مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2023-10-01

ماذا يعني انضمام دولة الإمارات لبريكس؟

في تطور مهم لمجموعة بريكس، والتي تضم كل من الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، قررت المجموعة في قمتها الأخيرة في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا قبول انضمام ست دول جديدة هي: دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإيران والأرجنتين ومصر وأثيوبيا ابتداءً من بداية العام القادم. هذه الدول تم اختيارها من أكثر من أربعين دولة أعلنت رغبتها الانضمام لعضوية المجموعة. القمة كانت استثنائية، حيث شارك فيها 67 دولة وبالأخص من دول ما يسمى بعالم الجنوب.
 
هذا الحجم من المشاركة والرغبة في الانضمام يُشير إلى أهمية هذه المجموعة بالنسبة للكثير من دول العالم التي رأت فيها متنفس لطالما تبحث عنه خارج النظام الدولي المسيطر عليه من قبل دول الشمال المتقدمة.
 
إن قبول دولة الإمارات كعضو كامل في بريكس هو اعتراف من قبل الدول الخمس الأعضاء في المجموعة بأهمية دولة الإمارات وثقلها كلاعب دولي وبالأخص في منظومة التفاعلات الدولية لدول عالم الجنوب. فالمعروف أن هذه المجموعة قد تأسست من دول كان يُنظر إليها على أنها أبرز الاقتصاديات الصاعدة في العالم وصاحبة ثقل سياسي عالمي. وبالتالي فإن قبول أية دولة كعضو جديد في هذه المجموعة يجب أن يكون مُعززاً لهذا الثقل الذي تتمتع به المجموعة وليس مُضعفاً له. وعليه فإن التقدير الأبرز هو أن وجود دولة الإمارات في البريكس سيكون وجوداً مُعززاً لعمل ومكانة المجموعة وفقاً لتقدير الدول الخمسة الممثلة للمجموعة. وهذا اعتراف وتقدير لمكانة دولة الإمارات العربية المتحدة.
 
هذه العضوية التي سعت لها دولة الإمارات وأيدتها دول البريكس هي تعبير عن مبدأ مهم غدت تؤمن به السياسة الخارجية الإماراتية والقائم على ضرورة تنويع دائرة الشركاء، وإقامة صداقات تعاونية مع جميع دول العالم ومناطقه، وعدم تضيق الدائرة في تحالفات وشراكات أحادية. فالحيطة والحذر هو تخطيط استراتيجي غاية في الأهمية لدول العالم كي لا تسقط في فخ العديد من المعضلات الأمنية في عالم السياسة الدولية. إن دولة الإمارات صاحبة مشروع تنموي طموح لا يمكن أن توقفه دوامة التحالفات والشراكات الاستراتيجية الضيقة. فالتنوع العالمي بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب يعطي فرصاً أكثر قوة لنجاح المشروع الإماراتي المتميز، لذلك فإن تنويع الشركاء هو توجه مهم في الفكر السياسي لدولة الإمارات.  
 
سعت دولة الإمارات إلى الانضمام للبريكس، ليس رغبة في المواجهة مع أحد، وإنما رغبة في الدفع ببرنامجها التنموي الإنساني للأمام. لذلك فإن دول مجموعة البريكس رأت في دولة الإمارات جوانب إيجابية كثيرة من شأنها أن تُسهم في دعم التعاون بين دول المجموعة. فدولة الإمارات صاحبة مركز تجاري قوي، ونقطة عبور اقتصادي استراتيجية، وبرنامج استثماري عالمي طموح، ومنتج للطاقة، وداعم للأمن والاستقرار الدوليين، وصديق مع الجميع؛ هذا الأمر شجع دول البريكس على قبول دولة الإمارات العربية المتحدة كعضو كامل في المجموعة.
 
مجموعة بريكس تمثل إضافة للنظام العالمي الذي يمكن من خلاله لدول فاعلة في منظومة تفاعلات عالم الجنوب أن يكون لها مساهمتها في حلحلة العديد من القضايا والإشكاليات الدولية التي لم تستطع دول الشمال المتقدم أن تجد لها حلول. فدول الشمال وللأسف الشديد أغلقت الباب على دول الجنوب في أن تكون حاضرة في منظومات التفاعلات الدولية عبر المنظمات العالمية التي تستحوذ عليها دول الشمال المتقدم مثل مجموعة السبعة الكبار، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية. فدول عالم الجنوب ورغم قوتها وحجمها مثل الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا إلا انها غير قادرة على أن تؤثر على أجندة التفاعلات في مثل هذه التنظيمات. فليس من المستغرب إذاً أن تتحرك مثل هذه الدول وتخلق لها ترتيبات مشتركة تعزز من خلالها التعاون المشترك فيما بينها.
 
الغريب في مثل هذا الوضع هو أن الدول الغربية تُحاضر على دول الجنوب ضرورة الأخذ بمبادئ النظرية الليبرالية في التعاون الدولي. وهذه النظرية تدعو إلى خلق تكتلات إقليمية وتعاون دولي بين دول العالم لأن في ذلك سبيل لتحقيق المنفعة المشتركة التي تصبو إلي تحقيقها النظرية الليبرالية. فالمنطق يقول أن بريكس هي في صلب ما تدعو إليه النظرية الليبرالية، فلماذا يجن جنون الغرب عندما يريد الآخرين التكتل لتحقيق المنفعة المشتركة فيما بينهم؟!
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره