مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2015-06-01

الاتفاق النووي الإيراني والحالة الكورية

تعتبر مشكلة منع انتشار الأسلحة النووية من أخطر وأعقد المشكلات في عالم اليوم، وقد ارتبطت بمنع دول أخرى من امتلاك الأسلحة النووية وأرست معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية NPT عام 1968 مفهوم منع الانتشار بشكله التقليدي، إلا أن الخريطة النووية الدولية ازدادت تعقيداً بدخول دول جديدة للنادي النووي كالـهند وباكستان وأخيراً كوريا الشمالية، ودول العتبة كالجمهورية الإسلامية الإيرانية، والدول النووية غير المعلنة كإسرائيل. 
 
ولعل التعقيد الأساسي في مفهوم الانتشار النووي يتمحور تحديد الحد الفاصل بين البعد السياسي والفني / التقني من ناحية والعلاقة بين امتلاك القدرة النووية والأسلحة النووية. وتعددت تبعاً لذلك أشكال التعامل مع مشكلة منع انتشار الأسلحة النووية لتشمل ترسانة من التدابير المتنوعة أبرزها العقوبات الدولية وتوقيع الاتفاقيات لمنع الانتشار النووي ومحاصرة الطموحات النووية لبعض الدول ككوريا وإيران.
 
وفور إعلان اتفاق الإطار مع إيران أعلنت الخارجية الأمريكية في 23 أبريل "أن أي اتفاق مع إيران بخصوص برنامجها النووي سيكون "مختلفاً بشكل جوهري" عن الاتفاق الذي أبرم مع كوريا الشمالية وفشل لاحقاً. فلماذا تركز إدارة أوباما على نفي المقاربة بين الملف الكوري النووي والإيراني؟ هل من الممكن أن يستنسخ الجانب الإيراني التجربة الكورية؟
 
في يناير 1992 وافقت كوريا الشعبية الديمقراطية (كوريا الشمالية) على التوقيع على معاهدة منع الانتشار النووي NPT وسمحت لمراقبي وكالة الطاقة الذرية بالدخول الى مرافقها النووية ولكن حين طالب المراقبون بالدخول الى بعض المرافق المشتبه بها رفض الكوريون السماح لهم بذلك، بحجة أنها منشآت عسكرية، فأحيل الموضوع على مجلس الأمن الدولي. وردت كوريا الشمالية بإعلان عزمها على الانسحاب من اتفاقية منع الانتشار النووي وذلك العام 1993 إلا أن جهود واشنطن أسفرت عن الاتفاق على تعليق انسحابها من المعاهدة، ومتابعة التفتيش في نشاطاتها النووية وتابعت كوريا العمل في مفاعل "يونڤبيون"ولكن في 1994 اندلعت الأزمة الأولى حول عمل هذا المفاعل مع وكالة الطاقة الذرية وتم احتواء الازمة بتوقيع اتفاق بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية  سمي بـ "إطار إتفاق" في أكتوبر 1994، يقضي بأن تجمد كوريا عمل مفاعلها النووي وملحقاته، وتسمح لمراقبي وكالة الطاقة الذرية بمعاودة نشاطها في مراقبة هذا الاتفاق، وفي المقابل تقوم الولايات المتحدة بإنشاء "تجمع دولي" لبناء مفاعلين يعملان بالماء الخفيف لتوليد الطاقة الكهربائية، وتزويد كوريا 500 ألف طن من الفيول سنوياً حتى يتم إنجاز أول مفاعل للعمل، وحدد العام 2003 كتاريخ لذلك، كما تتعهد الولايات المتحدة تقديم الضمانات بعدم الاعتداء النووي على كوريا الشمالية. 
 
وفي عام 2003 أعلنت كوريا انسحابها من معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية ما دفع الولايات المتحدة ودولاً أخرى مجاورة الى عقد مفاوضات لوقف البرنامج النووي الكوري عرفت بمفاوضات "الأطراف الستة" وهي: روسيا، الصين، اليابان، الولايات المتحدة إضافة الى الكوريتان. 
 
ولكن جولات من هذه المفاوضات لم تصل إلى نتائج حاسمة. في 9 أكتوبر 2006 أجرت كوريا الشمالية تجربة تفجير سلاحها النووي، وبذلك أعلنت عن امتلاكها له، فكوريا وبموازاة الاتفاق مع واشنطن كانت تعمل على برنامج سري وبعد 12 عاماً من الاتفاق اختبرت أول قنبلة نووية لها ثم الاختبار الثاني عام 2009، والثالث عام 2013، وفي أبريل 2012 أقرت كوريا الشمالية دستوراً يوصف البلاد رسمياً بأنها "قوة نووية" وإدراج قدرتها في الدستور يبرز الأهمية التي يعلقها نظام كيم جونغ أون على حيازة السلاح النووي.
 
إن أهم الدروس المستخلصة من تجربة كوريا الشمالية هو إخفاق الاتفاق في كبح البرنامج النووي الكوري وبالتالي عدم استبعاد احتمال انتهاك إيران للاتفاق ولكن الفارق الرئيسي بين كوريا الشمالية وإيران إن الأولى تسعى من وراء برنامجها النووي "لبقاء النظام" أما إيران فلديها مشروعها السياسي التوسعي الإمبراطوري الطائفي والقوة النووية هي أداة للهيمنة بمباركة أمريكية - دولية ولن تنفع حينها أية ضمانات أو التزامات أمريكية .


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره