مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2012-10-01

الإسلام والغرب... صدام أم حوار؟!

صدام الحضارات لهنتنغتون وحوار الحضارات الذي يقوده علماء وفقهاء وساسةٍ عرب وأجانب أحياناً، مسافة من الأخذ والرد لم يتم حسمها بعد، لم يكن الإسلام يوماً مفهوماً بالشكل المطلوب للغرب وذلك يعود إلى ظروف تاريخية، وسنة المدافعة الطبيعية، كانت الحروب الصليبية ومن ثم الاستعمار هي النوافذ الأولى للتواصل مع الغرب، فيما كان التقدم الفكري في الفكر الإسلامي خلال القرن الثالث عشر الميلادي سبباً للتأثير والتأثر بين الإسلام والغرب، ابن رشد وابن خلدون وسواهم كانوا مؤثرين وفاعلين في رسم علاقةٍ جيدةٍ بين الطرفين، مع أن الموقف الفكري للمسلمين من رموزهم المضيئة، لم يكن مضيئاً تماماً، إذ رمي كثير من هؤلاء بالزندقة، وأحرقت كتبهم، وهي سنة التغيير في كل الدنيا، بينما تلقّت أوروبا علم عظماء المسلمين بحفاوةٍ بالغة. 
 
الفيلم المسيء نكأ جرح السؤال المؤجل، سؤال العلاقة بين قطبين، بين حضارتين، بين ثقافتين، ويبدو أن الأهم هو نقاش هذا السؤال ومحاولة الإجابة عليه، الإسلام ليس هو الإرهاب هذه البدهية لم ترسخ في أذهان الكثيرين في أوروبا وأمريكا، وبخاصةٍ البسطاء من الناس، فالمفجرين الإرهابيين هم أصحاب الصوت الأعلى مما جعل سواداً من الغربيين يظنون الصوت العالي، هو الصوت الوحيد، أو الرسمي الناطق باسم الإسلام!  الحدث الإرهابي ليس محاضرةً أكاديمية حتى يكون بعيداً عن الناس، بل هو في الأخبار الرئيسية، وعادةً يكون الإرهابي "متشدداً إسلامياً"، فيخلط عامة الغربيين بين الإسلام والإرهاب!  إن فك الارتباط الذهني السابق يحتاج إلى جهود حقيقية تتجاوز التقليدية من قبل المسلمين، كفتح النقاشات والحوارات لرسم خطابٍ معتدل بعيداً عن الخطابات الأصولية التي لا تزيد الطين إلا بلة، إسلامنا بحاجةٍ إلى من يبعد عنه ما علق به من شوائب بعض أبنائه المتشددين.
 
علاقتنا بالغرب يجب أن تكون وثيقة، فالمسيحية الغربية هي أقرب الأديان إلينا، والأديان الإبراهيمية ذات مشكاة واحدة، لذا هي متقاربة، من المفترض أن نكون مع أوروبا متصالحين على اعتبار ما يجمعنا من مشتركات.  الإبقاء على حبل العلاقة بين الأديان الثلاثة يجب أن يكون مدخلاً فعلياً لإيجاد خطة فعلية للتقارب بين الأديان، لأن تغيير أديان الناس من الأمور الصعبة، على الأقل لنبق على التواصل والتحاور ولنبتعد عن الصدام الذي لم يجلب لأحد خيراً قط. منذ تصريحات البابا حول النبي محمد عليه الصلاة والسلام مروراً بالرسومات الدانماركية إلى الرسومات البلجيكية، وليس نهاية بالفيلم المسيء تعود التوترات الكبرى بين الإسلام والغرب، وهي أمور لن تنتهي قريباً، لكننا لا نستطيع أن نخفف من أثرها إلا إذا نجحنا فعلاً في تنقية الإسلام من شوائب لم يُلحقها به إلا المتشددين من أبنائه!  
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره