استطلاع الرأى
مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟
- ممتاز
- جيد جداً
- جيد
إن المرحلة الجديدة التي تمر بها سوريا تُلقي بضلالها ليس فقط على المنطقة ولكن على مناطق أخرى في العالم. لذلك فإن الكثيرين في يأملون في أن تنجح سوريا في تحولها من الوضع الذي كانت عليه مع سيطرة نظام الأسد والوجود الإيراني إلى وضعٍ جديدٍ لا يكون لإيران نفوذ في سوريا. إن تعاون نظام الأسد مع إيران كان يمثل تهديداً مباشراً لأمن واستقرار العديد من الدول في المنطقة.
فسوريا كانت إحدى أهم أدوات السيطرة الإيرانية، وكانت تجسد المشروع الإيراني الساعي إلى خلق مزيدٍ من التفتت والانقسام العربي، واستغلال ذلك في نشر أجندتها التي كانت تعمل من خلالها من أجل خلق السيطرة على بعض أهم دول المنطقة. فالقضية الفلسطينية كانت دائماً تحت رحمة الاستغلال الإيراني عبر دعم حزب الله اللبناني للفصائل الجهادية المقسمة للوحدة الفلسطينية، من خلال الدعم القادم من الأراضي السورية. كما أن هذا الحزب الموالي لإيران ظل دائماً يُجسد المشروع التقسيمي الإيراني في المنطقة العربية عبر العديد من دولها التي عانت من التهديد المباشر أو غير المباشر من الدعم الإيراني لجماعات موالية لذلك المشروع. لذلك ظلت دوامة عدم الاستقرار هي عنوان حال المنطقة.
واليوم تجد المنطقة نفسها أمام فرصة تاريخية لتجاوز مرحلة السيطرة الإيرانية على بعض من اهم دول المنطقة ومن ضمنها سوريا، فسوريا بدون السيطرة الإيرانية هي مكسب عربي ودولي، لذلك وجب النظر بشكل جدي نحو إيجاد اتفاق عربي ودولي للتعامل مع سوريا بطريقة تمنع عودة السيطرة الإيرانية. فإيران كانت وما زالت تشكل تهديداً وجودياً للعديد من الدول، إلا أن تهديدها في الوقت الراهن يشهد تراجعاً واضحاً، وعليه وجب التعامل معه بشكل يساعد على ضمان بقاء التراجع قائماً وبعيداً عن إمكانية عودة التهديد الإيراني. فسوريا من هذا المنطلق لم تعد تمثل تهديداً للدول العربية، لكنها قد تصبح تحدياً لدول المنطقة التي عليها أن تدرك ضرورة كيفية التعامل معها بشكل حذر.
في علم السياسة نقول بأن التهديد هو وضع خارج عن نطاق سيطرة الدولة المُستهدفة من التهديد، بحيث تكون هذه الدولة غير قادرة على التحكم فيه ومنعه. في حين أن التحدي هو وضع يمكن التعامل معه، ويمكن السيطرة عليه. فسوريا مع الوجود الإيراني كانت تمثل تهديداً لم تستطع العديد من الدول السيطرة عليه أو التحكم فيه، أما اليوم ومع خروج إيران من سوريا أصبح هذا البلد أقل تهديداً وأقرب إلى كونه تحدياً في التعامل معه. هذا الوضع الذي تبرز من خلاله سوريا كتحدي هو بسبب عدم وضوح الرؤية وغياب التيقن عن ما سيؤول إليه الوضع في مثل هذا البلد المهم، وخاصة مع سيطرة الإسلاميين الجهاديين على الحكم. التهديد والتحدي هي أوضاع غير مريحة للدول، وكلهما يتطلب تعاملاً حذر، لكن التهديد أعلى درجة من التحدي في قياس التأثير الأمني للدول وأصعب في التعامل معه.
الجيد في مثل هذا الوضع هو أن التحدي إن وجد يمكن التعامل معه من قبل الدول حتى لا يتحول إلى تهديد، وعليه فإن سوريا اليوم وباعتبارها - في وجهة نظرنا - تمثل تحدياً للمنطقة، فالمطلوب من الدول العربية هو ضمان عدم تحول سوريا لأن تصبح تهديد. وهذا الأمر يتوقف على درجة التعاون المُقدم من الدول العربية، ومدى قدرتها على استمالة سوريا للحاضنة العربية وفقاً لمعايير تلتزم بها دمشق بأن لا تكون عنصراً مهدداً أو مخيفاً لدول المنطقة من تبعات وصول الإسلاميين الجهاديين إلى الحكم. فالتوازن هنا مطلوب بين الجانبين العربي والسوري للوصول إلى صيغة اتفاق ضامنة لشكل سوريا الحالي والمستقبلي، فاستقرار سوريا أمر ضروري لضمان عدم عودة إيران إلى الداخل السوري وإعادة تشكيل نفسها مع أطراف موالية لها، وفي ذات الوقت فإن نجاح الحكم الجديد في سوريا يجب أن لا يأتي مهدداً لأية دولة أخرى ولا يحمل معه أجندة عابرة للحدود. فسوريا لا يمكن ان تنجح من دون الدعم والمساندة العربية لها.
لذلك يجب أن يكون هذا الدعم العربي مشروطاً ببقاء سوريا دولة مسالمة مع الجميع، ولا تعمل على التدخل في شؤون الدول الأخرى، أو دعم عناصر تعتبر إرهابية أو مثيرة لعدم الاستقرار. لذلك فإن الخيار الأمثل هو أن لا تصبح سوريا مهدداً لأحد من الدول العربية، أو ضمان أن تبقى سوريا في خانة التحدي ولا تتحول إلى خانة التهديد. وهنا تأتي العملية السياسية والفطنة الدبلوماسية العربية كمطلب أساسي للعمل من أجل ضمان تحقيق هذا الوضع.
مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟
لا يوجد تعليقات