مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2012-09-01

حول الدور السياسي للعسكريين

ألقت تداعيات مجريات الأحداث المتسارعة في المنطقة العربية عدداً من الأسئلة التي لم تجد إجابة واحدة متفق عليها، رغم أن معظم الآراء تجمع أن للقوات المسلحة مهام عديدة، سواء في أوقات السلم أو الحرب، لعل من أهمها حماية الوطن والحفاظ على مكتسبات الجماعة وأمن المجتمع من أي محاولات للاعتداء على الحدود الجغرافية للدولة وقد يتطلب ذلك التحرك العسكري السريع لإبطال أي محاولة عدوان خارجي، وتعتبر حماية الوطن من المهددات الخارجية واجباً وطنياً وديناً مستحقاً تراق في سبيله الدماء وتهون من أجله الأرواح. والقارئ الجيد للتاريخ القديم أو الحديث يجده مليئاً بتجارب بطولية خاضتها الجيوش لرد عدوان المعتدين، ومازالت العديد من الكتب التاريخية تروي عن الدور المتعاظم للقوات المسلحة في حماية الأوطان، وهكذا لم يكن للقوات المسلحة ثمة شأن من قريب أو بعيد بالسياسة، إلا أن بعض الظروف الموضوعية لبعض الدول حتمت على الجيش التحرك العسكري لتغيير النظام السياسي، وقد لعبت كما يرى خبراء الدراسات الإستراتيجية مجموعة من العوامل دوراً في دخول الجيش مضطراً إلى مضمار السياسة 
 
لعل من أهمها ما يلي:
تفشي ظاهرة الانقلابات العسكرية في معظم دول أمريكا اللاتينية والدول الأفريقية (مصر ثورة يوليو عام 1952)، (انقلاب الفريق عبود السودان 1958) وهناك (انقلاب عبد الكريم قاسم ضد النظام الملكي في العراق)، وتولي جبهة التحرير الوطنية السلطة في الجزائر بزعامة أحمد بن بلا، وتوجد مماثلات لعدد مهول من الانقلابات العسكرية التي شهدتها القارة الأفريقية والتي تدخل فيها الجيش للإمساك بزمام السلطة السياسية للدولة، لفترة قد تطول أو تقصر، ويعتبر آخر انقلاب شهدته القارة الأفريقية عندما استولى الجيش في مالي على السلطة السياسية في مايو الماضي، وقوبل برفض شديد من المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي الذي يرفض من حيث المبدأ الاعتراف بأي انقلاب عسكري يطيح بحكومة منتخبة ونظام ديمقراطي قائم، (رفض انقلاب موريتانيا) هذا يعني أن انحياز المجتمع الدولي للحكم الديمقراطي والإصلاح السياسي والتداول السلمي للسلطة صار توجهاً عالمياً تدعمه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وتسنده بالدعم اللوجستي منظمات المجتمع المدني.
 
نستخلص مما تقدم أن التطورات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية التي انتظمت العالم منذ مطلع الألفية أخذت ترفض رفضا باتا تدخل الجيش في أي عمل أو نشاط سياسي، والتوصية بأن تبقى القوات المسلحة الحامي والحارس الأمين للوطن وللدولة ضد أي استهداف خارجي يمكن أن يهدد المصالح العليا والسيادة الوطنية للدولة وللمجتمع ويلاحظ أن بعض المتغيرات الاقتصادية والسياسية قد تحتم تدخل القوات المسلحة إذا ما طلب الاستثنائية (حالة مصر ثورة 25 يناير) وجرت العادة أن تعود القوات المسلحة إلى ثكناتها بانتهاء المهمة.
 
والقوات المسلحة يتم تدريبها منذ المراحل الأولى أن مهمتها حماية الوطن والدفاع عن أراضيه وأن الجيش لا شأن له بالعمل السياسي، ولهذا تحظر كل الدول على العسكريين الانضمام لعضوية الأحزاب السياسية في البلاد التي توجد بها أحزاب سياسية وتفرض قواعد الضوابط العسكرية على ضباط وجنود القوات المسلحة عدم الزج بأنفسهم في الشأن السياسي وأن عليه أن يكرس جهوده داخل نطاق عمله وأن الشأن السياسي يخص السلطة والشعب وليس من مهام الجيش أن يتحول إلى جماعة ضغط لتغيير نظام الحكم.
 
وتسير كل الدول الأوروبية على هذا الأسلوب لذلك لم تشهد الدول الأوروبية في التاريخ المعاصر انقلابات عسكرية على الإطلاق، ويعزى ذلك إلى سببين الأول زيادة الوعي واستدامة الديمقراطية في الدول الأوروبية ومن ثم لا يعرف عن الجيوش في دول أوروبا الغربية أي تدخل في العمل السياسي لأن دور الجيش كما يفهمه المواطن في أوروبا حماية الأمن الوطني والذود عن حدود الدولة .
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2025-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره