مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2022-01-02

الأولوية للدبلوماسية لتقليل المخاطر الجيوسياسية وتعزيز الإمارات الدولية

يمكننا القول أنه بالتزامن مع احتفال دولة الامارات العربية المتحدة بالذكرى الخمسين لتأسيس اتحادها، تبلورت مؤشرات عدة لتطور السياسة الخارجية لدولة الإمارات، والتي ظهرت في العديد من المسارح في الشرق الأوسط خلال العقد الماضي. لا تنفصل هذه التطورات عن قوة الاتحاد ومقدرات القوة الشاملة، ومن قدرة الدولة على تحويل مواردها إلى نفوذ وتأثير ملموس وهو ما تجلى مع التحولات التى طرأت على السياسة الخارجية للإمارات، حيث يعكس مسار التحرك الإماراتي تضافر أهداف الحفاظ على المصالح الاماراتية فى ظل إقليم مضطرب بأدوات تتسم بالمرونة والذكاء. 
 
بقلم: الدكتورة/ هدى رؤوف
 
وثيقة الخمسين
تعكس وثيقة مبادئ الخمسين لدولة الإمارات العربية المتحدة الأهداف التي أدت لتحولات السياسة الخارجية، حيث أعلنت الإمارات وثيقة “مبادئ الخمسين” التي ترسم الخارطة السياسية والاقتصادية والتنموية للسنوات المقبلة بعد مرور 50 عاماً على تأسيس الدولة في ديسمبر من عام 1971. فقد أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاة الله، عن الوثيقة التي تضم عشرة مبادئ رئيسية تحدد المسار المستقبلي للدولة، مما جعل الإمارات تتبع نهجاً قائماً على تعزيز وتسريع وتيرة الدبلوماسية ورسم واقع جيوسياسي جديد من خلال إعطاء الأولوية للدبلوماسية لتقليل المخاطر الجيوسياسية وتعزيز صورتها الدولية.
 
نقاط تحول
الخطوات التي اتخذتها الإمارات مؤخراً فى  السياسة الخارجية يعتبرها الكثيرون نقاط تحول في مقارباتها تجاه العالم الخارجي، كان آخرها  زيارات سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني إلى تركيا وقطر وإيران والتي سلطت الضوء على مثل هذا التغيير. وشكلت هذه الزيارات اختراقة في علاقات الإمارات مع البلدين التي اعتبرت متوترة نسبياً في السنوات الأخيرة. 
مما لاشك هناك عوامل أثرت فى السياسة الخارجية الإماراتية منها جائحة Covid-19 وتداعياته الاقتصادية على الاقتصادات الإقليمية والدولية، وصول إدارة ديمقراطية إلى البيت الأبيض في يناير، ويتوازى هذا النهج مع استراتيجية الولايات المتحدة القائمة على  تقليل الانخراط الأمريكي في المنطقة والتوجه نحو آسيا ومن ثم تخفيض الصبغة العسكرية على سياسة الولايات المتحدة الشرق أوسطية. لذا حرصت على تهدئة التوتر في المنطقة، ودعم تسوية النزاعات الإقليمية، وتقليل الاستقطاب. والأهم من ذلك، أن جميع دول المنطقة ربما باتت تدرك أنها لم تعد قادرة على الاعتماد على الولايات المتحدة لضمان التوازن، وضمان الأمن والاستقرار الإقليميين.
 
ومن ثم وفقاً لبعض المبادىء الواردة فى وثيقة الخمسين ومنها المبدأ الخامس، والذى نص على حسن الجوار أساس للاستقرار. المحيط الجغرافي والشعبي والثقافي الذي تعيش ضمنه الدولة يعتبر خط الدفاع الأول عن أمنها وسلامتها ومستقبل التنمية فيها. تطوير علاقات سياسية واقتصادية وشعبية مستقرة وإيجابية مع هذا المحيط يعتبر أحد أهم أولويات السياسة الخارجية للدولة. والمبدأ العاشر الذى نص على الدعوة للسلم والسلام والمفاوضات والحوار لحل كافة الخلافات هو الأساس في السياسة الخارجية لدولة الإمارات، والسعي مع الشركاء الإقليميين والأصدقاء العالميين لترسيخ السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي يعتبر محركا أساسيا للسياسة الخارجية.
 
حل النزاعات
من هنا يمكن القول أن مسار التحرك الإماراتي استند إلى نهجين، الأول  إصلاح العلاقات مع الدول المتباينة والمتنافسة في المنطقة من خلال الاتفاق على القضايا المشتركة والمصالح المشتركة، وتعزيز التعاون في هذه المجالات، وإجراء حوار حول القضايا المتنازع عليها ومحاولات التغلب على لعبة محصلتها صفر. 
 
أما النهج الثاني فيتعلق بتخفيف التوتر الإقليمي والاستقطاب من خلال دعم الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في المنطقة واتخاذ مبادرات للحوار لحل النزاعات في المنطقة. فقد دعمت الإمارات الحوار بين تركيا ومصر والسعودية وإيران. كما تبنت الإمارات سياسة خفض التصعيد مع إيران من خلال توقيع مذكرة لتعزيز التعاون في مجال الأمن البحري في أغسطس 2019. وقد أعطت الإمارات الأولوية لدبلوماسية المضيق لحماية نفوذها الجيوسياسي، ويمكن أن يلعب هذا دوراً في الحد من التوترات البحرية، وبالتالي تحقيق التوازن بين الطموحات الوطنية الإماراتية والأمن العالمي. ولأنه تم انتخاب دولة الإمارات العربية المتحدة لعضوية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة UNSC -  لعام 2023-2022 في أغسطس 2021، حث بيان دولة الإمارات العربية المتحدة في مجلس الأمن الدولي بشأن الأمن البحري “الدول الأعضاء على دعم حرية الملاحة كمبدأ رئيسي من مبادئ القانون الدولي” وشجع جميع الجهات الفاعلة على الالتزام ببناء الثقة من خلال فتح خطوط الاتصال في البحر، وبالتالي منع سوء التقدير، وعزيز ضبط النفس.
 
قد يمثل المقعد غير الدائم في الإمارات إطاراً مؤسسياً في الوقت المناسب لبناء حوار مخصص لنزع فتيل التوترات البحرية حول مضيق هرمز وباب المندب، وإشراك كل من إيران وإسرائيل بشكل ثنائي.
أما من جهة تطوير القدرات الدفاعية الإماراتية، فقد نجحت الإمارات العربية المتحدة في بناء سمعة باسم Little Spart  من خلال المظاهر التقليدية للقوة الصلبة مثل شراء الأسلحة، وبناء القدرات الدفاعية الوطنية. ومع ذلك، فإن التركيز الإماراتي على التعاون العسكري أوسع بكثير. سعت الإمارات أيضًا إلى دمج عناصر القوة العسكرية الناعمة، والتي تنطوي على نقل المعرفة وبناء القدرات.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره