة وقابلة للقياس، موارد محددة، وجدول زمني للتنفيذ. إضافة إلى ما تقدم عن الخلط في المصطلحات ووجود يعض الموظفين في الوظائف غير المناسبة، يضاف لها، عدم اتقان منهجيات وأساليب التخطيط الاستراتيجي، إضافة لذلك كله، يعد التركيز على المظهر بدل الجوهر من أبرز مسببات هذا التحدي، كذلك تلجأ بعض المؤسسات العامة إلى إنتاج خطط استراتيجية لإرضاء الجهات الرقابية أو تحقيق مكاسب فردية، دون نية حقيقية لتنفيذها.
إهمال إدارة النزاع في مكان العمل: قد يغفل البعض عن حقيقة أن الاختلافات بين البشر من الأمور الطبيعية جدا وتحدث في كافة المؤسسات بسبب الاختلاف في الآراء والأفكار والتصورات المختلفة لإدارة العمل (والدوافع الشخصية). يقول المولى سبحانه (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ ولذلك خَلَقَهُمْ ۗ...)- هود 118،119. ولكن ينبغي ألا يؤدي ذلك إلى فشل الاستراتيجيات. يسبب النزاع غير المُدار انقسامات داخلية، ويؤثر على الإنتاجية، والتواصل والانسجام بين فرق العمل. عندما تتجاهل الإدارة النزاعات أو تفشل في معالجتها بشكل فعّال، فإنها تُضعف الالتزام الجماعي بالأهداف الاستراتيجية. تتطلب الإدارة الناجحة للنزاعات تدخلا مبكرا والسعي لمعالجة النزاعات فور ظهورها منعاً لتفاقمها. وعلاوة على أهمية إيجاد بيئة عمل متناغمة تمكن من تحقيق الأهداف بكفاءة، ينبغي وضع سياسات وإجراءات عمل واضحة والتخلص من المعايير والمهام المزدوجة.
اعتبار الموارد البشرية أمراً ثانويا: يعد العنصر البشري المحركَ الأساسي لتنفيذ الخطط وتحقيق الأهداف. عندما تُهمَّش الموارد البشرية أو لا تُعطى الأهمية التي تستحقها، تتأثر قدرة المؤسسة على التكيف، الابتكار، والتنفيذ الفعال للاستراتيجية. ذكر المؤلف مثالا تاريخيا للدلالة على خطورة هذه النقطة عندما أشار للخطأ الاستراتيجي الذي وقعت فيه إدارة شركة سيمنز الألمانية التي تعد من أكبر الشركات المزودة لشبكات وأنظمة الطاقة في العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1990. حيث وضعت الشركة خطة استراتيجية تتضمن فتح أفرع في 16 مدينة، استمر التخطيط لمدة عام ونصف في معزل عن مدير الموارد البشرية الذي وجه للمخططين في يوم الإعلان عن الخطة سؤالا مفصليا: من منكم يتحدث اللغة الروسية؟ وبالطبع، لم يجب أحدهم بالإيجاب. من الواضح أنه لو تم اشراكه في التخطيط لتمكن من التخطيط للتغلب على ذلك التحدي.
إرشادات للمخطط الاستراتيجي
لكيلا تفشل الاستراتيجية، ونظرا لكون عملية التخطيط الاستراتيجية عملية مضنية وتستغرق وقتا كبيرا، يتطلب التحلي بالصبر وعدم استعجال تحقيق النتائج أو الإخلال بالخطط الزمنية للتنفيذ بلا مسوغ الأمر الذي قد يسهم في حدوث معوقات أو تحقيق نتائج وهمية. فيما يلي بعض الارشادات والنقاط التي ينبغي الالتزام بها من قبل صانع القرار أو المخطط الاستراتيجي الملتزم بمنهجية وآليات التخطيط المعتمدة للتخطيط:
تكوين فرق العمل: يعتبر تفاوت مستويات الموظفين المعنيين بالتخطيط الاستراتيجي بين من يملك الخبرة ومن لا يملكها لكنه يملك الرغبة في التعلم، لا ينبغي التركيز على اختيار أعضاء الفريق من الصنف الأول فقط فلا بد من التخطيط للارتقاء بقدرات الموظفين على قدر المساواة كلٍ وفق احتياجه. وتكون المحصلة النهائية توفر الأعداد الكافية من العناصر المؤهلة المتوفرة للعمل في الإدارات العليا والمتوسطة.
العمل مع الشركات الاستراتيجية: قد تستدعي الحاجة العمل مع الشركات الاستراتيجية والتي يتم التعاقد معها أساسا لتوفير عنصر النقص في الخبرة لمساعدة المؤسسة على الارتقاء بقدرات العاملين فيها وتعزيز الإنتاجية. ولا يخفى على القارئ أن لهذا النهج العديد من الإيجابيات لكنه لا يخلو من تحديات. فيما يلي بعض النقاط الارشادية الواجب الانتباه لها لتحقيق القصد من هذا النوع من التعاقدات.
ضعف الخبرة لدى الخبير: قد تبدو مسألة اختيار الخبير الكفء الملائم لتحقيق القصد من التعاقد من الأمور البدهية، إلا إن هناك حاجة للتأكيد على هذه النقطة، ولا يتم ذلك إلا بإشراك صاحب الشأن من أهل التخصص والتأكد من مطابقة قدرات الخبير لمخرجات التعاقد المرجوة.
شرح مخرجات العقد لكافة الجهات المعنية: من الممارسات غير السليمة عدم اشراك المعنيين بتنفيذ ما ورد في بنود العقد في مرحلة إعداد العقد. عادة ما يلجأ معدي العقد أثناء الإعداد لهذا النوع من العقود لاستخدام لغة تعاقدية عامة لاعتقادهم بصلاحيتها للجميع. قد يكون هذا صحيحا ولكن ومن حيث المبدأ، ينبغي استشارة المعنيين في مرحلة إعداد العقد وطلب مشورتهم تفاديا لعدم الوضوح والدقة في مخرجات العقد المنصوص عليها.
فهم الثقافة السائدة: ينبغي التأكد من إعطاء الخبراء الأجانب الجرعة التدريبية الكافية لفهم الثقافة السائدة في المؤسسة. وفي أغلب الأحيان يجب أن يتوقع الخبراء أنهم سيعملون مع أناس يعملون تحت ضغوط عمل هائلة قد تؤثر على جودة مساهمتهم في انتاج المطلوب من فرق العمل المشتركة.
تحديات المقارنات المرجعية والقوالب الجاهزة: تعتبر دراسة المقارنات المرجعية لنماذج من مشاريع التحول التي تمت في احدى الدول المتقدمة رافدا مهما ومرشدا لأعضاء فريق العمل المعني بالتخطيط الاستراتيجي واستشراف معالم التغيير أو التحول المنشود في المؤسسة للارتقاء بها إلى مستويات أعلى من الأداء والانتاجية. هناك نقطة غاية في الأهمية تتعلق بتجنب الحلول الجاهزة وعدم الانخداع بالنجاح الذي تم تحقيقه في مؤسسة أخرى دون التعمق في فهم الأسباب التي دعت تلك المؤسسة للتغيير والتحول علاوة على فهم تفصيلي لبيئة العمل الخاصة بتلك المؤسسة. أما لجوء البعض الى قوالب التخطيط الجاهزة فيرى الاستاذ عبدالله محمد صالح بأنه لم تنجح أي استراتيجية مسبقا في القطاع العام تم فيها الاعتماد على قوالب استراتيجية جاهزة نجحت في دولة أو بيئة أو مؤسسة أخرى.
الخلاصة
وفي الختام، لضمان نجاح الاستراتيجية، يجب على صانع القرار الاستراتيجي وفرق العملِ العملَ بتناغم، وتوجيه الجهود نحو تحقيق الأهداف، مع الالتزام بمبادئ التخطيط الفعّال، التنفيذ الدقيق، التقييم المستمر والحفاظ على الشفافية وأقصى درجات التجرد. النجاح الاستراتيجي ليس مجرد صياغة أهداف، بل هو رحلة تتطلب متابعة حثيثة ومراجعة وتحسينًا دائمين.
مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟
لا يوجد تعليقات