مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2023-07-11

مستقبل الاعتماد على «تيك توك» كمنصة إخبارية

في ظل الصعوبات الكبيرة التي تواجه صناعة الإعلام حول العالم، يحاول القائمون بالاتصال في المؤسسات الإعلامية استغلال التطبيقات والتقنيات التكنولوجية الحديثة؛ لتطوير آلية عرض محتواهم، وضمان الوصول إلى قطاع عريض من المواطنين. ومع انتشار تطبيق تيك توك انتشارًا واسعًا بين الجمهور، اتجهت أنظار وسائل الإعلام المختلفة إلى التطبيق لدراسة إمكانية الاعتماد عليه كمنصة إخبارية مستقبلًا، وهو ما سنحاول الإجابة عنه في هذا المقال.
 
  بقلم: د. محمد عبد الغفار
متخصص في شؤون الإعلام الرقمي
 
أولًا: اعتماد الوسائل الإعلامية على منصات التواصل الاجتماعي
يولي القائم بالاتصال في المؤسسات الإعلامية بمختلف أشكالها اهتمامًا كبيرًا برجع الصدى Feedback، وهو الآثار وردود الفعل الناتجة من الجمهور عند تلقي الرسالة الإعلامية، بالإضافة إلى مدى انتشارها بين الجمهور؛ حيث تُعد آخر مرحلة من مراحل العملية الاتصالية، والسبيل الأهم لقياس مدى نجاح القائم بالاتصال في تحقيق أهداف رسالته وتأثيرها في المتلقي.
 
ولكي يصبح التأثير أكثر عمقًا وانتشارًا؛ يستخدم القائم بالاتصال التقنيات الإعلامية والتكنولوجية الحديثة؛ حتى يضمن مردودًا إيجابيًّا لرسالته الإعلامية، وهو ما يفسر اتجاه وسائل الإعلام المتزايد نحو استخدام مواقع التواصل الاجتماعي التي شهدت طفرة كبيرة في عدد مستخدميها مع الإغلاق الناتج عن انتشار جائحة كوفيد-19، بالإضافة إلى قدرتها على جذب جيل الشباب أكثر من الطرق الإعلامية التقليدية المقروءة والمسموعة والمرئية.
 
ويمكن لمتابع وسائل الإعلام، سواء أكانت محلية أو ناطقة بالعربية أو أجنبية، أن يلاحظ أن بعض هذه الوسائل أصبحت تميل للاهتمام بالصفحات الرسمية التابعة لها على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من اهتمامه بالمواقع الإلكترونية الرسمية؛ حيث تتميز هذه الصفحات بالسرعة في العرض ووجودها أمام أعين المستخدم في أثناء تصفحه للمواقع بصورة دائمة؛ لذلك تزداد احتمالية تعرض الجمهور للرسالة الإعلامية خصوصًا في حالة استخدام رسائل محددة وتصميمات وفيديوهات جذابة ومناسبة.
 
وتشير إحصائية تقرير (Digital Report 2022)  الصادر عن مؤسسة We Are Social بتاريخ يناير 2022، إلى أن عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي ارتفع ليصل إلى 4.62 مليارات شخص في يناير 2022 مقارنة بـ 1.48 مليار شخص في يناير من عام 2012، أي أن نسبة الزيادة تضاعفت لما يزيد على ثلاث مرات.
 
عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي (بالمليون) في يناير من كل عام
وبصورة أدق، زادت نسبة المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي في صفوف المواطنين بالمقارنة بين عامي 2012 و2022، وعلى سبيل المثال بلغت نسبة اليابانيين في عام 2012 المُستخدِمين لمواقع التواصل الاجتماعي 30% قبل أن ترتفع إلى 75% في عام 2022، وبلغت النسبة في فرنسا 39% قبل أن ترتفع إلى 67%، وبلغت في بولندا 40% قبل أن ترتفع إلى 66%، وفي الولايات المتحدة 50% قبل أن ترتفع إلى 75%.
 
 
وعندما يطالع القائمون بالاتصال والمتخصصون في اقتصاديات وسائل الإعلام هذه الأرقام، يكتشفون أنهم أمام سوق خصبة يمكن استغلالها لزيادة المردود المالي والإعلاني لمؤسساتهم، خصوصًا مع وجود اتجاه عالمي لإغلاق أو تقليص العمالة بالمؤسسات الإعلامية التقليدية؛ نظرًا لعدم قدرتها على الصمود أمام التغيرات العالمية، وهو ما يفسر بوضوح اتجاه وسائل الإعلام لمواقع التواصل الاجتماعي كمنصات جديدة للانطلاق نحو الجمهور.
 
ثانيًا: أسباب انتشار تطبيق تيك توك
أطلقت شركة ByteDance الصينية، في عام 2016، تطبيقًا للفيديوهات القصيرة يسمى «Douyin» للجمهور المحلي في الصين، وفي عام 2017، أطلقت الشركة تطبيق تيك توك كنسخة عالمية من التطبيق المحلي Douyin، وحافظت ByteDance على التطبيقين، ثم استحوذت بعد ذلك على تطبيق Musical.ly، والذي كان منتشرًا بين الشباب في ذلك الوقت، وقامت بدمجه مع التطبيقين الآخرين Douyin وTikTok-3.
 
وأدى هذا التداخل ما بين التطبيقات الثلاثة إلى وجود اختلاف ما بين الباحثين حول البداية الفعلية لتطبيق تيك توك، سواء أكانت بداية التطبيق المحلي أو إطلاق النسخة العالمية منه أو حين دُمِجا مع التطبيق الأشهر في ذلك الوقت، ولكن لا أعتقد أن المهم هو تأريخ بداية التطبيق بقدر معرفة أسباب انتشاره سواء أكانت أسبابًا ذاتية أو أسبابًا خارجية.
 
وبالنظر إلى أسباب الانتشار، نجد أن التطبيق استفاد من الشهرة الواسعة لتطبيق Musical.ly في هذا التوقيت، حيث كان رائجًا «Trend» على منصات تحميل التطبيقات في نظامي «أندرويد Android» و»آي أو إس iOS»، كما وصل عدد مستخدميه إلى 200 مليون شخص بينهم 60 مليون شخص يستخدمونه يوميًّا خلال أول عامين لإطلاقه (ما بين 2014 و2016)، وهو معدل استخدام أعلى من معدل تطبيقي فيسبوك وتويتر في المدة الزمنية نفسها منذ انطلاقهما.
 
كما استفاد تطبيق تيك توك من فترة الحظر التي شهدها العالم خلال انتشار جائحة كوفيد- 19؛ حيث عانى الناس من الشعور بالملل نتيجة الحجر الصحي، وللتغلب على هذا الشعور اتجه المستخدمون إلى مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ضمنها تيك توك؛ حيث استطاع تيك توك أن يغير من الحالة المزاجية لمستخدميه من سلبية إلى إيجابية، كما استطاع مساعدتهم في التخلص من مشاعر التوتر والقلق والتعب والخسارة. 
 
وعلى المستوى الداخلي، فإن التصميم البسيط لتطبيق تيك توك أسهم في انتشاره؛ مما مكَّن جميع الفئات من استخدام التطبيق. هذا بالإضافة إلى أنه أسهم في ظهور العديد من التحديات بين مستخدمي التطبيق خلال فترة انتشار كورونا، والتي أثارت الحماس والفضول لدى الشباب الصغير الذي بحث عن شيء ما لقتل ملل البقاء في المنزل، وأسهمت التطبيقات الأخرى في انتشار فيديوهات هذه التحديات، وهو ما دفع هؤلاء الشباب إلى التطبيق.
 
كما أن الخوارزميات التي استخدمها تيك توك في فهم سلوك المستخدمين كانت فعالة للغاية؛ حيث قُسِّمَت الشاشة الرئيسة إلى قسمين، وخُصِّصَ القسم الأول «For You» للفيديوهات التي يقوم التطبيق بترشيحها، والتي يرى أنها مثيرة لاهتمام المُستخدِم، وتختلف هذه الفيديوهات من شخص لآخر وفقًا لنتائج دراسته من قِبل الخوارزميات، وهو ما يدفعه إلى البقاء لساعات طويلة مُستخدِمًا للتطبيق، بالإضافة إلى دفعه إلى إضافة العديد من الشخصيات التي يرى أنهم يشاركونه الاهتمام نفسه، وتنتقل فيديوهات هؤلاء المُستخدِمين إلى المنطقة الثانية «Following».
 
وتُعَد الزيادة المتتالية في أعداد المستخدمين للتطبيق دليلًا على نجاح الخوارزميات في إبقائهم بداخله. ووفقًا لإحصائيات موقع Businessofapps، فإن عدد مستخدمي تطبيق تيك توك ارتفع من 133 مليونًا في الربع الأول من عام 2018 إلى مليار و466 مليونًا في الربع الثالث من عام 2022.
 
واســتطاع التطبيــق وفقاً لإحصـــائيـات Sensor Tower Consumer Intelligence أن يتخطـــى مــوقــــع فيســـبوك في عدد المُستخدِمين النشطين خلال الربع الثاني من عام 2022؛ حيث وصلت نسبة المُستخدِمين النشطين إلى 29% في تيك توك، مقارنة بـ27% في فيسبوك في الفترة ذاتها، وذلك اعتمادًا على الاستخدام العالمي للتطبيقات على نظام التشغيل أندرويد.
 
ثالثًا: وضع وسائل الإعلام على تطبيق تيك توك
تظهر الإحصائية التالية من Press Gazette عدد المتابعين Followers لأبرز وسائل الإعلام على تطبيق تيك توك(8):
وتُظهِر هذه الإحصائية عدة نتائج، منها أن وسائل الإعلام انتبهت تباعًا إلى أهمية تطبيق تيك توك كمنصة رقمية حديثة تحظى بثقة وشغف الشباب وتزداد نسبة مستخدميها بصورة واضحة؛ لذلك بدأت في إطلاق حساباتها الرسمية عبر التطبيق؛ لتوسيع دائرة الجمهور المُستهدَف، وضمان وصول رسالتها الإعلامية إلى عدد كبير من المتابعين.
 
كما أن زيادة عدد المتابعين لهذه الحسابات، والتي وصلت إلى أكثر من 4 ملايين متابع في حساب ABC NEWS، دليل على أن الجمهور المُستخدِم لم يَعُد يتعامل مع التطبيق على أنه تطبيق ترفيهي فقط، ولكنه أصبح مصدرًا للأخبار بالنسبة لهم.
ويتجلّى ذلك بصورة أكثر وضوحًا في الدراسة التي أجراها مركز Jigsaw للأبحاث في يوليو 2022 الماضي، تحت عنوان «متابعة الأخبار في المملكة المتحدة 2022» (News Consumption in the UK: 2022)، والتي تظهر أن نسبة اعتماد البالغين في المملكة المتحدة على تيك توك كمصدر للأخبار ارتفعت بنسبة 15% في عام 2022، مقارنة بعام 2021، وهو التطبيق الوحيد الذي شهد ارتفاعًا كبيرًا خلال عام 2022، ورغم أن تطبيق فيسبوك احتل صدارة التطبيقات التي يعتمد المستخدمون عليها كمنصة إخبارية، فإنه شهد تراجعًا ملحوظًا خلال عام 2022 إلى 69%، مقارنة بـ76% خلال عام 2021.(9)
 
ومن خلال المقارنة بين حسابات وسائل الإعلام العربية والغربية على تطبيق تيك توك حتى ديسمبر 2022، يتضح وجود فارق كبير في عدد المتابعين وطبيعة الفيديوهات لصالح المنصات الإعلامية الغربية على حساب المنصات الإعلامية العربية بالتطبيق.
 
إذ إنه على سبيل المثال وصل عدد المتابعين في جريدة Washington Post الأمريكية إلى 1.5 مليون متابع وعدد الإعجابات على فيديوهاتها إلى 68.8 مليونًا، وفي صحيفة Le Monde الفرنسية وصل عدد المتابعين إلى 694.6 ألفًا والإعجابات على فيديوهاتها إلى 9.6 ملايين، وقناة NBC NEWS وصل عدد المتابعين إلى 3.9 ملايين والإعجابات على فيديوهاتها إلى 158.9 مليونًا، وفي BBC وصل عدد المتابعين إلى 3.4 ملايين وعدد الإعجابات على فيديوهاتها إلى 80.7 مليونًا.
 
أما في حالة وسائل الإعلام العربية فعلى سبيل المثال وصل عدد المتابعين لقناة تلفزيون عمان إلى 792.9 ألفًا وعدد الإعجابات على فيديوهاتها إلى 4.2 ملايين، وعدد المتابعين لصحيفة اليوم السابع 1.6 مليون وعدد الإعجابات على فيديوهاتها إلى 9.3 ملايين، وفي قناة LBC اللبنانية وصل عدد المتابعين إلى 78.8 ألفًا وعدد الإعجابات على فيديوهاتها إلى 298.9 ألفًا، وقناة TEN المصرية وصل عدد المتابعين إلى 159.1 ألفًا وعدد الإعجابات على فيديوهاتها إلى 609.1 آلاف.
 
وعلى مستوى طبيعة الفيديوهات، اتضح أن وسائل الإعلام الأجنبية تعالج جميع الموضوعات والقضايا عبر منصاتها الرقمية في تطبيق تيك توك، حتى إن بعض المنصات، مثل واشنطن بوست، قامت بتوظيف صحفيين متخصصين في هذا الشأن كنوع من أنواع معالجة المضمون كي يتلاءم مع التطبيق.
 
وفيما يخص وسائل الإعلام العربية، فنجد أن هناك أزمة تأطير واضحة لدى القائم بالاتصال في تعامله مع تطبيق تيك توك كمنصة ترفيهية فقط، وهو ما انعكس على طبيعة المضامين التي تتم معالجتها بالمنصات الرقمية بالتطبيق؛ حيث تميل إلى الترفيه والرياضة وأخبار الفنانين.
 
رابعًا: مستقبل تطبيق تيك توك كمنصة إخبارية
من المتوقَّع أن يتزايد الاعتماد على تيك توك كمنصة إخبارية في المستقبل القريب، وتظهر مؤشرات ذلك في تزايد أعداد المؤسسات الإعلامية التي أطلقت صفحاتها الرسمية عبر التطبيق منذ انطلاقه، بالإضافة إلى تزايُد الاعتماد عليه من قِبل المستخدمين للتعرف على أبرز المستجدات عالميًّا.
 
وسوف يؤدي ذلك إلى إحداث تغيير في تصنيف التطبيق في المستقبل من ترفيهي إلى إخباري، خصوصًا أن التطبيق يعتمد على ظهور الفيديوهات أمام المشاهدين من خلال مشاركتها من قِبل مستخدمين آخرين، وهو ما يجعل مضامين الصفحات الإخبارية أكثر عرضة للانتشار نظرًا لعدد المشتركين بها.
 
إلا أن هذا التغيير في تصنيف التطبيق مستقبلًا سوف يتبعه تغيرات أخرى على عدة مستويات، سواء على مستوى التطبيق، مثل: السرد والمدة الزمنية والأخبار الزائفة، أو على مستوى الجهات الإعلامية، مثل تعيين أشخاص متخصصين في تقديم القصص الخبرية على تيك توك.
 
وبصورة أكثر تحديدًا، فإن السرد التلفزيوني بصورته التقليدية، سواء أكان معتمدًا على التتبع الزمني أو الانتقال ما بين الأزمنة للأمام وللخلف أو غيرها من الأساليب الفنية، لا يتناسب مع طبيعة تطبيق تيك توك، الذي يعتمد على السرعة في الأداء.
وعلى الرغم من أن تطبيق تيك توك حاول -مثل غيره من تطبيقات التواصل الاجتماعي- أن يتلاءم مع توجه المنصات الإخبارية تجاهه عن طريق زيادة مدة الفيديوهات من 15 ثانية إلى 60 ثانية ثم وصولًا إلى 10 دقائق كاملة، فإن هذا التغيير لا يتوقع أن يجذب الجمهور المستخدم، مثلما هو الحال في إطلاق تطبيق إنستجرام لخاصية IGTV.
 
لذلك؛ فإن التوجه المستقبلي المحتمل يتمثل في أن تحذو المنصات الإخبارية حذو صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، وذلك من خلال تعيين أفراد متخصصين في بناء قصص إخبارية شديدة القِصر بصورة لا تخل بالمعنى ولا بالسياسات التحريرية لجهة البث، ومن جهة أخرى تتلاءم مع طبيعة الجمهور المستهدف.
 
وعلى الرغم من أن هذا التوجه قد لا يكون مناسبًا لبعض المؤسسات الإعلامية، لأنه يزيد من التكلفة المالية في وقت تعاني فيه هذه المؤسسات من أزمات اقتصادية حادة، فإن العائد المتوقَّع من تطبيق تيك توك يمكن أن يغطي هذه التكلفة، خصوصًا أن عملية تدوير الفيديو على كل تطبيقات التواصل الاجتماعي أمر لا يتناسب مع طبيعة كل تطبيق.
 
كما أن الأزمات التي واجهتها تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر على مستوى انتشار الأخبار الكاذبة Fake News، أسهمت بصورة غير مباشرة في اعتماد الأفراد على تطبيق تيك توك كمصدر للأخبار، بسبب انخفاض ثقتهم في التطبيقات الأخرى.
إلا أن التساؤل الأبرز هو مدى قدرة التطبيق على مواجهة الأخبار الكاذبة، أو الأخبار ذات الأيديولوجيا المتحيزة بشدة في المستقبل، خصوصًا أنه لا يمتلك خبرة كافية -مثل التطبيقات الأخرى- في هذا المجال، وكونه يعتمد منذ انطلاقه على الترفيه فقط.
 
ولا يجب إغفال دور صحافة المواطن في مستقبل تيك توك كمنصة إخبارية؛ إذ الإعلام لا يُمارَس من خلال المؤسسات الإعلامية فقط، ولكن يُمكن للمواطنين العمل كمنصات إخبارية مستقلة، سواء من خلال تصوير الأحداث في الحياة العامة وتوزيعها، أو من خلال تحليل الأحداث وعرضها من خلال صفحاتهم الخاصة.
 
هذا ومن الممكن أن يتزايد ظهور صحافة المواطن خلال الفترة المقبلة في تيك توك؛ إما رغبة في نشر أفكار المتحدث أو رغبة في الحصول على عوائد مادية من خلال البث المباشر؛ وهو ما يزيد من إمكانية نشر أخبار زائفة عبر التطبيق، أو زيادة الجدل والخلاف بين المستخدمين؛ نظرًا لاختلاف توجهاتهم الشخصية.
 
وعلى جانب آخر، فإن التطبيق يمتلك قدرات تسويقية كبيرة بدأ الاعتماد عليها بصورة طفيفة خلال الفترة الأخيرة، ومن المتوقَّع أن تتزايد في المستقبل القريب، منها وجود بث مباشر لبعض القنوات الفضائية خلال أبرز الأحداث أو أبرز الأعمال الدرامية، وهو ما قد يجذب الجمهور إلى الاشتراك في هذه القنوات في حالة تشفيرها أو متابعتها عبر التلفزيون.
 
كما أن بعض الإجراءات التي اتخذها التطبيق في الفترة الأخيرة، مثل دائرة الإعلان عن فيديوهات كأس العالم 2022، تشير إلى إمكانية إحداث تغييرات مستقبلية في بناء الشاشة الرئيسة للتطبيق للإشارة إلى الأحداث الرئيسة أو الأكثر إثارة حول العالم.
 
إلا أن عملية انتقاء الأحداث الرئيسة، خصوصًا في المجال السياسي والاقتصادي، يمكن أن تؤثر على مصداقية التطبيق، خصوصًا في حالة اختلاف الآراء حول هذا الأمر، وهو ما لا يحدث غالبًا في حالة المضمون الترفيهي الذي يشهد اختلافًا طفيفًا من قِبل الجمهور.
وعلى الرغم من أن التوقع الأكثر انتشارًا فيما يخص مستقبل تيك توك يميل إلى حدوث تعديل في طبيعة التطبيق، فإنه لا يمكن إغفال الرأي الآخر الذي يشير إلى أن عملية تغيير طبيعة التطبيق سوف تأخذ وقتًا طويلًا حتى يتقبل المؤسسون للتطبيق هذا التعديل، ويساعد المستخدمون على حدوث ذلك.
 
ويدلل أصحاب هذا الاتجاه على موقفهم بإحصائيات عام 2022، والتي شهدت أحداثًا استثنائية بمختلف الاتجاهات السياسية والاقتصادية والأمنية والرياضية كذلك، لكن عمليات البحث والوسوم أو الهاشتاجات المتعلقة بتلك الأحداث، والتي تُعَد الأكثر تداولًا في التطبيق، كانت من نصيب المواد الترفيهية. 
 
ويتضح من هذه الإحصائية التي نشرها موقع Demand Sage أن المواد الخبرية بصورها المختلفة لم تظهر مطلقًا في عمليات البحث والهاشتاجات المتعلقة بذلك من قِبل المستخدمين، وهو ما يوضح أن عملية تحول التطبيق إلى تطبيق خبري أو تقبُّل المتابعين للمواد الخبرية ربما يحتاج إلى مزيد من الوقت والمجهود من قِبل القائمين بالاتصال في المؤسسات الإعلامية.(12)
 
وختامًا، سوف يصبح تطبيق تيك توك منصة إعلامية في المستقبل، سواء أكان قريبًا أو بعيدًا، والطرق التي يمكن استغلالها للوصول إلى ذلك كثيرة، وإن كانت تحتاج إلى دراسات وقياسات لطبيعة الجمهور المستخدم، والآلية الأفضل لبناء المضمون الإعلامي المقدم إليهم بما يتناسب مع طبيعة التطبيق.
 
وهذا الأمر يحتاج إلى رؤية مختلفة من قِبل القائمين بالاتصال في المؤسسات الإعلامية، مثل تعيين متخصصين في هذا المجال، لا سيما أن عملية إعادة رفع الفيديو أو المادة الإعلامية المرئية على جميع المنصات الرقمية لهذه المؤسسات قد لا تجدي نفعًا؛ نظرًا لطبيعة جمهور كل تطبيق. حتى وإن سمح التطبيق بذلك وأجرى تعديلات جوهرية في مضمونه، فإن هذه العملية تقلل من فاعلية المضمون وجودة الرسالة المقدمة.
 
كما يحتاج الأمر إلى النظر من قِبل الإعلام في وطننا العربي خاصة؛ فنحن بحاجة إلى الإسراع نحو هذه التقنيات والتطبيقات الحديثة وفهمها وإتقانها؛ لنخلق حالة إعلامية عربية ذات طابع عالمي تساعدنا في نشر أفكارنا ورؤيتنا نحو مختلف الأحداث.


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره