الأخبار

الكاتب : محمد الحمـادي

2014-04-01

«حكماء المسلمين» في الإمارات

كان حدثاً استثنائياً بكل المقاييس، ففي بداية مارس الماضي اجتمع في العاصمة أبوظبي أكثر من 250 شخصية إسلامية وعالم دين، ليتحاوروا حول موضوع مهم جداً يؤرق كل عربي ومسلم هذه الأيام، وهو موضوع السلم والسلام ومشكلة الإرهاب.. فماذا حدث لهذه الأمة حتى تصبح في هذا الحال وينتشر فيها العنف بالصورة التي نراها اليوم؟

ويهدف هذا المنتدى الذي يعتبر الأول من نوعه لمفكرين وعلماء مسلمين على المستوى العالمي، إلى تشكيل جبهة موحدة لمواجهة الإيديولوجيات المتطرفة التي تخالف القيم الإنسانية ومبادئ الإسلام السمحة، وللتصدي لشرور الطائفية والعنف التي تعصف بالعالم الإسلامي منذ عقود.

لقد أكد أهمية «المنتدى العالمي للسلم في المجتمعات المسلمة»، أن كان في مقدمة حضوره فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، الدكتور أحمد الطيب، وسماحة العلامة عبدالله بن بيه، وافتتح المنتدى وحضر ختامه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، وألقى كلمة مؤثرة في الحضور أكد فيها على معاني مهمة، ووضع أصبعه على الجرح، عندما قال: «من أهم أسباب الشقاق والحروب الطائفية، التي تمزق أمتنا اليوم، تصدر أشباه العلماء مواقع الريادة ومنابر الفتاوى، واحتلالهم لوسائل الإعلام المتنوعة«.

في قاعة المنتدى وفي ردهات الفندق الذي عقد فيه، كنت اختلط بالحضور، فرأيت الإسلام الحقيقي المعتدل الذي نقرأ عنه، ورأيت أشخاصاً لا يبخسون الدين حقه، ولا يتطرفون في التمسك بنصوصه وتفسير أحكامه.. إسلام سهل، سمح، يحبه من يسمع عنه، أو يعيشه من المرة الأولى.

أنهى المنتدى جلساته وخرج بتوصيات رائعة،كل ما نتمناه، أن ترى النور وتتحقق على أرض الواقع. فمن شأن تطبيق تلك التوصيات أن نرى التغيير الحقيقي الذي نتمناه والذي يعيد لهذه الأمة وضعها الطبيعي، ويبعد كل متطرف ومغال وإرهابي عنها..

وكان من أبرز توصيات المنتدى، الشروع في تأسيس مجلس إسلامي لتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، يضم ثلة من ذوي الحكمة من علماء المسلمين وخبرائهم ووجهائهم ليساهموا في إطفاء حرائق الأمة قولاً وفعلاً، وُيقترح أن يسمى «مجلس حكماء المسلمين»..وكم كان رائعاً أن تحتضن عاصمة الإمارات أبوظبي هذا المجلس المتميز من نخبة علماء الأمة.

وأوصى المنتدى بتخصيص جائزة سنوية لأفضل الدراسات العلمية في موضوع السلم، وجائزة سنوية لأفضل مبادرة وإنجاز في مجال تحقيق السلم في المجتمعات المسلمة، وإصدار مجلة أكاديمية منتظمة تُعنى ببحوث السلم في المجتمعات المسلمة، وتأسيس جهاز إعلامي مسموع ومرئي ومكتوب، لا ينشغل بردود الأفعال، بل يؤصل لمفاهيم السلم وقيمه في الأمة بتوضيحها وتبسيطها بالحكمة والموعظة الحسنة.

توصيات واضحة ومحددة، ستكون رائعة عندما تتحقق على أرض الواقع، وعندما يتلمس نتائجها أبناء هذه الأمة.. وقد أشار العلماء خلال جلسات المنتدى إلى أن الطريق للخروج من الأزمة التي تعيشها الأمة الإسلامية يمكن أن يكون من خلال ترسيخ الوازع التربوي في النظم التربوية، وتصحيح الصورة النمطية التي تحصر الدين والشريعة في الوازع العقابي والسلطة التنفيذية، وهذا أمر مهم لا يجب تجاهله .