2013-10-01
رئيس جامعة المشاة البحرية: ندرك أن العالم يزداد تعقيداً كل يوم والمطلوب تأهيل الضباط للتعامل مع المشكلات
وفـق رؤيتها لاستشراف المستقبل، والسعـي إلى تجاوز المراحـل بالانطـلاق نحو آفاق أوسع، تواصـل مجلـة "درع الوطن" سلسلة لقاءاتهـا مع القيادات العسكرية الأكاديميـة بالولايـات المتحـدة الأمريكية. وبهـذه المناسبـة التقـت المجلـة بمقـر جامعـة مشـاة البحريـة بكوانتكو (واشنطـن دي سي) العميـد الركن ويليـام ف موليـن الثالـث، رئيس جامعـة المشـاة البحريـة، الذي أكـد أهميـة تأهـيـل جميـع من يلتحـقون بالجامعـة للتعامـل مع المشكـلات والتحديـات التي تواجههـم.
كما أشـار إلى أنـه من الضـروري أن يـدرك جميـع الطلبة الذيـن يتخرجـون من الجامعـة أن العالـم يتغيـر بسرعـة كبـيرة، وأن أحد الجوانب المفيدة لهـذا التغيير هـو التكنولوجيا، وأنهم بحاجـة إلـى أن يستوعبـوا التهديـد الذي تنطـوي عليـه جميع الأجهـزة والأدوات التي يستخدمونها لتنفيـذ عملهم.
وعبّر سعادته عن مدى احترام الولايات المتحدة الأمريكية وتقديرهـا لدولـة الإمـارات العربيـة المتحدة، وأنـه يشعر بالامتنـان لكون بلاده صديقة لدولـة الإمارات، وأنهـم في الجامعة يقـدِّرون هـذه العلاقـة. كما ناقـش سعادته الكثير من القضايـا الأخـرى التي تواجـه القـوات المسلحـة فـي عصرنا الحاضـر.
وفيما يلي نص الحوار مع رئيس جامعة مشاة البحرية الأمريكية:
حوار: الرائد ركن/ يوسف جمعة الحداد
ملازم أول/ خليل الكعبي
متى أنشئت جامعة مشاة البحرية الأمريكية؟ وما المتطلبات التي أنشئت لأجلها؟
تـم تأسيـس جامعـة سـلاح مشـاة البحريـة عـام 1989، لتوفيـر مقـرات عامـة لجميـع المـدارس والجمـع بينهـا وجعـل الجميـع يتحركـون فـي الاتجـاه نفسـه، وأنـا مسؤول عن النظـام التعليمـي فـي سـلاح مشـاة البحريـة بأكمله، من ضباط ومجنديـن على حـد سـواء. ولدينـا بضع مدارس وكليـات تابعـة لنـا؛ إذ لدينا كلية الحرب لسـلاح مشـاة البحرية التي تعـادل جامعة الدفاع الوطني، ومدرسة أيزنهـاور. وقد تم تأسيـس كليـة الحرب عـام 1991. وإلى جانب هذه الكليـات لدينـا مدرسة القتال الحربي المتقـدم، ولدينا أيضـاً كلية القيـادة والأركان للضباط ذوي الرتـب المتوسطـة، ثـم المدرسـة الحربية لمهام التدخـل السريع الخاصـة بالنقبـاء. ولدينـا كذلـك مدرسة تعليـم المجندين التي تضـم عـدداً مـن المدارس المختلفـة فـي سـلاح مشاة البحريـة.
ما هـي رؤيـة الجامعـة ورسالتهـا؟ بمعنـى آخـر: ما أهدافهـا وأهـداف الكليـات والمدارس التابعـة لها؟
إننـا نـدرك بوضـوح أن العالـم يـزداد تعقيـداً كـل يـوم، والمطلـوب أن يتـم تأهيـل جميـع مـن يدخـل الجامعـة مـن الضبـاط والمجنديـن للتعامـل مـع المشكـلات والتحديـات التي ستواجههـم عندمـا يعـودون إلـى أعمالهـم المعتـادة؛ إذ يجـب أن يكونـوا قادريـن علـى التفكيـر واتخـاذ القـرارات والتعامـل مع حـالات الغمـوض أو المواقـف غير الواضحـة. وتتمثل رؤيتـنا ورسالتنـا فـي أن نضمن عندما يغادروننا أن بإمكانهم القيـام بذلك كلـه، إننا نعلمهـم كيف يفكـرون، وليـس بمـاذا يفكـرون.
لا ريب في أن الجامعة تلعب أدواراً مهمة في إعداد القادة الذين يقومون برسم الخطط والاستراتيجيات العليا بالولايات المتحدة الأمريكية، هلا حدثتمونا عن رؤيتكم لما قامت به الجامعة وما تقوم في هذا الجانب المهم؟
تفخـر بعـض كلياتنـا ومـدارس القتـال الحربـي المتقدمـة بصـورة خاصـة بمجموعـة منتقـاة بعنايـة مـن الضبـاط برتبـة رائـد الذيـن يختارون من جانب مقرِّر المستوى لدراسـة سنـة ثانيـة. وهم يشاركون كثيراً في التخطيط العملياتي. كما يذهبـون إلى أماكـن محـددة ولديهـم مهـام معينـة، وكثيـر من القادة يريدون هؤلاء الدارسين ليعملوا معهم بسبـب المهـارات التي اكتسبوهـا هنـا.
ما هي نسبة الطلاب الدارسين في الجامعة من خارج الولايات المتحدة الأمريكية؟
تبلـغ نسبـة الطلبـة الدارسـين مـن خـارج الولايـات المتحـدة نحـو 10 % في برنامج الضباط في جميـع مدارسنـا تقريبـاً، وهم قادمـون مـن جميـع مناطـق العالم، ولدينـا حاليـاً ضابـط من دولة الإمارات العربية المتحـدة في الكلية الحربيـة لسـلاح مشـاة البحريـة، وآخـر فـي المدرسـة الحربيـة لمهـام التدخـل السريـع، وكلاهمـا مـن الضباط المتميزيـن.
ما أبرز ملامح تشكيل مجلس الجامعة؟ وما هي اختصاصاته؟
كـل مجـال له تركيزه الخاص؛ فمدرستـنا الحربيـة لمهـام التدخـل السريـع لرتبة نقيـب تؤهل النقباء للعـودة ليكونوا قادة سرايا، ويشغلوا إلـى حـد مـا رتبـة ضابـط ركن في وحـدة عسكريـة بحجـم كتيبـة، وهـي الوحدات الصغيـرة. أما كليـة أركان القيـادة لدينـا فهـي مخصصـة للضـباط برتبـة رائـد، وهـي تمكـن الطلبـة مـن الخدمة في مستويات عالية، تشمـل العمـل مـع بعـض قـادة الأركـان القتالييـن والخدمـة في الأركان المشتركـة بوزارة الدفـاع، كمـا تعدهـم ليكونـوا قـادة عندما يتم ترفيعهم إلى رتبة مقدم.
ويوجـد في كليـة القيـادة والأركان لدينا أكثر من 200 طالـب، وقد تم اختيـار 28 من بين هؤلاء للانتقـال إلى مدرسة القتال الحربي المتقدم، وهـي دورة خاصـة يكتسبـون فيهـا خبرة كاملـة في التخطيـط. وتشمـل دراسات المدارس الأخرى التخطيـط، غيـر أن كلية القتال الحربي المتقدم تهدف إلى إكساب الطلبـة خبـرات فـي عمليـة التخطيط. ويعمل الخريجون فيمـا بعد ضباطـاً عامين فـي وحداتنـا الكبـرى، ويستطيعـون مساعـدة الضابط العـام على وضع الخطـط واتخاذ القـرارات مهما كانـت المشكـلات التي تتم مواجهتها. أمـا الكليـة الحربية البحرية المركزيـة لدينا فتستقبـل الضبـاط برتبـة مقـدم، وفي بعـض الحالات برتبة عقيـد، وتدرّبهـم علـى العمـل فـي أرفـع المستويـات فـي وظائـف رئيسيـة فـي وزارة الدفـاع والأركان المشتركة مثلاً. ويذهـب عـدد كبيـر منهـم إلى القيادات المشتركـة ليعملـوا مـع أقسـام وإدارات أخـرى. والمطلوب من ضباطنـا جميعـاً أن يصبحـوا ضباطـاً مؤهليـن للمهـام المشتركـة؛ بمعنى أنهم درسوا في الكليـة وعملـوا فـي بيئـة مشتركـة.
من ناحية أخرى لدينا جامعة مشـاة البحريـة، ولدينـا بالتالـي لجنـة تساعدنـي علـى اتخـاذ القـرارات، ولدينا كذلك مجلـس تخطيـط تابـع للرئيـس يجتمـع فيـه جميـع المديريـن مـن المـدارس والكليـات، ويجتمـع هذا المجلـس عندمـا نريـد معالجـة قضايـا أكبـر حجمـاً. ولدينا مثال على ذلك الآن؛ فنحن نريـد أن نستخدم النظام الرقمي فـي كل شـيء وفي جميـع المدارس، ولذلـك نأخـذ هذا الأمـر إلى مجلـس التخطيـط التابـع للرئيس لمناقشتـه وتحديد الخطـوط العامـة لكيفيـة معالجتـه. لكـل مدرسـة مجلسهـا الخاص بهـا. بعضهـا صغيـر الحجم جداً، مثـل الكليـة الحربيـة لسلاح المشـاة التي لديها جهاز إداري صغير، ومدير، وعميد، وهيئة التدريس. أما كليـة القيـادة والأركان فهـي أكبـر كثيـراً وفيهـا مجلـس لهيئـة التدريـس، وتستعيـن بالمدرسيـن مـن مـدارس أخـرى.
ما هو مستوى التنسيق والتعاون بين جامعتكم والكليات العسكرية الأخرى داخل الولايات المتحدة للارتقاء بمستوى المخرجات الأكاديمية العسكرية؟
هنـاك عملية طبيعيـة وعملية غير رسميـة، وهنـاك فـي الأركان المشتركـة، و J7 بصـورة خاصـة، يوجد الفريـق الركـن فليـن، وهـو جنرال في مشـاة البحريـة، ولديـه مجلس تنسيـق التعليـم العسكـري الذي نشـارك فيه جميعـاً، حيث نتحـدث عن قضايا مختلفـة، وكل منـا يقـدم مراجعة ونلخص ما يجـري كـلٌّ في كليته أو جامعتـه. كما نبحث التحديـات المختلفة التـي تواجه طلابنـا. وقد قمـت بشكـل غيـر رسمـي بزيـارة جميـع المـدارس وبحثت معهـم هذه التحديـات، وقد انصـبّ تركيـزي علـى كيفية تحسين مستـوى هـذه المؤسسـة مـن خلال الاستفـادة من نجاحات الآخريـن.
هل تواكب المناهج الدراسية العلمية للجامعـة التغيـرات التي تشهدها الساحة الدولية؟ وهل تستوعب مناهجكم الصراعات والنزاعات كالذي يحدث في أفغانستان والبرنامج النووي الإيراني والربيع العربي، والتطورات في العالم العربي بصورة عامة؟
نعـم ولا. أقول "نعـم"؛ لأننـا نقـوم دائمـاً بإدخـال تعديـلات علـى مناهجنـا، ولذلـك فعندمـا تستجـد قضايـا فإننـا نحتـاج إلـى التأكـد مـن أن النـاس يستوعبـون مـا يجـري، ولذلـك فإننـا نقـوم بالتأكيـد بمناقشـة هـذه المسائـل فـي حلقـات دراسيـة مختلفـة. ولكـن عندمـا أقـول "لا"، فـإن هنـاك أمـوراً تتعلـق بالفـن العملياتـي للقـوات العسكريـة تبقـى غيـر محـدودة بزمـان. كذلـك نسعـى أيضـاً لتجـنب إدخـال كثيـر مـن التعديـلات فـي مناهجنـا، وخاصـة إذا كـان ذلـك يتعلـق بأمـر أو فعاليـة قصيـرة الأمـد. فنحـن نحـاول ألا نغيـر كثيـراً؛ لأن الطـلاب يعرفـون فـي بدايـة العـام أن لديهـم جـدولاً وأنـه مـا سيدرسونـه علـى مـدى اثنـي عشـر شهـراً، وتلـك هـي المجـالات التـي تـم إعدادهـا لتدريسهـا، ولذلـك فإننـا ننـوي أن تقتصـر التعديـلات علـى أمـور محـدودة بقـدر الإمكـان، وذلـك لمصلحـة الطـلاب. ولكـن عندمـا تكـون هنـاك فعاليـات أكبـر حجمـاً فإننـا نبحثهـا، وربمـا نستقـدم متحدثـاً فيهـا. كذلـك لدينـا أيضـاً مؤسسـة تسمـى مجموعـة دراسـات الشـرق الأوسـط تـدرس عـن كثـب القضايـا المهمـة التـي تقـع ضمـن اختصاصهـا.
ما هي برأيكم المفاهيم التي استقر عليها أمر الدراسة بالجامعة؟ وهل هي مقصورة على الدراسة أم إنها تغطي البحوث والدراسات في المجالات الأمنية؟
إننا نعيِّـن العديـد مـن حملـة الدكتـوراه العسكرييـن والمدنييـن، فبعـض الكليـات تعيـن العسكرييـن المتقاعديـن بشكـل خـاص، ونحـن لدينـا عـدد كبيـر مـن أعضـاء هيئـة التدريـس العسكرييـن، ولذلـك فـإن مـا نسعـى إلى تحقيقـه هـو نطـاق أوسـع مـن العقـول والكفـاءات باستقطـاب أنـاس مـن خلفيـات متنوعـة. والسبـب الداعـي لذلـك، هـو ألا يتـم التركيـز علـى الطريقـة العسكريـة لفعـل الأشيـاء. ويسهـم هـذا النهـج فـي توسعـة آفـاق الطلبـة ويجعلهـم يفكـرون في أمـور أخـرى. ويـدور الأمـر كلـه حـول الأمـن، ولكننـا نـود أن يـدرك الطـلاب أننـا عندمـا نتكلـم عـن الأمـن فـي العالـم فإنـه ليـس محصـوراً فـي القـوات المسلحـة، بـل هنـاك العديـد مـن الجوانـب الأخـرى مثـل الثقافـة والاقتصـاد والنفـوذ الدبلوماسـي والجريمـة المنظمـة وغيـر ذلـك.
تحرص الكثير من دول العالم على إرسال دارسين للالتحاق بدورات في كلياتكم المختلفة، فما هو تقييمكم للمردود الذي يجنيه الدارس الأمريكي من مشاركته لزملائه من أنحاء العالم في دراساتهم؟
إنه أمـر ضـروري لمـا نفعلـه هنـا. فالعقليـة التـي يأتـون بهـا تختلـف تمامـاً فـي النظـرة إلـى الأشيـاء، وطلابنـا يحبـون ذلك ويسـرّون بالحديـث إلـى الطـلاب الدولييـن ومعرفـة الثقافـات المختلفـة فـي بـلادهم. فـإذا كانـت هنـاك مجموعـة صغيـرة يـدور بينهـا نقـاش وكانـت محصـورة فـي القـوات المسلحـة الأمريكيـة فحسـب، فـإن من شأننـا أن ننظـر جميعـاً إلـى الأشيـاء بالطريقـة نفسهـا. أمـا إذا أتيـت بأنـاس مـن مؤسسـات فـي دول أخـرى فـإن ذلـك يـزودك بـآراء مختلفـة. ولن يكـون تصرفنـا نفسـه كمـا هـو الآن مـع طلابنـا فـي حـال عـدم وجـود طـلاب دولييـن لدينـا كجـزء مـن مناهجنـا، إنه بالفعل أمـر حيـوي.
ما هي أبرز المرتكزات التي تضعونها في بؤرة التركيز على قادة المستقبل العسكريين عند تخرجهم من الجامعة؟
عليهـم أن يدركـوا أن هـذا العالـم يتغيـر بسرعـة كبيـرة، وأحـد جوانـب هـذا التغييـر المفيـدة هـي التكنولوجيـا. إنهـم بحاجـة إلـى أن يستوعبـوا التهديـد الـذي تنطـوي عليـه جميـع الأجهـزة والأدوات التـي يستخدمونهـا لتنفيـذ عملهـم. وهـذا ما نشيـر إليـه بـ"عالـم الفضـاء الإلكترونـي" أو "حـرب الإنترنـت". علينـا أن نكـون قادريـن على التكيـف مـع هـذا. إننا نسعى لأن يفهـم الجميـع أن التعليـم الـذي تحصـل عليـه هنـا ليـس محصـوراً هنـا. بل احـرص على الاستمرار في توسعـة آفاقـك؛ فهـذه هـي الطريقـة الوحيـدة لكـي تبقـى دائمـاً لديـك الفاعليـة والكفـاءة كضابـط عسكـري.
يتقلد العديد من خريجي جامعتكم من دول العالم وظائف قيادية مرموقة سواء كانوا عسكريين أو مدنيين، فكيف تتواصل الجامعة مع هؤلاء وغيرهم من الخريجين؟
ليـس بالقدر الـذي نتمناه. لدينا مؤسسـة "تراث سلاح مشـاة البحرية" التي تدعمنـا فيمـا نفعلـه. فهـم يبعثـون إلينـا بنشرات إخباريـة وبأشكال مختلفة من المعلومـات. ونحن نطلـب إلى الطلبة أن يقوموا بعد مغادرتهـم الجامعة بستـة شهور بالإجابـة عـن أسئلـة من طرفنا مثل: "كيـف كـان التعليـم هنـا؟ هـل كان جيـداً بدرجة كافيـة؟ وهـل فاتـنا شيء فيه؟"، لكننا بصورة عامة لا تصلنـا كل الملاحظـات والإجابـات على هـذه الأسئلـة. ولعل بعـض الخريجيـن يعـودون هنـا ليزورونـا ويتحدثـوا عن أساتذتهـم القدامى، نتمنـى أن يكـون هنـاك المزيد من ذلـك.
كما تعلمون، لقد بلغت العلاقة بين الإمارات والولايات المتحدة مرحلة من النضج والتطور غدت فيها أنموذجاً لما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين العديد من دول العالم، فكيف تستطيع مؤسسات التعليم العسكري في كلا البلدين استثمار هذا التطور في العلاقات لتعزيز المصالح المشتركة؟
مـن خلال زيادة مستويات التبادل بذهاب مزيد من الضـباط إلى دولـة الإمـارات ومجـيء مزيـد مـن الضبـاط الإماراتييـن إلى هنـا، فذلك ما هو مطلـوب. في الواقـع إننـا بحاجـة إلى أن نـرى ما تفعلونـه وأنتـم بحاجـة إلـى رؤية ما نفعلـه، فمـن خـلال زيادة مستـوى التفاعـل يـزداد مستـوى التفاهـم، وهـذا أمـر جيـد دائـماً.
تؤدي دولة الإمارات العربية المتحدة دوراً حيوياً في المساعدات الإنسانية على الصعيد العالمي، فما هي انطباعاتكم؟
أعتقـد أن هذا أمـر رائـع. فالعالـم مكـان صعـب، ولشعـب الإمـارات جيـران يعانون، ولكـن عندمـا تخرجـون وتقومـون بأنشطـة إنسانيـة فـإن النـاس ينظـرون إليـكم نظرة مختلفـة. ومثـال ذلـك أننـا لـم تكـن لدينـا علاقـات جيـدة مـع إندونيسـيا قبل كارثـة التسونامـي المأساويـة التي ضربتهـا عام 2004، لكـن بمـا أن لدينـا حضـوراً كبيـراً في المنطقـة فقـد قدمنـا لهـم المساعـدات الإنسانيـة، وأسهـم ذلـك في تغييـر موقـف معظـم الإندونيسييـن مـن الولايـات المتحدة الأمريكيـة. وقـد أدركـوا الآن أن ليس كـل ما كانـوا يعرفونـه عـن الأمريكييـن هـو الحقيقـة بالضـرورة، وهـو الأمـر نفسـه الـذي يفعلـه الإماراتيـون فيمـا يتعلـق بالجهـود الإنسانيـة. فكلمـا خرجـت إلـى هناك وقلـت: "أنا إنسان مثلكـم ويهمنـي أمركـم"، فـإن الأمـور تتغيـر وتجعـل العالـم مكانـاً أفضـل. يقـول البعـض إنه ينبغـي ألا يتـم ذلـك مـن قبـل القـوات المسلحـة، فمـن إذن يملـكون القـدرة علـى فعـل ذلـك أو الوصـول إلى هنـاك لحمايـة أنفسهـم والقيـام بالمهمـة؟ لا أحـد غيرهـم.
ما مدى أهمية كليات الدفاع في دعم الأمن الوطني والاستقرار؟ وإلى أي حد يمكن أن تساعد على تدريب القادة من دول أخرى؟
يعـود الأمـر إلى التعليـم. لدينـا تدريب، وهذا التدريب يؤهلـك لما هـو مطلـوب منك فعله ويعـدّك لما يمكـن أن يحدث. كما نعلم، فـإن ما نفكـر في أنـه سيحـدث قلمـا يقـع، ونحـن نملـك القــدرة على التأقلـم، وهـذا الأمر ينطبق على المؤسسات العسكريـة في جميـع أنحـاء العالم. أيا كان ما تطلب منـك حكومتـك فعلـه فلا بد مـن أن تملـك القـدرة على الذهـاب إلى هنـاك، وتتصـور المشكلـة وكيفيـة حلهـا. قـد لا تكـون مشكلـة عسكرية بحتـة، إذ يمكن أن يكـون لها أوجه عديـدة أخـرى. عندما تحـاول حـل مشكلـة ما مـن خـلال الحـلول العسكرية فقـط فقد تكون مخطئـاً. مشكلتنـا هي أن لدينـا أشخاصـاً يعملـون فـي العـراق وأفغانستـان خلال الأعوام الستـة أو الثمانية أو العشرة الماضيـة ويظـنـون أنهـم يملكـون كل الحلـول، والواقـع أنهم لا يملكونهـا، بل هـم بحاجـة إلى أن يعرفـوا ما سيحدث بعد ذلــك. كثيـر من الضبـاط لم يكونـوا يدركـون كـم من الأمـور لا يعرفونهـا إلـى أن جاؤوا إلى مدرستنـا.
تحرص كثير من الدول على ابتعاث الطلبة إلى جامعتكم، فما هي الفوائد التي يجنيها الطلبة الدوليون؟
إنهم يستفيدون الاطلاع على الثقافة الأمريكيـة، فهي تمكِّنهـم مـن فهـم كثيـر مـن الأمـور. فهـناك كثيـر مـن الشبهـات حـول حقيقـة الثقافـة الأمريكيـة وما يحـدث فـي أمريكـا، ويرجـع كثيـر مـن هـذا إلى الأشيـاء السخيفـة التـي تُخرجهـا هوليـود، ويظـن بعـض النـاس أن ما يرونـه فـي الأفـلام هـو كـل ما هـو موجـود فـي الولايـات المتحـدة الأمريكيـة. سيكـون الأمـر نفسـه فيمـا لـو شاهـدت فيلمـاً حـول دولـة الإمـارات، فلا يعنـي أننـي أعـرف عنهـا شيئـاً. عليـك أن تنظـر إلـى العالـم مـن خـلال عينـي الشخـص الـذي تتحـدث إليـه إن كنـت تريـد أن تعـرف ما يـراه.
هل تعتقد أن حرب المعلومات الدولية تمثل تحدياً رئيسياً جديداً للقوات المسلحة بصـورة عامـة؟
أجـل بالتأكيـد. تتوقـف حـرب المعلومـات علـى الجمهـور، فإذا كـان الجمهـور لا يفهـم ما تقـول وعرضـت تلـك المعلومـات بطريقـة لا يوافقـون عليها أو لا يفهمونها فإنـك لا تكـون مؤثـراً في حـرب المعلومـات. هـذا مثـال مـن العـراق: كنـا نحـاول إخـراج معلومـات إلـى المجتمع هنـاك وأعددنا مطبوعات ووثائق تضم صـوراً ملونـة ومتقنـة وجيدة، لكنها لـم تعجـب النـاس هنـاك، فبدأنـا ننظـر كيـف حصلـوا علـى معلوماتهم، وما هـو ذو مصداقيـة لديهـم. ربمـا يتـم تقديم المادة لهـم علـى ورقـة بسيطة التصميم لكنهـا تكون أكثـر تأثيـراً. لدينـا بعـض الأشخـاص يظنـون أنهـم أذكيـاء جـداً، وأن أي شـيء ينتجونـه سيؤثـر، ولكنه لن يؤثـر، وينبغي أن يراعي ما اعتاده الناس وما يحبونـه. كثيـر مـن الأمريكييـن لا يدركـون ذلك أو لا يتفقـون معـه، وهـم في ذلك ليسـوا على صـواب.
ما الصعوبات والتحديات التي تواجه الطـلاب الوافديـن؟
يـدور معظمها حـول اللغـة؛ إذ يتعين علـى الطلبـة أن يجتـازوا اختبـاراً في اللغـة قـبل أن يأتـوا إلـى هـنا بحيـث يفهمـون اللغـة الإنجليزيـة. لكـن هنـاك فهـم اللغة وكونـك على درايـة قويـة بتلـك اللغـة. توجـد بعض الأمور الصعبة في ذلك الخصوص بعد مجيئهـم إلى هنا. عليهـم أيضـاً أن يشاركـوا في المناقشـات وأن يكتبـوا بشكـل فعـال باللغـة الإنجليزيـة. قد يصاحـب هـذا بعـض الصعوبـات أحيانـاً، لكـن لدينـا أشخـاصاً يساعـدون علـى فعل ذلك. قد يكـون الجانـب اللغـوي صعبـاً، ومـع ذلـك فجميـع الطلبـة جيـدو الأداء.
لا يوجد تعليقات