مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2012-03-01

قواطـع المياه بقوة الحديـد

بعد أن أعلن سيدي الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إطلاق المبادرة الإستراتيجية التي تتطلع أن تسهم في تعزيز أمن المياه لما للمياه من أهمية في توفير ظروف معيشية صحية لكل سكان الأرض، وتدفع بعجلة التقدم الاقتصادي، فضلاً عن إسهامها في حماية البيئة، إلا أن هناك جانباً لا يقل أهمية تمثل في تقنية اتخذت من المياه عنصراً محركاً ومطوراً لها، فمن خلال هذه التقنية التي ليست بالجديدة في عالم الطبيعة، حيث يستلهم الإنسان أفكاره من الطبيعة ويحاكي في ابتكاره ما كان موجوداً أمامه فيها، فيماثل، ويطابق، ويطوّع كل ما من شأنه أن ييسر عليه الحياة ويسهل عليه أمورها، نراه قد استقى هذه التقنية من خلالها ، وتستطيع هذه التقنية - والتي هي محور المقال - أن تقطع، وتشكّل بحرفية دقيقة كل ما يقع تحت تأثير ضغطها وإطار عملها، حيث باستطاعة القواطع المائية النفاثة والتي تسمى أحياناً بالهيدروديناميك، أن تحل محل القواطع المعدنية التي اعتدنا رؤيتها في الحياة الصناعية العامرة بمختلف الابتكارات والآلات والمعدات.
 
 فالقواطع المائية هذه، عبارة عن جهاز يعمل بسرعة ضغط مياه عالية، تسلط على مساحة صغيرة لقطع المعادن وغير المعادن كالأخشاب ،الرخام ،الأحجار،الجرانيت، البلاستيك وحتى الحديد المقاوم للصدأ وغيره من المعادن .
 
والجدير بالذكر أن الضغط الخفيف للمياه قد استخدم بدايةً لتعدين الذهب في كاليفورنيا عام 1852 في الولايات المتحدة الأمريكية ، بينما استخدم التدفق البخاري وتدفق الماء الحار في بداية العام 1900 من أجل التنظيف، في حين استخدم الضغط العالي بقوة دفع المياه عام 1960 من أجل التعدين، بيدا أن استخدام القواطع المائية النفاثة قد استخدم على ما يربو عن (10) سنوات ، في حين استخدم تدفق الماء الكاشط في الصناعة عام 1980.
 
وترتكز فكرة الحفر أو القطع بقوة المياه على تطوير الظاهرة الطبيعية والتي تحدث عند مصبات الأنهار ومناطق الشلالات، حيث الملاحظ عند هذه الأماكن كثرة التجمعات الصخرية التي تتشكل فيها الفتحات العميقة والأشكال المتنوعة،  في حين تتغير ألوان بعض الصخور وتتشكلّ على هيئات مختلفة، وذلك نتيجةً للضغط الواقع عليها من قوة المياه المنحدرة.  وقد تم هذا التطوير والمحاكاة بما يتناسب والمتطلبات الصناعية الحالية، فهناك بعض الصناعات التي تتطلب استخدام مثل هذه التقنية كغسل السيارات ، بيد أنّ الضغط المستخدم فيها ليس بالقوة التي توجد في القواطع المائية النفاثة، حيث تقدر قوة القاطع المائي النفاث بحوالي  ( 30 ) ضعف ما هو موجود في مغاسل السيارات ، وبعض هذه الأجهزة القاطعة والحديثة تدفع الماء بقوة ضغط يتراوح (بين 207 إلى 414 ) ميجا باسكال بينما تتراوح سرعة المياه المندفعة (بين 520 إلى 914م/ث)  وهناك نوعان من قوة دفع المياه، فتستخدم تقنية التدفق المائي من أجل المواد اللينة في حين أن المياه الكاشطة تستخدم للمواد الصلبة كإزالة المواد من داخل أنابيب القطار، قطع أي شكل من الزجاج المضاد للرصاص، قطع أجزاء من طائرات الشبح المقاتلة أو طائرات أخرى والمركبات الفضائية، نحت التماثيل أو اللافتات الخشبية.
 
إنها قدرة عجيبة لنعمة المياه، طال نفعها لإحياء الكائنات إلى قدرتها على تسهيل العمليات الصناعية الشاقة، فصارت المياه نتيجة ما تتميز به من تأثير ومميزات ذات جدوى اقتصادية غير تلك المهمة الاعتيادية لها من شرب وسقي للزرع.
 
دلالة ...
إن ما يطالعنا به عالم التكنولوجيا كل يوم من اختراع جديد وابتكار فريد، إنما هو برهان لنا على حقيقة أزلية وثابتة كونية ألا وهي عقل الإنسان المفكر وقدرته على محاكاة الطبيعة، والابتكار والتجديد والتفردّ بكل ما هو غريب أحياناً ومفيد أحياناً أخرى يخدم العنصر البشري في كل أحواله وبقاعه ، مما يّسهل عملية العيش  ومهمة التعمير على سطح البسيطة دونما عناء. فأيّن يكن ذاك الاختراع وغيره يبقى الغرض منه هو إسعاد البشرية ومساعدتها .
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره