مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2014-06-15

في منتصف المسافة بين الطفلة..والقانون!!

"لقد كنا جميعاً أطفالاً في يوم ما، ونحن نتقاسم جميعاً الرغبة في تحقيق رفاه أطفالنا، ذلك الرفاه الذي لم ينفك أبداً، وسيظل يشكل الطموح الذي تتعلق به البشرية قاطبة أكثر من أي طموح آخر" جاءت هذه العبارة في أحد تقارير الأمين العام للأمم المتحدة الذي صدر بمناسبة مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل الذي احتفت به الإمارات دائماً والتي أصدرت قانوناً لحمايته أطلقت عليه أسم: طفلة راحت ضحية والدها، فخلدت الإمارات ذكرى مأساتها كما تفعل الدول المتحضرة، وأسمت القانون بـ "قانون وديمة" الذي أكد على حماية الأطفال من كافة أشكال التمييز، ومنحهم أولوية الرعاية والإغاثة، وقدم مصلحتهم في جميع الإجراءات دون تساهل تجاه أي اختراق أو تجاوز أو إهمال بحقهم.
 
اليوم نحن نبحث عن حماية أطفالنا وهويتهم، لم تعد الرفاهية هي المطلب الأول والطموح الأساسي الذي تبحث عنه الأسرة الإماراتية ولا الحكومة لأطفالها، لقد تجاوزنا هذا الطموح، أو لنقل اكتفينا منه بما يكفي، وفرنا لأطفالنا منازل جيدة، ومدارس محترمة، ورعاية صحية تماثل ما يتوافر لأطفال المجتمعات المتقدمة، كما وضعنا تحت تصرفهم ألعاباً كثيرة، وحدائق ومنتزهات، ومربيات و..هل قلت مربيات؟ نعم هذه هي الإشكالية التي وقعنا فيها، فتحولت من رفاهية إلى أداة فشل تربوي يواجهنا بإخفاقنا كل لحظة، في الحقيقة لا أحد يتوجب أن يدس أنفه أو يده في تربية الطفل سوى والديه، تلك قضية تربوية محورية نغفلها كثيراً، إما جهلاً وأما استسهالاً وإما لا مبالاة!.
 
الطفل تحديداً لا يجوز أن تتلاعب بتربيته أياد كثيرة، حتى لا يصاب بدوار تربوي، أو بفقدان تربية أبدي، الفتاة الغريبة التي تأتينا من آخر الدنيا لتعمل براتب ألف درهم، ليست أكثر من امرأة محدودة التعليم والثقافة، ومن بيئة مناقضة (غالباً) لبيئتنا وثقافتنا وديننا في معظم الأحوال، هذه تأتي لمساعدة ربة البيت، لا لتحل محلها، تأتي لتعمل في خدمة العائلة بشكل ما، لا لتكون أماً ثانية أو أولى لأطفالنا، تلك كارثة قومية لا ننتبه لها، لكننا حين سننتبه سيكون الوقت قد فات حقاً!
لا يجوز لنا أن نمنحها هذه المهمة الخطيرة بهذه الطمأنينة الغريبة التي تجعلنا نضع إنساناً في طور تشكل اللغة والثقافة والهوية وعموم الشخصية بين يديها، لتنحته هي كما تشاء، ولتعبث بلسانه ومفرداته وكل شخصيته، فيتعلق بها ولا يرى الحنان إلا في وجودها، فإذا عاد من أي مشوار طار إلى أحضانها كعصفور أكثر مما يفعل إذا رأي أخته أو خالته أو عمته، تلك حالة انفصام في التربية ليس الطفل سبباً فيها، ولا الخادمة مسؤولة عنها، إن الأسرة هي التي تتحمل المسؤولية كاملة 100 %!.
 
هذه قضية محورية تحتاج فهماً مبدئياً واتفاقاً مبدئياً، ومبدأ أساسياً بين الوالدين يحددان به مهمة هذه الخادمة ومدى قربها وبعدها من الطفل، وأين تبدأ الخطوط الحمراء وأين تنتهي، وإن أول من يجب عليه وعي ومعرفة واحترام هذه الخطوط....لا ليست الخادمة، إنها الأم، فهي أم لأنها مركز البيت وعموده ومرجعية حنانه ورعايته وأمومته، هي وليست الخادمة، وحين تفضل الأم حريتها وحياتها الخاصة وصديقاتها على بيتها فإنها تفقد الحق الحصري في ذلك كله، فلا تعود أماً بالمطلق!.
 
إن "وديمة" طفلة صغيرة بريئة قتلتها أمها يوم تركتها تماما في حياة رجل هو أبوها انتزعها منها ليثبت لها رجولته وقوته، فكانت وديمة وأختها ضحايا الخلافات والنزاعات والطلاق، ثم كانت للمرة الثانية ضحية إدمان والدها على المخدرات والمسكرات، أما في المرة الثالثة والأخيرة فكانت ضحية لا إنسانية والدها وصديقته حين حبست في دورة المياه طيلة الليل فلفظت أنفاسها!.
 
   
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره