نعيشُ حياتنا مرّةً واحدة؛ ويَلزم ذلك أن نُولِي كل أمرٍ حَقه، وأن نعرف أنّ ما يأتينا اليوم قد لا يأتينا غدًا، وأن النَّدم تجارة الكُسالى اللذين لا يتقنون فنّ التصرّف في الوقت المناسب، ولعل من أبلغ ما قيل في هذا الباب هو بيت الشعر اليتيم:
وشاعره هو أبوالفضل الرياشي مولى لبني رياش؛ وفي ذِكر فطانته قال المازني "قرأت على الرياشي كتاب سيبويه فاستفدت منه أكثر مما استفاد مني"، وهذا البيت اليتيم ينسب أيضًا إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي، ومعناه يحض على المبادرة، واغتنام الفرصة. ولا يكون ذلك إلا بالحزم. والحزم بضاعة والتواني إضاعة؛ والحزم صناعة؛ والعرب تقول أيضًا "الرأي كثير والحزم قليل"، ومثل ذلك قول ابن هندو:
إذا هَبَّت رِياحُكَ فَاِغتَنِمها...فَعُقبى كُلّ خافِقَةٍ سُكونُ
وفي الأثر "من فُتح عليه بابٌ فلينتهزه فإنه لا يدري متى يُغَلق عنه"، ويقول إبراهيم الغزي :
بادر فإنّ الوقت سيفٌ قاطع.. والعمر وقت والشباب أمير
والمبادرة، ليست بالضرورة موقفًا نتخذه تجاه الأشياء البعيدة، قد تكون الفرصة، فكرة تراودنا، أو بيت شعر يأتينا، فنؤجله، فيضيع، وبعدها نبذل النّدم السخين على ما ضيعناه وفوتناه، ومن أحسن ما قيل في هذا الباب:
لا يوجد تعليقات