مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2014-02-01

امرأة لا تستحق نهايتها !!

قال عنها كارل ساغان مؤلف كتاب " الكون ": "إن هيباتيا هي آخر بريق لشعاع العلم من جامعة الإسكندرية القديمة".
 
وهيباتيا هي ابنة "ثيون" أستاذ الرياضيات في جامعة الإسكندرية القديمة، وآخر عظيم من عظمائها، سُجّل اسمها بلوحة الخالدين ، وجاء بدائرة المعارف البريطانية انها: فيلسوفة مصرية وعالمة في الرياضيات)، كانت هيباتيا تلقى محاضراتها في جامعة الإسكندرية ، وفاقت أهل زمانها من الفلاسفة والعلماء عندما عينت أستاذة للفلسفة بهذه الجامعة ، وهرع لسماع محاضراتها عدد كبير من الناس ومن شتى الأقطار النائية ، وكان الطلاب يتزاحمون ويحتشدون أفواجاً إليها ومن كل مكان ، ولقبت في الخطابات المرسلة لها" بالفيلسوفة" ، وإذا قامت بشرح فلسفة أرسطو أو أفلاطون اكتظت القاعات برجالات وأثرياء الإسكندرية وأكابرها الذين كانوا يترددون على مجالسها ويحرصون عليها ، خاصة وهى تعالج الكثير من المواضيع الشائكة وتثير الأسئلة المعقدة مثل: من أنا ؟ ومن نكون ؟ وما الخير ؟ وما الشر؟ 
 
هذه الخلفية الصعبة لامرأة من ذلك الزمان السحيق ، نافذة الجمال ، باذخة الحضور، متوقدة العبقرية، ذات مكانة وحظوة ، تتفوق حين يحضر الآخرون وتصير عملاق الجلسات حين يتقاطر الرجال، وتقول ما هو ممنوع وتدخل مناطق الالتباس المسكوت عنها في المجتمع المتخفي وراء الدين والمتسربل في مصالحه وعلاقاته، هذه المرأة وأية امرأة أخرى تحاول أن تعيد روح هيباتيا للوجود سينظر إليها دائماً كما نظر لهيباتيا بأنها روح شريرة وثنية ، ويجب أن تموت!!
 
هكذا حكم الكهنة  على حضور وعبقرية هيباتيا ، لأنها امرأة أولاً ولأنها تحدت الرجال ثانياً ولأنها تفوقت عليهم قبل كل شئ ، قالوا بأنها تنشر الفكر الوثني ، وبأنها تحرف أفكار الناس ، أما الرجل الذي هام بها عشقاً ورفضته فقد اشترك في دمها من حيث أراد أن يلعب دور البطل لكن خطته فشلت ، فحين قرر أن يقنعها بالزواج ساعد في التأليب عليها كي يظهر بين الجموع المتكالبة لقتلها مقدماً نفسه في صورة البطل المنقذ لكن حين انطلقت شرارة الفتنة ضدها كان من الصعب اللعب على التراجيديا والدخول على الخط  بغباء عاشق انتهازي ، فحاول لكنه قتل في خضم الجمع مستحقاً ميتته المشينة.
 
ففي أوائل شهرمارس سنة 415 للميلاد، أيام الصوم الكبير، والطريق مظلم أشد الظلام ، وبالقرب من صحراء وادي النطرون كانت  عربة يجرها حصانان رشيقان تنهب الأرض إلى غايتها وبداخلها الضحية، يلوح ضوء يوقف العربة  وبضوء خافت يبدد الظلام يعترض العربة جمع من الرهبان المنتظرين على الطريق منذ فترة طويلة بملابس سوداء وقلوب أشد سواداً، ليهجموا على العربة وبوحشية يفتحون بابها، ويجذبون امرأة بارعة الجمال ، ساحرة الوجه من داخلها ، يجرونها جراً ويذهبون بها إلى كنيسة قيصرون، حيث تقدمت مجموعة منهم قامت بنزع ثيابها لتصبح عارية تماماً، ثم يتقدم أحد الرهبان ليقيدها  وبسكين حاد  وقلب بارد ويد لم ترتعش لحظة  ذبحها كشاة ، ولم  يكتفوا ، بل عكف الرهبان على مهمة بالغة الغرابة ، وغير مسبوقة ، بتقطيع الجسد إلى أشلاء مستمتعين ومنتشين بما يفعلون !!!
 
وفي شارع سينارون بالأسكندرية ذاك الزمان ، أوقدوا ناراً متأججة وقذفوا بأعضاء جسدها ، ذلك أنهم كمسيحيين متعصبين في ذلك الزمان رأوا في "هيباتيا" نواة البداية  لفكر وثني خطير عبر ما تحمله من أفكار فلسفية، فكانت  نهاية بشعة لأمرأة ذات سيرة عظيمة بحق .
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره