2024-05-01
العلاقات الإماراتية – الإفريقية شراكات متزايدة وآفاق واعدة
تعود العلاقات بين دولة الإمارات مع القارة الإفريقيةـ تاريخياً ـ إلى بدايات تأسيس دولة الاتحاد على يد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ـ طيب الله ثراه ـ في الثاني من ديسمبر عام 1971، حيث كانت الإمارات الدولة الأولى خليجياً والثانية عربياًـ بخلاف دول الشمال الإفريقي العربيةـ التي تنضم إلى مفوضية الاتحاد الإفريقي بصفة مراقب، ما أسهم في تعزيز العلاقات بين الإمارات وقارة إفريقيا على الصعد التجارية والاستثمارية والانسانية، كما لعبت الدبلوماسية الإماراتية أدواراً بارزة في تحقيق الأمن والاستقرار بقارة إفريقيا.
ومن ذلك مبادرة المصالحة بين الأطراف الصومالية التي تمثلت في ميثاق دبي 2012، والذي يُعد الاتفاق الأول من نوعه بين الحكومة الصومالية وحكومة أرض الصومال، كما نجحت الوساطة الإماراتية التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولةـ حفظه الله. في إنهاء أطول نزاع في قارة إفريقيا، وهو النزاع الذي استمر نحو عقدين بين إثيوبيا وإريتريا (برعاية ووساطة إماراتية وقع أسياس أفورقي رئيس إريتريا وآبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا في 25 يوليو عام 2018 إعلان سلام أنهى عداء طويل بين البلدين). وفي هذا العدد تسلط «درع الوطن» الضوء على العلاقات الإماراتية ـ الإفريقية.
الأهمية الاستراتيجية للقارة الإفريقية
تعد إفريقيا قارة بالغة الأهمية والحيوية سواءً من الناحية الجيو-استراتيجية، أو من خلال ثقلها النوعي على المستوى الدولي ككتلة تضم العديد من الدول والقوى ذات الثقل الاستراتيجي المتنامي، فضلاً عن أهمية مواردها وثرواتها الطبيعية الهائلة والمخزون الحيوي والاستراتيجي من الطاقة، حيث تمتلك دول القارة حوالي 124 مليار برميل من احتياطي النفط، وهو ما يقدر بحوالي %12 من إجمالي احتياطي النفط العالمي، بخلاف نحو 100 مليار برميل على شواطئ القارة في انتظار جهود الاستخراج. كما تمتلك القارة احتياطات تصل إلى ثلث إجمالي احتياطات العالم من اليورانيوم، وأنتجت القارة الإفريقية في السنوات الماضية حوالي 483 طنًّا من الذهب، بما يمثل حوالي 25% من إجمالي إنتاج العالم، وتتصدر إفريقيا سوق تجارة الألماس عالمياً؛ حيث تنتج نحو 40% من إجمالي الألماس عالميًا. هذا بخلاف ما تحتويه أراضيها من مخزون استراتيجي ضخم من الموارد الطبيعية والمواد الخام التي لم تستغل بعد، وهو ما جعلها قارة الفرص، بكل ما يرتبط بذلك من التنافس الدولي الكبير الذي يستهدف تعزيز علاقات القوى الكبرى ـ ولاسيما الصناعية منها ـ مع دول القارة الإفريقية.
وبالحديث عن الأهمية الاستراتيجية للقارة الإفريقية، نشير لمنطقة القرن الإفريقي (تضم إريتريا وإثيوبيا وجيبوتي والصومال، ومن زاوية سياسية واقتصادية تتسع المنطقة لتشمل كينيا والسودان وجنوب السودان وأوغندا) التي تشرف على أهم الممرات البحرية عالمياً، وتلعب دوراً حيوياً في حركة التجارة العالمية ومن ثم ترتبط بصلة وثيقة مع معدلات النمو الاقتصادي العالمي، علاوة على الموقع الجغرافي المميز الذي أكسب المنطقة أهمية إستراتيجية وعسكرية وسياسية واقتصادية كبيرة بحكم إطلالها على البحر الأحمر والمحيط الهندي، واعتبارها بوابة للتجارة الدولية، وتعززت أهميتها الاستراتيجية بحكم قربها من مضيق باب المندب المتحكم في البحر الأحمر من ناحية الجنوب، ولذا أصبحت نقطة جذب واهتمام من قوى دولية وإقليمية متنافسة استراتيجياً.
كما تعد منطقة غرب إفريقيا بؤرة نشاط لتنظيمات التطرف والارهاب في السنوات الأخيرة، ماجذب أنظار القوى الدولية والاقليمية للمنطقة كي لا تتحول إلى ساحة تصدير للأنشطة الارهابية التي عانى منها العالم طويلاً في السنوات الأخيرة، لذلك فإن الجهود الدولية تتكاتف على صعيد مكافحة الارهاب في دول منطقة غرب إفريقيا.
مجمل ما سبق، أكسب القارة الإفريقية بُعدًا استراتيجيًا متناميًا على المستوى الدولي، وجعلها ساحة للتنافس الدولي بين القوى العظمى، واشنطن وبكين وموسكو، فيما يثير النفوذ الصيني والروسي المتنامي في الدول الأفريقية والساحل الإفريقي مخاوف واشنطن من مغبة توسع الدولتين في هذه المنطقة، فالصين تعمل على تعزيزاستثماراتها في مشروعات البنية التحتية الكبرى داخل إفريقيا، وتستثمر في مشروعات التعدين بجميع أنحاء القارة، وازداد الطلب على الخدمات الأمنية الصينية في إفريقيا بشكلٍ كبير بعد إطلاق مبادرة «الحزام والطريق» عام 2013 ، كذلك روسيا التي تسعى هي الأخرى نفوذها الاقتصادي والأمني على وجه الخصوص مع دول القارة عبر تقديم تعاون أمني في هيئة تدريبات واستخبارات ومعدات لعدد من الحكومات الإفريقية، وهو أيضًا ما يثير قلق واشنطن التي تعزز تواجدها العسكري في القارة بدأ بتأسيس القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) عام 2007 ليصل إلى عدة آلاف من العسكريين، كما أسست أكبر قاعدة عسكرية في جيبوتي، التي تضم رغم ضآلة مساحتها 6 قواعد عسكرية أجنبية تعود إلى كل من الولايات المتحدة وفرنساوإسبانيا وإيطاليا، واليابان والصين، وهي الوحيدة للصين خارج حدودها، والأولى لليابان منذ الحرب العالمية الثانية، وأهم وحدة عسكرية فرنسية في أفريقيا.
ورغم حدة التنافس والاستقطاب الدولي والاقليمي الذي لا تخطئه عين مراقب للقارة الإفريقية، فإن دولة الإمارات تنظر لإفريقيا من زاوية مغايرة، تسيطر عليها رؤى قائمة على المصالح الاقتصادية والاستثمارية المشتركة، مع منح أولوية مطلقة لمبدأ تبادل المنافع والمصالح.
دبلوماسية متزنة
على المستوى الدبلوماسي، تُقِيم الإمارات علاقات رسمية، مع37 دولة من أصل 54 دولة إفريقية معترَفًا بها، بالإضافة إلى دولة «أرض الصومال» غير المعترَف بها دولياً، وبجانب الدبلوماسية في صورتها التقليدية المتعارف عليها، لم تغب الدبلوماسية الإنسانية الإماراتية بالقارة، حيث تشهد القارة السمراء حضور إنساني فاعل للدولة يجسد أحد أهم القيم والمبادئ الراسخة بسياستها الخارجية، وتجسده رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والقائمة على أن الإمارات ستظل رمزًا للعون والنجدة في أوقات الشدة، ومصدر إلهام في العمل الإنساني، وتستند هذه الدبلوماسية الإنسانية إلى ثلاث محاور. أولها: المحور الانساني/الإغاثي، فمن مجموعة دول الساحل إلى دول القرن الإفريقي، ومن السودان إلى أوغندا والصومال، ومن تشاد إلى الكونغو الديمقراطية، تنتشر أيادي الإمارات البيضاء، مصحوبة بجسور جوية وبحرية وبرية تحمل مساعدات إنسانية وإغاثية غير مشروطة، فعلى سبيل المثال، أرسلت الدولة إمدادات غذائية للمتأثرين بالفيضانات في عدة دول إفريقية، كما تحركت القوافل، بحرًا وبرًا وجوًا، نحو السودان بآلاف الأطنان من الإمدادات والمساعدات الطبية والغذائية لإغاثة المدنيين المتضررين ودعم النازحين الذين فروا إلى دول الجوار، وبتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أقامت الإمارات في يوليو الماضي مستشفى ميدانيًا بمدينة أمدجراس التشادية لدعم السودانيين النازحين في تشاد، واستقبل المستشفى آلاف المتأثرين بالأوضاع في السودان.
وفي أكتوبر 2022 قدمت الدولة نحو 85 مليون دولار للتصدي للتحديات الإنسانية في منطقة القرن الإفريقي ودعم العمليات الإنسانية في إثيوبيا، بالتنسيق مع صندوق الإغاثة لمواجهة المجاعة، وبلغت قيمة المساعدات الإماراتية لدول الساحل في الفترة بين عامي 2018 و2023 نحو 750 مليون دولار.
وثاني هذه المحاور تنموي: يدعم ركائز التنمية كمبادرة «كونسورتيوم الإمارات العربية المتحدة من أجل إفريقيا» التي أطلقتها الدولة في 2020، معلنة التزامها باستثمار 500 مليون دولار، وتعمل على بناء رأس المال البشري في القارة على المدى البعيد.
ثالث هذه المحاور يتمثل في: مكافحة تنظيمات الإرهاب ودعم ركائز الاستقرار، حيث قامت الدولة على سبيل المثال بدور بارز في مساعدة الصومال على مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار، كما لعبت دورًا مهمًا في تسوية الصراع بين إريتريا وإثيوبيا، وفي التوسط بين السودان وإثيوبيا، ونفذت جهودًا حثيثة لوقف الصراع في إقليم تيغراي، وتتصدر جهودها المشهد في مسألة سد النهضة بين إثيوبيا ومصر والسودان.
وقد شهدت السنوات الأخيرة تطورات ايجابية كبيرة وحراكًا فعّالًا على صعيد العلاقات الإماراتية- الإفريقية، ولاسيما على مستوى الزيارات المتبادلة بين المسؤولين الإماراتيين ونظرائهم الأفارقة، حيث شهدت العواصم الإفريقية نشاطًا مكثفًا من الزيارات الإماراتية الرسمية، واستضافت أبوظبي في المقابل زيارات مماثلة من تلك العواصم، وقد شملت هذه الزيارات مسؤولين في كل المجالات، وعلى كل المستويات، بما في ذلك القيادة الرشيدة، وأحدثها زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، إلى إثيوبيا في 18 أغسطس 2023، حيث التقى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا، وتم خلال هذه الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي شملت اتفاقية للتعاون في مجال المساعدة الإدارية المتبادلة في الشؤون الجمركية، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وتبادل الخبرات في مجال التطوير والتحديث الحكومي، والتعاون في مجال الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وإعلان مشترك للتعاون في مجال العمل المناخي، وعقبها جاء الحضور القوي لممثلي القارة الإفريقية في قمة المناخ «كوب 28» التي عقدت في دولة الإمارات، نهاية العام الماضي، حيث تعد قارة إفريقيا أحد أبرز المتضررين من تداعيات التغير المناخي، ويشهد شرق القارة الأفريقية وغربها أوسع موجة جفاف منذ ثمانينيات القرن الماضي، حيث تعاني في شرقها كل من إثيوبيا وكينيا والسودان، كما تعاني في غربها كل من النيجر ومالي وبوركينا فاسو وموريتانيا، من موجات جفاف متلاحقة حتى باتت المنطقتان موطناً لنحو 80 في المائة من الأشخاص الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي في العالم.
وقد أدى التغير المناخي وما نتج عنه من جفاف وتذبذب في مواسم الأمطار إلى نقص حاد في الغذاء بالنسبة لنحو 800 مليون شخص في أفريقيا التي يبلغ إجمالي عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، بينما دخل نحو 270 مليون أفريقي في دائرة الجوع الفعلي. ويؤدي الجفاف ونقص المياه وتقلص الرقعة الزراعية إلى تناقص الموارد في منطقة تنمو ديموغرافياً بمعدلات عالية ويزداد الطلب فيها على الطعام والماء بمعدلات مرتفعة أيضاً، مما يزيد حدة التنافس على الموارد المتضائلة، ويوسع دائرة النزوح والهجرة، وبالتالي يؤجج الصراعات الداخلية والنزاعات الأهلية على هذه الموارد المتناقصة أصلاً. وهو ما يحدث بالفعل في 12 بلداً أفريقياً باتت كلها ضمن قائمة البلدان الأكثر هشاشة في العالم.
وتتكبد القارة الأفريقية سنوياً خسائر بعشرات مليارات الدولار جراء كوارث التغير المناخي الناتج عن تلوث بيئي يعود الجزءُ الأكبر منه إلى الدول الصناعية الكبرى، لكنها (أي أفريقيا) لا تتلقى سنوياً سوى 36 مليار دولار من أصل 300 مليار دولار تحتاجها للتعامل مع التغير المناخي وتداعياته، وهي مفارقة انتظر الأفارقة بفارغ الصبر قمة “كوب 28” لمناقشتها والحصول على التزامات دولية بشأنها من خلال الرهان القوي على البلد المضيف، أي دولة الإمارات التي تقوم بدور ريادي في تقديم العون التنموي والإغاثي إلى الدول الأفريقية، كما ساهمت الإمارات على نطاق واسع في إقامة الكثير من مشاريع الطاقة المتجددة في العديد من دول القارة خلال السنوات الماضية، قبل أن تطلق في عام 2022 برنامج “اتحاد 7” لتطوير الطاقة المستدامة في أفريقيا، والذي يهدف إلى تزويد 100 مليون فرد في جميع أنحاء القارة بالكهرباء النظيفة بحلول عام 2035. كما أعلنت الإمارات في سبتمبر الماضي، بالتزامن مع قمة المناخ الأفريقية، مبادرة تمويل بقيمة 16.5 مليار درهم لتعزيز قدرات أفريقيا في مجال الطاقة النظيفة، وذلك تتويجاً لمسار تاريخي من التعاون المشترك بينها ودول القارة لتسريع جهود حماية الموارد الطبيعية وتعزيز استدامتها عبر إنشاء وتطوير مشاريع توليد الطاقة من الشمس والرياح، وغيرها من حلول الطاقة النظيفة.. تماشياً مع نهج الإمارات ودورها الريادي في تعزيز جهود مواجهة التغير المناخي وتداعياته حول العالم.
وقبل ماسبق، وتحديداً في نوفمبر 2022، توجه معالي الدكتور ثاني الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية لزيارة الكاميرون من أجل توسيع التعاون الاقتصادي الإماراتي-الكاميروني، والتعاطي مع القضايا الإفريقية، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب، ولاسيما في غرب القارة، ودعم التعاون الدولي ضد القرصنة في خليج غينيا، ودعم الاستقرار في الصومال وإثيوبيا بحكم وجود الإمارات في مجلس الأمن الدولي كعضو غير دائم وقتذاك، وصرح معاليه أن “دولة الإمارات من أهم المستثمرين في قارة إفريقيا بشكل عام والقطاعات التي نركز عليها في هذه القارة هي التي سيكون لها مستقبل كبير في العالم خلال العشرين عامًا القادمة وتتضمن البنية التحتية والأمن الغذائي والطاقات المتجددة والقطاعات المستقبلية”.
وأثناء جائحة كورونا، في عام2021، أجرى معالي الشيخ شخبوط بن نهيان، وزير دولة، جولة افتراضية في العديد من الدول الإفريقية لتعزيز التعاون بين دولة الإمارات وشركائها في جميع أنحاء القارة الإفريقية، التقى خلالها مع وزراء خارجية كل من السنغال وساحل العاج وسيراليون وغامبيا والرأس الأخضر وغينيا كوناكري وغينيا بيساو وغينيا الاستوائية وليبيريا وغانا وتوغو ونيجيريا وبنين والكاميرون، حيث تم مناقشة عدد من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، ولا سيما تعزيز فرص النمو في المجالات كافة.
الشراكة والعلاقات الاقتصادية
تُعد الإمارات ثانى أكبر مستثمر فى إفريقيا منذ عام 2016، ولاسيما فى قطاعات الطاقة والطاقة المتجددة والبنية التحتية ومجالات الاستثمار التجاري والخدمي، وتستحوذ على %88 من الاستثمارات الخليجية في القارة، كما أن القدرات الاستثمارية التي تحظى بها الإمارات بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي، يؤهلها إلى أن تشكل ممرًا لتجارة الترانزيت للصادرات والواردات الإفريقية من مختلف بلدان العالم وإليها.
ومن المتوقع أن يرتفع حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإفريقيا إلى %30 في السنوات المقبلة، بحسب ما قال حميد محمد بن سالم، الأمين العام لاتحاد غرف الإمارات، في مؤتمر صحفي بأغسطس الماضي، لافتًا إلى سعي الدولة لتعزيز التعاون التجاري مع القارة، فقامت أكثر من 30 بعثة تجارية إماراتية بزيارة إفريقيا خلال الفترة من 2022 حتى أغسطس 2023، فضلًا عن تنظيم أكثر من 150 فعالية مشتركة تشمل مؤتمرات ومنتديات أعمال ولقاءات ثنائية تخص قطاع الأعمال، وهناك العشرات من الشركات الإماراتية وأهمها شركة «مصدر» و»موانئ دبي العالمية»، تعمل في قارة إفريقيا بعدة قطاعات أهمها الطاقة والطاقة المتجددة، الزراعة، النقل والخدمات اللوجستية، وبينما تعمل أكثر من 45 ألف شركة إفريقية في دولة الإمارات، فإن هناك 10 مجالس أعمال مشتركة تعمل بالتعاون مع مجالس مماثلة في الدول الإفريقية، بالإضافة إلى مشاريع مقترحة لتأسيس 10 مجالس أعمال جديدة مع دول إفريقية أخرى.
كما تعد الإمارات من الدول الداعمة للتنمية في القارة السمراء بالعديد من المبادرات التنموية، مثال «صندوق أبوظبي للتنمية» الذي يستثمر حوالي 24.6 مليار درهم إماراتي في 40 دولة إفريقية، وفي 2015 منح الصندوق دولة جيبوتي خمسين مليون دولار لمدة خمس سنوات لتمويل المشاريع التنموية، وفي إريتريا، دعم الصندوق مشروع التوليد والنقل الكهربائي بعد عامين من إعلان استقلالها في 1993، كما دعم الصندوق مشاريع البنية التحتية في أريتريا عام 2009.
شراكات استثمارية وعلاقات متكاملة
في سياق تعزيز وجودها الاقتصادي في قارة إفريقيا، أبرمت الدولة اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع موريشيوس في في نهاية عام 2023، كما تم الاتفاق على بنود اتفاقيات مماثلة مع كل من كينيا والكونغو برازافيل، حيث تواصل الدولة العمل على توسيع شبكة شركائها التجاريين حول العالم عبر إبرام اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة مع دول ذات اقتصادات واعدة، وبلغة الأرقام كثفت الإمارات صفقاتها الاستثمارية المتنوعة في اقتصادات القارة الإفريقية بأكثر من 44.5 مليار دولار في العام الماضي وسط تركيز على مشاريع الطاقة المتجددة، لتتفوق على لاعبين تقليديين هناك مثل الصين وفرنسا، باعتبارها واحدة من بين الاقتصادات الأكثر تنافسية وتقدمًا في العالم، ومثّلت شركة «موانئ دبي» الحضور الإماراتي الأبرز في القارة.
كما تعهدت الإمارات باستثمارات أجنبية مباشرة تقدر بـ 52.8 مليار دولار في 2022، عندما تصدرت تصنيف الاستثمارات الأجنبية المباشرة للمرة الأولى، ويتجاوز ذلك المبلغ 20 ضعف إسهامات الصين، و7 أضعاف مثيلتها الأمريكية، وفق البيانات الصادرة عن «إف دي آي ماركتس»، وعلى الرغم من تراجع ذلك الرقم إلى 44.5 مليار دولار في 2023، غير أنه ما زال يمثل ضعف استثمارات الصين، التي حلّت في المرتبة الثانية.
وقبل أيام، أعرب أكبر بنك في إفريقيا من حيث الأصول «ستاندرد بنك جروب»، عن ثقته بأن الإمارات ستصبح أحد أكبر مصادر الاستثمار الأجنبي في القارة خلال السنوات الخمس المقبلة، بناء على الصفقات التي شهدها، مع تراجع التمويل الصيني لمشاريع البنية التحتية، وتذبذب المشاركة الغربية، فيما ارتبطت التدفقات النقدية من أبوظبي إلى إفريقيا بجهود دبلوماسية منسقة، ما نقل طموحات الإمارات إلى جميع أنحاء القارة، وتجاوزت النفوذ التاريخي لدول الخليج في شمال إفريقيا.
دور إماراتي انساني رائد
تشهد قارة أفريقيا حضوراً إماراتياً فاعلاً على المستوى الإنساني والإغاثي والتنموي، يجسد تطبيقاً عملياً للدبلوماسية الإنسانية التي أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ويستكمل مسيرتها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وفق ما جاء في وثيقة مبادئ الخمسين التي تنص على أن «المساعدات الإنسانية الخارجية لدولة الإمارات هي جزء لا يتجزأ من مسيرتها والتزاماتها الأخلاقية تجاه الشعوب الأقل حظاً». ومن مجموعة دول الساحل إلى دول القرن الأفريقي، ومن السودان إلى أوغندا والصومال، ومن تشاد إلى الكونغو الديمقراطية، تنتشر أيادي الإمارات البيضاء، مصحوبة بجسور جوية وبحرية وبرية تحمل مساعدات إنسانية وإغاثية غير مشروطة، ولا ترتبط بدين أو عرق أو لون، يستفيد منها ملايين الأشخاص الذين يعانون أوضاعاً بالغة الصعوبة. وقد اعتبر الأمين العام الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي حالياً)، السفير أحمد حجاج، أن دولة الإمارات إحدى أهم وأبرز دعائم العمل الإنساني والإغاثي في قارة أفريقيا على مدى العقود الثلاثة الماضية، ما ساهم بشكل كبير في تعميق العلاقات الثنائية وتعزيز الشراكات الاستراتيجية بين الجانبين.
وقد افتتحت الإمارات ثاني مكتب تنسيقي للمساعدات الخارجية الإماراتية ببعثات الدولة بالخارج، بمنطقة أمدجراس في تشاد، ليدعم جهود الدولة لمساعدة الشعوب الأفريقية عبر توفير الدعم الإنساني والإغاثي من المؤسسات الإنسانية الإماراتية، وبتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أقامت الإمارات مستشفى ميدانياً بمدينة أمدجراس التشادية لدعم السودانيين النازحين في تشاد، واستقبل المستشفى آلاف الحالات المرضية من المتأثرين بالأوضاع في السودان، ويواصل الفريق الإماراتي تقديم كل أشكال الدعم، وتوفير الاحتياجات الأساسية، بما يجسد الدور الرائد الذي تلعبه الإمارات في العمل الإنساني داخل القارة الأفريقية. وتُعد مجموعة دول الساحل التي تضم بوركينا فاسو، تشاد، مالي، والنيجر، أحد الأقاليم الأفريقية التي تحظى بدعم إماراتي متواصل، إذ تعد هذه الدول من بين أقل البلدان نمواً في العالم، وبلغت قيمة المساعدات الإماراتية لدول الساحل في الفترة بين عامي 2018 و2023 نحو 750 مليون دولار، بنسبة %3 من مدفوعات المساعدات الخارجية للدولة خلال هذه الفترة، وقد تم تقديم حوالي 75% من المساعدات الخارجية الإماراتية لدول الساحل في صورة مساعدات تنموية، في حين شكلت المساعدات الخيرية والإنسانية %16 و%9 على التوالي. وكانت الإمارات قد قدمت في أكتوبر 2022 نحو 85 مليون دولار للتصدي للتحديات الإنسانية في منطقة القرن الأفريقي ودعم العمليات الإنسانية في إثيوبيا، بالتنسيق مع صندوق الإغاثة لمواجهة المجاعة. وكانت الإمارات من أولى الدول التي استجابت لنداءات الاستغاثة التي أطلقتها الكونغو الديمقراطية بعدما شكل ثوران بركان جبل “نيراجونجو” في يونيو 2021، كارثة إنسانية كبيرة تسببت في تشريد نحو 450 ألف شخص، وقد أرسلت الإمارات طائرتي مساعدات تحملان المساعدات والمواد الإغاثية اللازمة للمأوى.
منصة الشراكة الإماراتية الإفريقية
في أكتوبر 2022، أعلن «مختبر الدبلوماسية» عن إطلاق منصة الشراكة الإماراتية الإفريقية، التي تهدف إلى تعزيز شراكة دولة الإمارات مع دول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ومد جسور التواصل والتبادل الحضاري والثقافي والمعرفي والاقتصادي مع شعوب هذه الدول الصديقة في مختلف القطاعات مثل قطاع التعليم والصحة والطاقة والاستدامة والعلوم والفنون والتراث والفكر والأدب، إلى جانب التنمية الاقتصادية.
مؤشرات حيوية
استثمارات الإمارات في قارة إفريقيا بلغت 44.5 مليار دولار في العام الماضي وسط تركيز على مشاريع الطاقة المتجددة.
توقعات بارتفاع حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإفريقيا بنحو 30% ليصل إلى ما يقارب 50 مليار دولار خلال السنوات المقبلة.
تقود “موانىء دبي العالمية” استثمارات الإمارات في أفريقيا، وتشغّل نحو 9 موانئ في القارة.
عقدت دولة الإمارات، وجمهورية موريشيوس، اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، هي الأولى من نوعها لدولة الإمارات مع دولة أفريقية.
الإمارات هي الدولة الأولى عربيا في حجم الاستثمارات في القارة الإفريقية.
الإمارات أكبر نقطة عبور لتجارة العديد من الدول الإفريقية مع العالم.
الإمارات وقعت، وللمرة الثانية في شهر ديسمبر 2023، اتفاقية اقتصادية شاملة مع دولة الكونغو برازافيل.
الاقتصاد الإماراتي يُوسّع جسوره التنموية مع إفريقيا، ويسهم بشكل متزايد في تنمية القارة.
الشركات الإماراتية في صدارة المستثمرين الفاعلين في إفريقيا، وتستحوذ على %88 من الاستثمارات الخليجية في إفريقيا جنوب الصحراء.
قواعد الشراكة الإماراتية في إفريقيا: بناء شراكات موثوقة وطويلة الأجل، والتنوع والانتشار الجغرافي داخل القارة، والتحول من تجارة إعادة التصدير إلى الاستثمار، وتعزيز أنشطة النفع المشترك للطرفين.
لا يوجد تعليقات