ليس من خلقٍ جليلٍ ينبغي بعثه بين الناس، وربط القلوب عليه اليوم، بعد حسن الخلق؛ إلا الأدب مع الوطن، وقد اكتنز ديوان العرب، قصائد الولاء والوفاء والعهد للوطن، نعيشها اليوم معًا. ولعل أشهرها، هي لابن الرومي الذي يقول:
كَمْ مَنزِلٍ في الأرضِ يألفُهُ الفَتى وحَنينُهُ أبداً لأوَّلِ مَنزِلِ
ويكون الحنين للديار وملاعب الناس والأطلال هو مطلع قصائد العرب، وما حب الديار يشغف قلوبهم ولكن حب من سكن الديار، وفوق هذا هم لا يجعلون العلاقة بين الوطن والفرد علاقة سببية، فحب الوطن فطرة ودين سالف، فنحن لا نحب الوطن لأنه منحنا، ولكن لأنه أصلنا وجذرنا ومرتكزنا. نحبه بكلّ ما فيه، نحب الوطن لأنه الوطن، كما يروى لمجهول في المستطرف وغيره:
بلادٌ ألفناهــــا على كـــــل حالـةوقد يُؤْلَفُ الشيء الذي ليس بالحَسنْ
وتُسْتعذب الأرض التي لا هواء بها ولا ماؤهــــا عذبٌ، ولكنهــــا وَطَنْ
لا يغفر العرب الخيانة والتخلي عن الوطن، ولا يصطبرون على من يخفت حنينه لليالي بلاده، وما أعجب ما قال الشاعر العراقي بدر شاكر السياب:
لا يوجد تعليقات