مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2015-02-01

الذئاب المنفردة: إرهاب جديد

أدت عملية صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة الفرنسية الإرهابية إلى إطلاق موجة من الاستنفار الأمني في أوروبا والولايات المتحدة لمواجهة إرهاب عابر للحدود بدأ يطرق بابها، إرهاب معولم أصبحت له ممارسات في بلاد عدة، وهو ما يطلق عليه اسم إرهاب "الذئاب المنفردة". ويُعرف مصطلح "الذئاب المنفردة" بأنه تكتيك تلجأ له التنظيمات الإرهابية عندما يتم تضييق الخناق عليها، ويعني قيام شخص أو مجموعة، لا يخضعون لها تنظيميّاً، ولكن يؤمنون بأفكارها، بالتخطيط والتنفيذ لبعض العمليات الإرهابية استناداً إلى إمكاناتهم الذاتية. 
 
 
لقد تطورت بنية التنظيمات الإرهابية بعد أن أصبح الفكر إرهاباً عابراً للحدود، فقد انتهى عصر التقسيمات الكلاسيكية لبنية التنظيمات الإرهابية إلى مستويات أو تنظيمات فرعية أو جهوية، وتجاوز الزمن فكرة التنظيمات العنقودية التي تتشكل من بضعة أشخاص بعد أن ظهر تكتيك "الذئاب المنفردة"، وأصبح الإرهاب اليوم مجموعة خلايا متناثرة عبر الكرة الأرضية تستطيع أن تتواصل أو أن تعمل منفردة أو حتى كخلية منفردة من شخص واحد، وأصبح تكتيك الذئاب المنفردة ذا أولوية في مناطق جيوسياسية يصعب فيها على تنظيمات القاعدة أو "داعش" اختراقها بسبب الإجراءات الأمنية المشددة، وهي ما قد يطلق عليه ممارسة "إرهاب الحد الأدنى"، ففي سبتمبر 2014 أطلق أبو محمد العدناني، المتحدث باسم تنظيم "داعش" نداء استنفار لـ"الذئاب المنفردة" لمواجهة دول التحالف الدولي في أراضيها.
 
 
أدت ثورة الاتصالات إلى ارتفاع معدلات خطورة ظاهرة الإرهاب، فأصبح الإرهاب متحركاً يتجاوز حدود المكان، فمن حادثة اختطاف الرهائن في مقهى بمدينة سيدني بأستراليا إلى إرهاب جريدة "شارلي إيبدو"، وتقدِّم التكنولوجيا والإنترنت وجبة دسمة للمتعطشين للفكر الجهادي، حيث تنشر المواقع المرتبطة بالقاعدة وداعش التعليمات التبسيطية، للقيام بعمليات إرهابية، ويتداول الناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي المقالات المشابهة وتحت هاشتاغ # "الذئاب_ المنفردة" ترسل التعليمات وتحدد الأهداف المحتملة للعمليات عمليات اختطاف أو اغتيال لأفراد مشهورين سياسيين أو إعلاميين أو عمليات اختطاف أو تفجيرات يمكن أن تحدث خلخلة أمنية وفرقعة إعلامية ودعاية سياسية للتنظيم.
 
 
يرجع تكتيك "الذئاب المنفردة" لسلسلة مقالات كتبها القيادي في "تنظيم القاعدة في اليمن"، أنور العولقي في مجلة "انسباير" الناطقة باسم تنظيم القاعدة، حيث شرح هذا النوع من العمليات والأهداف المحتملة، حيث يقول "لا نحتاج إلى عملية كبيرة لضرب العدو.. فهدفنا من مهاجمته هو استنزافه حتى الموت.. عبر استراتيجية الألف جرح"، وتكمن خطورة هذا النوع من العمليات بأنه يصعب اكتشاف هذا النوع من العمليات الإرهابية، ويزداد أمرها تعقيداً إذا كان منفذوها مواطنين غربيين ممن ليست لهم سوابق "جهادية". 
 
 
لقد تمكنت القاعدة من تطوير استراتيجيات مضادة للحرب على الإرهاب، منها ما عرف باستراتيجية "الجهاد الاقتصادي"، بينما دعته القاعدة في اليمن "استراتيجية النزف أو استراتيجية الألف جرح"، وهي استراتيجية متطورة تركز على استهداف المصالح الاقتصادية في الدول الأهداف من أجل استنزاف وإرهاق تلك الدول، وكانت أفغانستان واليمن والعراق أبرز الدول التي عانت هذا النوع من الاستنزاف. وتنتهج "القاعدة" و"داعش" هذه الاستراتيجية بتوجيه ضربات صغيرة ومتتالية لاستنزاف الخصم بمعنى أن الهدف ليس العملية الصغيرة، بل الهدف هو ما يترتب من نتائج بعد حدوث هذه العملية وتكرارها، والتي سيكون من نتائجها بث الرعب، والأعباء المالية، واستنزاف الموارد في محاولة تتبع "الذئاب المنفردة".
 
 
لقد أثبت تطبيق تكتيك إرهاب الذئاب المنفردة أن خطر الأفكار العابرة للمكان والزمان أكبر من خطر التنظيمات الإرهابية فالقضاء على الإرهاب يستوجب القضاء على منابع الأفكار المتطرفة!.
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره