مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2021-03-09

مستقبل الصناعات العسكرية

يختلف المحللون العسكريون المتخصصون في الصناعات العسكرية حول وجه مستقبل هذه الصناعة خلال الخمسين عاما القادمة، ويبدو أن المتسارعات الأخيرة، منذ انتهاء الحرب الباردة، وحتى اصطياد الإرهابي قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني، على يد القوات الأمريكية، في يناير 2020، والتطور التكنولوجي الهائل في هذه الصناعة، قد جعل إمكانيات التنبؤ بمدى تطور الصناعات العسكرية لحدود عشرة أعوام فقط، مهمة ليست سهلة.
 
 
بقلم: عبدالله السيد الهاشمي - لواء ركن طيار متقاعد
ربما تغيرت الطريقة التي تشن فيها الحروب منذ آلاف السنين، وتغيرت معها عشرات الوسائل التي تستخدم في الحرب، وربما أن فجيعة هيروشيما وناجازاكي باستخدام القنابل الذرية، قد جعل العالم كله يقف في حالة ذهول شديد، لما يمكن أن يفعله السلاح العسكري حين يقتضي الأمر، ولكن العالم أيضا استيقظ من تلك الصدمة على مسألة أخرى أكثر أهمية، وهي كيف تحمي الإنسانية، في كل وقت، من الانجرار نحو استخدام الأسلحة الفتاكة التي قد تقتل الأبرياء من المدنيين، فأصبح التفكير جديا بضرورة أن تكون الأسلحة العسكرية ذكية كفاية لتميز بين المسالم البريء وبين الإرهابي، وأن لا تخطأ هدفها على الإطلاق.
 
 
لن نتحدث عن سباق التسلح العالمي، أو موازين القوى فيها، فهذا معروف ومتداول، ولن نتحدث أيضا عمّا يحدث الآن ويستدعي التدخل العسكري، سواء بين أمريكا وإيران، أو بين تركيا وأوروبا ، أو ما تفعله تركيا في ليبيا وسوريا والعراق، وكذلك تهديدات كوريا الشمالية بوجود أسلحة استراتيجية غير السلاح النووي، بل سنحاول معرفة أين تتجه بوصلة الصناعة العسكرية، وهل حقا أن “خرائط الجغرافيا تبلغنا عن ماهية الصراعات المقبلة” كما وصفها المحلل الجيوسياسي روبرت كابلن، أم أنها كما وصفها د. البدر الشاطري بأن “ التكنولوجيا الحديثة تجاوزت الحدود الجغرافية سواء كانت في الأسلحة المتطورة مثل حاملات الطائرات والصواريخ العابرة للقارات وحاليا عسكرة الفضاء جعلت من الجغرافيا شيئاً عفا عليه الدهر”؟!؟
 
 
أيا كان الجواب، فإن جولة متفحصة في “آيدكس”، معرض الدفاع الدولي، الذي يعد من أكبر معارض الدفاع في العالم. ويعرض أحدث التقنيات والأسلحة والمركبات العسكرية و”نافدكس”، معرض الدفاع البحري، الذي يتم تنظيمه في أبوظبي بالتعاون مع وزارة الدفاع والقيادة العامة للقوات المسلحة الإماراتية. قد جعل معظم المتخصصين في الصناعات العسكرية، يصابون بالذهول مرة أخرى، وهم يشاهدون أحدث التقنيات والابتكارات في قطاع الدفاع العالمي ويشيدون بالتطور الهائل في نمو صناعة الدفاع في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تسعى لتعزيز مساعي حفظ السلام في المنطقة والعالم من خلال هذه الصناعة وكذلك تسجيل أحدث الاختراقات في الثورة الصناعية الرابعة عبر قطاعات الدفاع البري والبحري والجوي.
 
 
التغييرات المحتملة في التكنولوجيا العسكرية لا تستند على التغييرات والعمليات العسكرية وأولويات ميزانيات الدفاع فحسب، لكنها تتسارع على وقع تطور الابتكارات التكنولوجية العسكرية الرئيسية لتعديل التكتيكات والخطط التشغيلية واستغلال الفرص الجديدة والتخفيف من نقاط الضعف التي قد يطورها الخصوم نتيجة لهذه الاحتمالية نفسها، كما يقول الباحث مايكل إي أوهانلون، زميل أول في فورين بوليسي، مركز الأمن والاستراتيجية والتكنولوجيا في كتابه « التغيير التكنولوجي ومستقبل الحرب»، أو أطلق عليه في العام 2000 نظرية «التغيير الثوري» بأن أجهزة الكمبيوتر تشهد وتيرة عالية في الصناعات العسكرية والتحول نحو المركبات الجوية غير المأهولة، وتوقع فيها وجود سبع فئات أخرى من التكنولوجيا ستشهد تغيرا كبيرا تشمل: أجهزة الاستشعار الكيميائية، وأجهزة الاستشعار البيولوجية، والاتصالات اللاسلكية، والاتصالات الليزرية، وأسلحة التردد اللاسلكي، والأسلحة غير الفتاكة، والأسلحة البيولوجية. ويعود أوهانلون، في سبتمبر 2018، ليقدم ورقة عمل يشرح فيها استجابة المنظمات العسكرية الأمريكية بفطنة مبتكرة وريادية لاستخدام الروبوتات لخلق أساليب تكتيكية جديدة للتعامل مع تحديات عمليات مكافحة التمرد ومكافحة الإرهاب المعقدة وأن المنظمات العسكرية الأخرى حول العالم تقدمًا كبيرًا في هذا المجال ولكن التحذير أيضا من الثغرات السيبرانية التي قد تؤثر على لعبة الإجراءات العسكرية والتدابير المضادة في حال وقوع هجوم إلكتروني.
 
 
لا شك، أن ديمومة وتطور الذكاء الصناعي هي التي ستحدد ماهية مستقبل الصناعات العسكرية ولكن أيضا فإن سعي البشرية للسلام ووأد قوى الإرهاب والشر هو الذي سيقرر متى وكيف ستستخدم تلك الأسلحة، وكيف يمكنها أن تكون ركيزة أساسية من ركائز حفظ السلام والأمن والاستقرار الذي تنشده الشعوب.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره