مجلة عسكرية و استراتيجية
تصدر عن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة
الإمارات العربية المتحدة
تأسست في اغسطس 1971

2012-07-01

المرأة في القوات المسلحة

تثار هذه الأيام الكثير من الأسئلة حول الفرص المتاحة أمام المرأة الإماراتية، للمشاركة الفعلية كشريك فى العملية التنموية فى كافة ميادينها، الإقتصادية والثقافية والإجتماعية والعلمية، خصوصاً بعد أن أتاحت القيادة الرشيدة للمرأة فى بلادنا كافة الفرص للتعليم فى جميع المراحل الدراسية، والعمل دون تفرقة أو تمييز بينها وبين الرجل، خصوصاً  إذا كانوا يعيشون جميعاً في نطاق نظام أسري عشائري مغلق، تسود فيه أحكام نظام الأسرة الممتدة.
في مجتمع تقليدى كمجتمعنا، كانت التقاليد تحول دون طموحات المرأة، واستمر هذا الوضع على مدى أجيال، ولكن مع انتشار التعليم وزيادة الوعي، استطاعت المرأة أن تشق طريقها، لدخول سوق العمل، في مواقع كان ومازال المجتمع يتسامح ولا يمانع أن تنتسب لها المرأة، ولكن مازالت رواسب العرف والتقاليد ماثلة وسالكة، مع قبول مبدأ العمل كمعلمة أو موظفة، لكن ظلت المرأة لعقود طويلة تعزف عن العمل بالقوات المسلحة، إلا فى أضيق نطاق، ليس لأنها لا ترغب بل لأن المجتمع لا يقبل، إلا خضوعاً لأحكام الضرورة.
كان الشايع لدى الكثيرين أن ثمة فروق فردية بين المرأة والرجل، تحتم على المرأة البقاء في المنزل لتربية الأبناء ورعاية الزوج، وأن طاقة المرأة وقدراتها البدنية المحدودة لا تساعدها كثيراً للعمل بالجيش، ولكن مع التوسع الذي شهدته هياكل العمل بالقوات المسلحة، وبعد أن تم استحداث إدارات جديدة، لا يتطلب العمل فيها قدرات بدنية كالتي عند الرجل، وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية أجرت الوست بوينت west point دراسة لصالح الجيش الأمريكى أثبتت أن هنالك فروقاً فردية بين الرجل والمرأة في التكوين الجسماني، وهذه الاختلافات جعلت الرجل أصلح للعمل في القوات المسلحة عن زميلته المرأة، مما يعوقها كثيراً عن أداء متطلبات الحياة العسكرية، كظروف الحمل والولادة وتربية الأبناء، وما يتصل بذلك من المسؤوليات الأسرية، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن كل النساء غير قادرات على إنجاز الكثير من الأعمال الأخرى بالقوات المسلحة، التي لا تتطلب قوة بدنية، لأنه لا يمكن استناداً على مخرجات تلك الدراسة الجزم بأن كل الرجال أقوياء، وأن كل النساء ضعيفات بدنياً، إذ يبين بعد ذلك أن ممارسة المرأة للرياضة البدنية عزز من قدراتها، الأمر الذي ضاقت معه تلك التباينات والفروق بين الرجل والمرأة، وأصبح بإمكان المرأة القيام بأعمال فنية لا تحتاج إلى قوة بدنية، بل ثبت أن الحمل لا يمكن أن يكون عائقاً يحول دون أداء مثل تلك الأعمال، مع ذلك تشير التقارير المنشورة أن هنالك 400 ألف امرأة يعملن بالقوات المسلحة الأمريكية، وأن هذا العدد في إرتفاع دائم، لأن القوات المسلحة الأمريكية تتبنى مفاهيم التطوع، عوضاً عن التجنيد، مما يشجع المرأة للإستفادة من بعض الإغراءات التي يقدمها الجيش للمرأة مقارنة بالقطاعات المدنية الأخرى.
إن ظاهرة إنتساب المرأة للقوات المسلحة زادت كثيراً عما كانت عليه في العشر سنوات الماضية، وأن السبب إنما يعود للتطور التكنولوجي، إذ لم يعد بالضرورة الإعتماد على العضلات والقوة الجسمانية في كافة إدارات ووحدات القوات المسلحة، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإذا كان الجنود في الماضي يعتمدون أساساً على البندقية والسونكي، فإن حروب عصر العولمة أصبحت تعتمد على الإلكترونيات والطائرات دون طيار، كما أن نطاق الوظائف والعمل في القوات المسلحة تزايد كثيراً عما كان عليه في السابق، مما فتح مجالات لأعمال إدارية وفنية ولوجستية، تستطيع المرأة القيام بها في سهولة ويسر، بعيداً عن أرض المعركة، ولا يخفى على القارئ أن المجتمع الدولي مارس ضغوطاً متواصلة، للتأثير على الرأى العام عبر الحكومات ومنظمات المجتمع المدني، للإيفاء باستحقاقات المرأة وإعتبارها شريكاً في العملية التنموية، خصوصاً بعد توقيع معظم دول العالم على إعلان بكين والإتفاقية الدولية لمناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ولا شك أن إنشاء العديد من الجمعيات والمنظمات الإقليمية والدولية للدفاع عن حقوق المرأة، ساهم في ردم الفجوة (الجندرية) gender التي تفصل بين الجنسين، كما أن نجاح المرأة في القيام بمهام العديد من الوظائف السيادية التي أسندت لها، سواء في تقلد منصب الوزارة أو ممارسة القضاء أو السلك الدبلوماسي والطب والتعليم فتح أمامها فرصاً جديدة للعمل في جهات أخرى، لم يكن المجتمع يتقبل حتى فكرة الإلتحاق بها كالقوات المسلحة، حيث كانت العادات والتقاليد الموروثة لا تسمح للمرأة بالعمل فيها، والآن وبعد مرور أربعة عقود على قيام دولة الإمارات العربية المتحدة تفخر المرأة الإماراتية أنها إستردت عافيتها وأصبحت شريكاً فاعلاً في المجتمع، وأصبحت تحتل أعلى المناصب، للإسهام في حركة بناء ونهضة وتقدم المجتمع جنباً إلى جنب مع الرجل. 
 


ارشيف الكاتب

اضف تعليق

Your comment was successfully added!

تعليقات الزوار

لا يوجد تعليقات

اغلاق

تصفح مجلة درع الوطن

2024-05-01 العدد الحالي
الأعداد السابقة
2016-12-04
2014-06-01
2016-12-04
2017-06-12
2014-06-09
2014-03-16
2014-11-02
2016-07-13
.

استطلاع الرأى

مارأيك في تصميم موقع درع الوطن الجديد ؟

  • ممتاز
  • جيد جداً
  • جيد
عدد التصويت 1647

مواقيت الصلاه

  • ابو ظبي
  • دبي
  • الشارقه
  • عجمان
  • ام القيوين
  • راس الخيمة
  • الفجيره