مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2013-06-01

الرقص مع الحياة!

ينقل الدكتور مهدي الموسوي، في كتابه الماتع (الرقص مع الحياة)، قصة رجل خرج في سفرٍ مع ابنه إلى مدينة بعيدة، وكان معهما حمار، وضعا عليه الأمتعة، وبينا هما يسيران كُسرت ساق الحمار في منتصف الطريق، فقال الرجل: ما حجبه الله كان أعظم، فأخذ كل منهما متاعه على ظهره وتابعا المسير، وبعد مدة جُرحت قدم الرجل، فما عاد يقدر على حمل شيء، وأصبح يجر رجله جرّاً، فقال الرجل: ما حجبه الله كان أعظم! فتعجب الابن من كلام أبيه، ولم يفهم مغزى ذلك، فحمل متاعه ومتاع أبيه على ظهره، وانطلقا يكملان المسير، وفي الطريق لدغت أفعى الابن، فوقع أرضاً وهو يتألم، فما زال الرجل يقول: ما حجبه الله كان أعظم، وهنا تذمّر الابن وقال لأبيه: هل هناك أعظم مما أصابنا؟! فلم يعلق الأب، وواصلا المسير بصعوبة، حتى وصلا إلى المدينة، فإذا بها وقد أصبحت أنقاضاً جرّاء زلزال أبادها، فنظر الرجل إلى ابنه، قائلاً: انظر يا ولدي! لو لم يكن قد أصابنا ما أصابنا في رحلتنا، لوصلنا مبكرين وأصابنا ما هو أعظم وكنا مع الهالكين.
 
والحقيقة أن من يرتقون في مراتب الإيمان واليقين، هم الذين يوقنون صراحة بأن مقادير الله خيرٌ كلها، فيتفاءلون بالمستقبل، ويرضون بالواقع، ويصححون ما يرونه خطأ قد وقع في الماضي.
كان القائد البريطاني العظيم، والخطيب المُفَوّه، السير ونستون تشرشل (ت 1965)، أحد أهم زعماء العالم الحديث، وكان حكيماً، تنضح مقولاته بالدعوة للتفاؤل، فتأملوه وهو يقول: المتشائم يرى محنة في كل منحة، والمتفائل يرى منحة في كل محنة.
لقد كان تشرشل عقلانياً، وهو يتعامل مع التفاؤل بمنطق عقلي محض، يوم قال: أنا متفائل دائماً، فلم أجد فائدة تعود علي من كوني أي شيء غير ذلك.
 
وها هو الدكتور الموسوي يعود بعبارته الرشيقة ليعلق على قصة الابن مع أبيه، وما حجبه الله كان أعظم، معتبراً من أسباب السعادة، وأساليب الرقص مع الحياة أن يتقبل المرء لحظات الخسارة، مثلما يزهو بلحظات الفوز، يقول:"ارضَ بالقليل مثلما تفرح عندما تغنم الشيء الكثير، فليس من الإنصاف أن تفوز كل يوم وتربح كل ساعة، بل اسعَ في الحياة أن يكون الكل فائزاً، دع الآخرين يفوزون ويفرحون مثلك واجعلهم يفتخرون بأنفسهم مثلك، وعندما تخسر جزءً من أموالك فتقبّل ذلك، واعتبر أن ذلك الجزء قد ذهب إلى من هو في أمسّ الحاجة إليه. وعندما يفوتك مشروع مربح فتقبل ذلك راضياً وادعُ للفائز بالتوفيق، كن ممتناً بما تهبه لك الحياة حتى لو كانت نعماً صغيرةً".
وقد صدق، فمن لا يستمتع بالأشياء الصغيرة، لن يجد طعماً للأشياء الكبيرة.


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره