مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2023-08-03

مستقبل‭ ‬التوجهات‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجاه‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬استراتيجية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الجديدة

تكتسب‭ ‬استراتيجية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬عادة‭ ‬عن‭ ‬الإدارات‭ ‬الأمريكية‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة؛‭ ‬حيث‭ ‬تتضمن‭ ‬رؤى‭ ‬وإدراكات‭ ‬الرئيس‭ ‬للمصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬والتهديدات‭ ‬والمخاطر‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬هذه‭ ‬المصالح‭ ‬وكيفية‭ ‬مواجهتها،‭ ‬لذلك‭ ‬فإنها‭ ‬تعبر‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬عما‭ ‬يمكن‭ ‬اعتباره‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬الإدراك‭ ‬الثابت‮»‬‭ ‬للمصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بقدر،‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬به،‭ ‬من‭ ‬الديمومة‭ ‬والثبات،‭ ‬كما‭ ‬تعكس‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الأخرى‭ ‬مفاهيم‭ ‬الرئيس‭ ‬وإدراكاته‭ ‬للمخاطر‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬هذه‭ ‬المصالح‭ ‬وكيفية‭ ‬مواجهتها‭. ‬هذه‭ ‬المفاهيم‭ ‬والإدراكات‭ ‬تتغير‭ ‬وتتبدل‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي‭ ‬لآخر،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬يأتي‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬وثيقة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الوثائق‭. ‬
 
 
بقلم‭: ‬د‭. ‬محمد‭ ‬السعيد‭  ‬إدريس‭  ‬
والوثيقة‭ ‬التي‭ ‬تضمنت‭ ‬استراتيجية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2022‭ ‬عن‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬‭ ‬تأخرت‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬ونصف‭ ‬العام‭. ‬هذا‭ ‬التأخير‭ ‬له‭ ‬دلالاته‭. ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يبرر‭ ‬هذا‭ ‬التأخير‭ ‬بالأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وتداعياتها،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬التأخير‭ ‬مفعم‭ ‬بالتردد‭ ‬وتدني‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬الرؤى‭ ‬والسياسات،‭ ‬وضبابية‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬اعتباره‭ ‬‮«‬خريطة‭ ‬طريق‮»‬‭ ‬لإدارة‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬‭ ‬حول‭ ‬أبرز‭ ‬السياسات‭ ‬والتوجهات‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تلزم‭ ‬بها‭ ‬إدارة‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬نفسها‭ ‬أمام‭ ‬الكونجرس‭ ‬وأمام‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭.‬
 
 
هذا‭ ‬التأخير،‭ ‬أو‭ ‬التردد‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬ونشر‭ ‬استراتيجية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭ ‬لإدارة‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬‭ ‬التي‭ ‬يتولى‭ ‬إعدادها‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬والخبراء‭ ‬والمستشارين‭ ‬في‭ ‬الإدارة،‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬‮«‬غياب‭ ‬اليقين‮»‬‭ ‬لدى‭ ‬هذه‭ ‬الإدارة‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬الواقع‭ ‬الدولي‭ ‬بحقائقه‭ ‬الجديدة،‭ ‬وربما‭ ‬تُعبِّر‭ ‬عن‭ ‬رفض‭ ‬الرئيس‭ ‬وكبار‭ ‬مستشاريه‭ ‬للاعتراف‭ ‬بهذا‭ ‬الواقع،‭ ‬الذي‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬مريرًا،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬كان‭ ‬التأخير،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬أيضًا‭ ‬كان‭ ‬الإصرار‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬توجهات‭ ‬‮«‬الاستعلاء‮»‬‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وتكرار‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬حاجة‭ ‬العالم‭ ‬للقيادة‭ ‬الأمريكية‮»‬‭.‬
 
 
فقد‭ ‬نصّت‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬نشرت‭ ‬في‭ ‬12‭ ‬أكتوبر‭ ‬2022،‭ ‬وجاءت‭ ‬في‭ ‬48‭ ‬صفحة‭ ‬على‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أسمته‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬العقد‭ ‬الحاسم‮»‬‭ ‬وتقصد‭ ‬عقد‭ ‬العشرينيات‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القرن‭ (‬2020‭ - ‬2030‭) ‬‮«‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬المصالح‭ ‬الحيوية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وتمكينها‭ ‬من‭ ‬التفوق‭ ‬على‭ ‬منافسيها‭ ‬الجيوسياسيين،‭ ‬والتصدي‭ ‬للتحديات‭ ‬المشتركة،‭ ‬ووضع‭ ‬العالم‭ ‬بثبات‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬يسير‭ ‬نحو‭ ‬غدٍ‭ ‬أكثر‭ ‬إشراقًا‭ ‬وتفاؤلاً‮»‬‭. ‬لكنها‭ ‬نصت‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬حاجة‭ ‬العالم‭ ‬للقيادة‭ ‬الأمريكية‭ ‬كبيرة‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬وأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تخوض‭ ‬حاليًا‭ ‬منافسة‭ ‬استراتيجية‭ ‬كبيرة‭ ‬لتشكيل‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‮»‬‭.‬
 
 
وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬قد‭ ‬ركزت‭ ‬بدرجة‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬الداخل‭ ‬الأمريكي‭ ‬وحددت‭ ‬ثلاثة‭ ‬محاور‭ ‬للنهوض‭ ‬بهذا‭ ‬الداخل‭ ‬لخصتها‭ ‬في‭: ‬حماية‭ ‬أمن‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وتوسيع‭ ‬الازدهار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والفرص،‭ ‬وتكريس‭ ‬القيم‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬أسلوب‭ ‬الحياة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والدفاع‭ ‬عنها،‭ ‬فإنها‭ ‬وعلى‭ ‬صعيد‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬اعتبرت‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬هي‭ ‬التحدي‭ ‬الأكبر‭ ‬والأكثر‭ ‬خطورة‭ ‬‮«‬حيث‭ ‬تمتلك‭ ‬النية،‭ ‬وبشكل‭ ‬متزايد،‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬لصالح‭ ‬نظام‭ ‬يميل‭ ‬لصالحها،‭ ‬أما‭ ‬روسيا،‭ ‬فهي،‭ ‬في‭ ‬منظور‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬تحظى‭ ‬بالمرتبة‭ ‬الثانية‭ ‬كمركز‭ ‬للخطر‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬‮«‬تهديداً‭ ‬للأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬الأوروبي،‭ ‬والأمن‭ ‬النووي‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬كان‭ ‬التوجه‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الأمريكي‭ ‬لتأسيس‭ ‬‮«‬شبكة‭ ‬من‭ ‬التحالفات‭ ‬والشراكات‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬ومنطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادي‮»‬‭ ‬لتضخيم‭ ‬قدرة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬والتهديدات‭. ‬أما‭ ‬الاهتمامات‭ ‬الأخرى‭ ‬فقد‭ ‬انحصرت‭ ‬في‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬تحديات‭ ‬اعتبرتها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬‮«‬عابرة‭ ‬للحدود‮»‬‭ ‬مثل‭: ‬الأوبئة،‭ ‬والتغيرات‭ ‬المناخية،‭ ‬والإرهاب‭. ‬وبشكل‭ ‬عام‭ ‬ركزت‭ ‬استراتيجية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭ ‬لإدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬‭ ‬على‭ ‬أولوية‭ ‬الصين‭ ‬ودول‭ ‬منطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬الصناعية‭ ‬بوصفها‭ ‬أداة‭ ‬أمن‭ ‬قومي‭ ‬محورية،‭ ‬وتضمنت‭ ‬تفصيليًّا‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬تايوان،‭ ‬وشددت‭ ‬على‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬الصينية‭ ‬والشعب‭ ‬الصيني،‭ ‬وعلى‭ ‬أن‭ ‬التشديد‭ ‬المستمر‭ ‬على‭ ‬بلدان‭ ‬منطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ‭ ‬وعلى‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬أقسام‭ ‬استراتيجية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬يعتبر‭ ‬علامة‭ ‬فارقة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬‮«‬لن‭ ‬تسمح‭ ‬بأن‭ ‬تعصف‭ ‬أزمات‭ ‬أخرى‭ ‬بهذه‭ ‬الأولويات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والتنافس‭ ‬مع‭ ‬الصين‮»‬‭.‬
 
 
وهكذا‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬استراتيجية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكية‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬منطقتين‭ ‬محوريتين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬هي‭ ‬منطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ‭ ‬وفي‭ ‬القلب‭ ‬منها‭ ‬الصين،‭ ‬وعلى‭ ‬أوروبا‭ ‬وبالتحديد‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬وما‭ ‬تمثله‭ ‬من‭ ‬تهديد‭ ‬للأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬الأوروبي‭ ‬وخطر‭ ‬التهديدات‭ ‬النووية‭ ‬الروسية‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬العالمي‭ ‬والتداعيات‭ ‬المحتملة‭ ‬للأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭.‬
 
 
أين‭ ‬إقليم‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الأمريكية؟
على‭ ‬النحو‭ ‬السابق‭ ‬قد‭ ‬يتبادر‭ ‬إلى‭ ‬الذهن‭ ‬هامشية‭ ‬إقليم‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬استراتيجية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬فهذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لم‭ ‬تتضمن‭ ‬نصوصًا‭ ‬واضحة‭ ‬حول‭ ‬مركزية‭ ‬أو‭ ‬أولوية‭ ‬ما‭ ‬لإقليم‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬لكن‭ ‬التطورات‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬فرضت‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬إقليم‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أعادت‭ ‬للإقليم‭ ‬مكانته‭ ‬المهمة‭ ‬ضمن‭ ‬منظومة‭ ‬الأولويات‭ ‬والمصالح‭ ‬الأمريكية‭.‬
 
 
إن‭ ‬العداءات‭ ‬الأمريكية‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الأطراف‭ ‬الشرق‭ ‬أوسطية‭ ‬وبعض‭ ‬فصائل‭ ‬وتنظيمات‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي،‭ ‬وما‭ ‬تصفه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالإرهاب،‭ ‬ظلّت‭ ‬لسنوات‭ ‬تفرض‭ ‬التزامات‭ ‬وضمانات‭ ‬أمريكية‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الحلفاء‭ ‬الاستراتيجيين‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬كما‭ ‬ظلّت‭ ‬تفرض‭ ‬سياسات‭ ‬مواجهة‭ ‬مع‭ ‬من‭ ‬تعتبرهم‭ ‬واشنطن‭ ‬أعداء‭ ‬مؤكدين‭ ‬أو‭ ‬محتملين‭. ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬أهمية‭ ‬المنطقة‭ ‬قد‭ ‬تراجعت‭ ‬جزئيًا‭ ‬بسبب‭ ‬تراجع‭ ‬أولوية‭ ‬النفط‭ ‬العربي‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تحولت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬مصدرة‭ ‬للنفط،‭ ‬فإن‭ ‬التطورات‭ ‬الجديدة،‭ ‬خاصة‭ ‬ضمن‭ ‬تداعيات‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وما‭ ‬يمثله‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬العربيين‭ ‬من‭ ‬أسلحة‭ ‬مهمة‭ ‬تريد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬توظيفها‭ ‬ضد‭ ‬روسيا‭ ‬ولصالح‭ ‬أوروبا‭ ‬عادت‭ ‬أهمية‭ ‬المنطقة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬للدرجة‭ ‬التي‭ ‬أجبرت‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬‭ ‬للقيام‭ ‬بجولة‭ ‬شرق‭ ‬أوسطية‭ ‬وزيارة‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬بعد‭ ‬دعم‭ ‬السعودية‭ ‬لقرار‭ ‬تخفيض‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬أوبك‭ - ‬بلس‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬اعتبرته‭ ‬واشنطن‭ ‬دعمًا‭ ‬سعوديًا‭ ‬وخليجيًا‭ ‬للسياسة‭ ‬الروسية‭ . ‬
 
 
هناك‭ ‬عاملان‭ ‬آخران‭ ‬عظما‭ ‬مجددًا‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬إقليم‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بالنسبة‭ ‬للسياسة‭ ‬والمصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬لم‭ ‬تعيرهما‭ ‬استراتيجية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة‭ ‬الأهمية‭ ‬التي‭ ‬يستحقانها‭ ‬مع‭ ‬العامل‭ ‬الأول‭: ‬هذان‭ ‬العاملان‭ ‬هما‭ ‬الدخول‭ ‬الصيني‭ ‬القوي‭ ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وتوجهات‭ ‬التحالفات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لبعض‭ ‬الدول‭ ‬الشرق‭ ‬أوسطية‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭. ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬العامل‭ ‬الأول‭ ‬يلزم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بتبني‭ ‬سياسات‭ ‬للمحافظة‭ ‬على‭ ‬مصالحها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وتحالفاتها‭ ‬وشراكاتها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬فإن‭ ‬العاملين‭ ‬الآخرين‭ ‬يلزمان‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بتكثيف‭ ‬تواجدها‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬لاحتواء‭ ‬محاولات‭ ‬التغلغل‭ ‬وتوسيع‭ ‬مناطق‭ ‬النفوذ‭ ‬الصينية‭ ‬والروسية‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭.‬
 
 
فإقليم‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أخذ‭ ‬يشهد‭ ‬تحولات‭ ‬مهمة‭ ‬بعضها‭ ‬جاء‭ ‬ضمن‭ ‬أصداء‭ ‬الحدث‭ ‬الهائل‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬التحدي‭ ‬الروسي‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالدخول‭ ‬عسكريًا‭ ‬إلى‭ ‬أوكرانيا‭ (‬2022/2/24‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬انقلاب‭ ‬روسي‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬القطب‭ ‬الواحد،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تزعزع‭ ‬المكانة‭ ‬الأمريكية‭ ‬عند‭ ‬الحلفاء‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وبعضها‭ ‬الآخر‭ ‬جاء‭ ‬نتيجة‭ ‬تراجع‭ ‬ثقة‭ ‬الحلفاء‭ ‬في‭ ‬وفاء‭ ‬الأمريكيين‭ ‬بالتزاماتهم‭ ‬الأمنية‭ ‬نحوهم،‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬تكشف‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬التهديدات‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭ ‬مصافي‭ ‬أرامكو‭ ‬النفطية‭ ‬السعودية‭ ‬بسبب‭ ‬القصف‭ ‬الصاروخي‭ ‬من‭ ‬جانب‭ (‬الحوثيون‭)‬،‭ ‬ولذلك‭ ‬شهد‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬تمرد‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الشرق‭ ‬أوسطية‭ ‬على‭ ‬الزعامة‭ ‬الأمريكية‭. ‬
 
 
هذه‭ ‬العوامل‭ ‬الثلاثة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تفرض‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬مخططي‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬لتجديد‭ ‬مركزية‭ ‬مكانة‭ ‬إقليم‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬استراتيجية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وقد‭ ‬عبرت‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬بوضوح‭ ‬شديد‭ ‬الدراسة‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬معهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لدراسات‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الوجود‭ ‬الأمني‭ ‬للصين‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‮»‬‭ ‬فقد‭ ‬أعطت‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬أهمية‭ ‬لثلاث‭ ‬مسائل‭ ‬اعتبرتها‭ ‬محورية‭ ‬رأت‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬تعطيها‭ ‬أولوية‭ ‬ضمن‭ ‬أجندة‭ ‬مصالحها‭ ‬الاستراتيجية‭. ‬الأولى‭: ‬سيطرة‭ ‬الدعوة‭ ‬التي‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬باتت‭ ‬تنسحب‭ ‬من‭ ‬إقليم‭ ‬‮«‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‮»‬‭ ‬وطالبت‭ ‬الدراسة‭ ‬بتكذيب‭ ‬هذه‭ ‬الدعوة‭ ‬وتفنيدها‭ ‬بالأفعال‭ ‬وليس‭ ‬بالأقوال‭ ‬فقط‭. ‬والثانية‭: ‬التنامي‭ ‬العسكري‭ ‬والأمني‭ ‬للصين‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬والثالثة‭: ‬تحول‭ ‬الشركاء،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬حلفاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالمنطقة‭ ‬نحو‭ ‬التعاون‭ ‬العسكري‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ (‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬مبيعات‭ ‬السلاح‭ ‬الصيني‭ ‬المتطور‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬بالمنطقة‭ ‬أو‭ ‬بالمناورات‭ ‬البحرية‭ ‬المشتركة‭). ‬وحذرت‭ ‬الدراسة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬سوف‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬في‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين،‭ ‬وأن‭ ‬الوجود‭ ‬الأمني‭ ‬المتزايد‭ ‬للصين‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬سوف‭ ‬يشكل‭ ‬معضلة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬شركائها،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الاجتهاد‭ ‬في‭ ‬تبنى‭ ‬سياسات‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬مقدورها‭ ‬إعادة‭ ‬كسب‭ ‬الحلفاء‭ ‬واحتواء‭ ‬أي‭ ‬نفوذ‭ ‬للصين‭ ‬أو‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.  ‬
 
 
تحديات‭ ‬شرق‭ ‬أوسطية‭ ‬للسياسة‭ ‬الأمريكية
السؤال‭ ‬المباشر‭ ‬لهذه‭ ‬التوصية‭ ‬هو‭: ‬هل‭ ‬تستطيع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ذلك؟‭ ‬وهل‭ ‬لديها‭ ‬العزم‭ ‬والإرادة‭ ‬الكافية‭ ‬لتبني‭ ‬سياسات‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬استعادة‭ ‬كسب‭ ‬ثقة‭ ‬الحلفاء؟‭ ‬وهل‭ ‬يمكن‭ ‬لواشنطن‭ ‬التصدي‭ ‬للتيار‭ ‬المتنامي‭ ‬المناوئ‭ ‬للسياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الذي‭ ‬تدعمه‭ ‬روسيا‭ ‬والصين؟‭ ‬وأين‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬كله؟‭ ‬هل‭ ‬تستطيع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬موازنة‭ ‬سياساتها‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬والعرب؟
الأمر‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬التحديات‭ ‬باتت‭ ‬ضخمة‭ ‬أمام‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬ثلاثة‭ ‬عوامل‭:‬
 
 
العامل‭ ‬الأول‭: ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬ليست‭ ‬مغيبة‭ ‬عن‭ ‬الوعي‭ ‬بحقائق‭ ‬التطورات‭ ‬العالمية،‭ ‬وخاصة‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالصراع‭ ‬الدائر‭ ‬على‭ ‬قمة‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬وبين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬وهو‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬يتجه،‭ ‬وفق‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المؤشرات‭ ‬لصالح‭ ‬محور‭ ‬الصين‭- ‬روسيا‭ ‬الذي‭ ‬يكبر‭ ‬ويتأكد‭ ‬يومًا‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬تكشف‭ ‬من‭ ‬معلومات‭ ‬عن‭ ‬‮«‬القمة‭ ‬التليفزيونية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬بين‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬‮«‬تشى‭ ‬جين‭ ‬بينج‮»‬‭ ‬والروسي‭ ‬‮«‬فلاديمير‭ ‬بوتين‮»‬‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ (‬2022/12/30‭)‬،‭ ‬واتفاق‭ ‬الزعيمين‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬تكثيف‭ ‬التعاون‭ ‬بينهما‭ ‬وفقًا‭ ‬لاتفاق‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بينهما،‭ ‬وقبول‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬دعوة‭ ‬نظيره‭ ‬الروسي‭ ‬القيام‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬زيارة‭ ‬دولة‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬موسكو‭ ‬في‭ ‬الربيع‭ ‬المقبل،‭ ‬وتأكيد‭ ‬الزعيمين‭ ‬عزمهما‭ ‬على‭ ‬‮«‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬لروسيا‭ ‬والصين،‭ ‬وإعلان‭ ‬الصين،‭ ‬عقب‭ ‬القمة،‭ ‬عبر‭ ‬إعلامها‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬مستعدة‭ ‬للعمل‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬وجميع‭ ‬القوى‭ ‬التقدمية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬لمواجهة‭ ‬القطب‭ ‬الواحد‭ (‬أمريكا‭) ‬والحمائية‭ ‬والترهيب‮»‬‭.‬
 
 
حقائق‭ ‬التطورات‭ ‬العالمية‭ ‬عبرت‭ ‬عنها‭ ‬بوضوح‭ ‬شديد‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬لوبوان‮»‬‭ ‬الفرنسية‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬العالم‭ ‬يميل‭ ‬نحو‭ ‬الشرق،‭ ‬وستحكمه‭ ‬آسيا‭ ‬غدًا‭ ‬أو‭ ‬بعد‭ ‬غد،‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬أمام‭ ‬الغرب‭ ‬سوى‭ ‬التكيف،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الأزمة‭ ‬الحالية‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬ظهور‭ ‬قطبين‭ ‬متعارضين‭ ‬هما‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬سيدة‭ ‬الغرب‭ ‬المتداعي،‭ ‬وآسيا‭ ‬التي‭ ‬يجسدها‭ ‬محور‭ ‬موسكو‭ ‬بكين‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬أقوى‮»‬‭.‬
 
 
العامل‭ ‬الثاني‭: ‬جدية‭ ‬العزم‭ ‬والمساعي‭ ‬الصينية‭ ‬والروسية‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬مناطق‭ ‬النفوذ‭ ‬وتأسيس‭ ‬شراكات‭ ‬اقتصادية‭ ‬واستراتيجية‭ ‬مع‭ ‬كبرى‭ ‬الدول‭ ‬الإقليمية‭ ‬الشرق‭ ‬أوسطية‭. ‬هذه‭ ‬الجدية‭ ‬تكشفت‭ ‬خلال‭ ‬القمم‭ ‬الثلاث‭ ‬التي‭ ‬شارك‭ ‬فيها‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬بالمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ (‬9-8‭ /‬12‭/ ‬2022‭): ‬القمة‭ ‬الصينية‭ - ‬السعودية،‭ ‬والقمة‭ ‬الصينية‭ - ‬الخليجية،‭ ‬والقمة‭ ‬الصينية‭- ‬العربية‭.‬
 
 
فقد‭ ‬اعتبر‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬‮«‬تشى‭ ‬جينج‭ ‬بينج‮»‬‭ ‬أن‭ ‬‮«‬قمة‭ ‬الرياض‭ ‬العربية‭ - ‬الصينية‭ ‬للتعاون‭ ‬والتنمية‮»‬‭ ‬هي‭ ‬حدث‭ ‬مفصلي‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الجانبين،‭ ‬وأنها‭ ‬ستقود‭ ‬العلاقات‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والدول‭ ‬العربية‭ ‬نحو‭ ‬مستقبل‭ ‬أجمل‮»‬،‭ ‬وأكد‭ ‬في‭ ‬الكلمة‭ ‬نفسها‭ ‬التمسك‭ ‬بالاستقلالية‭ ‬وصيانة‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة،‭ ‬مشددًا‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬جهود‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬‮«‬لاستكشاف‭ ‬طرق‭ ‬التنمية‭ ‬التي‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬ظروفها‭ ‬الوطنية،‭ ‬والتحكم‭ ‬في‭ ‬مستقبلها‭ ‬ومصيرها‮»‬‭ ‬ما‭ ‬يعنى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النموذج‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬الشراكة‭ ‬الصينية‭ ‬مع‭ ‬العرب‭ ‬لا‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬الوصاية‭ ‬والهيمنة،‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬نموذج‭ ‬الشراكة‭ ‬الأمريكي‭ ‬خاصة‭ ‬والغربي‭ ‬عامة،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬النموذج‭ ‬الصيني‭ ‬للشراكة‭ ‬المقترحة‭ ‬مع‭ ‬العرب‭ - ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ - ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬الإرادات‭ ‬والخصوصيات‭ ‬العربية‭.‬
 
 
وختامًا،‭ ‬هذا‭ ‬المأزق‭ ‬سيبقى‭ ‬حائلاً‭ ‬دون‭ ‬نجاح‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬كسب‭ ‬المنافسة‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وستبقى‭ ‬قدرة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬استعادة‭ ‬النفوذ‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬غير‭ ‬محسومة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬محدودية‭ ‬وربما‭ ‬غياب‭ ‬اكتراث‭ ‬استراتيجية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬مقارنة‭ ‬بمنطقتي‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬ركزت‭ ‬تلك‭ ‬الاستراتيجية‭.‬


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره