دخل محمد بن عباد على المأمون فجعل المأمون يُعممه بيده، وجارية على رأسه تتبسم، فقال لها المأمون مم تضحكين؟ فقال ابن عباد أنا أخبرك يا أمير المؤمنين تتعجب من قبحي وإكرامك إياي، فقال: لا تعجبي فإن تحت هذه العمامة كرمًا ومجدًا وأنشدها:
وهل ينفعُ الفتيانَ حُسْنُ وجوهِهم. إذا كانت الأخلاقُ غيرَ حِســانِ.
فلا تجعَلِ الحُسْنَ الدليلَ على الفتى. فما كلُّ مصقولِ الحديد يمانِي
وقريبُ من هذا قول المتنبي:
وما الحُسن في وجهِ الفتى شرفٌ له إذا لم يَكن في فعله والخلائق
والحكم بالمظاهر مضلل، وهو غير الفراسة، فالطول والقصر؛ وغيرهما لا يدلان، وفي ذلك يقول العباس بن مرداس، والعباس هذا ابن الخنساء، وكان قصيرا:
ترى الرَجُلَ النَحيفَ فَتَزدَريهِ وَفي أَثوابِهِ أَسَـــدٌ مُــــزيــــرُ
فَإِن أَكُ في شِرارِكُمُ قَليلاً فَإِنّي في خِيارِكُمُ كَثيرُ
نظر معاوية بن أبي سفيان يومًا في مجلسه إلى النحار بن أوس فازدرى ثيابه، فقال له النحار: يا أمير المؤمنين إن العباءة لا تكلمك، إنما يكلمك من فيها وكمال الرجل آدابه لا ثيابه. ومثل هذا جرى لسعد بن ضمرة الأسدي مع النعمان بن المنذر، ملك الحيرة، فقال:
يا أيها الملك المرجوُّ نوائله إني لمن معشرٍ شمِّ الذرى زُهُرِ
فلا تَغُرَّنّك الأجسامُ، إنَّ لنا أحلامَ عادٍ، وإنْ كنّا ذوي قِصَرِ
وما أحسن قولهم.
إذا أخو الحُسن أضحى فعله سَمجًا.. رأيت صورته من أقبح الصور
وهبك كالشمس في حسن ألم ترنا، نفر منها إذا مالت إلى الضرر؟
فافتح عينك على سماحة الأخلاق وحسنها، وبها إن كان ولا بد ..فاحكم.
لا يوجد تعليقات