مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2013-02-01

غير قابل للنشر !!

الشباب الذين وضعوا أسس المواقع والتطبيقات الشهيرة مثل "تويتر" و"فيس بوك" و"انستغرام" و"كييك" وغيرها أردوا من وراء ذلك تحقيق نسبة تواصل عالية بين  الأشخاص المسجلين ضمن هذه البرامج، إضافة إلى تحقيق الربح المادي، لكنهم لم يقولوا للناس ماذا يدونون؟ وماذا يكتبون؟ وكيف يعبرون عن أفكارهم وقناعاتهم؟ لم يضع أحد كتيباً بالمواصفات العامة للتغريدات على  تويتر، ولم تقدم نصائح أو توجيهات حول المجال أو الاهتمام الذي تعبر عنه المادة المنشورة على فيس بوك، ولا منسوب الحرية  في الفيديو  المراد نشره على كييك،  أنت حر تكتب ما تريد ، تغرد بما تشاء، وتضع الروابط والتسجيلات التي تعبر عن إهتماماتك وهواياتك وطريقة تفكيرك ونظرتك للحياة، لا أحد يقول لك ماذا تنشر؟ أو متى؟ أو خلال كم من الوقت؟ الشرط الوحيد يخص عدد الأحرف ومدة الفيديو وهذه أمور تقنية خالصة ! فنحن إذن حيال تمرين حقيقي في ممارسة حرية التعبير !
 
ومنذ أن بدأ التلفزيون يقدم عروضه الحية ويتغلغل في أوقات وتفاصيل يوميات الأسرة الأمريكية أولاً ثم الأسرة في كل العالم، والعالم في نقاش لم يحسم حول آثار برامج وساعات مشاهدة التلفزيون، وتأثيرات الصورة والخبر، والبث المباشر على المشاهد، لقد قيل الكثير عن الآثار والانعكاسات المدمرة والأخرى الإيجابية للتلفزيون على الأطفال والمراهقين، كما قدمت أبحاث معمقة ودراسات رصينة حول هذه الانعكاسات والتي لم تتوقف حتى هذه اللحظة، ما يعني أن إنتقال الجدل حول هذه الآثار المتباينة ستنتقل حتماً إلى الإعلام والوسائط الجديدة التي ظهرت مؤخراً كـ"الإنترنت" و"تويتر" و"انستغرام" وغيره ، وتبقى الأسئلة وعلامات الاستفهام مشروعة على أية حال!
 
ليس التلفزيون كجهاز هو المدمر؛ ولكن الرسالة التي يرسلها القائم بالاتصال هي الأكثر خطراً، التلفزيون هذا الجهاز الذي يبث البرنامج الديني والثقافي والأخبار والأغنية وخطبة الجمعة هو نفسه الذي يبث الأفلام السيئة والصور الخادشة للحياء والمشاعر، وهو نفسه الذي يهدر الوقت فيما لا طائل منه، ويستغل الوقت لنقل المعارف والثقافات والمعلومات، الوسيلة إذن هي الرسالة وليس الجهاز، والأمر ينطبق على كل وسائل وتطبيقات الإعلام الجديد، ومن هنا فإن من يقول أن "تويتر" تطبيق خطير وأن "الانستغرام" داء فتاك لابد من الخلاص منه، عليه أن يراجع قناعته هذه وأن يتمعن في المستقبل وفي الرسالة  وليس في الوسيلة.
 
إن مبرمج الكمبيوتر الأمريكي "جاك دورسي" الذي اخترع "تويتر"، و"زوكربيرج" مخترع "الفيسبوك" وغيرهم، لم يدر في بالهم أن المستخدمين سوف يحولون هذه المواقع إلى مواقع للتشائم والصراعات الأيديولوجية والأفلام الجنسية ونشر تفاصيل الحياة الخاصة، لقد أرادوها مواقع للتواصل الاجتماعي بين طلاب الجامعة أولاً، لكنهم لم يهدفوا إلى جعل الناس تضع حياتها الخاصة على خط الوقت طيلة الوقت ليعرف الجميع ماذا أكلنا، ومتى آوينا إلى الفراش؟ وما لون ملابسنا الداخلية؟ ومن هم أبناؤنا وعائلتنا، وأين نسكن و،،، إن للحياة الخاصة قدسية لابد أن نحترمها ونحافظ عليها من أي تلصص، والأمر ينطبق على "انستغرام" و"كييك" وغيره ، إن الحياة الخاصة خط أحمر لا يجوز التلاعب به، وأن اختراقها وجعلها في متناول الجميع هي مسؤولية مستخدمي البرنامج، وليس مبرمجي المواقع أو منشئيه !!
 
لقد ثارت مشاكل مختلفة تسببت بها صور اكتشفت بالصدفة، فقادت إلى إشكالات داخل الأسرة وبين أفراد العائلة، من هنا نؤكد أن الحياة الخاصة ليست للعرض أو التلاعب أو التوزيع المجاني، هذا الأمر يحتاج تربية خاصة، وتوجيهات مستمرة وحملات توعية، لأن الإنسان إن لم يحترم حياته، وخصوصياته وأسراره، فلن يجيد التعامل مع مفهوم حرية التعبير وحرية الحياة، إن لحياتنا قدسية لا يجوز إشاعة تفاصيلها للناس تحت أي سبب، فما لهذا اخترع "التويتر" و"فيسبوك" وكل الإعلام الإجتماعي الجديد، الكثيرون يسيئون الإستخدام ويتخبطون وقد يضعون أنفسهم وأسرهم في مآزق لا تحمد نهايتها، وأقسام الشرطة في أوروبا وعندنا لديها الكثير من قصص الجرائم الالكترونية، وخاصة التي يكون الشباب هم أنفسهم سبباً في تعريض حياتهم للخطر بنشر أسرارهم وعناوينهم وشؤون بيوتهم، هذه القضايا تحتاج توعية مكثفة ومستمرة من قبل الجهات المسؤولة وكلنا مسؤولون! .
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره