مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2015-04-01

معركة تكريت وازمة الهوية

 أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مطلع مارس الماضي «ساعة الصفر» للهجوم العسكري من أجل استعادة مدينة تكريت بجيش قوامه ثلاثون ألف جندي ومقاتل بحسب الاعلام الرسمي العراقي، و يشكل التحرك العسكري العراقي خطوة لتقليص خارطة مايسمى بدولة الخلافة الاسلامية الا انه قد يشكل كارثة على المستقبل السياسي للعراق ولهوية العراق «العربية» ، وتحاول حكومة العبادي تصوير العملية العسكرية على أنها معركة وطنية تشارك فيها عشائر سنية . في الوقت الذي تحاول فيه إيران، «دبلوماسياً « تحجيم آثار تصريحات مستشار الرئيس روحاني لشؤون الأقليات عن العراق على يونسي التي قال فيها «إن إيران قد أصبحت الآن امبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها حالياً بغداد في اشارة الى اعادة الامبراطورية الفارسية الساسانية قبل الاسلام التي احتلت العراق وجعلت المدائن عاصمة لها. 
 
 
تظهر التطورات وجود مخاوف حقيقية من تداعيات كارثية لعملية تحرير تكريت قد تؤدي الى حرب تطهير طائفية على المدى الطويل ، مخاوف عبر عنها رئيس اركان الجيوش الاميركية الجنرال مارتن ديمبسي من مسألة تعامل القوات مع السنة من سكان المدينة، موضحا بأن القوات التي تزحف على تكريت تضم 20 ألف مقاتل شيعي تدعمهم إيران، يحملون السلاح تحت مظلة الحشد الشعبي. وقال إن هؤلاء تلقوا «تدريبا إيرانيا، وإنهم مزودون بمعدات إيرانية». وقال وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر “ إن أي نزاعات طائفية محتملة في العراق قد تؤدي إلى إجهاض الحملة الدولية ضد داعش”. 
 
 
تشير الحقائق على الارض الى ان مدينة تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين والمناطق المحيطة هي معقل السنة في العراق الذين تم تهميشهم واقصائهم سياسيا واقتصاديا منذ بداية الاحتلال الاميركي للعراق 2003 ، فالنظام الذي أقامه بول بريمر بعد عام 2003 كان قائماً على التعامل مع العراقيين كشيعة وسنة وكرد، وبذلك تعززت الطائفية وفجرت السياسة الاميركية  أزمة الهويات في العراق ، فكان الخيار أمام سنة العراق اما يكونوا سنة وبين أن يكونوا عرباً، ولكن سنة العراق اختاروا أن يكونوا سنة كردة فعل على الطائفية الشيعية ليتعزز الانتماء الطائفي في مقابل الانتماء القومي في حين اختار الطرف الكردي تمييز هويته القومية “الكردية” على هويته المذهبية . اليوم يحصد العراق نتائج هذه السياسية التي عززتها ممارسات حكومة نوري المالكي الطائفية الفاقعه لتتشكل عبر سنوات حكم المالكي “المظلومية السنية” الناتجة من سيطرة الشيعة على مقاليد الحكم متزامنا مع تغلغل النفوذ الايراني تفاقم الانقسام الوطني وتعمق الانقسام الطائفي لينتج من هذه المناطق مناطق تتقاطع فيها مصالح الكوادر القديمة من البعثيين مع المظلومية السنية مؤدية لتمكين مقاتلي داعش من الاستيلاء بسهولة على مدينة الموصل وتكريت تباعا العام الماضي.
 
 
يدرك العبادي خطورة الوضع المترتب على عملية تكريت على الجسد العراقي فايران حاضرة في العراق فقد تجاوزت الدعم العسكري للميليشيات الشيعية العراقية كفيلق بدر وعصائب أهل الحق أو حزب الله العراقي باسلحة تحمل علامة “صنع في إيران”، الى ارسال القادة العسكريين وعلى راسهم قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني الذي يقود العملية العسكرية العراقية بكاملها مقيما مركز قيادته في مدينة سامراء اما قوات الحشد الشعبي فقد تشكلت بعد الدعوة التي اطلقها آية الله العظمى السيد علي السيستاني باعلان « الجهاد الكفائي» للشيعة للدفاع عن “الوطن والعتبات المقدسة”. ضد تنظيم داعش في ابريل 2014. واشار تقرير صادر من مجلس حقوق الإنسان الى وجود مزاعم بقيام الحشد الشعبي والجيش العراقي بارتكاب جرائم حرب ضد عراقيين في المناطق السنّية التي استولت عليها خاصة في محافظة ديالى، ووثقتها منظمات حقوق الانسان .
 
 
سيواجه العبادي بعد معركة تكريت استحقاقات سياسية لمنحه ايران ولللميليشيات الشيعية الدعم والشرعية ليدخل العراق في دوامة جديدة وخطرة من انعدام القانون والفوضى الطائفية .
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-04-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره