الأخبار

الكاتب : تركي الدخيل

2014-06-01

أفق..لانفق!!

بينما نتجوّل في المكتبات نعثر على كتبٍ جديدة تتعلق بمواصفات القائد الناجح، والطالب المميز، وكتب عديدة تبدأ بمفردة:"كيف" ثم تأتي بعد الـ"كيف" أنواع شتى من الموضوعات المطروحة والمطروقة، التي تحاول الإجابة على هذه الكيف!

وعلى أهميتها إذ تتضمن قصص نجاحات ومواقف عباقرة، وعبرات من الحياة إلا أنني أعتبر الحياة ترتبط بـ"التجربة" أكثر من "النموذج" ذلك أن النماذج أحياناً تكون مغلقة، والتجارب مفتوحة، والنموذج جاهز وتلقيني بينما التجربة متحولة وتستلهم من العقل والخبرة والممارسة الوجودية اليومية على أرض الواقع، ومن خلال السير على هذه الأرض.

مبدعون كثر عرف أولادهم سيرهم أكثر من غيرهم، لكن الأبناء قد يكونون خارج سياق الإبداع، مع أن أبيهم من العباقرة، من هنا يكون النموذج ليس شرطاً في الاتباع.

النجاح والإبداع كلها صيغ متحولة ومتغيرة من فردٍ إلى آخر، قد يبدع في الإعلام خريج رياضيات، وقد يبدع في الصحافة من درس الفيزياء أو العلوم الشرعية. فالتخصص بالصحافة لا يصنع الصحافي، ودراسة الإعلام ونظرياته والإذاعة وأساليبها ووسائلها لا تصنع مذيعاً، لكن قد تأتي طبيبة لتكون مذيعة، أو خريج كيمياء ليكون صحافياً، فالعبرة بالاستلهام والشغف والموهبة، مع صقل تلك الموهبة بالجانب النظري.

للمفكر السعودي إبراهيم البليهي كتاب بعنوان:"عبقرية الاهتمام"، يبحث فيه عن أسس الإبداع والانعتاق من التلقائية، ويقول ضمن إطاره: "إن الإنسان لا يفرح ويبتهج وينجذب بإرادته وتخطيطه وإنما لا بد أن يكون الفرح والابتهاج والانجذاب نابعاً تلقائياً من أعمال ذاته. إن مباهج المعرفة الممحَّصة هي أعظم المباهج، ولكن الأكثرية من العرب لم يتربوا على هذا المصدر العظيم للمتعة واللذة والأُنس، بل ارتبطت المعرفة بالدراسة القسرية المنفّرة فبقوا محرومين من هذا المدد التلقائي الأعظم للمتعة المتجددة".

البليهي الدارس الأهم حول عبقريات النجاح وذلك في عدد من كتبه ومنها:"وأد مقومات الإبداع" يعتبر أن الاستجابة الذاتية للموهبة هي ما عرف نظرياً بـ"عبقرية الاهتمام" هذه العبقرية تؤسس للشغف الذي يصقل الإنسان نحو مساراتٍ من الإبداع والشغف، لتكون حالة الإبداع ليست "نموذجية" وإنما "استثنائية خارقة"، ذلك أن استلهام عددٍ من القصص والسير والحوارات والنجاحات تصنعك أنت لتكون مبدعاً ضمن إطارك وهوايتك وظروفك ومحيطك. الإبداع أفق وليس نفقاً.