مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2024-05-01

تحصين‭ ‬الإقليم‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬الخليج

لعلنا‭ ‬نتذكر‭ ‬تلك‭ ‬الوثيقة‭ ‬الخليجية‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬في‭ ‬28‭ ‬مارس‭ ‬الماضي؛‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تركز‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬وإنما‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بأكمله‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعطي‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬طريقة‭ ‬تفكير‭ ‬قادة‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬لمفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭ ‬لبلدانها‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ (‬بلا‭ ‬شك‭) ‬لا‭ ‬يدركه‭ ‬الكثيرين‭ ‬بما‭ ‬فيهم‭ ‬مراقبين‭ ‬مختصين‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الأمن‭ ‬وهو‭: ‬أن‭ ‬الدائرة‭ ‬الأمن‭ ‬الوطنية‭ ‬لكل‭ ‬دولة‭ ‬خليجية‭ ‬لا‭ ‬تتحقق‭ ‬بالمفهوم‭ ‬الشامل‭ ‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬بالاشتراك‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬لها‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬مصدر‭ ‬قلق‭ ‬للأمن‭ ‬فالإقليم‭ ‬بأكمله‭ ‬يتأثر‭ ‬ببعضه‭. ‬
 
 
لذا‭ ‬نجد‭ ‬الرؤية‭ ‬الخليجية‭ ‬للأمن‭ ‬توسعت‭ ‬لتشمل‭ ‬دول‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وهذه‭ ‬النقطة‭ ‬تحسب‭ ‬لقادة‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭.‬
ولم‭ ‬تقتصر‭ ‬الرؤية‭ ‬الخليجية‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬على‭ ‬نوع‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬التهديد‭ ‬لها،‭ ‬بل‭ ‬اتخذت‭ ‬مسارات‭ ‬متعددة‭ ‬لتشمل‭ ‬قضايا‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬قيد‭ ‬التشكل‭ ‬خاصة‭ ‬القضايا‭ ‬الإنسانية‭ ‬وذلك‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬مواكبة‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬لمفاهيم‭ ‬الأمن‭ ‬الجديدة‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬تعتبر‭ ‬حديثة‭ ‬العهد‭ ‬فهي‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬وهي‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬أولويات‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬مثل‭ ‬قضايا‭: ‬المناخ‭ ‬والاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬التي‭ ‬بدأ‭ ‬العالم‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬وكذلك‭ ‬قضايا‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬آخر‭ ‬يعطينا‭ ‬لمحة‭ ‬لطريقة‭ ‬التخطيط‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬المستقبلي‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬التفكير‭.‬
 
 
وللأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬يغزو‭ ‬العالم‭ ‬ومنطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بمفهومه‭ ‬الشامل‭ ‬الذي‭ ‬يجمع‭ ‬الجزء‭ ‬الآسيوي‭ ‬والأفريقي‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يطرح‭ ‬في‭ ‬الدوائر‭ ‬الغربية‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الجديد،‭ ‬نصيب‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الخليجية‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬الاهتمام‭ ‬بها‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬برغم‭ ‬ما‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬إيجابيات‭ ‬وفوائد‭ ‬في‭ ‬تسهيل‭ ‬حياة‭ ‬الأفراد‭ ‬فإنها‭ ‬كذلك‭ ‬هي‭ ‬مجال‭ ‬مهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬للإرهابيين‭ ‬وكذلك‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬تهديد‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬لهذا‭ ‬وجب‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬تأثيراتها‭ ‬السلبية‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬لأمن‭ ‬مسألة‭ ‬منعها‭ ‬بالكامل‭ ‬هو‭ ‬أمنية‭ ‬الجميع‭ ‬سواء‭ ‬الحكومات‭ ‬أو‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭.‬
 
 
يمكننا‭ ‬استنتاج‭ ‬ثلاثة‭ ‬نقاط‭ ‬رئيسية‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬الخليجية‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬وهي‭ ‬نقاط‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬إدراك‭ ‬طريقة‭ ‬تفكير‭ ‬قادة‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬لمفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬وهي‭:‬
النقطة‭ ‬الأولى‭: ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬مهمومة‭ ‬بالتفكير‭ ‬في‭ ‬تحصين‭ ‬دولها‭ ‬الست‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬والأمن‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬بالطبيعة‭ ‬إلى‭ ‬التنمية‭ ‬والازدهار‭ ‬وهما‭ ‬المبدأين‭ ‬الأساسيين‭ ‬في‭ ‬ميثاق‭ ‬تأسيس‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬تعمل‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬بالمساعدة‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬العالم‭.‬
 
 
النقطة‭ ‬الثانية‭: ‬هناك‭ ‬شمولية‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬الخليجية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬وشمولية‭ ‬في‭ ‬توسعة‭ ‬مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬فمن‭ ‬جانب‭ ‬طبيعة‭ ‬التحديات‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬التهديد‭ ‬التقليدية‭ ‬مثل‭ ‬الخطر‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬أو‭ ‬مخاطر‭ ‬الإرهاب‭ ‬وإنما‭ ‬مخاطر‭ ‬الحروب‭ ‬التكنولوجية‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬مواجهتها‭ ‬يتطلب‭ ‬تجاوز‭ ‬مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬من‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭ ‬الضيق‭ ‬إلى‭ ‬مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭ ‬الواسع‭ ‬ليكون‭ ‬استقرار‭ ‬الإقليم‭ ‬هو‭ ‬استقرار‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬الوطن‭ ‬فالجميع‭ ‬متأثر‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭.‬
 
 
النقطة‭ ‬الثالثة‭ ‬متعلقة‭ ‬بأدوار‭ ‬الدول‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬العالم‭ ‬وربما‭ ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬تؤسّسها‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الست‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الأخرى‭. ‬فمن‭ ‬جانب‭ ‬هناك‭ ‬اتفاق‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬المنظم‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المعطيات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬ومواجهتها‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي‭ ‬وناجح‭. ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬تعطي‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬درساً‭ ‬للدول‭ ‬المتوسطة‭ ‬والصغيرة‭ ‬بأن‭ ‬لديها‭ ‬دور‭ ‬مؤثر‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬العالم‭ ‬وفي‭ ‬تهديد‭ ‬استقراره‭ ‬وفق‭ ‬منطلقات‭ ‬قيادتها‭ ‬السياسية‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬الاستغناء‭ ‬عن‭ ‬دورها‭ ‬مهما‭ ‬اعتقدت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى،‭ ‬ولكن‭ ‬يبقي‭ ‬منطلقات‭ ‬القيادات‭ ‬السياسية‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬هو‭ ‬المحرك‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬تسير‭ ‬رؤيتها‭ ‬للأمن‭.‬
 
 
مسألة‭ ‬تحديث‭ ‬وتطوير‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬الوطنية‭ ‬مسألة‭ ‬طبيعية‭ ‬كي‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬طبيعة‭ ‬المتغيرات‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬دائرتها‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تتعدى‭ ‬حدودها‭ ‬الجغرافية‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬نقاط‭ ‬تبدو‭ ‬بعيدة‭ ‬وذلك‭ ‬نتيجة‭ ‬لتطور‭ ‬طبيعة‭ ‬التهديدات‭ ‬ومصادرها‭. ‬
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره