مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2017-11-13

أهـون الشـريـن

إيران تمثل تهديداً للأمن والاستقرار العالميين، هذه حقيقة وليست ادعاء أو تحامل على إيران. فمن ينشئ قوة عسكرية ويُسلحها بأقوى أنواع السلاح العسكري الحديث بهدف زعزعة أمن واستقرار دول أخرى لا يمكن أن يكون طرفاً مسئولاً في النظام الدولي أو يستهدف بالخير أمن واستقرار النظام الدولي. إيران مُذنبة من رأسها إلى أخمص قدميها. فما بال مثل هكذا دولة لو أنها امتلكت السلاح النووي؟! ما من شك ستكون شرسة في فرض هيمنتها، تهدد القريب وتبتز البعيد. 
 
إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب محق في وصفه للاتفاق النووي الذي توصلت له الولايات المتحدة ومعها الدول الأخرى في مجلس الأمن بالإضافة إلى المانيا مع إيران بأنه اتفاقٌ سيئ. لأنه وبكل بساطة لا ينهي الطموح الإيراني بامتلاك القدرة النووية العسكرية بل يؤجله، ولا يوقف التوغل الإيراني في تهديد أمن واستقرار دول عدة في المنطقة. نعم لقد أخفق الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في الحد من خطورة إيران في المنطقة عبر الجلوس معها في إطار مشاوراتهم حول البرنامج النووي. ترامب يريد الخروج من هذا الاتفاق، ورغم أن لديه ما يبرر ذلك إلا أن هذه الخطوة إذا ما تمت ستكون خطيرة للغاية لسبب واحد ومنطقي وهو أن الرئيس الأمريكي ليس لديه البديل عن هذا الاتفاق للحد من طموح إيران في مجال الحصول على السلاح النووي. الخطة البديلة غير موجودة، وهذا خطر في حد ذاته. يردد الرئيس ترامب مراراً وتكراراً بأنه لا يعلن عما يخطط له. وهذا أمر طيب عسكرياً ولكن الخيارات المطروحة أمامه في هذا المجال محدودة جداً. تأجيل الطموح الإيراني عبر مثل هذا الاتفاق أهون من العمل المكثف نحو تحقيقه في ظل غياب هذا الاتفاق. النشاطات النووية الإيرانية اليوم مراقبة وفقاً للاتفاق، وهو ما يحد من الطموح الإيراني. وهذا عملٌ جيد. ولكن الخروج من الاتفاق يعني وبكل بساطة لا يوجد ما يمكن أن يلزم إيران في مسألة الحد من تطور برنامجها. 
 
 
الضغط على إيران حول هذا الملف والملفات الأخرى - كما يفعل الرئيس ترامب - أمرٌ جيد. لأنه يبقي إيران في خانة المشتبه به الذي عليه أن يُثبت عكس ما يُقال عنه. وهو أمر مهم في استراتيجية الاحتواء. فالطرف المُتهم سيبقى متخوف ومتوجس مما يقال عنه وسيحاول قدر الإمكان إبراز نفسه على أنه ملتزم بما هو مطلوب منه لاسيما أمام الأطراف الأخرى المشاركة في الاتفاق النووي من أمثال أعضاء مجلس الأمن الدولي. لذلك فإن فك الارتباط مع هذه الأطراف سيجعل الطرف المُتهم أكثر حرية في التعامل مع العالم الخارجي بعيداً عن خشيته من القيود المفروضة عليه. لذلك لا منطلق على الإطلاق من الرئيس ترامب أن يقوم بإلغاء الاتفاق ونسف ما تم التوصل إليه. نعم مطلوب من الرئيس ترامب التشدد مع إيران واستخدام هذا التشدد كورقة ضغط للحصول على تنازلات من إيران في ملفات أخرى مهمة للأمن والاستقرار العالميين كالملف السوري والملف اليمني، ولكن لا يمكن أن ينسف في سبيل ذلك التزام إيران ولو بالحد الأدنى باتفاق منع التخصيب المحدد وفقاً للاتفاق النووي. 
 
 
ربما أدرك الرئيس ترامب بأن استراتيجية سلفه باستخدام الاتفاق النووي كوسيلة لشراء الوقت حتى يحدث تغير ما في الداخل الإيراني لصالح نظام سياسي أكثر تسامحاً مع محيطه وأكثر تعاوناً مع العالم لن تتحقق، لذلك فهو يعمل في اتجاه المواجهة بدلاً من الاحتواء. لكن الخطورة هي غياب البديل الناجع للاتفاق النووي. فماذا بعد الغاء الاتفاق؟ المؤكد أن إيران ستعود إلى التخصيب العالي لليورانيوم، وتعيد العمل في منشأتها النووية وتراوغ في تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. أي العودة إلى فترة ما قبل الاتفاق. 
 
 
لقد كانت لواشنطن فرصة ذهبية للتعامل مع إيران في مختلف الملفات عندما شنت حربها على العراق في 2003، وأعلنت القيادة لإيرانية رغبتها في التعامل مع واشنطن، إلا أن تعنت الرئيس جورج بوش الابن واعتقاده بأن انتصاره في العراق سيفرض على إيران أن تتغير جعل إيران تتشدد في مختلف الملفات ومن ضمنها الملف النووي الذي كان في بدايات تطوره في تلك الفترة. لقد كان لدى إيران قدرات نووية محدودة في تلك الفترة، إلا أن رفض واشنطن استثمار ذلك الوضع للضغط على إيران لوقف برنامجها النووي جعل طهران ترفع من قدرات برنامجها النووي إلى أن أصبح في مستوى غاية في التقدم. فهل يفعل الرئيس ترامب ذات الخطأ الاستراتيجي؟ اعتقد أنه في حالة غياب وجود استراتيجية واضحة كبديل عن الاتفاق سيكون التخلي عن الاتفاق خطئاً استراتيجي. فالمنطقة لا يمكن أن تتحمل سنوات قادمة من ترك البرنامج النووي الإيراني بعيداً عن الرقابة الدولية، لأنه وبكل بساطة سيجعل إيران تمتلك القنبلة النووية، وعندها لن ينفع الندم. فبرنامج إيران النووي المضبوط دولياً خير من برنامج نووي منفلت. 
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره