ما أجملك يا وطن! حين تكون أنت البيت والأم والأسرة والاحتواء، أنت العطاء والعون في الشدة والرخاء، أنت الدفء والحاجة للضائع في العراء. نعم،، هذا ما لمسناه وعشناه خلال الشهر الماضي مع حملة "تراحموا" التي انطلقت بتوجيهات سامية من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وبمتابعة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وذلك لإغاثة مليون لاجئ ومتضرر في بلاد الشام من برد الشتاء، حيث استمرت لمدة أسبوع، كان نتاجها جمع أكثر من 208 ملايين درهم مساعدات مالية، إضافة إلى مئات الأطنان من المساعدات العينية بقيمة 20 مليون درهم.
التفاعل المجتمعي الكبير الذي شهدته الحملة في أيامها السبع ومن جميع المؤسسات الرسمية والأهلية، ومؤسسات القطاع الخاص والأفراد، جعلني أتوقف في التفكير بهذا الوطن.. البيت الكبير، الذي يسكنه أبناء لبوا النداء حين استجابوا لتوجيهات رئيس الدولة والنداء الإنساني الذي يدعوهم لإغاثة إخوانهم المتضررين في بلاد الشام والعراق.
جميل هذا الاحتواء الإنساني والتعاون والتلاحم البشري ولو كان عن بعد، فنحن نعيش كأسرة واحدة ولو فرقتنا الحدود والمسافات، ولعل هذا الأمر يستوقفني لأتخيل: ماذا لو تخيلنا فعلاً أن وطننا بيت كبير، وأن أفراد شعبه هم الأسرة، وأنه ضمن وطن كبير هو العالم العربي؟!
وماذا لو وسعنا نطاق التخيل أكثر، وتخيلنا وبشكل أكبر من ذلك، أن الوطن العربي هو بيت كبير جداً في تقسيمه، وأن أفراده هم الشعب العربي، أما وطنهم الأم فهي الكرة الأرضية حيث موطن البشرية؟!
والأجمل في ذلك أن يتخيل الواحد منا أن بيته هو وطن وأن أفراد أسرته هم شعبه. نعم،، بيتك أنت وطنك الخاص.. محيط أسرتك.. جزء من شعبك وأرضك، في هذا البيت، لتحرص على أن تكتب على بابك عبارة تقول: الوطنية تنبع من الداخل، نعم.. فلا معنى لوطن لا أسرة فيه، لا معنى لشعب لا هوية ولا انتماء يحتويه، الوطنية في بيتك هي كالفجر الذي يشرق عليك.. لينور طريقك، هو الذي يذكرك بيوم جديد من الوفاء، الوطنية في بيتك كنبتة مثمرة نقطفها مع حصاد العطاء، وهي التي ستبني في الأسرة وطن أكبر من الانتماء.
أما بيتي الأكبر فهو وطني الحقيقي الإمارات.. هو بلادي، والأسرة فيه هي الشعب كله، وهنا يكون التصور أعمق، فالبناء كبير في تصميمه والأهل في هذه الأسرة كثيرون، هم أجيال وأجيال ومعاصرون، هم متغيرون في ملامحهم في طباعهم وحتى أسمائهم، لكنهم متفقون على حقيقة أكيدة سجلت في هويتهم، بل في تاريخ هذا البيت وعمره، هم أصحاب هذه الأرض، صغاراً كانوا أم كباراً، هم الشعب، من كافحوا في البناء وقسموا الولاء بحب، فلك الحمد والشكر يا ربّ.
هنا في بيتنا الكبير "الإمارات"، نحن نفخر كوننا سعداء بين الشعوب، وكوننا نعيش هذا الانسجام المجتمعي الجميل بين المواطن والقادم والمقيم، وكأننا بالفعل أسرة واحدة ضمن بيت كبير.
لا يوجد تعليقات