مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2012-10-01

القيادة العسكرية..علم وفن

عندما تطرح القضايا الإستراتيجية على جميع مستوياتها الاتحادية أو المحلية تقفز إلى الذهن الكيفية التي يمكن أن تساعد على تنفيذ رؤية ومنطلقات وأهداف الإستراتيجية ونظراً لان اصطلاح (إستراتيجية) يعود للخطط العسكرية وفن إدارة المعارك إلا إن المصطلح انتقل وتم تطويعه ليلبي احتياجات الميادين الاقتصادية والسياسية والأمنية ثم اتسع نطاق تطبيق مجالات الإستراتيجية بربطه بالخطط الخمسية أو العشرية التي تتبناها الدول من أجل الإسراع بتنفيذ الأهداف التنموية، والمعروف إن الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية التي كانت تدور في فلكه أول من تبنى تطبيق المفاهيم الإستراتيجية لتحقق مستويات عالية من النمو في قطاعات الزراعة والصناعة.
 
لعل المتتبع للتنافسية التي أخذت تتبارى بها الوزارات والدوائر الحكومية للحصول على جوائز التميَز المؤسسي تعود إلى إطلاق دولة الإمارات لأول إستراتيجية في صيف عام 2006 ولم تمضي مرحلة تنفيذ (أجندة السياسة العامة لحكومة الإمارات) حتى شرعت كل الوزارات والدوائر لإطلاق استراتيجياتها لتحقيق أهدافها المعلنة. 
 
لقد أشارت مختلف النظريات الإدارية إن نجاح تنفيذ أي إستراتيجية يبقى رهيناً بتنمية المهارات القيادية لسبب بسيط إن القائد خصوصاً في المؤسسة العسكرية يعتمد عليه في الكيفية التي يمكن أن تطبق بها أهداف الإستراتيجية على أرض الواقع عبر الخطط المدروسة بدقة وعناية لمواجهة أي تحديات أو مهددات للأمن الوطني، فعلى سبيل المثال إذا برز أي اتجاه لتعطيل الملاحة في مضيق هرمز باعتباره ممراً مائياً دولياً فإن على القائد المكلف بسرعة تشكيل فريق عمل ميداني وتكوين غرفة عمليات يكون من مهامه وضع خطة إستراتيجية لإبطال أي محاولة لتعطيل مرور السفن والبواخر وناقلات النفط عبر هذا الممر الهام.
 
والقيادة عملية اجتماعية ضاربة في عمق التاريخ يُرجح أن الإنسان استعارها من خلال مشاهدته لقطعان الحيوانات وأسراب الطيور وهي تسلم نفسها لمن يتولى قيادتها ليصل بها إلى أهدافها البعيدة، والفرق أن القيادة لدى الحيوانات والطيور تتحكم فيها الغريزة بينما العقل يحكم سلوك القائد عند الإنسان. تقودنا هذه المداخلة إلى تناول أهمية تنمية المهارات القيادية في المؤسسة العسكرية مع ملاحظة أن القيادة العسكرية تختلف كماً وكيفاً عن القيادة الإدارية والمدنية لارتباطها بالقتال وحماية الأرواح والأموال والممتلكات والحفاظ على تراب الوطن، وفي ذلك قيل إن أعظم قائد فرقة أوركسترا موسيقية في العالم لا يمكنه قيادة كتيبة عسكرية واحدة، وتلك حقيقة لا أحد يستطيع إنكارها بحال من الأحوال. 
 
أعود لأقول إن لتنمية المهارات القيادية شق علمي وآخر فني، ذلك لأن القيادة علمٌ وفنٌ كما يعرفها خبراء الإدارة وأساتذة علم الاجتماع الإداري.
 
يرتبط الجانب العلمي في مدى المعرفة بالقوانين واللوائح والإجراءات التي تسير العمليات العسكرية بموجبها، بينما الجانب الفني فيرتبط بالحس الإبداعي والفطنة والموهبة التي تساعد القائد على الابتكار وسرعة البديهة ومن ثم القدرة على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، لأن القائد.. أي قائد قد يواجه بمواقف طارئة يتوجب عليه أولاً اتخاذ القرار الصائب مستفيداً من خبراته السابقة واطلاعه وقراءاته ومعرفته وتقديره للأمور ولعل ذلك ما جعل تولي القيادة عملاً شاقاً يتطلب الكثير من الحكمة والفهم والقدرة على رسم الخطط ومتابعة آليات تنفيذها بدقة، ومن ثم يخطئ من يظن أن القيادة ما هي إلا منصباً للوجاهة الاجتماعية أو ممارسة السلطة بغرض التحكم في الآخرين أو تصفية الحسابات للانتقام من الخصوم. 
 
القيادة في أدق صورها (تكليف وليس تشريف) لأنها تدخل ضمن بند الخدمة العامة وهي وفاء والتزام مجتمعي تجاه المجتمع ويتطلب السهر للقراءة وزيادة المعرفة ..القائد ينبغي أن يكون إنساناً مسؤولاً وجاداً ومجتهداً وأكثر حرصاً على سمعة أفراد الفريق الذين يعملون معه بل وعلى إدراك لأهمية المؤسسة العسكرية التي يمثلها وهذا يتطلب منه أن يحسب بدقة أي خطوة يخطوها حتى يتفادى الأخطاء لأن أخطاء القادة باهظة الثمن وهي لا تغتفر حسب النظم والإجراءات وقواعد الضبط والربط المعمول بها في الجيش ذلك فكما هو معلوم فالقادة هم الذين يرسمون خارطة الطريق ليسير على هداها الآخرون والدولة أي دولة تتحمل أعباء تعليم وتدريب وتأهيل القادة لأن عليهم تقع مهام تقدم الدولة بل وتطور المجتمعات بأكملها.  


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره