مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2025-06-01

ترامب في الخليج

أثبتت الجولة التي قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في منطقة الخليج العربي منتصف الشهر الماضي (13 – 15 مايو)، أن العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية دول مجلس التعاون الخليجي، مختلفة كثيراً عن علاقات الدولة العظمى مع دول إقليمية أخرى في العالم.
فالمعتاد أن يُنظر إلى تحالفات واشنطن وعلاقاتها الوثيقة مع بعض الدول، إلى أنها علاقات هيمنة وترجيح الكفة الأمريكية مقابل تبعية واحتياج لها من الدول الصغيرة والمتوسطة في العالم؛ وهو في الواقع توصيف سليم لحالات دول كثيرة تعاني مشكلات وأزمات وبها نقاط ضعف وثغرات تجعلها في حاجة دائمة إلى دعم ومساندة وربما حماية الولايات المتحدة الأمريكية، أو غيرها من الدول الكبرى في العالم. لكن تلك العلاقة غير المتوازنة لا تنطبق بتاتاً وبالمرة على دول الخليج.

فلدى دول الخليج من مقومات وعناصر القوة الشاملة للدولة، ما يضعها في مكانة متميزة ويمنحها قدرات مكافئة للتعاطي والتفاعل مع كل دول العالم بما فيها الأكثر قوة ومكانة مثل الولايات المتحدة. وليس أدل على ذلك مما تضمنته جولة الرئيس الأمريكي التي بدأها بالمملكة العربية السعودية وانتقل منها إلى دولة قطر، واختتمها بزيارة دولة الإمارات من دلالات فهي الجولة الخارجية الأولى للرئيس الأمريكي منذ بدأت ولايته الرئاسية قبل أكثر من مائة يوم، ما يؤكد خصوصية ومكانة دول مجلس التعاون الخليجي لدى السياسة الأمريكية، فضلاً عن متانة ورسوخ علاقات دول المجلس مع الدولة العظمى الأكبر في العالم. إلى حد أن الرئيس الأمريكي لم يكتف بزيارة الدول الخليجية الثلاث، فعقد لقاء جماعياً مع قادة وممثلي الدول الخليجية الست معاً. ما يعكس حرصاً أمريكياً على تعزيز المستوى الرفيع من العلاقات القوية مع كافة دول مجلس التعاون، حتى وإن لم يسمح الوقت وجدول الأعمال بزيارتها جميعاً.
ولم تكن هذه هي الرسالة الوحيدة في جولة ترامب الخليجية، بل إنها ليست المرة الأولى التي تؤكد واشنطن فيها الموقع المتميز لدول الخليج العربية على خارطة السياسة الأمريكية. ففي فترة رئاسته الأولى للولايات المتحدة (2016 – 2020) كانت منطقة الخليج أيضاً الوجهة الخارجية الأولى له بعد وصوله إلى البيت الأبيض.

بل حملت جولة ترمب رسائل شديدة الأهمية على أكثر من مستوى، يتصل أولها بدور دول الخليج العربية على المستوى الإقليمي. حيث يدرك ترمب محورية الدور الذي تلعبه تلك الدول وخصوصاً الإمارات في إرساء السلام والاستقرار الإقليمي بالشرق الأوسط. بما في ذلك الوساطة والاتصالات المكثفة التي تبذلها الدولة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة حفظه الله، لتسوية الأزمات المنتشرة في المطقة من غزة إلى السودان واليمن وليبيا. كما كان ترمب قد أشاد بالجهد الإماراتي الكبير في قضايا عالمية، لعل أبرزها الوساطة الإماراتية في تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرنيا.

وقد أكد ترمب تقديره لدول الخليج العربية بمبادرته إلى رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا. وفي اتجاه موازي، صدرت إشارات مباشرة وصريحة من ترمب وكذلك وزير الخارجية مارك روبيو بشأن الأمن والاستقرار في الخليج والشرق الأوسط ككل. وتحديداً فيما يتعلق بدور إيران ومصير المفاوضات الأمريكية الجارية معها. حيث كان ترمب حازماً في تحذير طهران من البديل حال فشل المفاوضات، وكان روبيو أكثر وضوحاً في إعلان أن الوقت أمام التفاوض ليس مفتوحاً بلا نهاية.

معنى هذه المواقف القوية من أرض الخليج العربي، أن الحوار مع طهران مشروط بل هو مدفوع بهدف تحقيق الاستقرار والحد من التوتر. بل إن ترامب قال صراحة إن واشنطن ملتزمة بأمن وحماية دول الخليج العربية.

في المحصلة، جاءت جولة ترامب الخليجية في وقت مثالي بالنسبة لأزمات وأوضاع المنطقة، لتؤكد أن العلاقات بين الجانبين متوازنة وقوية، وأهي علاقة شراكة متبادلة هدفها المشترك هو ضمان الاستقرار والأمن والرخاء لشعوب الخليج والشرق الأوسط، ومواجهة أية محاولات لعرقلة تحقيق تلك الأهداف.


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2025-10-02 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2025-08-06
2014-06-09
2014-11-02
2014-03-16
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره