مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2016-04-03

مبدأ الرئيس أوباما..ومأزق الحلفاء الإستراتيجي

أعلن الرئيس أوباما بوضوح في موضوع غلاف مجلة “ذي اتلانتك” في عدد أبريل 2016-”مبدأ أوباما “الأمني-”Obama Doctrine قبل أشهر من مغادرته البيت الأبيض، يُثبت بوضوح ما كتبنا عنه في محاضرات وندوات خلال الأعوام الماضية. ما قدمه الرئيس أوباما هو تأكيد للواقع – عادة الرؤوساء الأميركيون يعلنون عن مبادئهم في بداية عهدهم كما فعل الرؤوساء ايزنهاور ونيكسون وكارتر وغيرهم، وليس في نهايته كحال الرئيس أوباما. 
 
لم يكن ما اعترف به الرئيس أوباما جديداً- بل تأكيداً. ومن صُدم أو استغرب من خطاب الانعزال ورفع اليد وتخفيض مكانة وأهمية الشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربي كمنطقة حيوية للمصالح الأميركية فهو لم يقرأ أو يستوعب مبدأ وفكر وشخصية ورؤية الرئيس أوباما منذ وصوله للبيت الأبيض قبل سبعة أعوام! فأوباما لا يرى أن على أميركا أن تتدخل في مناطق بعيدة وخاصة في الشرق الأوسط لأنها لن تحل مشاكل الشرق الأوسط القديمة والعميقة التي تستنزف أميركا في حروب أميركا الثلاثة- بعد عقد ونصف من خسائر الدم والبشر والمال في أفغانستان والعراق وعلى الإرهاب. من أخطر الأفكار في مبدأ أوباما-
 
- لم يعد الشرق الأوسط يشكل أهمية حيوية لمصالح أميركا الرئيسية. 
 
- لا يمكن لأميركا حل مشاكل الشرق الأوسط الصعبة والمعقدة.
 
- ثمن وكلفة التدخل في الأزمات والمشاكل في الشرق الأوسط أكثر كلفة من كلفة وثمن عدم التدخل! وكان مثيرا للاستغراب تفاخر الرئيس أوباما بأنه وفر على أميركا الكثير من التضحيات بعدم تنفيذ عقابه بمعاقبة بشار الأسد على تجاوزه خط أوباما الأحمر باستخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين الأبرياء في غوطتيّ دمشق في أغسطس 2013- وكان ذلك اعترافا بالسقوط الأخلاقي- والإستراتيجي. حيث كان تراجع الرئيس أوباما عن الحاق ضربه موجعة ضد نظام الأسد- ما مكنه من الاستمرار بقتل شعبه بطرق أخرى، من خلال داعش والنصرة والمليشيات المتطرفة والإرهابية كحزب الله والمليشيات الطائفية.
 
- يرى الرئيس أوباما أن السعودية وإيران المتصارعتان على رقعة الشرق الأوسط أن عليهما إيجاد آلية لتتقاسمان المنطقة- وبذلك يساوي أوباما بين السعودية التي ترد وتسعى لتشكيل محور ومشروع يتصدى ويردع إيران وحلفائها وأذرعها في المنطقة. ما يؤكد أن مبدأ أوباما ينظر إلى إيران كجزء من حل مشاكل المنطقة وحليف في محاربة الإرهاب. بدلا من أن كونها كما ترى دول المنطقة أنها المشكلة الرئيسية في أزمات المنطقة! 
 
- أما أكثر ما استفز الحلفاء في المنطقة فكان اتهام الرئيس أوباما للحلفاء وفي أوروبا والخليج بأنهم”ركاب بالمجان”-’Free Ridersيطلبون منا أن نقاتل عنهم. وهذا دفع كل من الأمير تركي الفيصل رئيس جهاز الاستخبارات العامة السعودية السابق وسفير السعودية في لندن وواشنطن والشيخ ثامر علي صباح السالم الصباح للرد بقوة وتفنيد اتهامات الرئيس أوباما والتعليق بمقالات ومقابلات بأننا”لسنا ركاب بالمجان.”ولسنا منتفعين بالمجان””مشيرين إلى إشادة الرئيس أوباما نفسه بدور السعودية والحلفاء الخليجيين وخاصة في العمل معا في مواجهة الإرهاب والتطرف. 
 
- من أخطر مبادئ الرئيس أوباما هو كيف يقرأ ويفهم قادة العالم وخاصة حلفاء الولايات المتحدة الأميركية كالحلفاء الخليجيين في دول مجلس التعاون الخليجي-وغيرهم، بأن عليهم الاعتماد أكثر على أنفسهم وعدم التعويل على الحماية المستوردة من واشنطن-والعمل بشكل مستقل والأخذ بزمام الأمور-لحماية أمنهم والحفاظ على سيادتهم. وهذا ما قامت به دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية وحلفائها الخليجيين في عاصفة الحزم قبل عام. والتصميم على مواجهة مشروع إيران وحلفائها وأذرعها في ظل مناخ الحرب الباردة المشتعلة في المنطقة.
 
- ما بات واضحا من سياسة ومبدأ الرئيس أوباما-هو الاستقالة الطوعية والإرادية والتخلي عن دور الزعامة وشرطي العالم بل حتى رجل إطفاء العالم. وما يعنيي ذلك بأنه لا حروب أميركية بعد اليوم في سجل الدولة العظمى في النظام العالمي.
 
من وجهة نظر دول مجلس التعاون الخليجي-ما أوضحه الرئيس أوباما عن مبدأه-انما يرسخ ويؤكد القلق والتباين بين الطرفين-خاصة وأن المبدأ ينحو للإنعزالية ويقلق الحلفاء ويريح الخصوم-ما سمح لروسيا وكوريا الشمالية وإيران وسوريا الأسد،والمليشيات الارهابية مثل داعش والحوثيين وحزب الله والحشد الشعبي وغيرهم لملء الفراغ وتحدي الإرادة الأميركية وتهديد الأمن والاستقرار في أقاليمهم. حيث عادت روسيا للشرق الأوسط من البوابة السورية. وتفاخر إيران بسيطرتها على اربعة عواصم عربية. وتعيث المليشيات الطائفية فسادا في العراق وسوريا واليمن.وتضرب داعش في أوروبا كما نرى في فرنسا وبلجيكا حيث يدفع الغرب ثمن التردد وعدم الحسم في إطفاء نيران الأزمة السورية. لتتحول لكتلة نار تشعل المنطقة وتصدر الإرهاب الذي انطلق من سوريا وتغرق أوروبا باللاجئين! وهذا حصاد مبدأ أوباما المأزق الإستراتيجي!
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره