2022-08-02
المزاج الخليجي تجاه أمريكا
مرت الزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى دول المنطقة في منتصف شهر يوليو الماضي وعقد اجتماعاً مهماً مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق 3+6، بهدوء ودون صخب إعلامي وشعبي يوضح المكانة التاريخية التي تحتلها العلاقات الخليجية-الأمريكية أو على الأقل المكانة العالمية للدولة العظمى، بل إن الفترة التي أعقبت الزيارة بأيام بينت صحة تراجع الحماس الخليجي في انتظار نقلة أمريكية في العلاقات.
فما يوحي أن الدول الخليجية لم تعد مستعدة بالمغامرة بالمكاسب التي حققتها من وراء تراجع المواقف الأمريكية منذ أيام الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما واستمرت مع الرئيس الحالي بايدن بل إن هناك شعوراً بأنها حققت إنجازا في مواقفها أجبرت بايدين بأن يأتي للمنطقة في «زيارة الضرورة»، واتخاذ مواقف ضد إيران في مقابل عدم الخروج بنتائج ملموسة.
كانت هناك ملاحظة سبقت الزيارة واعطت انطباعاً بعدم توقع الكثير من الزيارة فالاهتمام الخليجي للزيارة لم تبرز بالطريقة المعتادة لرؤساء الدول الكبرى على شكل الصين وروسيا وحتى زيارة بوش الابن فهي أي الدول الخليجية استمرت في انشغلاتها في توسيع شراكاتها الاستراتيجية مع الدول الأخرى مثل الهند وألمانيا وفرنسا في إشارة إلى أن الزيارة الأمريكية محطة دبلوماسية كأي زيارة عادية وينبغي عدم المجازفة بالاعتقاد أنها تاريخية متميزة وقد تغير من الموقف الأمريكي المتذبذب والمهزوز.
بايدن الذي مثل نهج الديموقراطيين في هذه الزيارة لم يغير شيئاً في الملفات التقليدية ولم يقدم أفكاراً واضحة تعطي انطباعا للدول الخليجية بأن هناك نية أمريكية لتعديل مواقفها تجاه الملف الايراني بشكل جاد ولا حتى في مصادر تهديد استقرار المنطقة ولا حتى في ملف المواطن السعودي جمال خاشقجي، في المقابل فإن الدول الخليجية هي الأخرى لم تقدم تنازلات تحرجها أمام «أصدقائها الجدد» بمجرد أن بايدن زار دولها فالمصالح هي اللغة التي بدأ الخليجيون يركزون عليها باعتبارها أساس العلاقات الدولية.
تغير نظرة الخليجيين في الاعتماد الكامل على الحليف التقليدي والوحيد في علاقاتها الدولية مسألة لها بعدين إيجابيين. البعد الأول: وفق نظرية في العلاقات الدولية «لا تضع كل البيض في سلة واحدة» وقد تأكد هذا الأمر في أحداث الربيع العربي السيء السمعة عندما وقف الديموقراطيون مع الفوضى في الدول العربية، ولكن الموقف جاء بمثابة الخروج من الأزمة بفرصة فكان توسيع الخليجيون للشراكات الدولية.
البعد الآخر: أن المحرك الأساسي في العلاقات الدولية هي المصالح وارتهان قرار دولة في يد حليف وحيد مهما كانت طبيعته قد يؤدي إلى نتائج غير جيدة وقد تم اختبار الولايات المتحدة على مدى عقد كامل وكانت النتيجة التردد والتراجع في اللحظات الحاسمة وأي تعديل لاحق من قبل الإدارة الأمريكية إنما هو نتيجة خوف من خسارة الحليف الخليجي وهذا ما حصل مع زيارة بايدن الأخيرة.
لم تعد تخشى الدول الخليجية فقدان أي حليف دولي كما أنها لا ترى في حليف ميزة دون آخر فالمعيار فعالية الشراكات الدولية، صح هناك حنين خليجي شعبي تجاه الولايات المتحدة لأسباب سياسية وغيرها ولكن طريقة تعاطي بعض إدارتها )خاصة الديموقراطيين( قد تساهم في تآكل ذلك الحنين فالبعض ينغمس في التدخل في الشؤون الداخلية ويراهن على خصوم الحلفاء الخليجيين دون اعتبار للمصالح المشتركة.
ارشيف الكاتب
لا يوجد تعليقات