الأخبار

الكاتب : عائشـة المـري

2015-09-01

الخلايا النائمة تستيقظ

أثار خبر سقوط خلية "حزب الله – الكويت" المعروفة إعلامياً بخلية العبدلي تساؤلات حول مدى تغلغل وتمدد خلايا إيران النائمة في المجتمعات الخليجية، وكانت وزارة الداخلية الكويتية قد أعلنت القبض على عناصر من أعضاء الخلية، وبحوزتهم 19 ألف كيلوغرام ذخيرة، و144 كيلو غراماً من المتفجرات، و68 سلاحاً متنوعاً و204 قنابل يدوية إضافة إلى صواعق كهربائية وذكرت تقارير بأن عناصر تابعة لتلك الخلية تلقوا تدريبات في مواقع عسكرية تابعة للحرس الثوري في إيران وتوالى الكشف عن الاشتباه بتورط عدد من الفنانين ورجال الأعمال والنواب الشيعة الكويتيين في دعم وتمويل أنشطة حزب الله الإرهابية ويتوقع أن تتسع دائرة التوقيفات في أكثر من موقع، وأكثر من دولة من الدول الخليجية. ليطرح من جديد موضوع علاقة الشيعة في دول الخليج بإيران والذي يفترض أن الولاء المذهبي والمرجعية الدينية تستتبع ولاءاً سياسياً.

لقد آثار حجم الترسانة العسكرية التي كشفت عنها الجهات الأمنية الكويتية مخاوف مشروعة من وجود امتدادات أخرى محلية وإقليمية لهذه الخلايا ولحزب الله كما كشف مدى تغلغل مشروع إيران الصفوي في الدول الخليج والأخطر من كل ذلك نجاح إيران في تجنيد أبناء دول مجلس التعاون من الشيعة لمصلحة الحرس الثوري خدمة للمشروع الإيراني مما يعني أن الولاء للمذهب تجاوز الولاء للوطن وهو ما يستدعي وقفة موضوعية لموضوع تسييس الطائفة الشيعية في الكويت ودول الخليج للعلاقة بين الشيعة والدولة الوطنية في ضوء ثنائية الدفاع - التشكيك عند تناول مسألة الاحتقان الطائفي في ظل تبلور مشروع تصدير الثورة الإيرانية والخلايا النائمة كإحدى أدوات المشروع.

لقد قلبت الثورة الإيرانية المنظومة الفكرية الشيعية في شقها السياسي والاجتماعي فشكلت ولاية الفقيه العقيدة الدينية السياسية للدولة في إيران لتنعكس في عملية تسييس المذهب في الضفة الأخرى من الخليج العربي وبدء طرح المسألة الطائفية في الخليج، في الحرب العراقية الإيرانية وقفت الحكومة الكويتية إلى جانب العراق في حربه مما أثار سخط بعض شيعة الكويت الذين عدوا إيران حامية للمذهب الشيعي وقد استغل النظام الإيراني مشاعر الشيعة الدينية في المنطقة وفي الكويت خصوصاً لتنفيذ مخطط "تصدير الثورة" وعمل على تجنيد عدداً من الشيعة الكويتيين في تنظيمات إرهابية بهدف خدمة المشروع الإيراني وزعزعة الاستقرار السياسي في الكويت حيث يعود تأسيس "حزب الله – الكويت" إلى بداية الثمانينات في أعقاب تأسيس حزب الله اللبناني عن طريق مجموعه من الشيعة الكويتيين الذين تلقوا تعليمهم في قم والمرتبطين بالحرس الثوري الإيراني وشهدت الساحة الكويتية أعمال عنف سياسي غير معهودة فتعرض أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح لمحاولة اغتيال عام 1985 وتوالت التفجيرات في عام 1986 وثم تفجيرات 1987 إلى ويعتقد أن مجمل الحوادث كان وراءها تنظيم حزب الله الكويت.

وشهد العام 1988 الحادثة الأبرز عندما قاد عماد مغنية القيادي في حزب الله مجموعة خطفت طائرة "الجابرية" التابعة لشركة الخطوط الجوية الكويتية وبررت عملية الاختطاف، التي كانت خلفها إيران، بالمزاعم الإيرانية عن وقوف الكويت مع العراق في حرب الثماني سنوات ضد إيران، مع المطالبة بإطلاق سراح المتورطين بحوادث تفجير عدد من المنشآت الكويتية.

يتحرك "حزب الله" الكويت كما أحزاب الله الأخرى بحسب الرؤية المذهبية الضيقة والدور المحدد له من قبل إيران بغض النظر عن المصالح الوطنية، فحزب الله هو صناعة إيرانية ومشروع إيراني كالمشروعات الإيرانية التي تهدف في محصلتها إلى إقامة دولة صفوية، وكان السفير الإيراني المنشق عادل الأسدي قد كشف عن وجود الخلايا النائمة في كل دول الخليج العربي مقدما تفاصيل دقيقة بشأنها من حيث وجودها وتوزيعها وارتباطاتها ونشاطاتها وتمويلها والغرض منها. اليوم وقضية خلية العبدلي لازالت في بداية فصولها يظهر التداخل بين السياسي والديني في العلاقة بين حزب الله –الكويت وإيران وهنا تكمن خطورة الخلايا النائمة اصطلاحاً بأنها ليست نائمة فهي خلايا يقظة تنتظر الإشارة لتنفذ مهامها الموكلة من أعمال إرهابية دون أي رادع وطني أو إنساني فالولاء هنا عابر للحدود فعلى الحكومات الخليجية أن لا تنتظر إيقاظ الخلايا بل أن تتخذ إجراءات أمنية مشددة ورادعه لحماية المجتمعات الخليجية.