مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2024-06-02

الإمارات وسلطنة عمان... روابط تاريخية وعلاقات أخوية

زيارات متبادلة تمنح علاقات البلدين الشقيقين دفعة قوية للتنمية والازدهار
 
في عالم يتغير بوتيرة متسارعة، يبقى التمسك بالعلاقات التاريخية والروابط الأخوية أحد أهم ركائز وضمانات الاستقرار والتنمية في المنطقة العربية وخارجها. وفي مقدمة هذه العلاقات، تبرز العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات وسلطنة عمان كشاهد على تأثير العلاقات التاريخية والروابط الأخوية وحضورهما المستمر والمؤثر في رسم مسيرة تعاون البلدين الشقيقين.
 
 
إعداد: هيئة التحرير
وتعد زيارة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عمان، في أبريل الماضي لدولة الإمارات، محطة بارزة في العلاقات الثنائية التي ارتقت إلى مستوى غير مسبوق من التعاون على مختلف الأصعدة، وجسّدت رغبة صادقة ومتبادلة في الارتقاء بمستوى التعاون الثنائي إلى آفاق أرحب وأشمل في ظل توجيهات ودعم القيادة الرشيدة للبلدين ممثلة في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، والسلطان هيثم بن طارق سلطان عمان الشقيقة. وفي هذا العدد تسلط «درع الوطن» الضوء على تاريخ العلاقات الإماراتية ـ العمانية وتطورها وركائزها وآفاقها المستقبلية.
 
 
تعود العلاقات بين الإمارات وسلطنة عمان إلى قرون من الزمن، حيث كانت المنطقة تشهد تبادلات تجارية وثقافية مستمرة بين القبائل والمجتمعات المحلية. ومع تأسيس اتحاد دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر عام 1971، تواصل زخم هذه العلاقات، حيث تم التوقيع على العديد من الاتفاقيات في مجالات متعددة. وفي إطار السياسة الخارجية التي ينتهجها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ والتي تضع الأمن القومي بشكل عام، والخليجي تحديداً في صدارة أولويات دولة الإمارات، يمثل تعزيز وتعميق العلاقات مع سلطنة عمان أولوية رئيسية، وهو ما أكده سموه بقوله: إن «الإمارات وعمان أخوة متجذرة وعلاقات ممتدة لا تزيدها الأيام إلا رسوخًا وقوة ومحبة»، مشيراً سموه إلى أنه «من خلال التعاون والتفاهم والإرادة المشتركة نمضي نحو مزيد من العمل لمصلحة التنمية والازدهار في البلدين».
 
 
الروابط التاريخية والزيارات المتبادلة
تتجلى أحد مظاهر قوة الروابط التي تجمع بين الإمارات وسلطنة عمان في الزيارات المتبادلة واللقاءات المتكررة بين قادة البلدين على مر السنين والعقود، والتي بدأت حتى قبل إعلان قيام دولة الاتحاد في سبعينيات القرن الماضي، وبالتحديد منذ اللقاء الأول الذي جمع المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والمغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد في عام 1968،طيّب الله ثراهما، ومنذ ذلك الحين، نشأت علاقات وثيقة بين البلدين وفقًا لمبادئ راسخة وأسس قوية على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والثقافية. وتمثل الزيارات المتبادلة أحد عوامل تقوية العلاقات الإماراتية العُمانية، وقد حرصت القيادات المتعاقبة في البلدين على تبادل الزيارات، ما شكل قوة دفع مهمة لتنمية علاقاتهما المشتركة، فقد زار السلطان الراحل، قابوس بن سعيد، الإمارات مرات عدة خلال عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، منها زيارة في مايو 2008، وزيارة في يوليو 2011، وزيارة في أبريل 2012. أما صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، فقد زار سلطنة عُمان مرات عدة، منها زيارة في أكتوبر 2011، وزيارة في ديسمبر 2013، وزيارة في أكتوبر 2016.وبعد مرور نحو 5 أشهر فقط على توليه رئاسة الدولة، وتحديداً في سبتمبر 2022، زار سموه، سلطنة عمان، حيث تم خلال الزيارة توقيع 16 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين، وهو ما شكل طفرة غير مسبوقة في مسيرة العلاقات بين الإمارات وعُمان. بدوره، زار جلالة السلطان هيثم بن طارق الإمارات ثلاث مرات، الأولى في مايو 2022 لتقديم التعازي في وفاة المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، والثانية في 18 يناير 2023 للمشاركة في اللقاء الأخوي لعدد من قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأردن ومصر ثم زيارة دولة في أبريل 2024.
 
 
طفرة نوعية في علاقات البلدين  
في الثاني والعشرين من أبريل 2024، كانت العلاقات الأخوية بين دولة الإمارات وسلطنة عمان على موعد مع دفعة نوعية كبرى لتطورها التاريخي في مختلف المجالات، حيث بدأ صاحب الجلالة هيثم بن طارق، سلطان عمان، زيارة دولة إلى أبوظبي، في أول زيارة دولة يقوم بها إلى الإمارات منذ توليه مقاليد الحكم في 11 يناير 2020، حيث تعد «زيارة الدولة» هي الأعلى مستوى بين أنواع الزيارات التي تتم بين قادة الدول ورؤساء الحكومات، ولها مراسم وبرامج وبروتوكولات خاصة، منذ الإعداد لها وحتى إتمامها، وجاءت هذه الزيارة رداً على زيارة دولة قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان «زيارة دولة» إلى سلطنة عمان في 27 سبتمبر 2022، قوبل خلالها بحفاوة بالغة واستقبال تاريخي على المستويين الرسمي والشعبي. ويشير تقارب توقيتات زيارتي الدولة المتبادلة بين قيادتي البلدين، إلى دلالات مهمة تعكس في مجملها قوة ومتانة العلاقات الأخوية بين البلدين، التي تستمد جذورها من التاريخ المشترك وحسن الجوار وعمق صلات المودة ووشائج القربى التي تجمع بين شعبي البلدين، ووجود إرادة قوية لدى القيادتين للمضي قدماً بالعلاقات الثنائية إلى آفاق أرحب، وتعظيم عوائد التعاون المشترك بما يصب في مصلحة الشعبين الشقيقين، ويسهم في ترسيخ التعاون الاقليمي في إطاره الأوسع على مستوى مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
 
 
وبينما أطلقت زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لسلطنة عمان قبل عامين “فصلا جديدا مشرقا للشراكة الاستراتيجية البنّاءة” بين البلدين، كما قال سلطان عمان، فإن زيارة السلطان هيثم بن طارق للإمارات أعطت “دفعة قوية للعلاقات الثنائية بما يعود بالخير والنماء على الشعبين الشقيقين” كما أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
 
 
وقد بدأت التطور النوعي الكبير في علاقات البلدين الشقيقين بزيارة دولة وصفت بالتاريخية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ في سبتمبر 2022 لسلطنة عمان، حيث قوبل سموه باحتفاء استثنائي أخوي يعكس قوة الروابط التاريخية بين البلدين والشعبين، وما إن حطت طائرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أرض سلطنة عمان، حتى قوبل بترحاب شعبي ورسمي كبيرين، بدءًا من دخول طائرته الأجواء العُمانية والتي صاحبها سرب من الطائرات العسكرية مرورًا بانتظار السلطان هيثم بن طارق له في المطار السلطاني، إلى الحفاوة الشعبية والمراسم الاستثنائية التي أقيمت لسموه، وهي حفاوة اتفق المراقبون على إنها انعكاس لمكانة سموه وقدر الإمارات في في قلوب الشعب العماني وقيادته، وقد كانت زيارة سموه إلى سلطنة عمان أول “زيارة دولة” يقوم بها إلى دولة عربية وخليجية منذ توليه مقاليد الحكم، وقد كان لقاء صاحب السمو رئيس الدولة والسلطان هيثم بن طارق، سلطان عمان، هو الثاني خلال 4 أشهر بعد اللقاء الذي جمعهما خلال زيارة سلطان عمان إلى الإمارات في مايو 2022 ، لتقديم التعازي بوفاة رئيس دولة الإمارات الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «طيب الله ثراه». وقد تبادل الزعيمان خلال زيارة الدولة أوسمة تؤكد عمق العلاقات ومتانتها، إذ منح السلطان هيثم بن طارق، وسام «آل سعيد» الذي يعد أرفع وسام عماني تقديراً لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، واعتزازاً بعمق الروابط الأخوية المتينة التي تجمع البلدين وشعبيهما الشقيقين، فيما منح صاحب السمو رئيس الدولة، سلطان عُمان، «وسام زايد» الذي يعدّ أرفع الأوسمة الإماراتية تقديراً للسلطان وتعبيراً عن عمق العلاقات الأخوية بين البلدين، كما قدم السلطان إلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، هدية تذكارية عبارة عن سيف عماني، فيما قدم رئيس دولة الإمارات هدية تذكارية إلى السلطان هيثم بن طارق، عبارة عن مجسم لجامع الشيخ زايد الكبير.
 
 
ويعد تبادل الأوسمة والهدايا تعبيرًا عما يجمع البلدين والشعبين من أواصر أخوة ووشائج قربى، ورسالة واضحة بأن العلاقات الإماراتية- العُمانية لن تظل قوية فحسب، بل ينتظرها مستقبل مزدهر، وستمضي خلاله إلى آفاق أرحب على مختلف الأصعدة، في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وأخيه السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد، سلطان عمان وقد توجت زيارة صاحب السمو رئيس الدولة لسلطنة عمان الشقيقة بالتوقيع على 16 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين في مختلف المجالات، بينها اتفاق شركة القابضة الإماراتية وجهاز الاستثمار العماني على إنشاء صندوق للاستثمار في شركات التكنولوجيا في عمان وفي قطاعات الطاقة المتجددة والغذاء والزراعة والاتصالات والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية
 
 
رسائل زيارة سلطان عمان للإمارات
تنطوي مراسم الاستقبال والبروتوكولات المصاحبة للزيارات الرسمية للقادة والزعماء على دلالات حيوية ترتبط بمستوى علاقات الدول ونظرتها للدول الأخرى ومدى حرصها على تطوير هذه العلاقات والارتقاء بها، وفي هذا الإطار يمكن تفسير الحفاوة الأخوية والرسمية الكبيرة التي قوبل بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله خلال زيارته لسلطنة عمان في عام 2023، وكذلك رد هذه الزيارة والحفاوة بالحفاوة خلال استقبال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أخيه سلطان عمان هيثم بن طارق بترحيب كبير واحتفاء رسمي مهيب، ظهرت ملامحه في مشاهد عديدة، حي تقدم سموه مستقبلي ومودعي سلطان عمان هيثم بن طارق في مستهل وختام الزيارة، كما رافقت الطائرة التي تقل سلطان عمان لدى دخولها أجواء دولة الإمارات وخلال مغادرتها، عدد من الطائرات العسكرية الإماراتية تحية وترحيباً بضيف البلاد الكبير (عند الوصول) وتقديرا واحتفاء بالزيارة (عند المغادرة) حيث استأذنه قائد السرب بمرافقة الطائرة عند الوصول والمغادرة مرحباً به في بلده الثاني دولة الإمارات. 
 
 
الشواهد تؤكد أن الزيارتان المتبادلتان دشنتا مرحلة جديدة من التعاون والشراكة الاستراتيجية المثمرة بين البلدين في جميع المجالات، وقد انعكس ذلك في النتائج التي حققتها الزيارة سلطان عمان للإمارات، والتي عقد خلالها الزعيمان مباحثات هامة واختتمت ببيان مشترك تضمن رؤى مشتركة لتعزيز الأمن والازدهار والاستقرار في المنطقة والعالم، إضافة لتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتعزيز التعاون بين البلدين في عدة مجالات.كما عقد على هامش الزيارة المنتدى الاستثماري الإماراتي - العماني المشترك الذي تم خلاله الإعلان عن عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات والشراكات الاستثمارية بقيمة 129 مليار درهم في عدة مجالات، الأمر الذي يمثل خطوة مهمة نحو التعاون الاقتصادي لدفع النمو والتطور من خلال الاستثمارات الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين.
 
 
حصاد زيارة سلطان عمان للإمارات
تمحورت مباحثات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ مع أخيه السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان حول النقاط والملفات التالية:
العلاقات الأخوية ومختلف أوجه العلاقات بين البلدين خاصة المسارات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية التي شهدت نقلات نوعية خلال السنوات الماضية بما يخدم الأولويات التنموية ويعزز ازدهار البلدين.
 
 
    العمل الخليجي المشترك في ظل التحديات التي تشهدها المنطقة وأهمية تعزيزه بما يحقق المصالح المتبادلة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وشعوبها ويساهم في تعزيز أمن المنطقة واستقرارها.
   القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك وفي مقدمتها التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والعمل على احتواء التوترات فيها ومنع تصاعدها لما ينطوي عليه ذلك من تهديد خطير لأمنها واستقرارها، بجانب أهمية ضبط النفس وتغليب الحكمة لتجنيب المنطقة أزمات جديدة تؤثر في الجميع وتعيق جهود التعاون والتنمية لمصلحة شعوبها.
 
 
أعرب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال المباحثات عن ثقته في أن زيارة السلطان هيثم بن طارق ستمثل دفعة قوية للعلاقات الثنائية بما يعود بالخير والنماء على الشعبين الشقيقين. وأكد سموه أن العلاقات بين دولة الإمارات وسلطنة عمان تاريخية ولها نسيج اجتماعي وثقافي خاص وتميزها الروابط العائلية الوثيقة وحسن الجوار وعلاقات تعاون وتكامل فاعلين. كما أكد أن العلاقات الاقتصادية مسار مهم وداعم للعمل الأخوي المشترك، وقد شهدت تطوراً مستمراً خلال السنوات الماضية حيث تُوجت بمسارات متنوعة من الشراكات الاقتصادية والاستراتيجية في العديد من المجالات، مضيفاً “أنه لا تزال طموحاتنا متواصلة في استكشاف الفرص الاقتصادية وتطويرها لصالح بلدينا وشعبينا». شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله والسلطان هيثم بن طارق سلطان عمان إعلان عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي تهدف إلى تعزيز التعاون والانتقال به إلى آفاق أرحب بما يحقق مزيداً من الخير والازدهار لعلاقات البلدين حاضراً ومستقبلا. وقد شملت الاتفاقيات والمذكرات التي أعلنها البلدان - خلال مراسم أقيمت في قصر الوطن في أبوظبي – 6 مجالات وهي الاستثمار والطاقة المتجددة والاستدامة والسكك الحديدية والتكنولوجيا والتعليم.
 
 
تعاون ثنائي تجاري واقتصادي متنامي
تعد الإمارات الشريك التجاري الأول عالميًا لسلطنة عمان، إذ تستحوذ على أكثر من 40% من مجمل واردات عمان من العالم، وبلغت تجارة البلدين في عام 2021،46 مليار درهم، فيما جاءت سلطنة عُمان ثاني أكبر شريك تجاري خليجي للإمارات، وتستحوذ على %20 من إجمالي تجارة الإمارات غير النفطية مع دول مجلس التعاون الخليجي، بحسب إحصائيات تم استعراضها خلال الدورة الثانية من الملتقى الاقتصادي الإماراتي – العماني في فبراير 2022. وقد حقق التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات وعُمان نموًا بنسبة %9 خلال عام 2021، وبلغ 48,7 مليار درهم في عام 2022، كما يعمل البلدان على تعزيز الأنشطة التجارية والاستثمارية بينهما وتنمية الشراكة في العديد من القطاعات الاقتصادية الحيوية بما فيها قطاع الطاقة، والطاقة المتجددة وحلول المياه والخدمات المالية والدعم اللوجستي والإنشاءات والعقارات وريادة الأعمال.
 
 
في مجال الاستثمار، تُعتبر دولة الإمارات اللاعب الرئيسي بين المستثمرين العرب في سلطنة عُمان، حيث تحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية والثالثة عالميًا من حيث حجم الاستثمارات، وتسهم بنسبة تزيد عن 8.2% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في عُمان. ومن بين القطاعات الرئيسية للاستثمار الإماراتي في عُمان، صناعة الأدوية ومنتجات التجميل، إنتاج الطاقة، الأنشطة العقارية والإنشائية، الصناعات المتنوعة، والخدمات المالية والبنكية، فضلًا عن القطاعات السياحية والترفيهية، واستزراع الأسماك وتجارة المأكولات البحرية، بالإضافة إلى التجارة الجملة والتجزئة وإقامة مراكز التسوق والترفيه. ويشهد الاستثمار العُماني في الإمارات نشاطًا ملحوظًا، حيث بلغت قيمته 3.1 مليار درهم، وتتضمن شبكة العلاقات التجارية بين البلدين 389 علامة تجارية عمانية مسجلة، و19 وكالة تجارية، و10 شركات عمانية مسجلة.
 
 
ترتبط الإمارات وسلطنة عمان بـ13 اتفاقية ومذكرة تفاهم رئيسية مشتركة موقعة بين وزارات وجهات حكومية ومؤسسـات رائدة في مجالات متعددة، الاقتصاد والاستثمار والصناعة والتجارة والتكنولوجيا والطاقة والبيئة والتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والثقافة والشباب والنقل، والاتصالات، والتقنية. وتمثل أنشطة الشركات الإماراتية والعمانية المشتركة العاملة في البلدين ركيزة محورية للتعاون الثنائي، حيث يبلغ عدد الشركات المشتركة في السلطنة حتى يناير 2019 نحو 2800 شركة، تتركز استثماراتها في الصناعات التحويلية والطاقة والمياه والأنشطة المالية والإنشاءات والعقارات والتجارة، فيما يوجد نحو 320 علامة تجارية، و22 وكالة تجارية عمانية مسجلة في الإمارات حتى نهاية 2018.
 
 
وشملت أهم القطاعات الاستثمارية العمانية في الإمارات، الأنشطة المالية والتأمين والصناعة التحويلية والأنشطة العقارية والأنشطة المهنية والعلمية والتقنية، والتشييد والبناء وتجارة الجملة والتجزئة والمعلومات والاتصالات، فيما شملت قائمة أهم القطاعات للاستثمار الإماراتي في عمان، صناعة الأدوية ومستحضرات التجميل وتوليد الطاقة، والأنشطة العقارية، والقطاع المالي والمصرفي، والمعدات الإنشائية والصناعية، والفنادق والمطاعم، والقطاع الصناعي، واستزراع الأسماك وتجارة الجملة والتجزئة، وكذلك إنشاء مراكز التسوق. وتنشط أكثر من 35 شركة ومجموعة استثمارية إماراتية في مختلف مجالات الاستثمار في سلطنة عمان، منها شركة مبادلة وشركة ليوا للطاقة، والشركة الأهلية لتطوير حقول النفط، والشركة العالمية لزراعة الأسماك، والشركة الوطنية للتبريد المركزي «تبريد»، والقدرة العقارية وشركة أبوظبي الوطنية للطاقة «طاقة»، وشركة أبوظبي للاستثمار، وشركة بترول رأس الخيمة، وشركة جلوبال فارما وجلفار، وبنك أبوظبي الأول، وآبار للاستثمار.
 
 
التعاون الأمني
تمتلك دولة الإمارات وسلطنة عُمان تاريخًا طويلًا من التعاون والتآزر، لا سيما في المجال الأمني، وتعتبر هذه العلاقة الإستراتيجية بين البلدين عاملًا حاسمًا في تعزيز الاستقرار وضمان الأمن في المنطقة. ففي ظل التحديات الأمنية المتغيرة على الساحة الدولية والإقليمية، فإن تعزيز التعاون الأمني بين أبوظبي ومسقط يعكس إرادتهما المشتركة للتصدي لهذه التحديات بشكل فعال ومنظم. يتمثل هذا التعاون في عدة جوانب تشمل مشاركة المعلومات الاستخباراتية، وتبادل الخبرات في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، بالإضافة إلى التعاون في مجالات التدريب والتطوير الأمني. من بين أهم مجالات التعاون الأمني بين الإمارات والسلطنة ملف مكافحة الإرهاب، حيث تتشارك البلدين المعلومات الاستخباراتية وتعملان بالتعاون مع بقية الدول للتصدي للتهديدات الإرهابية المحتملة، كما يركز التعاون الأمني بين البلدين على مكافحة الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات والإتجار بالبشر، وهو جهد مشترك يهدف إلى تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلدين والمنطقة بشكل عام. علاوة على ذلك، يتضمن التعاون الأمني بين البلدين تبادل الخبرات والتدريب في مجالات مثل الأمن الحدودي والسيبراني وحماية المنشآت الحيوية، وهو ما يسهم في بناء قدراتهما الأمنية وتعزيز استعدادهما لمواجهة التحديات المستقبلية. وتجسد العلاقة الأمنية الوثيقة بين الإمارات وسلطنة عمان روح التعاون والتضامن الإقليمي، وتشكل نموذجًا يحتذى به للشراكة الاستراتيجية بين الدول في مجال الأمن والدفاع. ومن خلال استمرار هذا التعاون وتعزيزه، ستستمر الإمارات وعُمان في بناء مستقبل آمن ومستقر لشعوبهما وللمنطقة بأسرها.
 
 
ركائز العلاقات الإماراتية ـ العمانية
الإرث التاريخي والروابط المشتركة: تستند علاقات الأخوة القوية بين دولة الإمارات وسلطنة عمان على أكثر من خمسة عقود من الشراكة والتعاون والتفاهم المشترك، الذي أسّس قواعده المغفور لهما بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والسلطان قابوس بن سعيد، طيب الله ثراهما، ثم حرصت قيادتي البلدين على دفع هذا التعاون نحو مزيد من التطور والتقدم، واستثمار الفرص المتاحة بما يلبي طموحات الشعبين الشقيقين. وقد انعكس هذا الإرث في احتفاء الإمارات وسلطنة عمان قيادة وشعباً بزيارتي الدولة التي قام بها قائدي البلدين إلى مسقط وأبوظبي على التوالي، ثم الاحتفال الإماراتي باليوم الوطني العماني تحت شعار «عمان منا، ونحن منهم»، حيث شهدت الدولة مجموعة من الفعاليات والعروض المميزة احتفاء بانطلاق النهضة المباركة في سلطنة عمان الشقيقة التي تصادف 18 نوفمبر من كل عام.
 
 
العمل المؤسسي: أسهم اعتماد علاقات البلدين الشقيقين منذ بدايتها على الأطر المؤسسية في توفير قوة الدفع اللازمة لتطوير التعاون عبر آليات وقنوات مؤسسية بدأت منذ الزيارة التاريخية للشيخ زايد إلى سلطنة عمان في عام 1991، والتي شكلت منعطفاً مهماً في مسيرة التعاون بين البلدين، حيث انبثق عنها أول إطار مؤسسي للتعاون الثنائي من خلال تشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين، كان من أبرز إنجازاتها اتخاذ قرار بتنقل المواطنين بين البلدين باستخدام بطاقة الهوية الشخصية بدلاً من جوازات السفر، وتشكيل لجنة اقتصادية عليا أجرت العديد من الدراسات لإقامة مجموعة من المشاريع المشتركة، بما وضع علاقات التعاون في إطار نظامي مدروس أسهم في استدامة تطورها وتناميها وتوسعها لتشمل مختلف القطاعات والمجالات. وبعدها بثماني سنوات، وتحديداً في مايو 1999، كرر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، زيارته إلى سلطنة عُمان، ما شكل دفعة قوية جديدة لجهود تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وتنمية المصالح المشتركة، وتنسيق المواقف والرؤى، وتبادل الخبرات والتجارب، وهو ما أرسى دعائم صلبة وأسساً متينة للعلاقات الإماراتية العُمانية. وخلال هذه الزيارة، تم توقيع اتفاقية الحدود بين البلدين التي ساهمت في تعميق علاقاتهما. 
 
 
إرادة قيادتي البلدين: مهما بلغ العمق التاريخي والروابط المشتركة بين الدول، فإن كل ذلك لا يؤتي ثماره كاملاً على صعيد التعاون الثنائي بني الدول سوى من خلال وجود إرادة سياسية قوية لدى قيادات الدول، وهي الإرادة التي توظيف كل مقومات العلاقات لمصلحة الشعوب وصناعة مستقبل أفضل للأجيال المقبلة، وهذا هو حال العلاقات بين دولة الامارات وسلطنة عمان، حيث تستفيد علاقات البلدين الشقيقين والجارين من علاقات الأخوة بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وصاحب الجلالة السلطان هيثم بن سعيد سلطان عمان الشقيقة، حيث دخلت العلاقات الإماراتية العمانية الراسخة والتاريخية منعطفاً جديداً بعد زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لسلطنة عمانً، والتي عززت جانباً مهماً من تلك العلاقة، تمثل في الجانب الاقتصادي والاستثماري بين البلدين وكذلك فعلت الأمر نفسه زيارة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان لدولة الإمارات، لينعكس ذلك كله على مجمل علاقات البلدين لتبدو فعلياً علاقة تربط الجسد الواحد بباقي الأعضاء، علاقة تربط أفراد الأسرة الأكبر ببعضهم البعض. 
 
 
المصالح المشتركة: بجانب عوائد التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة على شعب يالبلدين الشقيقين، فقد ظلت العلاقات الإماراتية العُمانية على مدى الـ50 عاماً الماضية ركيزة أساسية للأمن القومي العربي والخليجي، عبر شراكة فاعلة في مختلف المجالات، وتقارب في المواقف والرؤى تجاه القضايا الإقليمية والدولية، وتنسيق وتشاور دائمين بين قيادتي البلدين. وتشارك دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان بفاعلية كبيرة في دعم ورعاية العمل الخليجي المشترك، وقد أسهم البلدان بدور بارز ومؤثر ورئيسي في تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال عام 1981، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن يحرص البلدان على المشاركة الإيجابية في أعمال وأنشطة وفاعليات المجلس الخليجي.كما يرتبط البلدان  بشراكات متعددة على جميع المستويات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، وهو ما يجعلهما محوراً مهماً ورئيسياً من محاور العمل العربي والخليجي، عبر دورهما المؤثر في منظومتي الجامعة العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية. وجاء ترؤس عُمان لدورة مجلس التعاون الخليجي على مدار العام الجاري 2023 متزامناً مع استمرار عضوية الإمارات في مجلس الأمن الدولي للعام الثاني على التوالي، وقد حرص البلدان طوال هذا العام على تنسيق مواقفهما واستمرار التشاور فيما بينهما، لا سيما في ما يتعلق بجهود دعم أمن واستقرار المنطقة الخليجية والعربية.
 
 
خصوصية العلاقات الأخوية: تكتسب العلاقات بين دولة الإمارات وسلطنة عمان خصوصية استثنائية عبر عنها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ  خلال زيارته لسلطنةَ عُمان في سبتمبر 2022 حيث أكد أن العلاقات التاريخية الراسخة بين دولة الإمارات وسلطنة عُمان لها طابعها الخاص، فهي تمتد في نسيج اجتماعي وثقافي واحد، وتستند إلى أواصر الأخوة العميقة، والجيرة الطيبة، والتداخل العائلي والأسري، بجانب قاعدة كبيرة ومتنوعة وثرية من المصالح المشتركة. حيث يتقاسم البلدين موروثاً ثقافياً مشتركاً من فنون وآداب تشكل هوية ثقافية متجانسة لشعبيهما، ولجميع شعوب منطقة الخليج العربي، فيما تنعكس العادات والتقاليد المشتركة بين الشعبين على الكثير من المفردات، في الشعر والنثر والقصة والموروث الشفهي والأمثال والمرويات الشعبية، وتزداد الروابط الثقافية والاجتماعية بين الإمارات وسلطنة عُمان تداخلاً وعمقاً، بدرجات كبيرة، تصل إلى مستوى العلاقات الأسرية والعائلية، وتقاسم العادات والأزياء والفنون، نتيجة للتاريخ المشترك والجوار الجغرافي.
 


اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-10-02 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره