مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2013-09-01

بجهود المخلصين

إن الناظر لما تتمتع به دولة الإمارات العربية المتحدة من نعم وخيرات وثروات وانجازات ليقف مبهوراً مشدوهاً من تلك الخطوات العملاقة التي اختطتها الدولة بثبات خلال سنوات قصار تكاد تعتبر بدايات أولى لدول وحضارات سبقتها بمئات السنين، ولكن الناظر إلى التجربة الإماراتية يرى أن ما تحقق لربما تجاوز مئات السنين وليس مجرد 42 عاماً هي عمر اتحادنا المجيد.
 
كما أن المتمعن في تاريخ دولتنا الغالية ليرى ذاك البون الشاسع بين جيل الأمس وأجيال اليوم، وذاك الإختلاف الواضح المعالم من حيث المعطيات والإمكانات، وسبل الراحة والتعليم والصحة ومجالات الحياة الأخرى، فحال الأمس ليس بحال اليوم، فما توفر اليوم من ظروف الحياة الكريمة لم يتأتى ولو بالقدر الضئيل لأولئك الذين سبقوا هذه الأجيال المرفهة اليوم، فحياة الصبر والمكابدة والتعب والشقاء كانت هي ما يغلف حياة الماضي.
 
ولكن رغم كل ما كان من ظروف معيشية، وأحوال حياتية شديدة القهر، وصعبة التعايش، إلا أن السابقون من أهل الإمارات استطاعوا التغلب عليها وقهرها بعزيمتهم التي أحالت الصعب سهلاً، والمستحيل واقعاً ملموساً تعيشه الأجيال اليوم وغدٍ بإذن الله تعالى.
 
فالإتحاد وقيامه ودوامه واستمراره لم يكن بالأمر الهين والسهل أبداً، فكانت جهود المؤسسين وصبرهم على تحمل شتى صنوف المتاعب والمشاق أكبر دليل على الإخلاص لهذا الصرح، والعمل على استمراره بالصورة التي ترضي الطموح، وتحقق أحلام الشعب المتطلع للوحدة والتغيير والعيش حياة السعداء في ظل كنف قيادة وعت - ولاتزال – ما تعنيه كلمة " الشعب" وما تمثله احتياجاته من ضرورات ملحة للعمل عليها، وتحقيقها؛ لينعم بعدها بالحياة الهانئة الكريمة المطمئنة.
 
ورغم بساطة الإمكانات، وندرة المعطيات، إلا أن عزيمة الرجال حوّلت صفرة الصحراء إلى جنة خضراء، ومعها تفجرت الخيرات، وسالت أودية العطاء وتدفقت في أرض زايد والأشقاء، فلم يكن الجهل عائقاً أمامهم، ولم تكن الأمنيات مجرد أحلام وسراب يترآى أمام ناظرهم، بل كان الهدف أبعد من مرمى النظر في حينه، وكان التخطيط لما بعد أقصى حدود التجربة وأقصدها وأصدقها.
 
ومن أجل العمل للغد وتحقيق تطلعاته، وجب معه تشمير السواعد، ورفع الأشرعة للإبحار في تجربة التغيير والخلاص، والتطوير والتنوير، والبحث عن جديد خارج أسوار المنطقة، وسبر أغوار الجهات الأخرى من العالم.
فمضت عجلة الحياة متسارعة، تخطو الخطى من مرحلة إلى مرحلة، فمن عمران ونماء، وغرس وعطاء، واقتصاد وحصاد، إلى تجربة أذهلت العقول والعيون، وأبهرت السامع والناظر، وأذعنت أمامها الشواهد والثوابت بأنه لايأس مع الأمل، ولا استحالة مع الجهد والعمل.
 
ومع كل ما تحقق لبلادنا الغالية، من أحلام وتطلعات وآمال وأماني للقيادة والشعب، حق لمن عاش على هذه الأرض بالأمس واليوم وحتى غدٍ، أن يتغنى ويتفاخر بأمجاد المنشئين المؤسسين الموحدين المخلصين، وأولئك النفر من الرجالات الذين وقفوا معهم وساندوهم، ونذروا أنفسهم لهذه الأرض، ولهذا الوطن، فصار له من المجد ما صار، وأصبح له من الشأو والشأن ما كان ولايزال.
 
فالعهود ماضيت مع الوعود، موثقات بالأيمان وأقسام الولاء، لله، وللوطن، ولرئيس الدولة حفظه الله، فمن ملحمة البناء وعهد التأسيس، إلى عهد الرعاية والتمكين، ومن وعد الجَمعة واللحمة والاتحاد، إلى وعد الوصاية والحماية لمنجزات الاتحاد ومفاخره ومباهره.
 
دلالة...
إن دلالة مقالي ببساطة بالغة، هو أن ما كان من جهود المخلصين بالأمس لم يكن بالأمر السهل أو الهين كما أسلفت، وأن ما أنجزوه من أعمال ومناقب، ستظل شاهداً على قلوبٍ أخلصت النوايا لله تعالى، وجهودٍ صدقت العزائم جهداً وعملاً من أجل الوطن والإنسان، فصار علينا نحن اليوم واجباً، أن نرعى تلك الجهود، ونصون تلك العهود، ونعمل ما وسعنا الجهد والعمل من أن نكون على قدر المسؤولية التي نحن بصددها وهي مسؤولية الوطن.
فالوطن أمانة، والإخلاص في العمل من أجل شأنه ورفعته فرضٌ وواجب، فليست المواطنة الحقة مجرد التغني بالشعارات الزائفة من حب وولاء، وإنما هو جهد وعمل وخطوات حقيقية ثابتة على طريق التقدم والتطور والتغيير من أجل الأفضل والأجمل والأكمل، لهذا الوطن ولمن على أرضه الطاهرة.
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره